اللواء أشرف ريفي
فشل مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي في التوصّل إلى اتفاق بشأن تسوية الوضع القانوني لـ«شعبة» المعلومات. وتزامن ذلك مع انتهاء المهلة التي كان وزير الداخلية، زياد بارود، قد أعطاها للمجلس، والتي من المفترض أن يرفع المجلس في نهايتها تقريراً للوزير بشأن تصوّره لتسوية الوضع القانوني للقطعات المستحدثة (وعلى رأسها «شعبة» المعلومات)، فضلاً عن إجراء تشكيلات الضباط. وعملياً، تمكّنت الأقلية النيابية من توجيه رسالة قوية إلى الأكثرية، قد تكون بمثابة أول الردود على ما وصفته المعارضة بـ«انقلاب الأكثرية» على الاتفاق المتعلق بانتخاب أعضاء المجلس الدستوري في المجلس النيابي.
فمساء أمس، انفضّ مجلس قيادة الأمن الداخلي الذي اجتمع لأكثر من خمس ساعات من دون التوصّل إلى أي اتفاق يتعلّق بتسوية الوضع القانوني للقطعات المستحدثة. مصادر واسعة الاطلاع قالت إن اللواء أشرف ريفي طرح على التصويت قضية تحويل فرع المعلومات إلى «شعبة» تمهيداً لدراسة الصلاحيات، فلم ينل الاقتراح عدد الأصوات الكافي لتمريره. عندها، سحب ريفي الاقتراح معلناً أن الأمر بحاجة إلى توافق سياسي، بعدما قال لأعضاء المجلس إنه يمثل طرفاً سياسياً، و«كذلك معظمكم».
إلا أنّ مقرّبين من ريفي قالوا إنه لم يطرح قضية «شعبة» المعلومات على التصويت، بعدما لمس أنّ 5 أعضاء (من أصل 11) في المجلس معارضون لطرحه القاضي بتشريع الواقع الحالي للقطعة الاستعلامية والتحقيقية الأبرز في مديريته، وبإبقاء الصلاحيات الواسعة كما هي عليه حالياً، علماً بأن الموافقة على أي قرار تقضي بتصويت 8 على الأقل من أعضاء المجلس لمصلحته. وأشار المقربون من المدير العام إلى أن «الشعبة» أمر واقع، وأن بحث قضيتها بحاجة إلى إجماع وطني، لافتين إلى أن ممثّلي حزب الله والتيار الوطني الحر هم الذين أفشلوا اقتراح ريفي.
لكن، كيف وصلت الأمور إلى هذا الحدّ؟
في البداية، كان طرح إجراء تعديلات على مرسوم تحديد التنظيم العضوي لقوى الأمن الداخلي (1157 الصادر عام 1991)، لناحية تحويل فرع المعلومات إلى شعبة ومكتب مكافحة الإرهاب إلى قسم وإنشاء شعبة للمرور ومكتب لحماية الملكية الفكرية. كان هذا الطرح يحظى بتأييد 8 من أصل 11 عضواً في المجلس، ما يسمح بتمرير اقتراح ريفي. وكذلك، فإن بين الأعضاء الثلاثة المعارضين العميدين عدنان اللقيس ومحمد قاسم، المحسوبين على حزب الله وحركة أمل. وكانت أجواء المديرية توحي بإمكان التوصل إلى «حل ما» يؤدي إلى تشريع واقع «شعبة» المعلومات. إلا أن ما جرى في المجلس النيابي خلال جلسة انتخاب أعضاء المجلس الدستوري، أدى إلى تغيّر الأحوال، وخاصة بعد طرح الرئيس فؤاد السنيورة إنشاء جهاز أمني خاص بمراقبة الحدود يرأسه العميد غسان بلعة، المقرب من تيار «المستقبل». بعد ذلك، شن العماد ميشال عون حملة على القطعات «غير القانونية»، فكان لكلامه صدى بارز داخل مجلس القيادة، وخاصة بين الأعضاء المسيحيين. موقف قائد الدرك، العميد أنطوان شكور المعارض لإنشاء شعبة للمعلومات لم يتزحزح منذ أكثر من سنتين. لكن التبدل وقع في مواقف المفتش العام العميد سيمون حداد وقائد الأركان العميد جوزف الحجل ورئيس شعبة الخدمات الاجتماعية العميد سمير قهوجي. وبعدما نشرت «الأخبار» (27/12/2008) مقالاً عن تبدّل آراء الضباط الثلاثة المشار إليهم، دخل قائد وحدة القوى السيارة، العميد روبير جبور إلى اجتماع مجلس القيادة في اليوم ذاته، معلناً أنه لن يسمح بالمزايدة عليه مسيحياً، ليخرج بموقف أكثر جذرية من زملائه، معارضاً إنشاء شعبة المعلومات، وطالباً رد الفرع إلى ما كان عليه قبل عام 2005، أي حصر دوره في شؤون الأمن العسكري. وتجدر الإشارة إلى أن جبور كان من أكثر الضباط قرباً من اللواء أشرف ريفي على مدى السنوات الثلاث الماضية، وكان على تنسيق تام مع رئيس فرع المعلومات المقدم وسام الحسن، إذ كانت معظم العمليات التنفيذية التي قام بها فرع المعلومات تجري بمؤازرة القوى السيارة. وكان اللواء أشرف ريفي قد أبلغ أعضاء المجلس في جلسة 31/12/2008 أنه لن يتراجع عن أيٍّ من قراراته وطروحاته، وأنه سيبقى على هذه الحال حتى انطلاق المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مطلع آذار المقبل. وحينذاك، «سأرفع تقريراً إلى السلطة السياسية للقول إننا لا نستطيع التوصل إلى حلول في المجلس، وسأطلب استبدالنا». وختم قائلاً: «لست متمسكاً بأي منصب». وبعد اتصالات سياسية وأمنية، وخاصة من ناحية النائب وليد جنبلاط مع العميدين أنور يحيى وسمير قهوجي، وصل الاصطفاف في جلسة بعد ظهر أمس إلى الآتي: عارض اقتراح ريفي كل من العمداء أنطوان شكور وعدنان اللقيس ومحمد قاسم وجوزف الحجل وسيمون حداد؛ وأيده كل من ريفي والعمداء نبيل مرعي وعبد البديع السوسي وسمير قهوجي وروبير جبور وأنور يحيى.
الانقسام المذكور انسحب على قضية تمديد فصل الضباط إلى مراكزهم، إذ إن معظم الضباط في المديرية يشغلون مناصبهم بناءً على قرارات صادرة عن المدير العام، وهي بحاجة إلى موافقة مجلس القيادة على تمديدها. ولمّا كانت صلاحية التمديد تنتهي يوم أمس، وبسبب عدم موافقة المجلس مجدداً على ذلك، أصدر اللواء أشرف ريفي برقيّة مدّد فيها قرارات الفصل إلى حين «انعقاد مجلس القيادة مجدداً».
خلاصة القول أن ثغرتين قانونيتين باتتا تحكمان عمل قوى الأمن الداخلي: الأولى هي غياب التغطية القانونية لعمل «شعبة» المعلومات، والثانية التشكيك بقرارات فصل الضباط إلى المراكز التي يشغلونها. مقرّبون من المقدّم وسام الحسن نقلوا عنه أمس أنه مستمر في عمله كالمعتاد، بناءً على قرار سابق للمجلس (نيسان 2006) يتضمّن موافقة مبدئية على إنشاء شعبة للمعلومات. أما مَن هم في الطرف الآخر، فيرون أن المؤسسة متجهة إلى «ما لا تُحمد عقباه». وينتظر أعضاء مجلس القيادة المعارضون ما سيرد في محضر جلسة أمس التي من المفترض أن ترفق بتقرير إلى وزير الداخلية. والأخير، كان قد قال لـ«الأخبار» سابقاً إنه سيرفع الأمر إلى مجلس الوزراء، ولم يكن حتى مساء أمس قد تبلغ رسمياً ما جرى في المجلس ليتخذ قراراً على أساسه. وأشارت مصادر حكومية إلى احتمال انعقاد مجلس القيادة مجدداً للتوصل إلى حل. أما وزراء المعارضة، فينتظرون موقف وزير الداخلية واقتراحه، و«سيسائلونه عن قانونية فصل الضباط و«شعبة» المعلومات»، بحسب ما ذكر مصدر في «المعارضة».
تعليقات: