ياسر عرفات، صدام حسين في متحف توسو في لندن
لندن :
يحلم كل انسان بأن يقف امام شخصية يعتبرها مثالية، ويلتقط صورة تاريخية معها. فلكل واحد منا شخص تاريخي، زعيما كان ام نجما، نعجب به حتى درجة الهذيان.
في متحف الشمع »مدام توسو« في العاصمة البريطانية، تحار امام من تلتقي اولا من المشاهير. هذا المتحف الذي يعّد من أشهر المعالم السياحية في المدينة بفضل أعماله التي تكاد تنطق بالحياة، حقق أهمية عالمية حيث تم افتتاح فروع له أيضا في كل من نيويورك، لاس فيغاس، هونغ كونغ، أمستردام وبرلين.
يتضمن هذا المعلم الذي بني على شكل قبة في أحد شوارع العاصمة البريطانية، مئات التماثيل التي تؤكد شهرتها، ابتداء من هنري الثامن، ووصولا الى نجوم هوليوود، ناهيك عن الزعماء السياسيين من أنحاء العالم كافة. وتتطلب صناعة كل واحد منها مجهودا أكثر من ستة أشهر وتصل تكلفته الى اكثر من ٣٠ الف جنيه استرليني. الاجسام كانت تصنع من قبل من الجلد، أو يحاط المجسم بقماش القنب (قماش تصنع منه الخيم او الاشرعة)، ويحشى بالقش ونشارة الخشب اما اليوم فباتت تصنع من الألياف الصناعية ولا يستخدم النحاتون لها قوالب حية قط، بل يعطى النحات فرصة الجلوس مع شخص التمثال، مصطحبا أدواته. وتؤخذ خلال الجلسة صور فوتوغرافية تفصيلية للشخص.
عند دخولك المكان، تحسب للحظات انك تحضر لقاء يجمع بين فعاليات سياسية، ثقافية ورياضية. استنسخت معظم التماثيل عن شخصيات نشاهدها يوميا على شاشات التلفزيون. يتوافد زوار المتحف لالتقاط الصور معها وكأنها فعلا حقيقية. يعانق أحدهم تمثاله المفضل، بينما تقبل اخرى شخص »رجل أحلامها«، ويسارع الأطفال لالتقاط الصور مع »شيراك« و»رجل العنكبوت«.
المتحف من قاعات عدة، تعيش فيها شخصياته المختارة تاريخها الارتدادي.
بداية مع قاعة »ليلة الافتتاح«، حيث يستقبلك نجوم السينما والتلفزيون. وكأن المشهد مقتبس من مهرجان »كان السينمائي«. النجوم في لباسهم الرسمي، يوزعون ابتسامات على زوارهم. تمثال النجم الاميركي براد بيت بالقرب من زوجته الممثلة انجلينا جولي. وها هو جورج كلوني يتناول العشاء مع صديقته، فحضرت المائدة مع لوازمها كافة.
تصل الى قاعة الملوك وتمثال الملكة اليزابيت الثانية مع طاقم حراسها، حيث خصصت لها مساحة واسعة من المكان الذي أحيط بحبل عريض. من الناحية الأخرى تقف الاميرة الراحلة ديانا منتصبة القامة، واضعة يديها وراء ظهرها. يعترض معظم الزوار على إظهارها أقل أناقة وجمالا عن صورتها الحقيقية، في ظل التميّز بصنع تمثال زوجها السابق الامير تشارلز.
عشرات الأمتار تفصلك عن تماثيل العلماء. يقف ألبرت أينشتين مع نظريتي النسبية الخاصة والعامة. يواجهه العالم الإنكليزي اسحاق نيوتن والتفاحة التي وقعت عليه. فقاعة ثقافة »البوب« التي تجمعك بالموسيقيين والفنانين والرياضيين المشهورين، أمثال مارلين مونرو، مادونا، مايكل جاكسون، الفيس بريسلي، لاعب كرة القدم الانكليزي دايفيد بيكهام والبرازيلي بيليه، الى لانس ارمسترونغ ومحمد علي كلاي.
وتشكل قاعة »ذي غاليري« درة المتحف. هنا تلتقي بزعماء العالم، يقفون وجها لوجه، لا ينقصهم الا إلقاء التحية عليك. تمثال لزعيم المانيا النازية ادولف هتلر وهو يقبض على يده. الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراءالبريطاني السابق طوني بلير يبتسمان، بينما يظهر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اكثر جدية.. وحضور خجول للرؤساء العرب، من بينهم الرئيسان الراحلان ياسر عرفات وصدام حسين اللذان وقفا على مسافة قصيرة من الرئيس الليبي معمر القذافي، بلباسهم العربي التقليدي. فتماثيل أخرى لكل من الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين، الرئيس الكوبي فيديل كاسترو، نلسون مانديلا، غاندي، مارتن لوثر كنغ، ومارغريت تاتشر...
وفي مقلب آخر من المكان، تستوقفك لائحة تحذر من دخول الاطفال والحوامل. ما يشبه القبو الذي خصص للتاريخ الدموي الذي رافق الثورة الفرنسيه، عندما تم إعدام حوالى ثلاثه آلاف شخص. فعرضت رؤوس هؤلاء، إضافة الى تماثيل أشخاص تم إعدامهم وتعذيبهم. يذكر أن تاريخ المتحف يعود إلى أواخر القرن الثامن عشر عندما بدأت ماري كروشولتز بصناعة تماثيل الشمع بتوجيه من فيليب كورتيو وهو طبيب برع في صناعة تماثيل الشمع. واشتهرت باسم »مدام توسو« كنية الى شهرة زوجها المهندس فرانسوا توسو، وهي ابنة مديرة منزل فرنسية، كان أول تمثال صنعته لفرانسوا اروي دي فولتير العام ١٧٧٧ ثم جان جاك روسو وبنيامين فرانكلين الى جانب أقنعة من الشمع لمشاهير ضحايا الثورة الفرنسية، وتوجهت بعد ذلك إلى لندن حيث عرضت مجموعتها في مسرح ليسيم، وأسست في العام ١٨٣٥أول معرض دائم لمجموعتها هو متحف الشمع حاليا في شارع »بيكر« فى لندن.
تعليقات: