الأسعد: لا قيامة للبنان إلا بتغيير التمثيل السياسي للشيعة
أكد مؤسس لقاء "الانتماء اللبناني" أحمد الأسعد ان "لا قيامة للبنان إلا إذا أصبح السلاح تحت إمرة الدولة اللبنانية فقط، لأن لا دولة في لبنان ولا حتى شبه دولة، إذا لم يكن قرار الحرب والسلم بيد هذه الدولة".
وشدد على ان "لبنان لن يخرج من دوامته الحالية إلا بعد حصول تغيير في التمثيل السياسي للطائفة الشيعية، وأن لا مصلحة للشيعة في لبنان بالارتباط بالنظام الايراني، وهذا خلافنا الأساسي مع "حزب الله"، معلناً ان "الانتماء" سيخوض الانتخابات النيابية بكل قوة وفي معظم المناطق، واصفاً المعركة بأنها مصيرية، ومتوقعاً حصول مفاجآت في شتى المناطق.
كلام الأسعد جاء خلال اللقاء الحاشد الذي نظمه "الانتماء اللبناني" أمس في مجمع "البيال" احياء لذكرى عاشوراء، وذلك بحضور النائب مصباح الأحدب وعميد الكتلة الوطنية كارلوس اده والياس أبو رزق وممثل للنائب بطرس حرب، وممثل لرئيس كتلة "الوطنيين الأحرار" دوري شمعون، وأحمد الأيوبي ووفد من دار الفتوى ووفد من مؤسسة العرفان التوحيدية الدرزية برئاسة الشيخ فايز حديفة ومدير "جمعية السكينة الإسلامية" في لبنان الشيخ خالد كريمة.
بداية، ترحيب من أحمد حرب، ثم قراءة الفاتحة عن روحَي فقيدَي "الانتماء" عباس صولي وحسن سلامة، وآيات من الذكر الحكيم، بعدها تحدث كريمة، فأكد ان "يوم عاشوراء يحضنا على ان نكون دائماً واعين متيقظين، مجتمعين ومتحابين وان معالجة القضايا الدينية لا تتم من خلال توتير الشوارع أو الاستسلام للروايات والأساطير، فالمرحلة عصيبة جداً وخطرة وتقتضي منّا البحث عن النماذج الإيجابية في التاريخ الإسلامي لوأد الفتنة والتقدم نحو الوحدة، لأن مشروع الأمة أكبر من أن يحصر في طائفة مهما كانت وأياً كانت".
وألقى عضو تجمع علماء الشيعة اللبنانيين الشيخ حسن شاهين قصيدة من وحي المناسبة.
وألقى حديفة كلمة مؤسسة "العرفان"، فدعا إلى "استلهام معاني الثورة الحسينية بما فيها من التضحية ومواجهة الظلم وبذل الدم والثبات على الدين"، مشدداً على "ان ثقافة الإسلام هي الإحسان والحكمة والعدل وهكذا يجب أن يكون الإسلام بحق بعضهم البعض وبحق اخوانهم في ظل ما ترتكبه إسرائيل اليوم في غزة، وان المقاومة الوطنية الحقيقية هي التي تقوم على عدم تجاوز الإرادة الوطنية الجامعة وعلى عدم اتخاذ قرارات مصيرية منفردة"، آملاً ان "تشكل الذكرى محطة إلهام لوحدتنا الداخلية ومعالجة قضايانا الداخلية بشفافية وعقلانية، لعلنا نحصّن أنفسنا عن كوارث محتملة من خلال تعزيز التعددية التي هي ضمان وحدة لبنان".
الأسعد
وقال الأسعد: "نلتقي اليوم في بيروت، مدينة ملتقى الحضارات والأديان، لنحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين، لنعيد للشهادة معناها الحقيقي، بأسلوب حضاري يتناسب مع الأهداف التي سعى إليها الإمام الحسين".
واعتبر ان "غزة تشهد جريمة من أبشع الجرائم التي ارتكبت ضد الانسانية وان ما يجري هو نتيجة المغامرات غير المحسوبة من قبل البعض" وأن "إسرائيل دولة عدوة، لكننا نهيىء لها مبررات اعتداءاتها في كل مرة". وقال: "مشكلتنا مع جميع التيارات المتأسلمة، ليست في تشخيص العدو الإسرائيلي، بل في كيفية مواجهة هذا العدو الإسرائيلي". وسأل "هل نظن فعلاً ان اطلاق صواريخ "الكاتيوشا" و"رعد" وغيرها كافٍ لتحقيق الانتصار المطلوب على هذا العدو؟ وهل إذا قلنا اننا انتصرنا نكون فعلاً قد انتصرنا" وهل تقتصر المواجهة في القرن الحادي والعشرين على اطلاق الصواريخ فقط؟".
وإعتبر الأسعد أن التيارات المتأسلمة "هي أكبر هدية للعدو الإسرائيلي، لأن هذا العدو يعي تماماً ان الاسلحة التي بحوزة هذه التيارات لا تشكل خطراً حقيقياً عليه، ومن ناحية اخرى، تستغل إسرائيل وجود هذه التيارات المتاسلمة من أجل ابتزاز المجتمع الدولي، والغربي منه تحديداً، عسكرياً ومالياً وسياسياً، ضمن مقولة ان دولة إسرائيل تحاول الدفاع عن نفسها، فهي محاطة بمجموعات تريد ابادتها أو حتى حرقها".
ورأى أن "وجود هذه التيارات المتأسلمة هو مبرر لوجود دولة إسرائيل ويعطيها الكثير من الزخم".
وأردف "بوعينا وحداثتنا ورؤيتنا وإدراكنا للأمور، نحن الذين سنتغلب على العدو الإسرائيلي، فاليوم، في زمن العلم والمعرفة، الصراعات الأهم بين الدول والشعوب ليست الصراعات العسكرية بل هي الصراع في الاقتصاد، والعلم، والتكنولوجيا، والإعلام، والسياسة... وهذه الصراعات بأجمعها، يجب علينا ان نبدع فيها كلبنانيين وكعرب لكي ننافس إسرائيل ونتغلب عليها بكل ما للكلمة من معنى".
ولفت الأسعد الى أن "تحقيق القفزات النوعية المطلوبة في هذه المجالات" يستلزم "اولاً ان نبني دولاً حديثة فعلياً". إذ "لا دولة في لبنان، ولا حتى شبه دولة، إذا لم يكن قرار الحرب والسلم بيد هذه الدولة، فهذا هو الأساس، ومن دونه لا تقدم ولا تطور في لبنان، بل بالعكس، المزيد من التراجع والتخلف اما إذا كانت لدينا دولة تمسك بزمام الأمور وتحديداً قرار الحرب والسلم، فسنرى ان الثقة ستعود بلبنان، وكل ذلك سينعكس ايجاباً طبعاً على النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل لجميع اللبنانيين بمن فيهم اللبنانيون الشيعة".
وإعتبر أن "لا قيامة للبنان إلا إذا أصبح السلاح تحت إمرة الدولة اللبنانية فقط، وإلا فلن يتعافى لبنان أبداً، بل بالعكس سيستمر في الانهيار والتقهقر". وأضاف "أقول ذلك وأنا أحمد الأسعد، ابن العائلة الوائلية، وجدي الأكبر كان الشيخ ناصيف النصار، أحد أهم رموز المقاومة في جبل عامل، فقد واجه وحارب الشيخ ناصيف جميع القوى والدول التي حاولت احتلال هذا الجبل الشامخ واستشهد في معركة ضد الجزار".
وقال: "اليوم أيضاً، واجب علينا المقاومة، لكن بنوع وبمفهوم آخر: علينا مقاومة الفقر، والبطالة والهجرة، علينا مقاومة مشاكل الطبابة والاستشفاء والمستوى العلمي المتدني، ولن نستطيع مقاومة كل هذه الأمور إلا من خلال بناء الدولة اللبنانية. هذا كان مشروع السيد موسى الصدر وهذا كان فكر الشيخ محمد مهدي شمس الدين".
وأضاف "نحن بدورنا سنبذل كل الجهود للوصول الى هذه الدولة اللبنانية الحديثة، ولكي تكون الطائفة الشيعية ركيزة أساسية فيها. وهذه الرؤية هي مفتاح الحل للبنان بأسره. فلا لبنان ولا دولة لبنانية، لا اليوم ولا بعد مئة عام، إذا لم تكن طائفة أساسية كالطائفة الشيعية مع مشروع بناء تلك الدولة اللبنانية".
وتابع "هنا يكمن اختلافنا مع الاخوة في حزب الله، وأصرّ هنا على كلمة اخوة. فمهما اختلفت آراؤنا، إلا اننا نعتبرهم فعلاً أهلنا واخوتنا، أما إذا أرادوا ان يعتبرونا اعداءهم، فهذه مشكلتهم وليست مشكلتنا". وقال: "نحن نرى ان لا مصلحة للشيعة في لبنان في الارتباط بالنظام الإيراني. مصلحتنا كشيعة هي فقط من خلال ارتباطنا بالدولة اللبنانية، هذه رؤيتنا، هذه هي وجهة نظرنا، هذا هو اختلافنا الأساسي مع حزب الله"، متمنياً "على الاخوة في حزب الله ان يضبطوا عناصرهم لكي يبقى تنافسنا، مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، تنافساً حضارياً".
وشدد على أن "هذه الانتخابات مصيرية، فلبنان اليوم على مفترق طرق، فأما ان يبقى في دوامة الحروب، واما ان يسير في ركب الحداثة والحضارة الانسانية. لذا سنخوض هذه الانتخابات بكل قوة، وفي معظم المناطق، من البقاع الى الجنوب مروراً ببيروت وجبيل وبعبدا، تحت شعار (الانتماء اللبناني)، وذلك كي يستطيع المواطن اللبناني الاختيار بين مرشح شيعي لبناني بامتياز ومرشح شيعي آخر يرى ان مصلحة الشيعة في لبنان هي من خلال استمرار ارتباطهم بالنظام الإيراني".
وأضاف: "نعم، هذه المعركة الانتخابية هي معركة مصيرية، وتحديداً في المناطق الشيعية. فلبنان لن يخرج من دوامته الحالية إلا بعد حصول تغيير في التمثيل السياسي للطائفة الشيعية"، متوقعاً "حصول مفاجآت في شتى المناطق". وقال: "اللبنانيون الشيعة هم في الحقيقة لبنانيون بامتياز، ولا يستطيع أحد المزايدة علينا في ذلك، إلا ان الشيعة في لبنان اليوم يمرون بظروف قاهرة وضاغطة، وسيعمل (الانتماء اللبناني) لإزالتها. وختم الأسعد طالباً من الحاضرين ان يرددوا القسم الآتي: "نحن شيعة لبنانيون، كرامتنا من كرامة لبنان، حاضرنا ومستقبلنا في لبنان، ولاؤنا وانتماؤنا فقط للبنان".
تعليقات: