خالد حدادة
هو الاجتماع الأول بين الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة وجنرال التيار الوطني الحرّ ميشال عون منذ تسوية الدوحة، في أيّار العام الماضي. في ذلك الوقت استاء الشيوعي من تسوية كرّست قانوناً انتخابياً رأى فيه عودة 40 سنة إلى الوراء وتكريساً للنظام الطائفي، رغم أن الحزب كان مع تخفيف الاحتقان في الشارع وعودة الهدوء الأمني.
لهذه الأسباب، ولأخرى تتعلّق بخطاب عون الذي استشعر فيه الشيوعيون توجهاً طائفياً، عُلِّق العمل بوثيقة التفاهم بين الطرفين التي وقّعت منذ نحو سنتين، وتوقّفت الزيارات السياسيّة المباشرة «رغم أن التواصل بين الفريقين لم ينقطع على مستوى الكوادر وتلبية الدعوات الرسميّة»، بمعنى أن ما حصل هو فتور في العلاقة وليس انقطاعاً.
ثم خرج حدادة، ليوجّه نقداً قاسياً للتيّار في لقاءات إعلاميّة وسياسية، وقال كلاماً واضحاً في جلسات خاصة، فحواه أن الحزب لا يُلام إذا خسر بعض مرشّحي التيّار بسبب عدم التوافق الانتخابي بين الطرفين.
منذ فترة، زار واحد من أهم مفاوضي الجنرال عون الوتوات (مقر الشيوعي) وبرفقته أحد مرشّحي التيّار في دائرة عاليه. وأمس زار حدادة الرابية ليُعلن بعد لقائه عون «إحياء الورقة المشتركة بين الوطني الحر والشيوعي، وعرضها على باقي الأطراف السياسية لتبنّيها، كي تمثّل الحد الأدنى من الاتفاق السياسي». وعلمت «الأخبار» أن الطرفين اتفقا على أن تعود اللجنة المشتركة إلى الاجتماع مجدداً، لبحث كيفيّة تمتين هذا التفاهم وترجمته. وتفيد المعلومات المتوافرة بأن الشيوعي بادر وطلب إحياء الورقة، على إيقاع حديث عون عن ضرورة التحوّل نحو دولة المواطنة بعدما أكّدت الدولة الطائفيّة فشلها، وتأييده النسبيّة. وأكد عون لحدادة أمس أنه «في حال فوز المعارضة بأكثريّة مجلس النواب، سيكون القانون النسبي أول ما يُقرّه مجلس النواب»، إذ يؤمن عون، بحسب مصدر شارك في اللقاء، بأن صحّة التمثيل الشعبي عامل ضروري لا يُمكن تحقيقه إلّا عبر قانون نسبي.
وأشار أحد الذين حضروا اللقاء إلى أن الفريقين معتادان الحديث بصراحة في ما بينهما، وقد «برزت تقاطعات مهمّة في القراءة السياسيّة للقضايا التي يواجهها لبنان، وحدّ مقبول من التقاطعات على المستويين الاقتصادي ـــ الاجتماعي ومحاربة الفساد».
أمّا على الصعيد الانتخابي، فقد خرج حدادة ليقول: «اتفقنا على متابعة البحث لتحديد أفضل الشروط لتأليف لوائح قادرة ديموقراطياً على تمثيل أطراف المعارضة كلها على تنوعها وعلى مختلف اتجاهاتها السياسية والفكرية، لنواجه السائد اليوم عبر ما يسمى الأكثرية المتكلة على الدعم السياسي الأميركي والخارجي».
فما سبب «السرور» الذي بدا على حدادة؟ يقول مطّلعون على أجواء النقاش الذي دار، إن الشيوعي كرّر أمام عون رؤيته لوجود معارضات داخل المعارضة، وفكرته القائلة أن تُكلّف المعارضة إحدى شركات الإحصاء تحديد حجم الحصص لكلّ فريق داخل المعارضة. ونقل هؤلاء أن عون منفتح على نقاش جدي في موضوع تأليف اللوائح، وخصوصاً أن عون، بحسب المصادر ذاتها، لم يصل إلى قرار نهائي في ما يخص مرشحي تيّاره. إذاً، بدأ الحوار الانتخابي بين الشيوعي وعون تمهيداً لتعميمه على القوى المعارضة. كذلك قال حدادة لعون، إن الشيوعيين ينظرون إلى الانتخابات برؤية وطنيّة شاملة، لا من زاوية هذا القضاء أو ذاك. وأشار أحد المسؤولين في الشيوعي إلى أن الحزب يُبلغ المعنيين في المعارضة أنها إذا كانت ترى أن هناك ضرورة للفوز بالأكثريّة النيابيّة، فإن الحزب الشيوعي ضروري لهذا الموضوع، وهو مستعد، لكن مع الحفاظ على الحدّ الأدنى من حقوقه.
وقال مقرّبون من عون، إن التيّار الوطني الحرّ يتفهّم موقف الشيوعي من اتفاق الدوحة، ويرغب جدياً بإنضاج تسوية انتخابيّة بين الطرفين.
وفي السياق الانتخابي، يعقد الأمين العام للحزب الشيوعي السابق، المحامي فاروق دحروج، مؤتمراً صحافياً يعلن ترشيحاً منفرداً في دائرة البقاع الغربي، مع إمكان تأليف لائحة ثالثة في وجه لائحة الأقليّة النيابيّة «التي كُلِّف الوزير السابق عبد الرحيم مراد تأليفها»، ولائحة فريق الرابع عشر من آذار. ويلفت شيوعيون مطّلعون على الوضع الانتخابي في البقاع الغربي، إلى أن الحزب منفتح على التحالف مع الأقليّة النيابيّة، ويؤكدون أن التواصل بين دحروج ومراد منقطع.
وفيما لا تنفي مصادر الحزب في البقاع الغربي إمكان تأليف دحروج قائمة تضم مرشحين يعتقد البعض أنهم قريبون من 14 آذار، تؤكد هذه المصادر عدم التحالف مع فريق الأكثرية.
تعليقات: