رغم القلق العرقوب تتوحّد حول غزّة


العرقوب ــ

لا يبدد انصراف الناس لأشغالهم المتواضعة هنا، بعض قلق يساور أبناء هذه المنطقة الحدودية جراء ما يجري في غزة؛ فالمنطقة التي لم تلملم بعد كل آثار عدوان تموز 2006، بسبب تداخل ملفات التعويضات وتشابكها وعدم دفع الدولة جميع الأموال المقررة لمستحقيها، لم تنسَ كذلك تفاصيل هذا العدوان، وترى في ما يجري في غزة، فصلاً مما حصل في جنوب لبنان «وقد يحصل في أي وقت» بحسب المدرس حسين عبد العال.

فبعيداً عن أيام التدريس في مدرسة كفرشوبا الرسمية، ينادم عبد العال الكتب في منزله الأقرب لموقع الاحتلال في «رويسات العلم». ويرى أن «ثمة قلقاً في كفرشوبا لأمرين: أولهما، على غزة، لأن الناس هنا، إن كانوا موالين لتيار المستقبل أو في صفوف المعارضة، لا يمكن أن يتنفسوا إلا بهواء المقاومة، فكيف بالأمر إذا كانت غزة وفلسطين؟ وهم مرتاحون لقرار المقاومة بعدم فتح الجبهة». ويشير إلى أن وجود الجيش اللبناني في البلدة بعد غياب تاريخي يمثّل عامل اطمئنان لدى الناس. أما العامل الثاني فهو «أن كفرشوبا كانت ولم تزل باب المواجهة الأول مع العدو منذ 1948. ولذلك دمرها أكثر من مرة ونالت نصيبها من الشهداء والتدمير عام 2006. ولم تزل أجزاء من أراضيها محتلة حتى اليوم، وهذا يعني أنه في حال نشوب أي مواجهة بين لبنان وإسرائيل ستكون البلدة في فوهة العدوان. لكن هذا الأمر لم يدفع الناس إلى النزوح، وحتى في عدوان 2006 لم تفرغ كفرشوبا من أهلها ومقاوميها». لا تنقطع الدوريات الجوية والمؤللة لقوات اليونيفيل، على طول الخط الأزرق المنتهي عند شبعا. وفضلاً عن مركز الطوارئ «الممسوك» من علُ، من مرصد جبل الشيخ «الإسرائيلي»، ثمة مركز للجيش اللبناني قريب من حدود المزارع والأسلاك الشائكة التي تحجبها عن شبعا، وآخر قرب ثكنة للجيش اللبناني في مبنى المدرسة والمستوصف اللذين بناهما مجلس الجنوب بعيداً عن وسط البلدة بنحو كيلومترين اثنين.

أما في الوزاني التي يحاول جماعة من أهلها على مقربة من دورية لليونيفيل تلمّس بعض دفء شمس «كانون» المتسرب من بين الغيوم، فثمة إجماع يوحّد الحلقة الملتفة حول ركوة للقهوة؛ ويردد كبيرهم من آل المحمد الذي لم يترك بيته في عدوان 2006 وعاش على بسكوتة واحدة يومياً، كانت غذاءه لأكثر من عشرين يوماً: «بما أن العدوان على غزة فاضح إلى هذا الحد، فلتفتح المعركة الكبرى من كل حدب وصوب، ولننته من هذا القلق».

في حقول القرية الزراعية الشاسعة، ينصرف عشرات المزارعين المستقدمين من البقاع لقلع الخسّ الفائق الجودة هنا وتوضيبه. يديرون ظهورهم إلى الجهة التي «تقتل وتدمر» ويردد أحدهم وقد لثّم وجهه في مواجهة صقيع الطقس قائلاً: «هذا العدو لا يرعبنا، وإن شاء الله ستخرج غزة منتصرة كما المقاومة في جنوب لبنان». أما في الجهة المقابلة المفصولة بنهر الوزاني، أي بلدة «الغجر»، المنقسمة بين جهة سورية محتلة وأخرى لبنانية محتلة هي الأخرى رغم ثبوت لبنانيتها بترسيم الخط الأزرق، فلا شيء يخيّم غير الصمت والسكون.

بيان ملفَّق باسم «العرقوب»

من الصور المعلقة في شبعا، يمكن قراءة انقسام أهلها السياسي، وإن حضرت صورة «موحدة» للرئيس الراحل جمال عبد الناصر. «لكن المطمئن أن توحداً بين مختلف الأقطاب السياسية فرضه تلقائياً العدوان على غزة». يقول رئيس هيئة أبناء العرقوب، يحيى علي، ويشير إلى أن بياناً سُرِّب للإعلام: «يغرد خارج السرب دعماً للحكام العرب، توافقنا على رفضه نحن وتيار المستقبل، باعتباره لا يعبِّر عن مشاعر الأهالي هنا». ويؤكد علي أن المنطقة «بعيداً عن بعض التقديمات السياسية المتواضعة، متروكة لمصيرها، ليس من اليوم فقط، بل منذ قيام الاحتلال. وأهلها يتكلون على بعض المواسم الزراعية، لأن حقولها، مزارع شبعا، محتلة».

تعليقات: