\"جميلة الجزائرية\" ترفع يدها في الخيام لتلامس هواء فلسطين

\
\"جميلة الجزائرية\" ترفع يدها في الخيام لتلامس هواء فلسطين


هنا، أمام الأسلاك الشائكة التي تفصل لبنان عن فلسطين المحتلة، قرب كفركلا وبوابتها «بوابة فاطمة»، باحت دموع الثائرة الجزائرية جميلة بوحيرد، بما عجزت لغتها العربية «المحدودة» عن التعبير عنه، لتقول «اعذروني على قصور لغتي، لكنني حاربت أعدائي بلغتهم».

هكذا، ما إن وقعت عينا بطلة تحرير الجزائر على مشهد فلسطين الذي ينكشف للناظر كأجمل ما يكون من هنا، وأمام عبور آليات العدو الإسرائيلي خلف الأسلاك المحيطة بمستعمرة المطلة، رأت جميلةُ المناضلات، أول من أمس، في ردّ على سؤال لـ«الأخبار»،أن «الدموع مقاومة». وقالت «تريد مني أن أتكلم عربي؟ما نفهمش؛ أنا أتكلم لغة فرنساوية، حرام عليكم، ليه تحرجوني كده؟ أنا خرّجت (أخرجت) فرنسا (من الجزائر) بلغتها. تسألوني لِمَ الدموع؟ هذه التضحية كلها ما تستاهلش دموعنا؟ أقول للمرأة العربية ما تخبيش (لا تخبّئ) دموعها، تأخذ فأساً وتبني، ودموعها على خدها علشان رجال العرب يحنّوا قليلاً، يكونوا أقوياء ويعاونوها».

كتفاً إلى كتف، وقفت جميلة، إلى جانب جميلة فلسطين ليلى خالد، في هذا المكان المعبّر، بدعوة من عقيلة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وضمن جولة شملت إلى معتقل الخيام، مجمع نبيه بري لتأهيل المعوقين في الصرفند، وانتهت مكرّمة في دارة بري في المصيلح.

وقالت بري: «نحن أمام مناضلتين من الطراز الأول مثّلتا قوة ومهّدتا الطريق أمام الأجيال، نساءً ورجالاً، حتى نكون ما نحن عليه اليوم. نقول لهما: شرّفتما التاريخ العربي وخططتما بأحرف من ذهب تاريخنا ومستقبلنا، وسنكون أوفياء لتضحياتكما». بعدها انتقل الجميع إلى معتقل الخيام حيث قدّم أسرى محرّرون، شهادات عن التعذيب الذي تعرّضوا له. ورداً على سؤال، قالت بو حيرد: «أقف معكم الآن فوق هذه الأرض الطيبة لأطلب منكم أن تعتبرونني واحدة منكم، أي لبنانية، وأقول لأهل غزة وأنا على مقربة من فلسطين أتمنى لو أن لي أجنحة لأطير نحو غزة».

وفي دارة الرئيس بري في المصيلح، حيث أقامت السيدة بري مأدبة غداء تكريمية توجه الرئيس بري بكلمة لجميلة وأخبرها أنه «طردتُ 5 أيام من المدرسة، لأنني كنت متضامناً معك».

وفي اليوم الثاني لزيارتها التي تنتهي اليوم، وبعد تفقّدها ساحات المقاومة في بنت جبيل ومارون الرأس أمس، استنفدت جميلة بو حيرد دموعها على أكتاف ذوي شهداء مجزرة قانا الأولى، خلال زيارتها للبلدة. كما استنفدت الجميلة وقتاً إضافياً على برنامج استقبالها الذي نظمته لجنة تخليد شهداء المجزرة، عندما ارتمت في أحضان الأمهات والناجيات والأطفال كل على حدة وأفردت لهم الكثير من الدمع والحرقة التي كست الوجه الأبيض النقي، ما لامس القلوب، فتحولت الزيارة إلى لقاء مبلل بالدموع.

أما هي، ولأنه «لا كلام لي في حضرة الشهداء» فقد تركت الكلام للجزائرية نورا زراقط المتزوجة بلبناني لتتحدث «بلسان مقاومي الجزائر لأنها ابنة أول شهيد جزائري ضد الاحتلال الفرنسي قضى تحت التعذيب في معركة طورا».

---------------------------------------------------

وكتبت السفير:

يوم برفقة ثورة... اسمها جميلة بوحيرد

جنان جمعاوي

إرث يعود إلى ٥٣ عاماً، لم يحملها على التخلي عن صمتها. لطالما سئلت المناضلة جميلة بوحيرد عن الثورة الجزائرية. سئلت عن سنوات الحبس لدى المستعمر الفرنسي، سئلت عن صناعة المتفجرات في منزلها في حي القصبة في العاصمة الجزائرية. هي التزمت الصمت ولم تحد عنه. غياب ٤٧ عاماً عن الصحافة، كسرته غزة أمس الأول.

أرادت جميلة بوحيرد، من أرض الجنوب اللبناني أن توجه لغزة تحية. وكانت ترافقها المناضلة الفلسطينية ليلى خالد. في معتقل الخيام، وعلى طول الشريط الفاصل عن فلسطين، عند بوابة فاطمة كان لها جولة. هناك رددت جملة تقولها دوما: »ليت لي جناحان يحملانني إلى غزة، إلى فلسطين«. عدا ذلك، آثرت الصمت خلال الجولة. كانت منهمكة في كفكفة دموعها التي لم تهدأ. من دموعها استطاعت »السفير« أن تسرق من جميلة، التي يشي اسمها بداخلها كما بخارجها، جواباً.

قالت إنها »تبكي أمتنا«. فهل هي الأمة الشعبية المقاومة، أم جزء كبير من الأمة الحاكمة المذعِنة؟ أجابت »ألا تستحق كل هذه التضحيات في الجزائر ثم فلسطين فلبنان وأخيراً غزة.. دموعنا«. فهل تأسف هذه السيدة السبعينية الأنيقة برقتها، لما حدث للأمة من هوان؟ تجيب »آه طبعاً«، وكانت دموعها لا تزال تنهمر.. بصمت.

وهل تتمنى لو أن جميلة ـ ثورة السلاح، ولدت في هذا الزمن، تجيب »أنا ما زلت ثائرة. لأن على المرأة العربية أن تحمل في يدها اليمنى فأساً لتبني، وتذرف دمعة في عينها (علّها) تهز رجال الأمة«.

تهرّبت كثيراً.. وتحدّثت قليلاً. في حيلتها، قالت حيناً: »إنها لم تفعل شيئاً يستحق التكريم«، وقالت حيناً آخر »إنها لا تريد ان تأخذ زمنها وزمن غيرها«، وقالت أحياناً كثيرة »إنها لا تتكلّم العربية.. فهل تريدونني أن أتحدث بلغة المستعمر الذي حرمنا في طفولتنا من تعلّم لغتنا«. لم تقل أمس الأول ما قالته في حديث »خاطف« سابق انها »كانت آنذاك مشغولة بالنضال من أجل أن يتعلّم أبنائي العربية«، كما لم تقل إن المحتل الفرنسي كان يمارس على الجزائريين ما سمي بـ»حركة التجهيل المتعمدة«، التي أدّت الى وصول نسبة الأميين في الجزائر في العام ١٩٤٨ إلى أكثر من ٩٠ في المئة.

كثيرون سمعوا أن بذور النضال لدى جميلة بوحيرد وُلدت في طابور المدرسة، عندما كان أترابها يرددون »فرنسا أمنا«. هي كانت تقول »الجزائر أمنا«. أغضبت الناظر، أنزل بها عقاباً شديداً من دون أن يفلح.

ثمة من يروي أن البداية »أقدم من ذلك بكثير«. والد جميلة »ثائر« في الأصل. وأمها »أنّبتها«، عندما سمعتها تحفظ عن كتاب التاريخ عبارة تقول »أسلافنا هم الغال (الشعب الذي يتحدر منه الفرنسيون)«. صوّبت الوالدة معلومات الطفلة: »الجزائر وطنك، والعروبة هويتك، وأفريقيا جنتك التي يجب أن تعود كاملة لأصحابها الافريقيين«.

الفضل في مجيء جميلة بوحيرد إلى لبنان يعود إلى نورا بركان. »هي ابنة شهيد«، هكذا عرّفت عنها ابنتها سارة. سيدة جزائرية متزوجة من لبناني وتقيم في بلده. وهي صديقة جميلة. أما الزيارة فكانت، برمتها، برعاية زوجة رئيس مجلس النواب رنده بري.

اللحظة الأكثر تأثيراً في رحلة أمس الأول الجنوبية، كانت في معتقل الخيام. هناك، قالت جميلة بوحيرد »أشكر الله أني زرت هذه الأماكن لأنها أفضل من القصور«. لم تكن تلك العبارة أبلغ ما قالته. فقرب ما يسمى في الخيام بـ»القن«، وهو صندوق حديدي ارتفاعه لا يزيد عن المتر، فيما لا يتجاوز عمقه نصف المتر، وكان يستخدم كسجن انفرادي، يتموضع فيه السجين على شكل جنين فيما الجلادون يدقون الأبواب الحديدية من الخارج في مزيد من الغل. قرب باب القن، قالت جميلة بوحيرد »أنا كنت محظوظة أكثر. زنزانتي كانت أطول شوية«. لم يكن »المستعمر الفرنسي أكثر رحمة، لكن الوسائل تختلف... (على سبيل المثال) تركوا (المستعمرون) ابن عمي، وهو على مشارف الموت، فريسة للكلاب«.

بكل براءة قبّلت مقاوماً، كان قد اعتقل في الخيام. قالوا لها إنه حاج، أجابت بمزيد من البراءة »ما يجوز، إحنا في الجزائر نقبّل المناضلين«.

بعدها التقت رئيس مجلس النواب نبيه بري. في دارته اعتذرت لعدم إتقانها اللغة العربية. قالت إنها »مذهولة وفخورة لأنها تقف على أرض البطولة والعروبة«، التي اختارتها منبراً لتقول لأهل فلسطين وغزة »قاوموا وتحملوا لاإنسانية العدو، لأننا، قبل ٥٥ عاماً، استطعنا أن نذهل العالم.. عندما كنا نقوم بواجبنا«.

أحرجوها عندما استدعوها إلى منصة، في قاعة الرادار في المصيلح، لتلقي كلمة. استحت وهي ترفض، ثم أذعنت. وقالت باقتضاب »أنتم اولادي وأخوتي ما دمت حية«. أما الرئيس نبيه بري فخاطبها قائلاً: »انها احدى المرات النادرة ان يتشرف الجنوب بك وانت ايضا تتشرفين به، وهذه أول مرة أشعر ان هذا الجسر من التواصل بين الجزائر والجنوب ليس مجرد كلام«. وتابع ضاحكاً: »طردت خمسة أيام من المدرسة، من أجلك، لانني كنت متضامنا معك«.

ليلى خالد، في هذه الأثناء، كانت ثورة تنبض، قالت عند بوابة فاطمة إنها »عائدة إلى حيفا. لأن من حرر الجنوب قادر على تحرير كل فلسطين«.

[[[

أما أنا.. فربما كان يتعين عليّ انتظارها في لبنان، بعدما اخفقت في لقائها في الجزائر. انتقمتُ لإخفاقي هناك، زرتُ زنزانتها في سجن برباروس، على مشارف العاصمة الجزائرية.. حيث لم تفلح ثلاث سنوات من التعذيب، من انتزاع ثورتها. وحيث قالت لجلاديها: »أعرف أنكم ستحكمون علي بالإعدام. لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم لكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة«، لينقلوها لاحقاً إلى سجن ريمس، حيث قضت ثلاث سنوات في زنزانة حملت الرقم .٩٠

انتقمتُ وزرت مسقط رأسها في حي القصبة الفقير الغني بإرثه وأبنائه. هناك قبل ٧٤ عاماً وُلدت جميلة بوحيرد.. لتلتحق في شبابها، بعد عامين من بدء الثورة الجزائية (١٩٥٤ ـ ١٩٦٥) بصفوف الفدائيين. هناك كانت تملأ حقيبتها المدرسية بمتفجرات صُنعت في منزلها، الذي كان يضجّ باشقّاء سبعة والكثير من »الأحباء المناضلين«.

في أزقة القصبة، كان هناك عشرات »الجندرمة« (جنود الاحتلال الفرنسي). هي كانت تدرّب قدميها على حركات تعلّمتها في صفوف الرقص الكلاسيكي.. ظهرها مثقل بحقيبة يُفترض أنها مدرسـية. كانـت تلك حيـلتها في تهريب... الثورة.

----------------------------------------

وكتبت النهار:

الزهراني – مرجعيون:

حيت المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد الجنوبيين على صمودهم ضد اسرائيل وشددت على "روح المقاومة والممانعة. واتمنى لو لي اجنحة لأطير في اتجاه غزة".

جاء كلامها في زيارتها الاولى للجنوب امس تلبية لدعوة من نائبة رئيس الهيئة الوطنية للمرأة اللبنانية ورئيسة الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين السيدة رندة بري.

وزارت رئيس مجلس النواب نبيه بري في دارته في المصيلح. ولبت الدعوة ايضا عضو المكتب السياسي في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ليلى خالد.

الصرفند

المحطة الاولى لبوحيرد وخالد كانت في "مجمع نبيه بري لتأهيل المعوقين" في الصرفند (الزهراني) واستقبلتها بري والسيدة نورا زراقط والمفوض العام لـ"كشافة الرسالة الاسلامية" حسن حمدان والمشرفون على المجمع. وقدم طلاب من المجمع لوحة فنية جمعت اعلام الدول العربية تحت راية الوحدة والاخوة. وقدم اطفال معوقين باقات ورد عربون محبة لبوحيرد واستمعت الى معاناتهم ودور المجمع في تخفيف آلامهم.

وقدمت بري لبوحيرد وخالد درعاً تكريمية.

والقى الطالب نبيل زبيب كلمة حيا فيها "نضال المرأة العربية المقاومة في مواجهة المحتل اينما كان وكيفما كان".

ومن الصرفند توجهت بوحيرد وترافقها بري الى بوابة فاطمة في كفركلا مرجعيون. وكان في استقبال الوفد (النهار) رئيس بلدية كفركلا موسى الزين شيت ومجموعات من ابناء البلدة وسط انتشار للجيش والقوى الامنية واستنفار للقوات الاسرائيلية. وبعد كلمة لخالد عن "المقاومة ودورها أينما كانت "حيت" الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا اخيراً، ودعت الى "استمرار المقاومة".

اما بري فاعتبرت ان "الصوت يكون احيانا اقوى من الآلة العسكرية، لافتة الى ان "الاعلام كان دوما صوت الحق في مواجهة العدوان الاسرائيلي على مر التاريخ". وحيّت "المناضلتين العربيتين اللتين شكلتا قدوة للجميع"، وقالت ان "بوحيرد وخالد جاءتا الى هنا لتوجها رسالة وفا ء وعهد بأننا سنتابع ونستمر بمسيرة النضال والصمود أينما كنا وفي أي بقعة من الوطن العربي. لقد شرفتما التاريخ العربي وكتبتما بأحرف من ذهب تاريخنا المناضل ومستقبلنا. سنكون أوفياء لتضحياتكما ولتضحيات الشهداء في أي بلد تقدم العزة وتحفظ كرامة الانسان. وسنحاول دوما ان نطور جهادنا وصمودنا ليكون على مستوى تضحيات اهلنا في غزة". اضافت "اسمحوا لي أن أطلق من هذا الموقع المقدس إنسانياً ومن هذه البقعة التاريخية بالمعنى الحضاري والانساني، والتي خطت بدمائها وخطت بمعتقليها وأسراها وجرحاها وشهدائها وعائلاتهم تحية الى أسمى البطولات والتي علمت العالم دروساً لا تنسى (...)".

بوحيرد

والقت بوحيرد كلمة مقتضبة. ومازحت الاعلاميين قائلة: "انا خريجة فرنسا ولغتها".

وبكت وهي تتحدث قائلة: "على كل امرأة ان تحمل في يدها أداة بناء لتبني بها ودمعة في عينها من اجل الذكرى". ودعت "الرجال العرب الى الوقوف بجانب المرأة ودعمها في مسيرتها". ثم انتقل الجميع الى معتقل الخيام سابقاً وكان في استقبالهم السيدة سامية خليل عقيلة النائب علي حسن خليل على راس وفد من سيدات البلدة. وجلن في أقسام المعتقل.

واستمعت بوحيرد الى شهادات من اسرى محررين شرحوا لها اشكال التعذيب التي تعرضوا لها اثناء فترة اعتقالهم.

ورداً على سؤال علقت على ما يجري في غزة بالقول: "اقف معكم الآن على هذه الارض الطيبة لأقول لكم واطلب منكم ان تعتبروني واحدة منكم، اي لبنانية. واقول لأهل غزة وأنا على مقربة من فلسطين اتمنى لو أن لي اجنحة لأطير نحوكم".

في المصيلح

وبعد الظهر توجهت بوحيرد والوفد المرافق الى دارة بري في المصيلح حيث اقيم غداء على شرفها في حضور الرئيس بري والوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة. وارتجل بري كلمة جاء فيها: "انها احدى المرات النادرة التي يتشرف الجنوب بك وانت ايضا تتشرفين به. وللمرة الاولى اشعر ان هذا الجسر من التواصل بين الجزائر والجنوب ليس مجرد كلام".

واستذكر "كيف دربت الجزائر ضباطاً وكوادر لحركة "امل" وقدمت لهم المساعدات الصحية والطبية والتعليمية آنذاك". ومازح بوحيرد قائلا: "طردت خمسة ايام من المدرسة من اجلك لأنني كنت متضامناً معك".

وقدم اليها مجموعة كتب تضم كلمات له جمعت في اجزاء عدة، ودرعاً تذكاريا تحمل شعار افواج المقاومة اللبنانية "أمل". وقدم لخالد درعاً والمجموعة نفسها.

وردت بوحيرد بكلمة بالفرنسية عبرت فيها عن سعادتها بزيارة الجنوب ولقاء الرئيس بري، وقالت "ان المقاومة جمعت الجزائر ولبنان وغزة من اجل التحرير والنضال وتحقيق الحرية. واعرب عن فرحتي لوجودي اليوم في ارض العروبة والبطولة التي صنعت العزة والكرامة من الجنوب الى غزة (...)".

------------------------------------------------

وكتبت الأنوار:

جميلة بو حيرد وليلى خالد تفقدتا الجنوب وبوابة فاطمة

وبري اعتبر زيارتهما جسر تواصل وبادرة نادرة تشرّف لبنان

جميلة بو حيرد، إحدى علامات ثورة المليون شهيد في الجزائر، لبت أمس دعوة عقيلة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، السيدة رندة بري، لجولة في الجنوب رافقتها فيها زميلة في النضال هي ليلى خالد.

المحطة الاولى لبو حيرد كانت في مجمع نبيه بري لتأهيل المعوقين في الصرفند، حيث كان في استقبالها اضافة الى القيمين على المجمع المفوض العام لكشافة الرسالة الاسلامية حسن حمدان، وقدم طلاب المجمع لوحة تعبيرية جمعت اعلام الدول العربية تحت راية الوحدة والاخوة. وقدم اطفال معوقون باقات من الورد عربون محبة وتقدير للزيارة، حيث استمعت الى معاناتهم ودور المجمع في تخفيف آلامهم.

وقدمت السيدة بري للضيفتين دروعا تكريمية. وحيا باسم الطلاب الطالب نبيل زبيب نضال المرأة العربية المقاومة في مواجهة المحتل اينما كان وكيفما وجد.

عند بوابة فاطمة

وعند بوابة فاطمة حيث المحطة الثانية ألقت السيدة بري كلمة جاء فيها: اسمحوا لي ان أطلق من هذا الموقع المقدس انسانيا، ومن هذه البقعة التاريخية بالمعنى الحضاري والانساني، والتي خطت بدمائها وخطت بمعتقليها وأسراها وجرحاها وشهدائها وعوائلهم أسمى البطولات، والتي علمت العالم دروسا لا تنسى. يبدو لي من هنا ان الصوت كان أعلى من الآلة العسكرية وجميع وسائلها، وأوجه تحية واحترام وفخر امام الاعلاميين والاعلاميات والمؤسسات الاعلامية، والتي ساهمت منذ بدء الاعتداءات الاسرائيلية مرورا بشتى أنواع المجازر التي صمد أمامها أهل الجنوب ليقولوا لا للعدوان ونعم للسيادة والكرامة وحماية التراب. الامر الثاني هو ان وجودنا اليوم وجود طبيعي امام امرأتين مناضلتين من الطراز الاول شكلتا قوة ومهدتا الطريق امام الاجيال نساء ورجالا حتى نكون ما نحن عليه اليوم. هي دعوة من القلب، وهي استشراف وتجديد لاستشراف المراحل المستقبلية، جاءت السيدتان بوحيرد وخالد لتوجها من هنا رسالة وفاء وعهد ان نتابع مسيرة النضال والصمود اينما كنا وفي اي بقعة على الوطن العربي.

تابعت بري: ونقول لهن: انتن سيداتي شرفتن التاريخ العربي وخطيتن بأحرف من ذهب تاريخنا ومستقبلنا، وسنكون أوفياء لتضحياتكم في فلسطين والجزائر وللبنان وفي اي منطقة تدافع عن العزة والكرامة والانسان، سنحاول تطوير جهادنا بما يسمو ليكون على مستوى تضحيات شهداء غزة والجنوب وفي كل بقعة ينشر النضال نوره فيها.

ليلى خالد

اما المناضلة ليلى خالد فقد توجهت الى الجميع بالكلمة التالية: انا مصرة ان أعود الى حيفا رغم أني من صور من الجنوب، ولكن يجب العودة الى حيفا ومن حرر الجنوب يستطيع ان يكمل طريق التحرير، لذلك سوف نعود الى حيفا ومن غزة سوف نحرر عسقلان والنقب، ولن تخيفنا طائراتهم وصواريخهم. هذا الجنوب شاهد على التدمير، ولكن ماذا استطاعوا ان يدمروا فيه؟ البنى، نعم، انما الانسان فلا. فهم لا يستطيعون ان يدمروا ارادة الحياة، هم يصنعون الموت لكنهم لا يصنعون الحياة وأمامنا نموذج، نحن ناس نحب الحياة ونحب اطفالنا، وللذين خانتم ذاكرتهم: ان على هذه الارض حصلت مجازر كثيرة، وماذا كانت الحصيلة في النهاية؟ النظام العربي جاء بمعونات من اجل إعادة الإعمار وهذا ما يحصل في غزة اليوم، نحن لا نريد مساعدات فقط نحن نريد موقفا، لم يستطع العرب عقد قمة حتى لا يدينوا اسرائيل، ولا يقبلون بمعاقبة المجرم الا اننا على الرغم من الموت والدمار ما زلنا لهم بالمرصاد.

وقالت: ومن هنا، من ارض الحرية، نقول ان الانظمة العربية لا تستطيع ان تصدر إدانة واحدة لاسرائيل، لدينا أطفال ما زالوا صامدين، وشعب يقاوم ويحرر لن ينساه العدو الذي انسحب وعلى دباباته عبارة تقول ان جنودهم لن يعودوا ثانية، لانهم يخافون من الاجيال القادمة التي سوف تأخذنا الى فلسطين وسوف نكسر الحدود ونسترجع فلسطين.

من جهتها وفي كلمة مقتضبة رافقتها الدموع، دعت بوحيرد كل امرأة الى ان تحمل في يدها فأسا لتبني به، ودمعة في عينها للذكرى.

معتقل الخيام

بعدها انتقل الجميع الى معتقل الخيام برفقة عقيلة النائب علي حسن خليل، وكان في الاستقبال القيمون على المعتقل، حيث استمع الجميع الى شهادات حية من أسرى محررين شرحوا أشكال التعذيب الذي تعرضوا له على أيدي الاحتلال وعملائه.

وردا على سؤال، قالت المناضلة بو حيرد: اني أقف معكم الآن فوق هذه الارض الطيبة لأقول لكم واطلب منكم ان تعتبرونني واحدة منكم، اي لبنانية، وأقول لاهل غزة وانا على مقربة من فلسطين أتمنى لو ان لي أجنحة لأطير نحو غزة.

الرئيس بري

المحطة الرابعة كانت في دارة الرئيس نبيه بري في المصيلح، حيث أقامت السيدة بري مأدبة غداء تكريمية في حضور رئيس المجلس الذي توجه بكلمة عبر فيها عن فرحته بوجود المناضلة الجزائرية في الجنوب قائلا: انها احدى المرات النادرة ان يتشرف الجنوب بك وانت ايضا تتشرفين به، وهذه أول مرة أشعر ان هذا الجسر من التواصل بين الجزائر والجنوب ليس مجرد كلام.

واستذكر الرئيس بري كيف دربت الجزائر ضباط وكوادر حركة أمل، وقدمت لهم المساعدات الصحية والطبية والتعليمية. واستطرد ممازحا إياها: طردت خمسة أيام من المدرسة، من أجلك، لانني كنت متضامنا معك. ثم قدم لكل من المناضلتين مجموعة كتب تضم كلمات له جمعت في اجزاء عدة تحاكي النضال والمقاومة في لبنان، ودرع وشعار أفواج المقاومة اللبنانية -أمل.

وردت بو حيرد بكلمة باللغة الفرنسية أعربت فيها عن سعادتها بلقاء الرئيس بري وزيارة الجنوب، فقد جمعت المقاومة لبنان وغزة والجزائر بالتحرير والنضال من أجل الحرية. وأعربت عن فرحتها لوجودها على أرض العروبة والبطولة التي صنعت العزة والكرامة من الجنوب الى غزة، مؤكدة انها لم تتردد ولو للحظة في تلبية دعوة السيدة بري.

كذلك تحدثت خالد فشكرت السيدة بري على إعطائها الفرصة لزيارة جنوب لبنان، والنظر الى شمال فلسطين منه، لان فلسطين كلها هي ارض النضال والمقاومة كما الجنوب.

وقالت للرئيس بري: هناك خندق اسرائيلي - اميركي وأعوانهم من العرب، وخندق للمقاومة وجد في هذا المنزل، ونحن الآن فيه، ولا يوجد وسط بين هذين الخندقين، ونحن اخترنا عن وعي لنكون في خندق المقاومة لانه أقصر الطرق إلى الكرامة والحرية التي حمت كرامة العرب جميعا.

-------------------------------------

وكتبت المستقبل:

المناضلتان بو حيرد وخالد تجولان

في بوابة فاطمة ومعتقل الخيام

جالت المناضلتان الجزائرية والفلسطينية جميلة بو حيرد وليلى خالد ترافقهما رندة بري ووفداً نسائياً في بوابة فاطمة ومعتقل الخيام.

وكانت المحطة الأولى عند بوابة فاطمة، وكانت كلمات لبري وبو حيرد وخالد أكدن فيها حق الشعوب في مقاومة المحتل لتحرير الأرض، وضرورة دعم الشعب الفلسطيني في مواجهة العدو الإسرائيلي لتحرير الأرض وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ارضهم.

بعد ذلك إنتقلن الى معتقل الخيام، وجلن في أرجائه مطلعين على ما لحق به من تدمير جراء عدوان تموز، كما وإستمعن الى تفاصيل من أسرى عما كان يجري في هذا المعتقل من تعذيب أثناء الإحتلال.

ليلى خالد وجميلة بوحيرد امام قن التعذيب في معتقل الخيام
ليلى خالد وجميلة بوحيرد امام قن التعذيب في معتقل الخيام


جولة على الحدود مع رنده بري
جولة على الحدود مع رنده بري


تعليقات: