أحمد الأسعد (أرشيف)
في الانتخابات البلديّة الأخيرة عام 2004، خاض الرئيس نبيه برّي معركة حامية في البقاع والجنوب. اكتسحت لوائح حزب الله وحلفائه أغلب بلديّات البقاع، وهي لوائح كانت تحظى حينها بدعم السوريين، في أولى تداعيات إبعاد غازي كنعان لمصلحة رستم غزالي. في ذلك الوقت اتخذت قيادة الحزب الشيوعي قراراً بالتحالف مع حركة أمل في الجنوب، ولا سيما في منطقة صور «حتى لا يسيطر حزب الله عل الجنوب بأسره» حسب ما يقوله الأمين العام للحزب خالد حدادة. وعندما ناقش هذا الموضوع مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وأبلغه أن السبب الحقيقي هو الخوف من التشدّد الديني لحزب الله الذي كان لا يزال في مرحلة تصاعده، أجاب نصر الله (بحسب حدادة): «الله يطوّل طريق القدس». استطاع تحالف أمل ـــ الشيوعي الفوز بعددٍ لا بأس به من البلديّات.
وفي الانتخابات النيابيّة عام 2005، عقدت ماكينة الحزب الشيوعي اجتماعها الأول قبل 5 أيّام من الانتخابات، ووصلت صور مرشّحه أنور ياسين إلى القرى قبل يومين من الانتخابات، ومع ذلك استطاع ياسين الحصول على ما يُقارب 6 آلاف صوت في دائرة صور.
ما يفيده المثلان السابقان بسيط جداً: هناك نشاط خفيف في هذه الدائرة، بعكس ما يظن الكثيرون من خارجها.
فصور المدينة، منفتحة، لا يزال للإقطاع التقليدي وجود بسيط فيها، رغم أن بعضه متهم، عبر تأسيس ميليشيا لآل الخليل غداة اجتياح عام 1982، بالتنسيق مع الإسرائيليين. وصور المدينة، مساحة للحوار الثقافي النخبوي في ظلّ وجود العديد من المنتديات الثقافيّة، وهي منتديات يقترب بعضها من حزب الله وبعضها الآخر من 14 آذار. واستطاعت صور التحوّل إلى مدينة سياحيّة يجذب شاطئها هواة السباحة، وتجذب مهرجاناتها محبي الفنون، في ظلّ حركة ناشطة للقوّات الدوليّة، التي أحضر بعضهم عائلاته معه للإقامة في الجنوب.
إذاً هذه هي دائرة صور: منطقة ريفيّة تحاول الاقتراب من المدينيّة على المستوى الثقافي والاقتصادي، في ظلّ نشاط سياسي دائم. اليوم، تحوّلت هذه الدائرة إلى طموح للعديد من المرشحين. رياض الأسعد يسعى للترشّح فيها على أساس القدرة على استقطاب نسبة لا بأس بها من الأصوات الشيعيّة، رغم أن مقرّبين من رئيس لقاء الانتماء اللبناني أحمد الأسعد يسخرون من صاحب شركة الجنوب للإعمار رياض الأسعد، «لأن 80% من الناشطين معه انتسبوا إلى لقاء الانتماء».
بدوره يسعى أحمد الأسعد إلى تحقيق نتيجة طيّبة في هذه الدائرة. لن يترشّح في صور، بل في دائرة مرجعيون ـــــ حاصبيا. أمين سرّ لقاء الانتماء هو علي عيد، وهو الذي يحسده مقرّبون من الأسعد على علاقته القويّة «بزعيمهم» وتأثيره عليه. لكن أحمد الأسعد ليس واهماً بالقدرة على الفوز في صور، بل «نريد أن نحصل على نسبة 30 أو 40 في المئة من الأصوات، لنقول إن حزب الله وبقايا حركة أمل ليسوا الوحيدين الذين يمثّلون الشيعة» يقول القريب من الأسعد. رقم غير متواضع. لكن الرجل يقول إن هناك شبكة من التحالفات التي يجري الإعداد لها مع شخصيّات ذات وزن، «لكننا لا نريد الإعلان عنها اليوم حتى لا تحترق». ويُضيف كلاماً عن الضغوط التي يتعرّض لها أنصار الأسعد في القرى الجنوبيّة، من دون أن ينسى اتهام «الأخبار» بمحاربتهم «ولذلك أصدر الأستاذ أحمد تعميماً بمقاطعة الجريدة».
وانطلاقاً من هذه الطموحات يسعى الأسعد إلى شراء مستشفى في مدينة صور من لمساعدة أبناء المنطقة، «وسنفتتح بعض المصانع ونقدّم المنح للطلّاب الجامعيين، لكننا قد نؤجّل هذه الخدمات إلى ما بعد الانتخابات النيابيّة حتى لا نُتّهم بشراء الأصوات»، ويشير الأسعدي القديم إلى شراء مقرّ للتيّار في منطقة جلّ البحر في صور، وهو مركز من زهاء 40 تمّ شراؤها.
اللافت في حركة أحمد الأسعد في صور استعادته للعديد من «المفاتيح الانتخابيّة» الأسعديّة في القرى، وهذه المفاتيح استأنفت عادة قديمة هي فتح منازلها أمام الزوار. كذلك استعادت الحالة الأسعديّة جو العداء القديم مع الحالة الخليليّة في المنطقة.
أمّا أمل وحزب الله فإنهما يعملان بهدوء الواثق من قدرته على الفوز باللائحة كاملة، ويسخر ناشطون منهما من كميّة الأموال التي يدفعها الأسعد، (أصبح لديه 8 آلاف متفرّغ في البقاع و8 آلاف في الجنوب)، لأنهما يعتقدان أن أغلب من يقبض منه سيصوّت لهما. وفي الأخبار المروجة أن نائبين على الأقلّ من حزب الله سيتغيّران: حسن حبّ الله الذي سيخلفه مدير معهد العلوم الاجتماعيّة سابقاً الدكتور طلال عتريسي (وهناك حديث عن ترشيح مسؤول العلاقات الدوليّة في حزب الله نوّاف الموسوي، الذي قال في جلسة خاصة إنه لا يرغب أن يكون نائباً). كذلك هناك حديث في بلدة معركة عن أن الرئيس نبيه برّي طلب من رئيس بلديّتها حسن أسعد تحضير نفسه لخوض الانتخابات، وهو شقيق المرشّح لانتخابات 2005 محمود أسعد الذي قيل وقتها إنه قبض ثمن سحب ترشيحه. وهما شقيقا الشهيد محمد سعد الذي اغتالته إسرائيل غداة انسحابها من الجنوب عام 1985.
تعليقات: