العماد عون في سوريا
ردّ من ناشط في "التيار الوطني الحر" على عبدالله الخوري..
رداً على ما كتبه عبدالله قيصر الخوري، في هذه الزاوية يوم الأحد الماضي 11 كانون الثاني الجاري، وردنا هذا الرد من الناشط في "التيار الوطني الحر" الكسندر نعمة. وعملا بحق الرد والمناقشة، ننشر نصّ الردّ.
نشرت صحيفة "النهار" اللبنانية في عددها الذي يحمل الرقم 23578 صباح الأحد 11 كانون الثاني 2009 نصاً لعبدالله الخوري بعنوان "بطريرك 8 آذار على أعتاب دمشق وطهران"، يحمل في داخله جملة من المغالطات التاريخية يُضاف اليها مجموعة من الالفاظ النابية التي إن دلّت فهي تدل على المستوى الإنحداري لصاحب المقالة، بالإضافة الى صحيفة عريقة أفردت صفحة كاملة للتحقيق وليس ضمن الصفحات المخصصة للآراء الحرة، مما يعني أن النص يعبّر عن سياسة الصحيفة، ما يجعلني أخجل مما قرأته، وأترحم على الشهيد جبران تويني، لأنني أعرف أنه لو كان اليوم على قيد الحياة لرفض رفضاً قاطعاً أن تنزلق الصحيفة الى هذا المستوى من الإنحدار في المضمون والشكل.
أولا سأعود لأنقل إليكم بعضاً مما ورد في النص المنشور، للأمانة الصحافية ليس أكثر:
- "ينفرد فريق 8 آذار بمقدرات ومكتسبات تتناسب مع هيبته الوافرة وجمهوره الهادر، وقضاياه الكبرى انطلاقاً من استعادة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا مروراً بتحرير فلسطين والتزاماً بإحلال العدالة الكونية حيث تعذّرت".
- "يغالي هذا الفريق بدعم الدولة ومؤسساتها في المؤتمرات الاقليمية وجلسات الحوار الداخلية، ويحتفظ في الوقت عينه بمربعاته الأمنية المحصّنة المحرمة على الدولة وأجهزتها".
- "يجاهر بدعم الجيش ويدعوه عبر المنابر والخطب الواثقة، لبسط سلطته ويحتفظ لنفسه بترسانة ضخمة من الصواريخ والاسلحة التي تطل برأسها رداً على الإخفاق والتعثر بفرض ارادته على شركائه في الوطن، والشواهد ليست بقليلة وقد خلّفت شرخاً داخلياً لم يعد يسهل ترميمه".
- "يأخذ فريق 8 آذار على الحكومة إخفاقها بدفع تعويضات 12 تموز 2006 وهو شارك فيها بثلثه الضامن المعطل. وقد بيّن رئيسها في مجلس النواب مصادر التمويل والمساهمات والحصص التي غطتها الحكومة... لكنه اصلي ناراً حامية من أصحاب المال النظيف".
- "تتويجاً لنضالات فريق 8 آذار وتظهيراً لبأسه السياسي وتجلياً لباعه الطويل بملء الشواغر وتحصين البنية الروحية، إتخذ لنفسه بطريركاً شمماً يبسط سلطته الحبرية الممتدة من قبر القديس مارون في براد من اعمال حلب وصولا الى الأهواز فمدينة طهران".
- "اقترن هذا الحديث بمحطات وعظية وخطب توجيهية تسلط الضوء على مسلكية البطريرك صفير صادرة عن خبرات وجدانية وضميرية لمرجعيات سياسية من مكونات فريق 8 آذار في السدتين البطريركيتين في الرابية وزغرتا".
- "ثم كرّت السُبحة وحلت العونية ممثلا حصرياً للمسيحيين ومن سبطها بطريرك سمى نفسه وجاهر بحبريته جامعاً معها مرجعيته الآحادية للحالة العونية العلمانية صفة إجتماعية مُضافة الى السياسية، وفي هذا تناقض لا يوازيه سوى فقدان الموضوعية ورفض النقد الذاتي كمحاولة للإستخفاف بعقول من يسمع ويرى".
- "لقد اختطفه قائده بوثيقة بإتجاه المربعات الأمنية والقوى القاضمة للدولة وسيادتها وجنح به أيضاً الى طهران محدداً ظهور نتائج حجته اليها بربيع 2009. وانتهى به مطافه مبشراً في ربوع الشام مستهدياً بخطى بولس وطيف شاوول. وذلك عندما تبرأ بيساره في قانون محاسبة سوريا في الكونغرس الاميركي الذي لأجله أقام الدنيا ولم يقعدها آنذاك. وتأبط بيمينه فرماناً فضفاضا يسبغ على الأسد الأبن لأجله أقام الدنيا ولم يقعدها آنذاك. وتأبط بيمينه فرماناً فضفاضاً يسبغ على الأسد الأبن البراءة من دم لبنان واللبنانيين ومعفياً إياه من تبعات تعسّف الأسد الأب. مضمناً فحواه إعتذاراً حاراً للشقيقة سوريا الأسد بالأصالة عن نفسه ونيابة عن الشعب اللبناني وقادته، الذين لم يوفرهم عبر الأثير الدمشقي المرئي، بذمية مبتدعة لم يشهد لها شبه تاريخ المارونية المناضلة".
هذا بعض مما جاء في النص. وفي معرض الردّ سأكتفي بتوضيح المواقف السياسية التاريخية وأترك الألفاظ النابية وأعيدها لصاحبها، والذي يبدو أنه متعطش للحقد والكراهية، وهذا ليس من شيم اعضاء "التيار الوطني". ولكن أشير الى أن صاحب النص، إستعمل تعابير وألفاظاً هي من حيث الوقائع لاهوتية، بحيث كان من الأجدر الابتعاد عن إستعمالها لما تحمله من دلالات روحانية انها إتحدت مع الفاظ نابية، قللت من قيمتها الدينية ومعانيها الروحانية. وهنا اذكر على سبيل المثال لا الحصر: "إتخذ لنفسه بطريركاً شمماً يبسط سلطته الحبرية الممتدة من قبر القديس مارون في براد من اعمال حلب وصولا الى الأهواز فمدينة طهران، ثم كرّت السُبحة وحلت العونية ممثلا حصرياً للمسيحيين ومن سبطها بطريرك سمى نفسه وجاهر بحبريته، وانتهى به مطافه مبشراً في ربوع الشام مستهدياً بخطى بولس وطيف شاوول، وتأبط بيمينه فرماناً فضفاضاً يسبغ على الأسد الأبن البراءة من دم لبنان واللبنانيين، اقترن هذا الحدث بمحطات وعظية وخطب توجيهية".
أما من حيث الوقائع التاريخية، فسأبدأ، ليس من حيث إنطلق السيد عبدالله بل من حيث يجدر بنا الإنطلاق، وهو قانون استرجاع السيادة اللبنانية ومحاسبة سوريا. وللأمانة إن القانون من حيث الشكل هو في جزءين، الأول هو قانون إسترجاع السيادة اللبنانية، والثاني هو قانون محاسبة سوريا. أما من حيث المضمون فالجزء الأول هو من نتاج عمل اللوبي اللبناني في الولايات المتحدة الأميركية والعماد ميشال عون، والذي كان يحمل إسم Lola، وكان الهدف منه إسترجاع السيادة اللبنانية من الدولة التي كان لها الدور الأساس بتسليم لبنان الى السوريين عبر تحالف دولي اقليمي رباعي اميركي – اسرائيلي من جهة، وسعودي – سوري من جهة ثانية". أما الجزء الثاني فكان نتاج عمل الكونغرس الأميركي، وتم جمعهما بقانون واحد قدم الى مجلسي النواب والشيوخ. الجزء الأول من القانون تم تدويله تحت الرقم 1559 وإنفرد "التيار الوطني الحر" وحيداً بتأييده، عندما طالب الجزء المتبقي من النسيج اللبناني بمن فيهم "لقاء قرنة شهوان" سابقاً برفضه والإكتفاء بالطلب من السوريين الإنسحاب الى البقاع وليس الإنسحاب الكامل من لبنان.
بعد صدور القرار 1559 وأمام بوادر تغيرات اقليمية خطيرة للغاية، قدم العماد عون طرحه عبر قيادات "التيار الوطني الحر" في لبنان. وهنا نشير أنه لو تمت الموافقة عليه لجنبنا لبنان مرحلة طويلة من المناوشات والحروب والاغتيالات والتدهور الاقتصادي. وكان الطرح يقضي بدعوة كل القيادات اللبنانية، وبحضور الدولة السورية، الى طاولة مستديرة للحوار، تهدف الى تحصين الداخل وتامين خروج مشرف للسوريين من لبنان. فرفض الطرح وجوبه بحملة شرسة ضد العماد عون من أدوات سوريا آنذاك في لبنان. علماً ان العماد عون منذ العام 1989، تاريخ إعلان "حرب التحرير" وفي كلمته الموجهة الى العسكريين واللبنانيين على حد سواء، أكد أن هذا ينشد أحسن العلاقات مع سوريا واطيبها، ولكن انطلاقاً من احترام سيادة الدولتين على ان تكون سوريا في سوريا ولبنان في لبنان.
بعد هذه المرحلة جاء اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، فاتهمت سوريا بالاغتيال وشنت حملة شرسة عليها، فكان الحدث بأزمته صاعقاً على اللبنانيين، فسرّع خروج السوريين. ودخلت ادوات السوريين في لعبة الكبار، وتمحوروا في مشروع الشرق الاوسط الجديد علّهم يحجزون مقاعد لهم في السياسة الجديدة، كما حصدوا سابقا في اتفاق الطائف مقاعد دامت واستمرت 17 عاماً.
وقف العماد عون وقتذاك، بروحية رجل الدولة، وقال للجميع وبمن فيهم الولايات المتحدة الاميركية: انا حليف كل من يدعم حرية لبنان وسيادته واستقلاله وانا عدو لكل من تسمح له نفسه قضم هذا الوطن، وعاد وذكّرنا بقوله المأثور: "لبنان اكبر من ان يبتلع واصغر من ان يقسّم".
عاد العماد عون في 7 ايار من العام 2005 وجاءت الانتخابات النيابية. خاضها العماد عون مع مجموعة من الحلفاء، توافقوا على رؤية استراتيجية واحدة، تبدأ بتحصين الداخل المسيحي وتنطلق نحو التواصل مع بقية مكونات النسيج اللبناني وتنتهي بالتواصل مع الدول المجاورة انطلاقاً من مبدأ لا للعودة الى الوصاية نعم للتواصل. خاض الفريق المراهن مع "حزب الله" و"حركة امل" الانتخابات النيابية بحلف رباعي، وهنا ايضا بدعم من مؤسسي مشروع الشرق الاوسط الجديد، فوقف العماد عون مرة جديدة بعد الانتخابات النيابية متوجها لـ"حزب الله" تحديدا قائلا له: "لقد خسرت استراتيجيا". وسرعان ما انقلب السحر على الساحر وظهر التواطؤ. امام هذه الانقسامات المحورية ظل العماد عون مؤمنا بخيار الحوار. فبعد تحصين الداخل المسيحي انطلق بحوار شفاف وصريح مع "حزب الله" أنتج "ورقة تفاهم" أطلق عليها "وثيقة مار مخائيل"، وقعها العماد عون والسيد نصرالله، حملت حلولاً ورؤية استراتيجية لمعظم المشاكل التي واجهت لبنان، والأهم أنها قدمت حلاً بنسخة لبنانية صرف، لما تبقى من بنود القرار 1559 وتحديداً لسلاح المقاومة. وهنا ايضاً رُفض المشروع قبل أن يُقرأ او حتى يُناقش. وهنا أعود لما كتب في النص المنشور في صحيفة "النهار"، عن أن المسيحيين "أنقضّوا في العام 1986 على تفرد المرحوم الياس حبيقة بإعلان توقيعه الاتفاق الثلاثي في دمشق وإعادتهم الامور الى نصابها في الجسم المسيحي الذي ينسجم مع دورة الحياة التي يرتقيها والخياض بما يؤمن به بالطواعية والاقتناع وليس بالعنوة والفرض". ولكن صاحب النص، نسي أو تناسى أن من إنقض على الاتفاق ليس المسيحيين، بل هم قسم من "القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع، وجرى انقلاب خرج بعده الياس حبيقة من المناطق المسيحية متوجهاً الى قبرص، واحتجز الوزير الياس المر في الكرنتينا، وكان للعماد عون الدور الاساس بإبقائه على قيد الحياة. وعاد الشخص نفسه مع نواب 1972 وتوجه الى مدينة الطائف للتنازل عن كل صلاحيات المسيحيين وتسليمها الى السنية السياسية باتفاق الطائف تفرد العماد ميشال عون وحيداً بمطالبة النواب اللبنانيين الموجودين في مدينة الطائف بعدم تسليم لبنان لتحالفات اقليمية ودولية تكون على حساب الشعب اللبناني.
أما بالعودة الى ما بعد "ورقة التفاهم"، حيث شنت اسرائيل حرباً شرسة على لبنان و"حزب الله" تحديداً، فقد تواطأ بعض الداخل مع الخارج. وقيل إن الحرب جاءت بعد أسر الحزب جنديين من داخل الحدود اللبنانية المحتلة. سرعان ما دحض تقرير "فينوغراد" هذا الموضوع مؤكداً ان اسرائيل كانت بصدد شن حرب على لبنان و"حزب الله" تحديداً في تشرين الاول، فجاءت عملية الأسر لتسرع بشن الحرب. يومها قال العماد عون إن أسر جنديين لا يستحق شن حرب إبادة بهذا الاسلوب، وعلينا اليوم أن نكون صفاً واحداً مع المقاومة ونحضن أهلنا وإخوتنا ونقدم لهم كل عون. أثار الموضوع سخط بعض رموز الداخل والخارج، لأن الموقف اسقط من المعادلة أي بوادر لأي حرب أهلية كان البعض يسعى لإشعالها في الداخل اللبناني. خرج لبنان من الحرب أكثر تجانساً وأكثر تضامناً وأكثر اتحاداً رغم كل الدمار وقوافل الشهداء، غالبيتهم من الاطفال والنساء.
بعد كل هذه التغييرات، طالبت المعارضة بحكومة وحدة وطنية بعدما انسحب وزراء الشيعة من الحكومة القائمة آنذاك، وكان هناك تظاهرات واعتصامات لم يرف لها رئيس الحكومة أي جفن، جاء بعدها الفراغ على مستوى رئاسة الجمهورية ورفض فريق الاكثرية الوهمية انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وطالبوا برئيس حيادي، فكان الخيار لقائد الجيش العماد ميشال سليمان.
قبل اتفاق الدوحة، جاءت حوادث 7 أيار، والتي كانت وليدة سلسلة من الضغوطات اللاخلاقية التي مارستها ميليشيا "تيار المستقبل" وأحزاب أخرى بعدما كان الاتحاد العمالي قد حدد يوم السابع من أيار اعتصام كبير ضد الحكومة، فنشرت ميليشيا "المستقبل" على كل خط المسيرة قناصين على أسطح الابنية لقنص المتظاهرين مما اضطر المعارضة الى التحرك منعاً لأي مجزرة لا تكون بالحسبان، فدخلت عبر مؤيديها الى المناطق التي كانت قوة السلطة تستعملها وسلمتها مباشرة الى الجيش اللبناني منعاً للاستغلال السياسي. لم تقبل قوى السلطة هذه الخسارة فعمدت الى ذبح مناصرين لـ"حزب الله" وذبح مناصرين للحزب القومي السوري الاجتماعي في عملية هي الاكثر بشاعة لم تشهدها البشرية منذ حروب هتلر التدميرية.
جاء اتفاق الدوحة، بالموافقة على ما طالبت به قوى المعارضة منذ أكثر من سنتين، وهي حكومة وحدة وطنية وقانون القضاء بحسب تقسيمات العام 1960. ولكن طوال هذه الفترة السابقة، كانت الحكومة القائمة تنفق وتستعمل أموال الدولة بشكل غير قانوني، ومنها الاموال التي قدمتها الدول العربية والاجنبية لمساعدة المنكوبين جراء حرب تموز، فجمدتها وأخذت قروضاً على اساسها لتغطية خدمة الدين العام، وحرمت العائلات المنكوبة الاموال، وبقي هذا الموضوع غير معلن حتى الجلسات النيابية الاخيرة، ثم فضحه نواب المعارضة بعد لقاء جرى بينهم وبين سفير السعودية واعتراف رئيس الحكومة الحالية بالامر. وهنا أسأل صاحب النص: من اين جئت بما قلته عن ان رئيس الحكومة بيّن في مجلس النواب مصادر التمويل والمساهمات والحصص التي غطتها الحكومة حتى الآن، وعن أن قوى المعارضة كانت تملك الثلث الضامن فيها؟
يبقى ان نشير على حرب نهر البارد، ومنظمة "فتح الاسلام" وكل ما قيل عن تلك الحقبة والاتهامات التي سيقت بحق المعارضة وسرعان ما انكشف للرأي العام زيفها.
بعد كل هذه المواقف، جاءت زيارة العماد عون الى ايران وبعدها الى سوريا. ذهب العماد حراً وعاد أكثر حرية، وقام بهما قبل الانتخابات النيابية المقبلة لأنه شفاف وكي يعرف المسيحي بشكل خاص، انه أمام خيارين: خيار الاتحاد مع النسيج اللبناني والتواصل مع الدول المجاورة ضمن مصلحة لبنان وسيادته واستقلاله، وخيار الحروب المدمرة والرهانات الخاسرة.
حوادث كثيرة طُبعت في التاريخ الحديث للبنان، أهمها كان اغتيال الوزير بيار الجميل، حيث تحمّل "التيار الوطني الحر" ورئيسه أبشع انواع الاهانات وإتهموا بالاغتيال واستعمل فريق 14 شباط يوم الدفن منبراً لإتهام العماد عون وفريق المعارضة بوزر الحوادث والتطورات.
سأكتفي بهذا القدر لأن الحوادث على أهميتها، تحتاج الى كتيبات وليس الى مقالة او بيان رد او هذا التوضيح.
في ختام مقالتك حضرة السيد عبدالله الخوري، ثلاثة اسئلة طرحتها، سيكون لي شرف الاجابة عنها بأربعة وذلك لاستكمال الصورة.
السؤال الاول كان: "هل تعب المسيحيون وأصابهم الوهن السياسي والاجتماعي؟".
لقد استعاد المسيحيون من خلال سياسة العماد عون، رشدهم. وتذكروا أنهم أهل هذه الارض وتاريخها، وان وجودهم ليس ظرفياً كما حاول البعض إيهامهم. والتواصل والانفتاح هما سر وجودهم وما قاله الارشاد الرسولي في هذا السياق خير دليل، فدعاهم الى التواصل مع محيطهم لأنهم مشرقيون مسيحيون وإنهم رسالة الحضارة في الشرق وصورة المسيحي المؤمن للغرب.
أما السؤال الثاني: "هل ما زالوا يملكون ارادة الحياة الحرة الكريمة في خضم التحديات الجسيمة الفائقة الخطورة؟".
ارادة الحياة هي موقف يتخذه اصحاب القرار الحر والرؤية الثاقبة، لا من يدعي الحرية ويمتهن سياسة الانزواء والتقوقع والاستجداء. المجتمع المسيحي يعرف ويؤمن ويدرك ان مسيرة نضاله لم ولن تتوقف، لأن الخطورة ليست فقط في التحديات التي يواجها جراء سياسات اقليمية ودولية تسعى وتعمل على التوطين والتقسيم والالغاء، بل ايضاً على صحافيين يحملون الصفة عن غير وجه حق ويقلبون الحقائق ويزورون التاريخ.
والسؤال الثالث: "هل ما برح الوطن يتفاعل مع جوارحهم وقرارة أنفسهم كما شكل لهم طوال قرون منصرمة ملاذاً ودفاعاً صاخباً مستديماً؟".
الوطن ايها العارف هو مجموعة عوامل تتحد معاً فتشكل وطناً، اساسه الانسان. ومتى افتقد الانسان إحساسه بالانسانية يفتقد الوطن قيمة وجوده وسر بقائه.
والسؤال الرابع: "هل يفتقر المسيحيون الآن الى سلاح المحاسبة يشهرونه حيث تدعو الحاجة اليه؟". أترك لك التكهن بالجواب، ونسمعه معاً في الانتخابات النيابية المقبلة.
ولك مني كل تقدير واحترام.
تعليقات: