من دلالات اللوز في المنام: الحلو منه حلاوة الإيمان والمال الحلال
اللوز من أنواع الثمار الفاخرة الطيبة المحببة في كثير من البلدان، خاصة بلدان المشرق، التي درج أهلها على أكله واستخدامه واستغلاله منذ قرون طويلة. فبالإضافة إلى فوائده الجمة، فهو من النباتات الجميلة جداً من ناحية الشجر والثمر، وألوانه الخفيفة وأزهاره الناعمة الدقيقة. ولهذا أيضاً يرمز اللوز إلى الكثير من الفضائل عند بعض الشعوب، ولا يزال الناس يُكِنُّون له تقديراً خاصاً، ويضعونه على رأس النباتات الفاخرة. يعود أصل اسم اللوز بالإنجليزية «الموند» (almond) إلى الكلمة الفرنسية القديمة (almande أو alemande) التي تتحدر من اللاتينية (amandola) التي يعود أصلها إلى كلمة (amingdola) (هذا الاسم يطلق علمياً على كل شيء يشبه شكل حبة اللوز) المأخوذة عن اليونانية ويبدو أن «ال» التعريف العربية هي الفارق في بعض الأسماء وكان الاسم يستخدم لأول مرة من «ال» التعريف في الإيطالية (mandorla). ويلفظ الإنجليز الاسم من دون لفظ الألف «ah-mond» ويلفظ الاسم بالفرنسية الحديثة بـ«amande»، وفيما يسميه الأتراك والهنود والإيرانيون والباكستانيون بـ«بادام» (Baadaam)، يطلق عليه العرب اسم «اللوز» (Lawz - Luz) والبعض اسم «المنج» وغيره ، وقد استخدمت هذه التسمية في العهدين القديم والجديد قبل أن تترجم إلى «هيزل» (hazel) بالإنجليزية. يطلق علمياً على اللوز اسم (Prunus amygdalus) الذي يعود إلى فصيلة الخوخ «Prunus» التابعة لعائلة «Rosaceae» التي تضم الكرز والدراقن وغيرهما. وتقول المعلومات المتوافرة، إن أصل اللوز يعود إلى مناطق ما يسمى بالهلال الخصيب، أي لبنان وغرب فلسطين والأردن وسورية والعراق، وربما إيران أيضاً، وشمال غرب المملكة العربية السعودية (الطائف وسلسلة جبال السروات) وجنوب تركيا. وحسب الموسوعات الدولية، فإن هناك ما لا يقل عن 750 سلالة من اللوز: اللوز الحلو (sweet almond) المعروف علمياً بـ«برونس اميجداليس» (Prunus amygdalus) واللوز المُرّ (Bitter almond) المعروف علميا بـ (Prunus dulcisvar) وأن رائحة اللوز المر تعود إلى المادة التي يحمل اللوز اسمها علمياً «إيماجدالين»، إذ إن اللعاب أثناء مضغ اللوز يحول المادة إلى «جلوكوز» و «حمض هدروسيانيك» و «بنزالدهيد» السامّتين. ويبدو أن شجرة اللوز كانت من أكثر الأنواع انتشاراً في قديم الزمان، لقدرة المزارعين على تحصيل وتأصيل أنواع منها صالحة للأكل والاستهلاك العام. وتشير الحفريات إلى أن اللوز بدأ يستخدم على نطاق واسع في العصر البرونزي بين 2000 و 3000 قبل الميلاد، وربما قبل ذلك، في الشرق الأقصى. وقد تم العثور على آثار لنبتة اللوز وحباته في قبر الفرعون توت عنخ آمون، الذي يعود تاريخه إلى العام 1325 قبل الميلاد، وعلى الأرجح أن الفراعنة استوردوا اللوز مثله مثل الكثير من البضائع والنباتات والأخشاب من سواحل لبنان وفلسطين القريبة. كما وصلت آثار اللوز إلى أيسلاندا في شمال المعمورة وقرب المحيط المتجمد الشمالي، بالإضافة إلى ألمانيا. في اليونان يستخدم اللوز بكثرة في صناعة مختلف أنواع الحلويات والمأكولات، خاصة في حلويات الأعراس والاحتفالات، بسبب اللون الأبيض لقلب اللوز وحبته. ويؤكل اللوز في دول المشرق كإيطاليا وبعض الدول الأوروبية أخضر نَيّئاً، خاصة الحُلو منه، وهناك أنواع عدة في لبنان غالية الثمن مثل «العوجا» ذي الحبة الكبيرة الطيبة، التي تباع إلى جانب الأنواع الأخرى خلال فصلي الربيع والصيف على العربات المتنقلة على الخط الساحلي والكورنيش والمناطق المكتظة بالناس. ويتم أيضاً تجفيفه وأكل قلوبه الحلوة بعد كسرها، كما يتم تحميصه كجزء من عالم المكسرات و«البزورات» مخلوطاً، إما بالملح، وإما بالسكر، وإما من دون أي إضافات. كما يتم استخدامه كما هو الحال في اليونان في تزيين وصناعة شتى أنواع الحلوى. وتقول المعلومات المتوافرة أيضاً، إن اللوز المغربي، وهو من الأنواع الممتازة بسبب حبته السمينة الصغيرة والمدورة، وملمسه اللطيف وطعمه الطيب، تم جلبه من إسبانيا ثم أصبح من أكثر النباتات شعبية في أميركا الشمالية، قبل أن ينتشر في جميع أنحاء المعمورة. وعلى الأرجح أن العرب هم الذين اعتنوا واهتموا باللوز في إسبانيا أيام الحكم الإسلامي في الأندلس، وقبل عام 1500، أي قبل سقوط غرناطة في أيدي قوات الملكة إيزابيلا والملك فرديناند. ولا يزال الإسبان والطليان يستخدمون اللوز في أكثر الحلويات شعبية، والتي تدعى «تورون» (turrun) المخلوطة بالعسل والسكر وغيره. وهنا لا بد من ذكر أن كثيراً من المجتمعات تلجأ إلى استخراج الحليب من اللوز ويسمى «حليب اللوز» الذي يستخدم في صناعة الحلويات.
وفيما يقول اليمنيون إنهم ينتجون أفضل أنواع اللوز في العالم، يستخدم أهل الصين اللوز أيضاً في صناعة الحلوى، ويقدمونه حاراً مع الحليب، كما يقدم العرب الشاي الساخن مع الجوز أو اللوز والحب الهيل. ويستخدم في الهند في صناعة الكاري الحار والحلوى، وتُرَشُّ شرائحه الرقيقة فوق كثير من أنواع الحلوى المحلية. وتقول الموسوعة الحرة إن بعض أشجار اللوز تنتج ثماراً حلوة المذاق، بينما يثمر بعضها ثماراً مُرَّة. ويستخرج من كلا النوعين الزيت. وتعتبر اللوزات الحلوة طعاماً متميزاً، فتُؤكل بعد رفع القشرة الخشبية القاسية التي تغلفها، كما تؤكل طازجة في فصل الربيع بقشرتها الخضراء عند بداية نضجها، حيث تكون غنية بمادة «السيليلوز»، أما اللوزات المُرّة، فلا تؤكل، وينحصر استهلاكها على استخراج الزيت منها، ويحتوي زيت اللوز على حمض الهيدروسيانيك البروسي السام، وبعد استخراج هذا الحمض، يستخدم الزيت ليعطي نكهة على الخلاصات المختلفة. ويدخل الزيت المستخرج من اللوز الحلو في صناعات تجميلية وصيدلانية، فهو يطرّي ويقوّي الجلد الجاف، ويهدئ الحكّة، ويسرّع في شفاء الأمراض الجلدية والحروق السطحية، ويسكّن آلام الأذن الوسطى، ويرمم غشاء الطبل، إضافة إلى استخدامه في المعاجين العطرية والروائح والحلويات والسكاكر. ويستخرج زيت اللوز إذاً من البذور الحلوة والمُرّة على حد سواء، إلا أن المُرّة تعتبر الأساس في صناعة زيوت أو دهون (كريم) الجلد والصابون المعطر الفاخر. وتقول الموسوعة الحرة في هذا الإطار «ومن فضالة زيت اللوز المر، يمكن الحصول على زيت طيار بالتقطير يستخدم في تنكهة الخلاصات، كما يستخدم أحياناً لتحسين الطعم في الأدوية. ويمكن استخدام قشور اللوز كوقود للأفران التي يجرى فيها التقطير، وفي النهاية فإن شجرة اللوز جميلة، إلى درجة أنها كثيراً ما تزرع للزينة.. كما يعمل الناس على إنتاج القطر من اللوز، وفيما كان قديماً يتم خلط اللوز المر والحلو (بنسبة 10 إلى 3 للحلو)، يركز الكثيرون الآن على صناعة القطر المعطر بالبرتقال وشتى أنواع الفاكهة على الأنواع الحلوة دون غيرها. وعادة ما يتم وضع القطر على الكثير من أنواع الحلوى كـ«المهلبية» و«رز بحليب» وأنواع «القطايف» التي تشتهر في شهر رمضان المبارك وغيره. كما يستخدم اللوز في المحاشي، ويقلى في بعض البلدان مع قليل من الملح. تراثياً يعتبر اللوز من أنواع النباتات الفاخرة عالية القيمة، وخاصة في بلاد المشرق في لبنان وفلسطين وسورية، وقد تم ذكره عدة مرات في الكتب الدينية، في التوراة والإنجيل. وفي العهد القديم يعبر اللوز عن الحراسة والوعد، لما يتسم به من تزهير مبكر في الربيع. وتم ذكر اللوز في الإنجيل ما لا يقل عن عشر مرات، واعتبر في بعض النصوص واحداً من أفضل أنواع النباتات، وفي صلب تفاصيل العقيدة اليهودية. ولا تزال الكثير من الطوائف المسيحية الشرقية والغربية تستخدم أغصان شجر اللوز للتعبير عن الولادة العذرية للمسيح عليه السلام، ورمزاً لمريم العذراء. وعادة ما كان يلجأ الرسّامون في قديم الزمان إلى إحاطة الطفل يسوع المسيح بأغصان اللوز. وفيما يعتبره الصينيون رمزاً لتحمُّل الحزن، وجمال المرأة، يعتبر في الهند أكثر النباتات تغذية للدماغ. كما تعتبر بعض المجتمعات العربية رؤية اللوز في المنام أو الأحلام دليلاً على زوال الشدة والأمراض. ويقول أحد التفسيرات المنتشرة على شبكة الإنترنت، إن اللوز في المنام، يدل، ربما، على الميت في كفنه أو في قبره «فإنه إذا كان في أوانه على الخير، واللوز الحلو يدل على المال الحلال.. فمن رأى أنه يأكل منه، رُزق مالاً بخصومَة، ومن أخذ لوزاً من شجرة، نال مالاً بخصومة من رجل شحيح. وشجرة اللوز رجل شحيح مع الناس سخي على أهله، والحلو منه حلاوة الإيمان، والمُرّ منه كلام حق.. ومن رأى أنه ينثَر عليه قشر اللوز، فإنه ينال كسوة. وقيل إن اللوز اليابس يدل على صخب وشر لصوت الخشخشة، ويدل على الحزن، ومن أكل من ورقه أكل مالاً هنيئاً من رجل سلطاني»، على قول صاحبه. ومن ناحية الفوائد الصحية للوز، تؤكد المعلومات المتوافرة أيضاً، أن هذه النبتة تساعد على سلامة الأمعاء والقولون، وتمنع ظهور الأمراض السرطانية فيها، حسبما أكدت الدراسات التي أجريت مؤخراً في ولاية كاليفورنيا. ويقول أحد الأفاضل العارفين والمهتمين بالكسورات واللوز في موقع «خيام» في هذا الإطار، إن اللوز حسب تجارب الشعوب القديمة ينقِّي الصدر ويقضي على السعال، ويلجأ البعض إلى غَلْي الجاف من حَبِّه مع بعض الأعشاب لهذه الغاية الفعالة، كما يفيد اللوز الكُلَى، ويمنع حرقة البول ويقوي الأعضاء، كما يفيد اللوز في منع التقيؤ والدوخة، ويلطف الجلد ويغني البشرة. ولهذا أيضاً يستخدم لعلاج الحروق وآلام الأذن والبواسير، كما دلّت الدراسات على أن تناول اللوز بانتظام أيضاً يحمي القلب والشرايين من التصلب، ويمنع أمراض القلب بشكل عام، أضف إلى كل ذلك أنه يحد من ارتفاع ضغط الدم، ويوسع الأوعية الدموية، لاحتوائه على المغنيسيوم، ويمنع تشنجات العضلات، ويحارب فقر الدم، فهو عنصر مهم جداً في بناء وتكوين خلايا الدم الحمراء.
تعليقات: