صورة للخيام تحت القصف
بعد اسبوع من عودتي واولادى فى تموزالماضي لزيارة الأهل، بدات حرب الثلاثة وثلاثون يوما. دمر بيتى بالكامل، فى الايام الاولى، لم ابك ولم احزن لاننى مؤمنة ان هذة الحرب كانت لتقوم يوما ما مع اسرائيل وان بيتنا مهدد بالهدم منذ زمن من قبل اسرائيل. انا كنت اريد ان اواجة هذة الحرب يوما حتى ننتهى من هذا التهديد الجبان الذى يوجه لنا يومياً.
رغم الدمار اللئيم الذى حصل، احزننى فقط الارواح البريئة التى غُدِرت، اما استشهاد الابطال فكان بالنسبة لنا يوم عرس نزف الشهيد البطل بالدعاء والصلاة على روحة الطاهرة والزغاريد، لإيماننا بالشهادة.
بعدما توقفت الحرب عدت إلى لبنان مباشرة وانا مبتسمة واشعر بنشوة النصر والتحدي الذى رايناه من أبناء شعبنا وعدم اكتراثهم بخسائرهم، وعودتهم النشيطة الى العمل على إعادة أعمار ما تهدم بسرعة.
إلى ان هدأت امورنا بعد ايام واستقرينا فى منزلنا الجديد. فسالت زوجى عن اصدقائنا، الم يتصلوا بك خلال الحرب.
فاجاب بلا، إلى ان اتصلوا يوما بلهفة يتطمئنون عن احولنا واخبارنا وجاؤوا إلى زيارتنا، فمنذ ان فتحنا الباب ودخلوا وقبل جلوسهم على المقاعد بدأ زوجها بمحاسبتنا كيف ترضون بهذة الحرب كيف تتقبلون هدم بيتكم بدون غضب وكيف وكيف وكيف... وخلال حديثة كانت زوجتة تحاول ايقافة قائلة نحن لم نات إلى هنا للحديث بالسياسة، رغم ان زوجى كان يعارضه ويرد على كلامه وهو يقول انتم وانتم.
مع التلميح بطريقة ما ان افكارنا متخلفة وان العين لا تقوى على المخرز واننا نواجه عدوا جبارا ليس من قدرتنا مواجهته . وانا حزين عليكم لانكم مضللون.
كان يتصور انه يتكلم مع ابن منطقة فقيرة معدومة كما كانت فى السابق وأن المتعلمين فيها قلائل، ينظرون إلى العالم من وجة نظر واحدة متحجرة، تعود إلى ثأر قديم لنا لا نزال نمشي ورائه، ولا نفقة شيئاً غيره.
هو لا يعرف اننا من أصول فلاحية، نحن الفلاحون، الذين إذا روينا ارضنا نرويها بارواحنا التى تتغلغل داخل أ شجار اراضينا حتى تزهر ثمرا وفلاً وريحاناً تملئ الصدور بعبق الارض وزكى روائحها لتعود وتغذى ارواحنا من جديد.
هو لا يعرف ان الفلاح، عندما يزرع نبتة وتنبت جذورها بان هذة الجذور هى اقدام الفلاحين التى انغرست بالارض وتشعبت لأبد الآبدين حتى ولو تم قطعها فتعود وتزهر من جديد .
الفلاح الذى ينظرون له نظرة انسان وضيع، مهمش، لا يعرفون بان روحه هي الارض بوسعها من ترابها وسمائها وشمسها وهوائها .
الفلاح يجب ان يصنف الطبقة الاولى من كل الشعوب ومفخرة الاوطان لانة هو والتراب والسماء والريح لهذة الارض .
لقد نسى صديقنا ان هؤلاء الفلاحون قد تهجروا اكثر من مرة في السابق. هو ما زال يريد ان يقول ان هذا التهجير قد زادهم فقراً وتخلفاً هذا ما اراد ان يعرفه وتوقف عنده . لكنه لم يلحظ ان هذا الفلاح قد خرج إلى ابعد من حدود بلادة وانتشر فى الارض، تعارك مع الحياة عراك من نوع آخر، لتعود عليه بفائدة لم تكن بالحسبان، انتشر فى اميركا والبرازيل واقاصى افريقيا، واوروبا وحتى قارةاوستراليا ، اكتشف الحضارات الاخري وتعلم منها، عمل بكل المهن، جمع ثروتة تعلم وعلم ابنائة، عاد إلى ارضة الى جذور اقدامة التى مازالت متشعبة بالارض ليرويها مرة اخرى، لتزهر ثمرا جديدا حديثا وصلت رائحتة إلى ابعد من حدود بلاده... لم تعجب هذة الرائحة بلادا اخرى، صدمتهم هذة الرائحة الزكية الجديدة التى تشع منا، فعادت لتخطط لتعيدينا وإلى من اعتادوا ان يرونا بصورتنا القديمة، ولتغذى نظرة صديقنا الذي يريد ان لا يبصر غيرها، لم يعرف ان هذة الفئة كانت منذ ان هاجرت ولا زالت تجهز ابنائها الذين تعلموا وتثقفوا على فن القتال وروح الشهادة ليحافظوا على ارجلهم مغروسة بالارض.
ابناء الخيام في طليعة المدافععين عنها
أرضنا الطيبة والخصبة تزيد تعلقنا بالخيام
تعليقات: