طبيب هندي يعرض طريقة عمل يد اصطناعية

مركز نزع الألغام يوضح الالتباسات بشأن التمويل والخرائط والجمعيات..

أكثر من مئتين وستة وستين ألف لغم وقنبلة، جرى نزعها حتى منتصف كانون الثاني، وثلاثمئة وست عشرة ضحية سقطوا حتى بداية شباط في الجنوب بينهم أربعون شهيداً مدنياً وعسكرياً.

تلك ليست حصيلة حرب جديدة، ولا حرب تموز العام ٢٠٠٦، بل حصيلة الفترة التي تلت انتهاء حرب تموز. هل يمكن تصنيفها بالحرب المستمرة؟ نعم.

ومع ذلك، واجه لبنان صعوبة في إيجاد التمويل اللازم لاستكمال عملية نزع الألغام والقنابل التي خلفتها إسرائيل في حروبها المتتالية، وكادت الجمعيات التي تعمل في الجنوب أن توقف عملها، لولا موافقة الاتحاد الأوروبي مؤخراً على دفع تمويل قيمته سبعة ملايين يورو.

ولا توجد أي جهة دولية تضغط على إسرائيل من أجل تقديم الخرائط الخاصة بالألغام والقنابل العنقودية التي زرعتها في القرى، بين المنازل، كما في الحقول، ويبدو الطلب من إسرائيل بالتعويض على الضحايا، أمراً أقرب إلى الأحلام، مع العلم أن اتفاقية أوسلو الخاصة بحظر القنابل العنقودية تطالب بشكل واضح الجهات التي تزرع القنابل بالتعويض على الضحايا.

٤٠٪ من الخرائط غير صحيحة

منذ أن أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من بيروت، أنه طالب إسرائيل بخرائط الألغام والقنابل العنقودية، لم تتلق الحكومة اللبنانية أي معلومات عن الموضوع.

وأوضح المسؤول الإعلامي في »المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام« المقدم محمد الشيخ أن مطالبة لبنان بخرائط الألغام التي زرعها العدو الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية، مستمرة منذ الانسحاب الإسرائيلي في أيار العام ٢٠٠٠.

وعلى عكس ما هو معروف، أعلن الشيخ أن أربعين بالمئة من الخرائط التي استلمها الجيش اللبناني من إسرائيل عبر الأمم المتحدة، بعد العام ٢٠٠٠، تحتوي على معلومات خاطئة ومتكررة. وقد تم تسليم الخرائط على أربع دفعات، وما يزال »المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام« يطالب السفراء الأجانب والوفود الدولية بالضغط على إسرائيل للحصول على خرائط دقيقة.

كما أن إسرائيل لم تقدم أي معلومات حول المناطق التي قصفتها بالقنابل العنقودية خلال حرب تموز العام ٢٠٠٦، وتتزود فرق الهندسة التابعة للجيش اللبناني بالمعلومات من أهالي القرى والمناطق الملوثة بالعنقودي.

ويفسر ذلك عدم وجود تقدير فعلي للمساحات المزروعة بالقنابل، وعدد القنابل الموجودة فيها، والوقت اللازم للانتهاء من عمليات نزعها.

ويعرب الشيخ عن تشاؤمه في إمكانية الحصول على معلومات من إسرائيل حول القنابل العنقودية، لأنها »لم تعترف، ولن تعترف« بأنها قصفت قرى ومناطق مأهولة بالسكان بالقنابل العنقودية، الأمر الذي تحظره الاتفاقيات الدولية.

٧ ملايين يورو من الاتحاد الأوروبي

وكانت عمليات المنظمات الدولية المتخصصة بنزع الألغام والقنابل في الجنوب مهددة بالتوقف مع نهاية العام الماضي لنقص التمويل الخارجي. إلا أن ذلك لم يشمل عمليات التنقيب التي تقوم بها فرق الهندسة في الجيش اللبناني.

ويوضح الشيخ أن المركز اللبناني لنزع الألغام يتلقى تمويله من الحكومة اللبنانية وقيمته سنوياً ما يقارب الخمسة ملايين وخمسمئة ألف دولار. في المقابل لا يمول المركز أي جمعية من الجمعيات العاملة في مجال نزع الألغام والقنابل، وإنما يشرف على عملها، تقنياً ولوجستياً، وقد سعى بعد نفاد التمويل لدى الجمعيات، إلى إقناع ممثلين عن الاتحاد الأوروبي بتقديم مساعدات مالية، فتمت الموافقة مبدئياً على تقديم مبلغ سبعة ملايين يورو.

ومن المتوقع أن يكون ذلك المبلغ كافياً من أجل متابعة نزع الألغام والقنابل العنقودية المتبقية، في حال لم يتم اكتشاف حقول جديدة. ومازال التمويل ينتظر تصديق الاتحاد الأوروبي في أيلول المقبل، ومن ثم عقد اتفاقات مع الجمعيات التي تنوي متابعة عملها.

ويرد الشيخ مشكلة التمويل التي حصلت، إلى وجود دول أخرى في العالم تحتاج إلى عمليات نزع الألغام أبرزها العراق والأردن والسودان وأثيوبيا وأريتريا والصومال، وأخيراً جورجيا التي تضغط الولايات المتحدة بقوة في سبيل تمويل نزع الألغام فيها.

ويوضح أن ممثلي عدد من الدول التي مولت نزع الألغام والقنابل في لبنان تعتبر أنه سلك الطريق باتجاه استكمال العملية، لذلك لم يعد لبنان بحاجة ماسة للمساعدة، كما كان الوضع بعد انتهاء حرب تموز.

وقد أنهت الإمارات عقدها في نهاية العام ٢٠٠٧، بينما أنهت وحدة نزع الألغام التابعة للأمم المتحدة عقدها في العام ٢٠٠٢، أي بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان بعامين، والتنسيق الموجود حالياً هو مع كل كتيبة دولية عاملة في »اليونيفيل«، في نطاق انتشارها، بعدما أنشئت في الناقورة وحدة تنسيق بين المركز اللبناني لنزع الألغام وبين قوات »اليونيفيل« وبين فرق نزع الألغام التابعة للجمعيات.

وقد أدى تراجع التمويل إلى تناقص عدد الفرق العاملة في نزع الألغام، من مئة فرقة إلى ثلاثين فرقة حالياً، لذلك يوجد نقص في العدد أيضاً. ويشير الشيخ إلى وجود مفاوضات مع ممثلين عن المشروع الإيراني لإعادة الإعمار في لبنان، من أجل البحث في مبادرة إيران لاستقدام فرق لنزع الألغام والقنابل، وتمويلها.

٣٧٠ ألف لغم عند الحدود

واستناداً إلى إحصاءات المركز اللبناني لنزع الألغام، فقد جرى نزع ٢٦٦ ألفاً و٢٦٢ قنبلة ولغماً وصاروخاً وذخيرة، منذ ١٤ آب العام ٢٠٠٦ وحتى ١٥ كانون الثاني العام ٢٠٠٩، وشارك في نزعها ، بحسب قائمة المركز، بالإضافة إلى فوج الهندسة التابع للجيش اللبناني، كل من المجموعة الاستشارية للألغام »ماغ« والوكالة السويدية لخدمات الإنقاذ وشركة باكتك وجمعية المساعدات الشعبية النروجية وشركة آرمور غروب العاملة ضمن مشروع التضامن الإماراتي وهانديكاب انترناشيونال والفريق النيوزيلندي والمؤسسة السويسرية لنزع الألغام والجمعية الدانماركية. وشاركت أيضاً الكتائب التركية والصينية والفرنسية والايطالية والاسبانية والبلجيكية والايرلندية ـ الفنلندية العاملة في إطار قوت »اليونيفيل« في جنوب لبنان.

وقد باشر الجيش اللبناني عمليات نزع الالغام منذ انتهاء الحرب الأهلية في العام ١٩٩٠، ومرت العملية بثلاث مراحل، أولها مع انتهاء الحرب الاهلية، ثم بعد الانسحاب الاسرائيلي في العام ٢٠٠٠، والثالثة بعد عدوان تموز في العام ٢٠٠٦ .

وتبين نتيجة المسح تلوث ١٥٦ كيلومتراً مربعاً من الأراضي اللبنانية بالألغام زرع فيها ٥٥٠٠٠٠ لغم، موزعة على ٢٩٨٣ حقل ألغام، وما يقارب ٤٨ كيلومتراً مربعاً ملوثة بالقنابل العنقودية، موزعة على ١٠٥٨ بقعة.

وتبلغ نسبة المساحات التي زرعتها إسرائيل وحدها، بالألغام، خمسة وثمانين بالمئة من مجمل المساحات المزروعة، بالإضافة إلى قصفها جميع القنابل العنقودية.

وقد تمّ حتى الآن تنظيف ٩١ كيلومتراً من المساحات الملوثة بالألغام، أزيل منها ١٢٥ ألف لغم، والباقي ٧٤ كيلومتراً مربعاً يوجد فيها ٤٢٠ ألف لغم. بين تلك الألغام ٣٧٠ ألف لغم زرعتها إسرائيل عند الحدود، ولم يجر نزع سوى القليل منها.

أما بالنسبة إلى المناطق المزروعة بالقنابل العنقودية، فقد جرى نزع القنابل من مساحة ٣٥ كيلومتراً مربعاً، وبقي ما يقارب ١٢,٤ كيلومترا مربعا، تتركز في منطقتي النبطية وصور. ويؤكد الشيخ أن اسرائيل قصفت قنابل عنقودية وذخائر خلال حرب تموز يفترض إتلافها، وتلك القنابل والذخائر تصبح أشد خطورة، لأنه من الصعب معرفة كيف تعمل، وفي أي توقيت تنفجر.

وقد تم تقسيم المناطق الواجب تنظيفها، استناداً إلى ثلاث أفضليات: الأولى تشمل المناطق السكنية، الطرقات العامة، محيط المدارس ودور العبادة والمستشفيات.

الثانية: الاراضي الزراعية ويتم تنظيفها حسب المواسم، عادة قبل شهر من بدء الموسم.

الثالثة: الأحراج والوديان والجبال والمناطق غير المأهولة. وفي كافة الأحوال عند حدوث أي حادث في المنطقة الثانية والثالثة، تذهب الفرق مباشرة إلى المكان الذي حصل فيه الحادث لتنظيفه.

يستند التقسيم إلى قياس عالمي جرى وضعه في عملية تنظيف الالغام والقنابل. ويقول الشيخ إنه يوجد فارق بين طريقة نزع اللغم وبين طريقة نزع القنابل، لكن الأشخاص أنفسهم يقومون بالعمليتين، ويؤكد أنه من حق أي مواطن الشكوى والتذمر من عدم تنظيف حقله حتى الآن، فحقله بالنسبة إليه هو أهم مكان لديه، خاصة إذا كان زراعياً، لكن لا يمكن تنظيف كل الأماكن دفعة واحدة.

ويعمل المركز اللبناني لنزع الالغام على توثيق كل لغم أو قنبلة يجدها، في أي منطقة وفي أي مكان داخلها، وما إذا وجد على الأرض أم على شجرة، وتاريخ نزعها من أجل أن يكون لدى لبنان ملف كامل عن تلك القضية.