غبريال المر أثناء المؤتمر الصحافي
يسأل رجل الأمن على بوابة مبنى »ستوديو فيزيون« في النقاش، عن اسمك والمؤسسة التي تعمل فيها. يدلك إلى طريق تسلكها لتصل إلى قاعة الاستقبال الرئيسة. مباشرة أمامك، تختار مجموعة من الشبان »درباً« مختلفة، فهؤلاء موظفون هنا، اختاروا »التأكيس« طريقةً لدخولهم كـتأكيد على عودتهم إلى العمل في »أم تي في«. تمسح آلة بصماتهم. يُفتح الحاجز الزجاجي. يدخلون بضحكة منتصر، وعيونهم على أربع شاشات علقت في واجهة المدخل: اثنتين تحملان شعار »أم تي في«، ثالثة تنقل عن تلفزيون »الحرة« ورابعة عن »روتانا موسيقى«، قبل ان يقودك مصعد مكتظ إلى الطابق الثالث، حيث الحدث: الإعلان عن عودة »أم تي في« إلى الهواء مساء ٣١ آذار المقبل، بعد غياب قسري دام أكثر من سبع سنوات.
تركز الإضاءة القوية على »جمهور« يملأ المكان إلى آخره. تتحول القاعة إلى استوديو واسع »نجومه« النائب السابق غبريال المر وابنه رئيس مجلس إدراة القناة ميشال غبريال المر وعدد من أفراد العائلة، وزملاء سيتسلمون مفاصل حساسة في القناة كالزميلين وليد عبود وغياث يزبك، هذا إضافة إلى وجوه تعودنا رؤيتها قبل سبع سنوات على »أم. تي في«.
في واجهة القاعة التي غلب عليها الأسود، يضيء الشاشة العملاقة حرف »M« بالأزرق، فيه سماء صافية وبعض غيوم بيضاء، ليلتف حول خط أحمر طويل يلتقي مع كلمة »TV« بالأجنبية. هو »اللوغو« الذي عاد ليعلن عن نفسه من جديد، على لسان رئيس مجلس الإدراة الذي كرّس المؤتمر الصحافي لتوضيح الكثير من الكلام الذي رافق التحضير للانطلاقة، ولو ان كلمته كانت مقتضبة ودبلوماسية، وتركت المحاور »الشائكة« لأسئلة الصحافيين التي تولى المر الإجابة عنها على شكل »توضيحات« للزملاء أحياناً. وقد يكون أبرز ما جاء في كلامه التشديد على أن »أم تي في« ستكون »صوت الأكثرية الصامتة التي همشتها المعارك العنيفة بين الطوائف والمذاهب والغرائز، والتي لا تجد نفسها اليوم وسط الغبار الكثيف«، هذا إضافة إلى نفيه أن تكون »أم تي في« البديل الذي اختارته »القوات اللبنانية« كمنبر إعلامي بعد توتر علاقتها مع »أل بي سي«. وعن تمويل المحطة، أشار المر إلى أن القناة عائدة »بإمكاناتها وطاقاتها الذاتية وليس بتمويل من أحد، إنما بالمساهمين أنفسهم ومجلس الادارة نفسه، والإدرايين أنفسهم«، موضحاً انه من المخطط ان تكون العودة على مرحلتين: الأولى في ٣١ آذار والثانية في أواخر أيلول حين تتطور البرمجة. وبالطبع، شغلت مسألة إمساك عملاق الاعلانات أنطوان شويري بإعلانات المحطة حيزاً من الأسئلة أجاب عنه المر بالقول: »كل هذا الخلط بين هذا الموضوع والسياسة غير صحيح، وننظر إلى المسألة من الناحية التجارية، ومن يقدم لنا عرضاً أفضل نقبله«. وقد علمت »السفير« انه من بين الخيارات المطروحة في هذا الإطار استحداث قسم خاص بالإعلانات داخل القناة نفسها، على غرار ما فعلته قناة »أو تي في« مثلاً.
إلإذاعة عائدة
أمس إذاً، كانت بداية مرحلة جديدة بالنسبة إلى قناة أقفلت بتاريخ ٤ أيلول ٢٠٠٢ على خلفية معركة انتخابات المتن الفرعية الطاحنة. فكانت العودة بعد تعديل المادة ٦٨ المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس النواب والتي تحدد عقوبات الإعلان الانتخابي على الشاشات (انظر »صوت وصورة« يوم الجمعة المنصرم ٢٣ كانون الثاني).
لكن المرحلة الجديدة تحمل تحديات لا تقل صعوبة عن سابقاتها. وفي سؤال لـ»السفير« عن مدى إمكانية الابتعاد عن الاصطفافات خلال حملة الانتخابات النيابية المقبلة، خصوصاً أن »أم تي في« كانت تأخذ موقفاً واضحاً في محطات انتخابية سابقة أجاب: »الوضع مختلف اليوم، نحن لم نكن نأخذ موقفاً بل نعرض كل وجهات النظر، لقد ولّى زمن الوصاية السورية وتغير وضعنا وسنطبق رؤيتنا«. وتابع: »بصراحة كان هدفنا يومها أن نكسر جدار الخوف، واليوم هدفنا كسر جدار الصمت«.
أما بالنسبة إلى عودة إذاعة »جبل لبنان«، فقــال المــر انــها قيد الدرس وستكون في مرحلة مقبلة »لكننا نركز اليوم على »تقليعة« التلفزيون«.
وعما إذا كانت الخلافات داخل عائلة آل المر قد وجدت طريقها إلى الحلحلة قبل الانطلاقة الجديدة لـ»أم تي في«، أكد أن »أمور العائلة عادت إلى مجاريها«. فهل هذا يعني أننا سنرى الوزير السابق ميشال المر ضيفاً قريباً في »أم تي في«؟: »بالطبع والياس المر أيضاً، هما من عظام الرقبة والقناة مفتوحة للكل«.
توزيع مهام
بدا في المؤتمر الصحافي ان هناك نوعاً من توزيع المهام المدروس بعناية، فقد تولى كليب مصور شرح تاريخية قضية »أم تي في«، ما جنب المر الخوض مجدداً في محاور شائكة، وكان الكليب قد عاد ثمانية عشر عاماً إلى الوراء، ليسترجع أبرز المحطات في تاريخ القناة: الانطلاقة العام ١٩٩١ تحت شعار »السماء حدودنا«. بداية نشرة الأخبار والبرامج السـياسية العام ١٩٩٥ حيث »كانت رسالتنا الحرية، الحرية المطلــقة«. اخـتار الكليب من أرشيف القناة وجوهاً سياسية متــعددة الانتمــاءات ومن مختلف التوجهات، مشدداً على تهديدات وضغوطات حتى قبل تاريــخ ٢٠ تشرين الثاني موعد انطلاق »أم تي في« فضائيا. وكان التركيز كبيراً على أحداث٧ آب ٢٠٠١ »عندما كانت »أم تي في« الوحــيدة التي نقــلت صوراً لم يتجرأ أحد على نقلها، ومن خوفــهم من الحقــيقة صار الاقــفال هدفهم«، وبالطبع تناول انتخابات المتن الفرعية على انها مفصل بعده »عرفوا قوتنا وخافوا منا وما كان قدامهن إلا حل واحد، دولة »القانون والمؤسسات« سخرت القضاء لمصلحتها وسكرت المؤسسة الوحيدة التي نادت بالحرية«.
سينتظر الكل مساء ٣١ آذار، لكن قبل أواخر أيلول، أي موعد بدء المرحلة الثانية لانطلاقة القناة، سيكون المشاهد قد عاش مع القناة الانتخابات النيابية المحتدمة، وعندها فقط سيمكننا النظر إلى الوراء والجزم ان كنا سمعنا حقاً صوت »الأكثرية الصامتة«.
تعليقات: