التين لذيذ ومفيد كيفما أكل
بيروت:
يحتل التين، بأنواعه المختلفة وألوانه المتعددة ونكهاته المتباينة، حيزا مهما من اطباق اللبنانيين على مدار الفصول.
والتين ثمرة صيفية بامتياز، يطيب عندما «يغلي الماء في الكوز» أي في يوليو (تموز)، كما يقول المثل اللبناني. والكوز هو الابريق او وعاء الشرب، وليس كوز التين كما يسميه اللبنانيون. ففي المناطق الساحلية ينضج التين مع اشتداد الحر. ويطلق على بواكيره اسم «الديفور».
وإذا كان تين الساحل يبدأ بالنضوج في يوليو (تموز)، فان تين الجبال يبدأ بالنضوج بعد نحو شهر او اكثر باختلاف ارتفاع البلدات والقرى.
وفيما ينعم الساحل بالتين الابيض- وهو اطيب انواع التين، والذي ينبت في التربة البيضاء- والتين «البقراطي»، اي ذي اللب الاحمر، والقشرة الخضراء، والتين «الجمّالي» ذي الحبة الكبيرة التي لا يمكن التهامها دفعة واحدة، فان الجبل على مختلف مستوياته ينعم بالتين الاسود ذي القشرة السوداء واللب الاحمر الداكن والذي يخف حلوه عن تين الساحل، وبالتين «الحمّار»، اي ذي القشرة الحمراء واللب الاحمر، ويتميز بصغر ثمرته وكثرة حمله، ويمتد قطاف تين الجبال حتى ما بعد فصل الصيف، حيث يبقى ختام الموسم في عهدة الذين يواظبون على تمضية فصلي الخريف والشتاء في منازلهم الجبلية. يبقى هناك «التين الشتوي» الذي يعيش في الساحل والجبل ويقل حلوه عن الانواع الاخرى، ولا يستخدم في المربيات والتجفيف.
والشائع ان التين، على اختلاف انواعه، يقطف في الصباحات الباكرة حين تكسوه حبات الندى ونكهة نادرة كأنه خارج من ثلاجة. ويباع مرصوفاً ومصفوفاً في سلال صغيرة، ويفضل تناوله طازجاً مع قشرته، لأنه اذا مضى عليه وقت قصير تتبقع القشرة ويفضل نزعها. ومن يشتهي هذه الفاكهة اللذيذة يفضل تناولها مباشرة من الشجرة. واذا اردت ان تكرم صديقاً او ضيفاً لا بد ان تدعوه الى تناول «بطن» من التين وهي عبارة دارجة لمن يملأ بطنه من هذه الثمرة الشهية.
ويطيب لبعض «الخبثاء» ان يصنفوا أحدهم بخيلا، اذا اصر على دعوة ضيفه الى «بطن تين» قبل الغداء، فيعمد الضيف الجائع الى أكل التين بقشره. وما ان يبدأ بالتقشير حتى يصطحبه المضيف الى الطاولة، موقنا ان الطعام سيبقى على حاله بعد ان شبع الضيف تيناً.
واذا فاض الموسم في القرى، يبادر اهل الدار اما الى تجفيف الفائض للاحتفاظ به في فصل الشتاء، واما الى تشريحه و«سطحه»- اي نشره على السطح- وتتم عملية «التسطيح» اما على قبضات من نبتة الوزال اليابس، واما على الحصائر، واما على اطباق القش التي تصنع يدوياً. والغاية من هذا التسطيح هو تعريض الثمار للشمس، وتكديسها في براميل او قفف (مفردها قفة وهي نوع من السلال الكبيرة والواسعة) من اجل تحويلها في مثل هذه الايام الى مربيات والى مؤونة شتوية يستعملها الاهل للتحلية بعد وجبات الطعام او لكسر الجوع، لا سيما في فصل الشتاء، كما يستعملها الاولاد والتلامذة «عرائس» تؤكل وراءها الاصابع كما يقول اللبنانيون عندما يتناولون طعاماً شهياً.
ويختلف التين المجفف عن المسطوح بأنه لا يخضع للتشريح، بل يعرض للشمس ثم يوضع في قفف او يشك بخيطان طويلة. ويؤكل هذا النوع من التين في الشتاء مع الجوز او اللوز او بمفرده. اما المسطوح فهو يعد للطبخ في طنجرة اذا كانت كميته قليلة وفي «لكن» (وعاء من النحاس او الالومينيوم واسع الفوهة وقليل الارتفاع، وكان القرويون اذا اشعلوا الحطب تحته عمدوا الى طلائه بالرماد) اذا كانت كميته كبيرة، ويتم تحريكه بواسطة ملعقة خشبية طويلة الزند لابعاد اليد عن اللهيب وعن الرذاذ الذي يتطاير اثناء الغلي.
وتبدأ عملية الغلي بوضع الماء والسكر والحامض. وعندما يغلي الماء تنزع الرغوة التي تطفو على سطح الوعاء. بعد ذلك يوضع التين المقطع والمنقى فوق الماء المحلى والمغلي، وتضاف اليه كمية من اليانسون او وريقات من نبتة «العطر»، وقبل الانتهاء من عملية الانضاج يضاف اليه السمسم والمسك والجوز واللوز ويغلى الكل لمدة خمس دقائق ويترك ليبرد قبل ان يسكب في اوعية زجاجية. ويفضل عشاق هذا المربى ان يكون التين المطبوخ من النوع الاشقر، لأن النوع المائل الى السواد يزداد سواداً بعد الغلي ويفقد شكله الشهي، ويمكن الاحتفاظ بهذا المربى حتى الموسم التالي، ومن يشاء الاحتفاظ به مدة اطول فما عليه الا ان يغطي الوعاء المملوء تيناً مطبوخاً بالشمع.
وقبل ان يولي الصيف الادبار، ويضع موسم التين اوزاره، تلجأ ربات البيوت الى اعداد مربى التين الاخضر، اياً كان نوعه. فبالنسبة الى التين الابيض يقطف عند اول نضجه، ويحضر مع الماء والسكر والحامض، وقبل ان ينضج بدقائق يضاف اليه كبش القرنفل. اما التين الاسود فتنتزع قشرته ويحضر بالطريقة نفسها، الا ان هذا النوع يكاد يذوب اثناء الغلي، اما النوع الاول فتبقى حباته جامدة وكأنها مغمسة بـ«القطر» (مغلي الماء والسكر).
يبقى ان نشير الى ان شجرة التين التي لا تكاد تخلو منها حديقة منزل لبناني، تزرع بعيداً عن النوافذ والابواب ومداخل المنازل، وذلك كما يقول اهل الريف في لبنان لأن «هواءه مزعج»، فهو يمنع دخول الهواء الى الغرف، كما ان ورقه يستقطب الغبار ويتساقط فيتجمع ويتسخ المكان. والافضل زرعه في ارض مشمسة ولا تنتفع بالري، والا تعرضت ثمارها للاهتراء والدود. وهي تزرع فسيلة في بداية موسم الربيع، وتحتاج للماء حتى تظهر جذورها التي تتولى هي نفسها في ما بعد توفير عناصر النمو لـ«الام».
ويطلق الفرنسيون على الصبار اسم «تين البرابرة». واذا ارادوا ان يقولوا عن شيء انه نصف جيد ونصف سيئ يقولون «نصفه تين ونصفه عنب». او اذا ارادوا ان يسخروا من شخص يقولون: «اعدّوا له التين»! مربى التين المجفف (المسطوح)
* المقادير:
ـ التين:2.5كلغ ـ سكر: 4 اكواب ـ ماء: 5 اكواب ـ ليمون حامض اخضر: واحدة
* طريقة التحضير:
1- يوضع الماء والسكر وعصير الحامض في طنجرة على النار، ويحرك المزيج بتمهل لمساعدة السكر على الذوبان.
2- عندما يبدأ الغليان تنزع الرغوة الطافية على سطح المزيج.
3- يوضع التين المنظف والمقطع فوق المزيج ويحرك بملعقة خشبية بشكل دائم بعد رش حفنة من اليانسون او اضافة وريقات «عطر».
4- قبيل الانضاج يوضع السمسم والمسك والجوز واللوز ويترك الخليط يغلي مدة خمس دقائق، ثم يوزع على آنية معقمة ومحكمة الاغلاق. واذا كان يراد الاحتفاظ بهذا المربى لفترة طويلة ينصح بوضع شمع على وجه الاناء المملوء مربى.
* مربى التين الأخضر ـ الوحدات الحرارية: 4645 حريرة ـ الكمية: 1.5 كغ ـ الوقت: 3 ساعات
* المكونات:
ـ تين ابيض: 2/1 1كلغ ـ سكر ناعم: 6 اكواب ـ ماء: 2 كوب ـ حامض: حبة خضراء
* طريقة التحضير:
1- يعتبر هذا الصنف من المربى من ادق الاصناف لأن المفروض فيه ان يبقى محافظاً على شكله طوال عملية الطبخ.
2- نغسل التين جيداً، ثم برأس السكين ننزع 3 قطع من قشرة كل ثمرة، بحيث تكون كل قطعة بعيدة عن الثانية، ومن دون ان نمزق الغشاء الابيض الداخلي الذي يغلف لب التين.
3- نضع السكر مع عصير الحامضة الخضراء في طنجرة على النار، ونضيف اليهما الماء ونحرك المزيج لمساعدة السكر على الذوبان من دون ان نفرط في التحريك كي لا يفسد التكوين النهائي للمزيج.
4- عندما يصل المزيج الى درجة الغليان، نحسب 5 دقائق ابتداء من هذا الوقت، ثم نبدأ بإدخال التين على المزيج دفعة وراء دفعة.
5- عند وضع الكمية كاملة في المزيج نتركها تغلي ببطء لمدة ساعتين من تنظيف مستمر لسطح المربى.
6- عند انتهاء ذلك الوقت نوزع المربى على الاوعية المعقمة ونقفلها وهو لا يزال ساخناً.
* من موسوعة الطبخ والحلويات للشيف رمزي شويري
تعليقات: