في أحد مختبرات المركز الرئيسي في بيروت
في أواخر عام 2008، زار لبنان وفد فرنسي لتقصي واقع مراكز CNAM في المناطق. المفاجأة كانت كبيرة لجهة غياب الشروط. أما التوصية، فهي حجب الشهادات الفرنسية وتكليف مجلس الإدارة إيجاد مخرج «لبناني» لمستقبل المراكز!
وُلد الكونسرفتوار الوطني للفنون والمهن (CNAM ـ باريس) بعد 5 سنوات من قيام الثورة الفرنسية لتأهيل الكوادر الذين يعملون في محيط صناعي ومهني، وإعطاء الطلاب الذين اضطروا إلى دخول سوق العمل فرصة إكمال دراستهم الأكاديمية. هذه هي فلسفة شبكة CNAM المنتشرة في 50 مدينة فرنسية و6 مستعمرات وجزر فرنسية، إضافةً إلى مركزي إسبانيا ولبنان. أما CNAM ـــ لبنان أو ما اصطُلح على تسميته معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية فأنشئ عام 1970 كمؤسسة يديرها مجلس إدارة تتمثّل فيه الجامعة اللبنانية، (CNAM ـــ باريس) والجمعية اللبنانية للتعليم العلمي والتقني والاقتصادي التي يرأسها النائب وليد جنبلاط. وقد استطاع المعهد طوال ثلاثة عقود المحافظة على مستوى الشهادة التي تشترط للحصول عليها الخضوع لثلاث سنوات من الخبرة المهنية.
لكن قرار التفريع «السياسي» كما تسميه الأوساط الطلابية خرق في رأيها فلسفة (CNAM ـــ باريس) وخصوصاً أنّ المراكز في المناطق تفتقر إلى المستلزمات الضرورية للتعليم الجامعي (مبنى، مختبرات، مكتبة...إلخ). كما ترى الأوساط أنه لا مبرر للمركز إذا لم يتوافر له المحيط الصناعي والمهني. وإذا كان الطلاب يُقرّون بأنّ أزمة المراكز فتحت باب النقاش بشأن تلبية حاجات المناطق للتعليم الجامعي، فإنّ ذلك ليس مهمة معهد العلوم التطبيقية الذي يواكب التنمية ولا يصنعها، كما قالوا. ثم إنّ هناك معايير أكاديمية موحّدة تفترض وضع دراسات علمية لواقع المناطق المعنية قبل الحديث عن أي فرع أو اختصاص، وهذا ما لم يحصل، على حد تعبير هذه الأوساط.
ومع ذلك فالمراكز أنشئت بعقود تعاون بين الجامعة اللبنانية و(CNAM ـــ باريس) ممثلاً برئيسته آنذاك لورانس باي جونني والجمعية اللبنانية للتعليم العلمي والتقني والاقتصادي، لكن، يبدو أنّه عندما وصل الأمر إلى إعطاء الشهادات غلّب الفرنسيون الخيار الأكاديمي المتمثل بالحفاظ على الشروط والآليات المؤسساتية لعمل ( CNAM ـــ باريس) على الموقف السياسي السابق الذي ينطلق من فكرة تعزيز الحضور الفرنكوفوني. من هنا كانت زيارة وفد (CNAM ـــ باريس) في أواخر عام 2008، إلى لبنان لتقصّي الحقائق. وتتحدث الأوساط الطالبية «عن صدمة أعضاء الوفد بالواقع السيّئ للمراكز، إذ لا تتجاوز نسبة الطلاب الذين يعملون 15%، ما جعل الفرنسيين يرفضون إعطاء شهادات فرنسية لطلاب المراكز، والاكتفاء بالحديث عن إيجاد حل (تسعة أشهر Stage) للطلاب الذين تسجلوا قبل عام 2007. وفي المقابل، كلّف الوفد مجلس الإدارة اللبناني إيجاد مخرج «لبناني» لمستقبل المراكز.
أما اللجنة الطالبية في المعهد (تضم الموالين والمعارضين) التي رفعت الصوت عالياً في أيار 2007 في وجه إنشاء الفروع بطريقة عشوائية ومتسرعة، فتؤكد اليوم أنّها ترفض حلولاً «عوجاء» تنعكس سلباً على سمعة المعهد الأكاديمية، وخصوصاً مستوى شهادة الهندسة فيه التي أثبتت جدارة حامليها في سوق العمل. وفيما تحمّل اللجنة مجلس إدارة المعهد مسؤولية المشكلة الحالية، تطالبه بإيجاد حل «غير سياسي» و«غير انتخابي» لأزمة الشهادة في المراكز. وترى اللجنة أنّ رهان البعض على ضغوط سياسية تجبر المعنيين في (CNAM ـــ باريس) على العودة عن قرارهم، تحت ذريعة أن الفرنسيين لن يتخلوا عن مراكز جامعية فرنكوفونية هو أشبه بالوهم، لأنّ مؤسسة CNAM في فرنسا تعدّ من أعمدة التعليم العالي، وبالتالي هناك آليات مؤسساتية وشهادة دولة (Diplôme d’état) لا تخضع لزواريب السياسة والمصالح الانتخابية.
لكن ماذا عن الطرح الذي يتبنّاه عضو مجلس الإدارة الدكتور وليد صافي وهو فكرة إعطاء شهادة «إجازة» (Licence) لبنانية من الجامعة اللبنانية ـــ معهد العلوم التطبيقية للطلاب الذين لا تتوافر لديهم شروط الخبرة المهنية لنيل شهادة CNAM الفرنسية؟
هو طرح سينعكس سلباً على المعهد، تقول الأوساط الطالبية، وسيخلق ارتباكاً لدى الطلاب مع وجود شهادتين بمنهجين مختلفين، إضافةً إلى أنه لا مبرر لمثل تلك الإجازة في اختصاصات (كإدارة الأعمال أو المعلوماتية أو الإلكترونيك...إلخ) موجودة في فروع كليات الجامعة اللبنانية (ككليّة العلوم أو إدارة الأعمال...إلخ)، ثم إنّ الكلفة الوسطية للأقساط في المعهد تبلغ أكثر من مليون ومئتي ألف ليرة لبنانية في العام، بينما رسم التسجيل في الجامعة اللبنانية هو 250 ألف ليرة فقط، إلّا أنّ صافي يوضح أنّ ميزة هذه الإجازة أنّها ستتضمن موادّ نظرية إضافية فيما «نحدد الخبرة المهنية حسب شروطنا». ومع ذلك يبقى الطرح، كما قال، خياراً سيعرضه مجلس الإدارة اللبناني في اجتماع يعقد مع الفرنسيين في الأسبوع الأول من آذار المقبل. وفي هذا الإطار، ينفي صافي أن يكون طرح سحب الشهادة الفرنسية وارداً، فالبعثة جاءت للتقويم وليس لديها صلاحية القرار. ويلفت «إلى أننا نعد ملفاً كاملاً عن المراكز ونسبة الطلاب الذين يعملون». ويراهن صافي في اجتماع باريس على مراعاة الظروف الاقتصادية اللبنانية لجهة قلة فرص العمل، مؤكداً «أنْ لا نية في التراجع عن تجربة المراكز». هنا تسأل الأوساط الطالبية: «لماذا ننشئ المراكز ثم نسعى لملائمتها حسب شروطنا؟». أما صافي، فيشدد على «أن الحل لن يكون سياسياً لأن السياسة لم تدخل المعهد قطّ». يوافق مدير الفرع الرئيسي للمعهد الدكتور الياس الهاشم على خيار إبقاء المراكز في المناطق، ويرى أنّها لا تحتاج إلى تجهيزات بالمعنى الصحيح لأنّ الطلاب يكتسبون خبراتهم العملية في المحيط الصناعي. لكن الطلاب يتحدثون عن اختصاصات تستوجب أعمالاً تطبيقية داخل المعهد.
ومن الصيغ المقترحة للحل الاكتفاء بالتعامل مع المراكز على اعتبارها فقط، أماكن تدريس للسنتين المنهجيّتين الأولى والثانية في الاختصاصات ذات الطابع النظري، على أن تجري مراقبة سير عملها بطريقة أكثر تشدّداً. إن هذا الطرح ينطلق من فكرة تحضير الطلاب من خلال دراسة اللغات (فرنسي و إنكليزي) وبعض المواد الأساسية لكي ينتقلوا للدراسة لاحقاً في المركز الرئيسي.
وبما أنّ نسبة الذين يعملون في اختصاصهم ضئيلة، تطرح اللجنة الطالبية استيعاب مراكز المعهد في المناطق من خلال توسعة تحقيق المشروع الموجود أصلاً لدى رئاسة الجامعة اللبنانية وتسريعه، لإنشاء فروع للمعهد الجامعي للتكنولوجيا (IUT-Institut Universitaire de Technologie)، الذي يعطي شهادات (DUT-Diplôme Universitaire de Technologie). مع العلم أن هذا الحل يستوجب هو أيضاً توافر مجموعة من الشروط (المبنى، المختبرات، إعادة هيكلة البرامج وشروط التدريس...إلخ)، لكن هذه الشهادة ستسهل للطلاب فرصة إيجاد عمل، فيما يمنحهم CNAM فرصة إكمال دراساتهم العليا، من هنا تدعو اللجنة مجلس الإدارة إلى فتح حوار حقيقي وشفاف مع طلاب المعهد، كي لا تأتي الحلول «مهرّبة» على حسابهم وحساب مستقبل المعهد.
إنقاذ سمعة المعهد وحقوق الطلاب
رافق القاضي حسن عواضة معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية (CNAM) منذ كان فكرة تلمع في خاطر الدكتور يوسف أبو نادر، الذي تولى إدارة المعهد مدى ثلاثة عقود، ويشغل منذ ذلك الحين عضوية مجلس الإدارة بصفته نائب رئيس الجمعية اللبنانية للتعليم العلمي والتقني والاقتصادي. يتذكّر عواضة كيف احتفظ المعهد، على مرّ تاريخه بسمعة أكاديمية يشهد لها المتخرّجون الذين تولّوا مراكز عالية في الجيش والمؤسسات الاقتصادية. ويؤكد «أننا في مجلس الإدارة سنتوافق على الحل الذي ينقذ هذه السمعة ويصون حقوق الطلاب. يوافق عواضة على معظم الطروحات التي يقدمها الطلاب باعتبار أنّ إنشاء المراكز يجب أن يقوم على دراسة وضع المنطقة المعنية وحاجتها إلى الاختصاصات الصناعية والمهنية. وإذا كان إلغاء المراكز صعباً في رأي عواضة أو «ربما، بعد الانتخابات»، يقول ممازحاً، إلّا أنّه يطرح إلغاء بعض الاختصاصات التي لا تتأمّن لها الشروط في الفروع.
«آخر العنقود» يتفوق على إخوته الأكبر سناً؟
بكفيا ـ رندلى جبور
استلزمت ولادة CNAM ـــــ بكفيا خمس سنوات من المفاوضات، وهو آخر العنقود لبنانياً. هذه السنوات صُرفت في البحث عن التمويل وترتيب المعاملات اللازمة في وزارة التربية والتعليم العالي حتى افتتح المركز الجديد في العام الدراسي 2007ـــــ 2008. أما الطريق إلى المال وإتمام المعاملات فقد جعلها «الجميّليون» سالكة. فالرئيس أمين الجميل، وفق ما يشرح مدير المركز الدكتور غابريال جلخ، أسهم في الضغط على البلديات للمساعدات المالية، فاستجابت كل من بكفيا وساقية المسك ـــــ بحرصاف وبيت شباب وضهر الصوان. وأتم الوزير والنائب الشهيد بيار الجميل المعاملات مع وزير التربية آنذاك خالد قباني. أما مؤسسته فتقدم مساعدات مادية للطلاب المتفوقين.
وبعد موافقة لبنانية مناطقية ورسمية، حصل CNAM ـــــ بكفيا على موافقة CNAM ـــــ باريس وفتح أبوابه منذ سنتين في ثانوية بكفيا التي تشاركه المبنى بعد الظهر، غرفاًَ ومكاتب ومعدات. وكان أول الغيث تسجيل 460 طالباً في العام الأول في أربعة اختصاصات هي إدارة الأعمال والحسابات المالية (finance)، والمعلوماتية وفحص النوعية (controle qualite). وأضيف في العام الدراسي 2008ـــــ2009، إذ تسجّل 719 طالباً في الفصل الأول، اختصاصا الهندسة المدنية وهندسة الميكانيك.
وبما أنّ CNAM هو معهد العلوم التطبيقية، فقد وُضع مركز بكفيا تحت رعاية سياسية لمجلس أمناء مؤلف من رئيس جمعية صناعيي المتن وأعضائها، إضافة إلى بعض المساهمين الماليين، ويرأسه فخرياً الرئيس أمين الجميل. ودور المجلس هو توجيه الإدارة وفق حاجات المؤسسات الصناعية في المنطقة.
لكن، إلى أي مدى يلتزم «آخر العنقود» بالشروط الفرنسية الثلاثة: حاجة المنطقة، مستوى الأساتذة بالشهادة والخبرة وتأهيل الطلاب علمياً وعملياً؟ يجيب جلخ عن الشرط الأول بغياب الجامعات في المناطق المتنية الجبلية، ما يؤكد حاجة المنطقة إلى CNAM، وخصوصاً أنّ قسطها مقبول مقارنة مع الجامعات الخاصة، وأنّ بكفيا هي جغرافياً خط جامع والمواصلات سهلة منه وإليه. أما الشرط الثاني، فيوضح أن عدداً كبيراً من أساتذة CNAM هم أيضاً أساتذة في كلية الهندسة ـــــ الفرع الثاني في الجامعة اللبنانية في رومية المشهود لها بالمستوى التعليمي العالي. أما بالنسبة إلى تطبيق الشرط الثالث، فلا يزال الحديث مبكراً بسبب صغر عمر المعهد. لكن هناك ثلاثة مختبرات معلوماتية باتت جاهزة. ويستخدم مختبر الكيمياء التابع للثانوية عند الضرورة. أما طلاب الهندسة فيتوجهون مرة في الأسبوع إلى كليتي الهندسة والعلوم ـــــ الفرع الثاني لاستخدام مختبراتهما.
ويعد جلخ بإنشاء مختبر في CNAM ـــــ بكفيا خلال هذه السنة، يُعنى بفحص النوعية كان قد طلبه الصناعيون، وهو غير موجود في أي مركز CNAM أو أي معهد وجامعة أخرى في لبنان، و«إذا توافرت الأموال وساعدَنا الصناعيون فسننشئ في السنة المقبلة مختبرات للهندسة تحتوي على المعدات المطلوبة توفيراً للوقت والتنقل وتطويراً للمعهد»، يقول. ويؤكد جلخ أن 75% من الطلاب يتدرجون أو يعملون في المؤسسات المحيطة بالمعهد.
ويعيد جلخ الخلاف بين CNAM ـــــ لبنان و CNAM ـــــ باريس إلى استياء إدارة العلاقات الخارجية في باريس من تزايد عدد الطلاب اللبنانيين الذي فاق حتى الجامعة الأم، ففرضت على الطلاب سنوات إضافية من الخبرة العملية في الاختصاص، ما يصعب على سوق العمل في لبنان توفيره. لكن «ما حدا فيه يسكّر شي، وخصوصاً أن كل مركز في لبنان يمثل تياراً سياسياً وإذا فرنسا لا تريدنا فبكفيا بتفتح مع الأميركان وسنقدّم الخدمة لطلابنا دوماً».
بات مركز المتن يفوق إخوته الأكبر سناً في التجهيزات والمشاريع ويحضن نحو 300 طالب من خارج المتن وأكثر من 400 من القرى المجاورة لبكفيا، يتنقلون بين قاعات CNAM الخاصة وغرف الثانوية ومختبرات الفروع العلمية الثانية للجامعة اللبنانية في انتظار أن يحقق مال الصناعيين والكتائبيين أحلام الإدارة والمدرسين.
ما قل ودل
اتخذ قرار التفريع في معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية (CNAM) في عام 2002 قبل أن تفتتح المراكز في المناطق تباعاً كالآتي: صور (2004 ـــ 2005)، طرابلس، بعقلين، وبعلبك (2005 ـــ 2006)، غزة (2006 ـــ 2007) وبكفيا (2007 ـــ 2008). وكانت هناك محاولة لفتح مركز في حاصبيا لم تبصر النور. يقدم المعهد فرصة الدراسة في اختصاصات المعلوماتية والإلكترونيك وإلكتروتكنيك والطاقة والميكانيك وإدارة الأعمال والإحصاء والهندسة المدنية في بعض المراكز
تخبط إداري في صور
صور ـ آمال خليل
لا يعلم أغلب طلاب مركز صور في معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية أنّ مدير الفرع الدكتور جهاد صعب قدم استقالته من الإدارة التي من المقرر أن تحال إلى مدير جديد خلال الشهر المقبل. هذا مثال عن الفوضى والضياع والتخبط الذي يعاني منه الطلاب كما يجمعون، منذ إطلاق التعاون بين معهد و cNAM ـ باريس خلال العام الدراسي الجامعي 2004 ـ 2005. وإذ يجمع الطلاب على عدم استغرابهم من حصول مشاكل بسبب حداثة التجربة «إلا أن أداء الإدارة يزيد من سوء الحال».
توضح الطالبة حنان صبراوي (سنة ثالثة إدارة) أنّ أكثر ما يعاني منه الطلاب هو الفوضى الإدارية إذ يتم اتخاذ قرار لاعتماد إحدى المواد أو إلغائها أو تعديل دوام الدراسة أو تحديد المدة اللازمة للخضوع للتدريب المهني في أيام معدودة. وتتذكر حنان أن الإدارة أصدرت قراراً قبل مدة تعلن فيه إلغاء مادة في اختصاص الإدارة والاقتصاد وإعفاء الطلاب منها «لكننا فوجئنا لاحقاً بأنها مطلوبة منا وشرط لتخرجنا».
وتطرح الطالبة رابعة سقلاوي مشكلة اللغة، ففي وقت سمحت إدارة المعهد باستقبال الطلاب الذين يعتمدون اللغة الإنكليزية. يعاني هؤلاء الأمرين بسبب اعتماد بعض الأساتذة على اللغة الفرنسية في التدريس وحسب، فضلاً عن أن أطروحة التخرج لا تقبل إلا بالفرنسية.
ولما كان من شروط دخول المعهد إبراز الطالب لإفادة تثبت بأنه يعمل في مؤسسة خاصة أو عامة أصبح التدريب العملي إلزامياً على الطلاب غير العاملين الذين تقع على عاتقهم مهمة البحث عن العمل. إلا أنه في بعض الأحيان، يبادر بعض الأساتذة إلى تأمين التواصل بين الطلاب وبعض أصحاب المؤسسات لإجراء التدريب.
وينتظر الطالب فريد حداد وصول شهادته المصدقة من وزير التربية الفرنسي بعد عرض ملف علاماته وأطروحته على لجنة خاصة، خلال أشهر، كما وعدوه، وعلمتّ «الأخبار» أنّ الجانب الفرنسي أعاد مجموعة من ملفات مركز صور لافتقارها إلى الشروط المهنية. وكان حداد حصل على إفادة تثبت إنجازه للدراسة المطلوبة في اختصاص المعلوماتية.
يؤكد الطلاب مستوى CNAM الأكاديمي العالي ونجاعة هدفه القائم على إعدادهم نظرياً وعملياً من خلال الجمع بين الدراسة والعمل، ما يؤهلهم للدخول مباشرة إلى سوق العمل. إلا أن الأزمة في صور تتمثل في غياب الإدارة، إذ إن المدير المستقيل الدكتور جهاد صعب يوجد في المعهد ليوم واحد في الأسبوع، فيما لا يستطيع الموظفون حل أو ربط أي شيء من دون علمه أو موافقته.
حياة جامعية مفقودة في طرابلس
طرابلس ـ إيلي حنا
يضمّ معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية في محلة أبي سمراء ـــــ قضاء طرابلس نحو 620 طالباً موزعين على ثلاثة اختصاصات، هي: إدارة الأعمال، معلوماتية وهندسة مدنية، يتشاركون طابقاً واحداً في مبنى تابع للمدرسة الكويتية.
لا يُخفي طلاب المعهد استياءهم من حجم المكان المخصّص لهم، إذ تجد الطالبة في السنة الأولى إدارة أعمال رندة عرب صعوبة في منح علامة فوق الصفر للمبنى وتجهيزاته، إذ تحلّ قطرات الماء ضيفة على رؤوس التلامذة في أيام الشتاء، مع تسجيل غياب وسائل التدفئة في حدّها الأدنى.
وما يزيد الطين بلّة، تخصيص الطابق الرابع والأخير من المبنى للمعهد، ما يجعل التلامذة يفكّرون مرتين قبل النزول أو الصعود رغم وجود مصعد كهربائي... «لكن للأساتذة فقط»، تقول الطالبة ريتا خواجة. تجزم خواجة بانعدام ما يسمّى «حياة جامعية طبيعية» بسبب غياب الفسحة المناسبة لذلك، ومنها النوادي الطلابية وأطرها، بينما قاعة المطالعة هي «غرفة بلا كتب».
تتفاوت آراء الطلاب بالنسبة إلى ضرورة تحصيل خبرة عمل لا تقلّ عن ثلاث سنوات هي ممرّ إجباريّ للحصول على الشهادة، فمنهم من يشعر بضغط كبير لجهة متابعة الشؤون الدراسية، ما لا يسمح بوقت للعمل لطالب السنة الأولى إدارة أعمال جاك مسلّم، بينما خالد حمزة، الذي أوشك على التخرّج، يعزو الأمر إلى صعوبة إيجاد فرص عمل ويُفضّل أن يقتصر الموضوع على المران والمراس لساعات محددّة. في المقابل، يجد إسماعيل محمد في الدوام المريح (من الثانية ظهراً حتى الثامنة ليلاً) فرصة للجميع في سبيل تحصيل الخبرة اللازمة في أوقات الفراغ.
اللغة الإنكليزية عائق أمام نيل الشهادة
البقاع الغربي ـ أسامة القادري
بعد ثلاث سنوات من افتتاح معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية في غزة ـــــ البقاع الغربي، بدأ الطلاب يتخوّفون من مشكلة الساعات التطبيقية لكونها أساسية في منحهم الشهادة الجامعية.
ويشرح الطلاب المشكلات العديدة التي تواجههم. ففي اختصاصَي إدارة الأعمال والهندسة الميكانيكية، لم يجد عدد كبير من الطلاب وظائف تساعدهم في الامتحانات النهائية والتي تحتسب لهم الساعات التطبيقية، لضعف سوق العمل في منطقة البقاع كما أكّد عدد منهم. واستطاع طالبان في اختصاص هندسة الميكانيك إيجاد وظيفة في بيروت لكن بصعوبة، ما يرتّب عليهما أكلافاً إضافية، فيما يعاني الطلاب الآخرون من الاختصاص نفسه من أنّ ساعاتهم التطبيقية توازي صفراً. لأنّه لا مجال للعمل في شركات حتى الساعة الثانية ظهراً، باعتبار أن الدوام الجامعي من الثانية ظهراً حتى السابعة مساءً.
ما يعانيه طلاب إدارة الأعمال والميكانيك لا يجده طلاب برمجة الكمبيوتر، لكن لا لأنّه لديهم فرص عمل في المنطقة، بل ما يعوض عليهم في احتساب الساعات التطبيقية هي المشاريع التي يتقدم بها الطلاب لشركات ومؤسسات اقتصادية. ويتم بعدها تقويم المشروع من جانب اللجنة الفاحصة في الجامعة ويحسب من عدد الساعات التطبيقية. ومن العوامل المساعدة لطلاب البرمجة أنّ مدة «لغة البرمجة» تحسب هي أيضاً من الساعات التطبيقية.
ويتفق الطلاب الذين تابعوا تعليمهم باللغة الإنكليزية أنهم فوجئوا بعد تسجيلهم أنّّه لا إمكانية لنيلهم الشهادة من دون خضوعهم لدورات فرنسية، وهذا ما زاد من تخوفهم لأنّه حسب قانون المعهد «الأسئلة والأجوبة تكون باللغة الفرنسية». ويلفت عدد من الطلاب إلى أنّ المبنى الجامعي المؤقت الذي تشغله CNAM لا توجد فيه المواصفات اللازمة لأي معهد تطبيقي، إذ لا وجود للمختبرات والمعامل ومراكز التطبيق، التي قد تعوّض على الطالب الذي لم يجد عملاً.
حملت «الأخبار» مشكلات الطلاب إلى مدير الجامعة الدكتور خالد الصميلي الذي أكد أنّه لا مشكلة في موضوع الساعات التطبيقية لأنّ الطالب يستطيع العمل في العديد من الشركات ومشاريع البلديات والبنوك. وأشار إلى أنّه لا وجود لمشكلات في منح الشهادة لأنّه معترف بها، ولن يعاني الطلاب أية مشكلة في هذا الأمر على الإطلاق، بل هذا «المعهد هو ثمرة تعاون لبناني فرنسي من أجل تحسين وضع العمل في لبنان».
تعليقات: