الإعلام الألماني والصراع العربي الإسرائيلي...


قد لا يلام المقيمون العرب في ألمانيا إن يئسوا من قراءة مقالات الكتاب الألمان ومشاهدة تقاريرهم التي تتحدث عن الصراع العربي الإسرائيلي.

قد تظن أحياناً من قراءتك لعنوانٍ ما أنك ستنصف كعربي من خلال ما سيكتب، ولكن لن تمر أكثر من ١٠ ثوانٍ حتى يخيب أملك!

عنونت مثلاً إحدى المقالات التي تتحدث عن العدوان على غزة ب " الحساب اللاإنساني"، ثلاثة أسطر بعد هذا التعبير المفعم بأمل الإنصاف، يأتي تعبير"أيضاً مقاتلو حماس لا يلتزموا بقواعد قانون الحروب".

الألمان طبعاً هم أكثر من يمكن أن يجانب الحقيقة في نظرتهم إلى الصراع العربي الإسرائيلي بسبب ماضيهم الأسود مع اليهود بما فيه من ملابسات وشكوك، ولكن هذا لا يبرر أبداً ذلك الإنحياز المريض لآلة القتل الإسرائيلية.

ومع تتبعك للإعلام الألماني يمكن ملاحظة أمور عديدة في إطار البروباجندا التي يمارسها لصالح الكيان الصهيوني.

في الشكل، يتعمدون إظهار المقاوم العربي بشكلٍ فيه التباسٌ كبير .

ذلك المقاوم، الذي يجبر، بسبب إمكانيات تعرضه لإغتيال ما على أيدي عملاء، إلى التخفي بشكلٍ أو بآخر، فيعمد مثلاً إلى إخفاء وجهه أو ما شاكل، لأن لا أمل لديه أن يحميه أحدٌ من إسرائيل أو عملائها.

بينما يظهروا ذلك الجندي الإسرائيلي بزيه "العسكري الجميل" ويخفى عليهم أو يتخافى أن يذكروا أن هذا الجندي لا يوجد على وجه الكرة الأرضية من يمكن أن يتعرض له أو يحاسبه، حتى دولته، دولة الإرهاب، أعلنت حديثاً أنها ستحمي ضباطها وجنودها من أية مواجهة قضائية مع "محاكم العدل الدولية"، بما لدينا من تحفظ عليها.

في المضمون، يلجؤن عمداً إلى تسمية المقاوم إما بالمسلح أو بالإرهابي وفي أحسن الأحوال بالمقاتل (يقصدون طبعاً قاتل الأبرياء الإسرائيليين). فالمقاومة ضد إسرائيل لا تجوز ولا تستقيم لأن إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في المنطقة،طبعاً قد يأتون على ذكر لبنان في إطار تلك الديمقراطية التي يقصدوناها، إذا كانوا راضين عنه،بمعنى إذا لم يكن في صراع مع إسرائيل.

أي مقاومة ينعتونها بالحركة الراديكالية!

ترهقك تلك النعوت، وأنت تعلم مدى المبالغة والإفتراء فيها!!!

نعم،المقاومة في لبنان مثلاً راديكالية!!

ولكن في ماذا؟

في دفاعها عن شعبها؟

في رفضها للخضوع؟

في اصرارها على العيش بعزةٍ وكرامة؟

اعلامهم لا يعترف بكل تلك المفاهيم ،هم كأنهم مخدرون من كثرة ما تعاطوا هيرويين المحرقة اليهودية!!

بالمقابل، وللإنصاف، قد يصادفك في حياتك اليومية أناس لم يتأثروا بتلك الماكينة الإعلامية المروجة لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس.

طبيبي مثلاً، أسر لي، بصوتٍ منخفض، أنه لا يلوم الفلسطينيين، فلو قتلت إسرائيل إبناً له، لما تردد في حمل السلاح للدفاع عن نفسه وأهله!!!

صديق ألماني آخر، قال لي، يجب أن تتوقف إسرائيل أخيراً عن بناء المستوطنات ،يجب أن يدركوا أن هذه الأرض ليست لهم ليتمكنوا من العيش بسلامٍ في تلك البقعة من الأرض وإلا فليرحلوا!

ولكنهم، المتعاطفون مع قضايانا، قليلون إلى حد يجعلهم غير مؤثرين في سياسة بلادهم الخارجية، وأنا شخصياً لا أمل لي في أن يتحرك الشعب الألماني أو حتى مثقفوه في سبيل إنصاف الصراع العربي مع الكيان الصهيوني! فمن ناحيةٍ أولى، تهددهم تهمة اللاسامية، ومن ناحيةٍ ثانية،هم شعبٌ غارق في المادية والتطوير التكنولوجي بحيث أنهم بعيدون كل البعد عن قضايا العالم الإنسانية.

ولكن بالرغم من كل ذلك ،ترانا نردد دائماً على اسماعهم أنها مقاومة، وأن إسرائيل كيانٌ غاصب لأرضنا، وأن قادتها وجنودها ارهابيون وأن حرية وتحرير كل شعب محتل لم يتحققا عبر التاريخ إلا عن طريق المقاومة!!

انها البروباجندا المضادة التي نمارسها إظهاراً لحقنا المشروع في إستعادة تلك الأرض المقدسة!

وختاماً يسجل أيضاً أن هناك "عرباً" تأثروا، من متابعتهم للإعلام الغربي، بأفكاره فتراهم يرددون نفس عباراته ويتكلمون بلسانه!

لقد اصابتهم الهزيمة من الداخل، وعندما يهزم الإنسان من الداخل فلا سبيل لأن يعترف بأي نصرٍ مهما كانت درجة وضوحه!!!!

تعليقات: