طراف يتحدث لـ»السفير« (علي الصغير)
الجنوب ـ
أفرجت قوات الاحتلال الاسرائيلي قرابة الثالثة من فجر السبت عن المزارعين اللبنانيين طراف محمد طراف (٦٤ عاماً) وشقيقه حسن (٥٣ عاماً)، بعدما كانت اعتقلتهما من داخل الأراضي اللبنانية في خراج بلدتهما بليدا في قضاء مرجعيون عندما كانا يعملان بتشحيل أشجار الزيتون في المنطقة.
وسلمت سلطات الاحتلال في معبر رأس الناقورة على الحدود اللبنانية الفلسطينية الشقيقين طراف الى قوات »اليونيفل« التي سلمتهما الى الجيش اللبناني، الذي نقلهما الى مستشفى صور الحكومي للعلاج، ولا سيما حسن طراف الذي تعرّض أثناء اعتقاله لمهاجمة أحد الكلاب الاسرائيلية حيث أصيب بشكل بالغ في يده ورجله اليمنى ما استدعى إجراء عملية جراحية عاجلة له في المستشفى المذكور.
وفيما كان لا يزال حسن تحت مفعول المخدر نتيجة العملية الجراحية أوضح شقيقه الأكبر طراف طراف أنه تفاجأ بدخول »كلب« بوليسي الى الحقل، »وسرعان ما بدأ بمهاجمة شقيقي ونهشه في أنحاء جسده. اثر ذلك دخلت مجموعة من الجنود الإسرائيليين الى المنطقة تضم اكثر من عشرة جنود، وقد عملوا على ضربنا وعصب أعيننا وتقييدنا. ثم ساروا بنا على الاقدام باتجاه الموقع الاسرائيلي المقابل، حيث تم نقلنا بسيارة عسكرية إلى جهة مجهولة، وذلك على وقع الضرب والإهانات«.
وعن طريقة المعاملة من قبل جنود الاحتلال، قال: تصور أنك في يد عدو فكيف تكون المعاملة وخاصة من قبل الإسرائيليين.
وفي منزله في بليدا نفى طراف لـ»السفير« ما كان زعمه العدو من انه وشقيقه قد خرقا الخط الازرق، مؤكداً أنهما كانا يقومان »بتشحيل« أشجار الزيتون في حقلهما الذي يبعد عن الحدود حوالى ٥٠٠ متر.
ويروي طراف أنه عند الثامنة والنصف من صباح الجمعة وبينما كان وشقيقه يقومان بأعمال زراعية في حقلهما القريب من الحدود، أحس طراف بوجود حركة حولهما فالتفت ليرى نفسه امام كلب بوليسي كبير راح يدور حولهما، فاعتقد حسن بأنه يعود لأحد الرعاة وقد ضل طريقه فحاول ان يربطه فهرب الكلب الى »ربعة« قريبة منهما. وعندما لحقه لاحظ وجود عدد من الجنود منبطحين خلف الربعة، فتظاهر بأنه لم يراهم والتفت الى أخيه قائلا له بصوت مرتفع »ربما هذا الكلب للطوارئ لنعد الى البيت«، وما لبث الجنود الا ان قاموا بتطويقهما وهاجم الكلب حسن وقام بعضّه في ساقه اليمنى، وكذلك في خاصرته ويده اليمنى قبل أن يبدأ جنود الاحتلال بركله ورفسه. بعد ذلك جرى تكبيلنا بأربطة بلاستيكية واقتادونا الى داخل الحدود، حيث كانت تنتظرنا سيارة هامر عسكرية مقفلة، بعد ذلك سارت بنا السيارة حوالى ربع ساعة مكبلين وعندما وصلنا وضعوا كلاً منا في غرفة منفصلة وبدأ التحقيق«.
ويشير حسن الى ان بداية التحقيق كانت حول اسمه وعمله، مشيراً الى ان المحقق أحضر له خريطة جوية اشار له الى بيته، وقال إن المحقق استعمل الكثير من الترهيب المعنوي لجعله يعترف بأشياء يمكن ان يكون على علم بها »فقد هدّدني بانهم سيقومون بسجني في الزنزانة نفسها التي سجنوا فيها (الشيخ) عبد الكريم عبيد ومصطفى الديراني، ومن ثم بعد ان تركني لبعض الوقت عاد ليقول ان اخي قد اعترف بكل شيء، والأحسن لي ان اعترف بعلاقتي بالمقاومة باعتبار اني عضو مجلس بلدي في بليدا، وهي بلدية مدعومة من الحزب كما قال«، وراح يسألني ايضاً عن علاقتي بالحزب. وبعد حوالى ساعة وعندما لم يصل الى شيء، قال لي المحقق »يبدو انه لا يوجد حزب الله في لبنان«، ونقلونا الى مركز صحي حيث أجريت لي بعض الاسعافات الاولية قبل ان يحتجزونا في مكان ما. وعند حوالى الثالثة من صباح السبت قاموا بتسليمنا الى قوات الطوارئ الدولية التي سلمتنا الى الجيش اللبناني.
ردود الفعل
وتعقيبا على إطلاق سراح الشقيقين طراف اوضحت الناطقة الرسمية باسم قوات »اليونيفل« ياسمينا بوزيان أنه بعد تدخل قيادة قوات »اليونيفل« سلم الجيش الاسرائيلي المزارعين خلال الليل الى قوات »اليونيفل« عند معبر الناقورة التي عمدت بدورها الى تسليمهما للسلطات اللبنانية.
وقالت ان ظروف الحادثة لم تتوضح، لكن »اليونيفل« أطلقت تحقيقاً، تبقى فيه على اتصال مع الجيشين اللبناني والاسرائيلي.
كذلك أصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بيانا اكدت فيه اجتياز دورية تابعة للعدو الاسرائيلي، السياج التقني في خراج بلدة بليدا الحدودية، وخطف المواطنين طراف، ومن ثم تسليمهما الى قوات الطوارئ.
وأجرى رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة اتصالا هاتفيا بقائد قوات الطوارئ الدولية كلوديو غراتسيانو شكره فيه على الجهود التي بذلتها قوات الطوارئ في استعادة المواطنين اللبنانيين اللذين اختطفتهما القوات الإسرائيلية في منطقة بليدا قضاء مرجعيون.
وقد اعتبر الرئيس السنيورة أن هذا الحادث تتحمل مسؤوليته إسرائيل التي خرقت السيادة اللبنانية ولم تسهل حتى الآن عملية »تعليم« الخط الأزرق في هذه المنطقة، على الرغم من مطالبة لبنان عبر قوات الطوارئ الدولية بهذا الأمر وتركه من دون معالجة. وقد أبلغ الرئيس السنيورة قائد قوات الطوارئ الدولية استنكاره لهذا التصرف الخطير المرفوض وغير المقبول.
واتفق الرئيس السنيورة مع غراتسيانو على متابعة هذا الموضوع خلال اليومين المقبلين لمعالجة هذه الثغرة في هذه المنطقة غير المبينة في منطقة الخط الأزرق بسبب التعنت الإسرائيلي وتعطيل »تعليم« الخط في هذه المنطقة.
ووصف وزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ الاعتداء بأنه »حلقة مدانة إضافية في سلسلة الاعتداءات التي سنثيرها بشكل حازم، حيث لم يعد يصح السكوت عن الاستهانة الفاضحة بالسيادة اللبنانية«.
ورأى »حزب الله« في العملية »انتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنية واعتداء سافراً على أمن لبنان، وعملاً عدوانياً بكل المعايير الدولية والقانونية. وهو يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، فما هو جواب مجلس الأمن الدولي عن هذا الانتهاك الصريح والمباشر للقرار ١٧٠١ وعن هذا الاعتداء على مواطنين داخل أراضي دولتهما ذات السيادة؟ وماذا ستفعل المنظمة الدولية رداً على ذلك ومنعاً لتكرار ما حصل؟
وطالب الحكومة بـ»اتخاذ الإجراءات الحازمة والمناسبة، لأن من حق اللبنانيين منع الاعتداء على بلدهم والدفاع عن مواطنيهم بأي وسيلة ممكنة«.
وندّد الحزب الشيوعي اللبناني بـ»هذا الأسلوب الإجرامي« ورأى في هذه الممارسات العدوانية الاسرائيلية »انتهاكاً متكرراً لسيادة لبنان، ومساساً بمهمات قوات الامم المتحدة »اليونيفل« ودورها، وخرقا فظا للقرارات الدولية، وهي بذلك تعرّض الوضع الحدودي، خصوصاً واللبناني عموماً للخطر وللتصعيد الأمني الذي يبيته هذا العدو للبنان«.
تعليقات: