الأم المربية... خير صديقة لابنتها

العلاقة بين الأم وابنتها تصلح لتكون نموذجا مثاليا
العلاقة بين الأم وابنتها تصلح لتكون نموذجا مثاليا


الأم هــي الــكــتــف التي تبكي عليه ابنتها، ان دخلت أو خرجت من علاقة عــاطــفــيــة، أو واجهتها مــصــاعــب فــي عملها أو دراستها، فالأم دائما ما تكون حاضرة لمساعدة طفلتها، فهي أيضا مرّت بما تمرّ به فتاتها.

كثيرة هي العوامل المسببة بالحزن للفتاة، ورقيقة هي الفتاة حين تــكــون فــي مطلع عمرها، حــيــث تستعد كــل ا لمقو ما ت البدنية والــفــكــريــة والنفسية لــلانــطــلاق فــي معترك الحياة.

وغالبا ما تكون الفتاة تحيا في أجواﺀ مرسومة بدقة في أحلامها، فهي عاطفية والعاطفة احساس مقدس.

وهي جزﺀ هام من مرحلة ما قــبــل الأمــومــة، ويــتــفــاعــل حتى صيرورتها أماً. في تلك المرحلة الصعبة على الصعد كــافــة، لا تلجأ الفتاة سوى الى أمها، التي تشعر بحسها الأمــومــي، أن ما عرفته فــي صــبــاهــا، ستعيشه ابنتها الآن.

الـــقـــصـــة ذاتــــهــــا فــــي كــل جــيــل، وكـــل مــرحــلــة، مــع بعض "الديكورات" والأجواﺀ الملائمة.

تشعر الفتاة بنقص ما في الأمور اليومية، وتُترجم هذا الشعور الى حزن وغم شديدين، وحين تعود الى المنزل، تلقي بثقلها على والدتها، وقبل أن تعرف أمــهــا أي، شـــيﺀ تــكــون الفتاة قد استنفدت كل طاقتها في البكاﺀ والحزن. لكنه حق مشروع لــهــا، فــكــيــف يُــمــكــن للعاطفة الأنثوية أن تبرز لتكمل المسيرة الــتــاريــخــيــة، مــا لــم تمر بهكذا ظروف؟ لكن ما ان يُفتح الباب، وتــدخــل الــغــرفــة مــن بوسعها اسداﺀ النصح بتأن ومحبة، حتى يتغيّر الجو.

فـــالأم بــاتــت فــي صــلــب أزمــة ابنتها، ووحدها الصديقة الحنون لها في وقت الضيق.

تــنــحــنــي الأم بــعــطــف على طفلتها، وهــي تتذ كر ا لفتا ة التي كانت تلهو في صدر البيت، وتــلــعــب بــدمــى زهــريــة الــلــون، وتعصي أمرا وتنفّذ آخر. تتذكر الــســاحــات حــيــث كــانــت تــأخــذ فلذة كبدها لتلعب مع أقرانها أو تشاهد الألعاب النارية تلمع في، السماﺀ وهي تتشبث برداﺀ أمــهــا. نعم إن الأم حين تنظر الى ابنتها، لا تفكر بغير هذه الطريقة.

وكل أم تغمر ابنتها بحسب رؤيتها لها كطفلة، أكــثــر من رؤيتها كفتاة تتلمّس الطريق نــحــو الــحــيــاة بــحــلــوهــا ومــرّهــا.

العلاقة بين الأم وابنتها تصلح لتكون نموذجا مثاليا، عن مفهوم الصداقة.

اذا ما أخذنا العلاقة بين الأب وابنه من جهة، والعلاقة بين الأم وابنتها من جهة أخرى، لوجدنا الكثير من الفوارق.

الأب وابنه يحملان طابعا أقرب الى طابع بسط سيطرة ذكوري، حيث يحصل التصادم الفكري وصراع أجيال بين الوالد وابنه، وليس بالضرورة أن يتخذ هذا الصراع طابعا عنيفا.

أما بين الأم وابنتها، فإن الأمر يتخطى هـــذه الــفــروقــات، في اتجاه علاقة نبيلة، تبدو فيها الأم وكأنها تحيا كل لحظة مع ابنتها.

نادرا ما تكون العلاقة محطمة بين الأم ووالدتها، وفـــي حـــال كــانــت هكذا فتكون لأسباب خارجة عن السيطرة، كاليتم، أو مرض أو غــيــره. لكن أي علاقة ملتبسة بين الأم وابنتها، فسوف تجرّ وبنسبة عالية، الى تفكك البنية النفسية لــلــفــتــاة مـــا يـــؤثـــر على مستقبلها. من هنا فإن على كل أم أن تعرف كيف تحاكي ابنتها، وتعرف كيفية مراعاة شعورها، لأن الأم وحدها الصديقة الحقيقية لابنتها.

ولو لم تتلمس لمس اليد لما حصل أو يحصل للفتاة.

بالتالي فإن الأم تحزن لحزن ابنتها وتفرح لفرحها، وكأن الأمر يحصل معها بالذات.

تكون للفتاة اجمالا رفيقات، يتعا يشن معها فــي ا لمهنة والمجتمع والـــدراســـة، لكنهن لسن كــالأم، فمهما تبلغ درجة الصداقة بين فتاة ورفيقاتها، إلا أن كلمة "ولكن"، تبقى دائما محطة في حياتهن اليومية. إنما مع الأم لا مجال للتردد، بل نزال مستميت فــي سبيل تحقيق مرامي فتاتها.

وصـــراع وجـــودي تــرســخ فيه الأم مفهوم الأمومة في خطوة الــمــراهــقــة، بعد أن سكبت من روحها فترة الطفولة.

خصوصا وأن الأم تــدرك بأن هذه المرحلة، مرحلة البلوغ، هي أقسى مرحلة تعيشها الفتاة، على ان تليها في ما بعد، مرحلة الــزواج وتبدأ الأم رحلة جديدة، عــلــى د ر ب تعليم ا بنتها كل تــجــارب الحياة التي مــرت بها، وتساندها في لحظات الضعف وتــســرّ فــي قلبها فــي لحظات القوة.

مثل يُــراد به ترسيخ مبدأ العلاقة الحميمة بين الأم وابنتها، حيث ان الأب حين يرى ابنته تتصرف بطريقة تشبه تـــصـــرفـــات والـــدتـــهـــا، فسرعان مــا يقول "طب الجرة ع تما بتطلع البنت لإما". على أن هذا المثل هو حقيقة لا غبار عليها، فكثيرا ما تقوم الفتاة وبــصــورة عفوية بتكرار كــلــمــات أو ســلــوكــيــات والدتها. هذا الأمر يصبح محط انتباه الأب وفي ما بعد الصهر.

الجميل في علاقة الصداقة بين الأم وابنتها، أن الأم تتلقى كل "فشات الخلق" من ابنتها، بصورة واعية وحذقة.

وهنيئا للفتاة التي لا تحسب أمها، كل الأخطاﺀ التي تُرتكب بحقها، فهي عالمة بأن فورات الغضب من الفتاة، إنما هي جزﺀ هام من تكوينها الفيزيولوجي والــذهــنــي، وبــالــتــالــي فــإن الأم ليست بــوارد القيام بــأي ردود فعل، او تُحمّل ابنتها عواقب ما.

وهنيئا للفتاة بهكذا أم، لأنها وحين تدرك ما قامت به، فإنها ستندم، ولكن عزاﺀ ها الوحيد، يكون حين تــردد الوالدة "يوما مــا ستصبحين أمّـــا، وحفيدتي ستفعل الأمــر عينه بــكِ، فهذه سنّة ا لطبيعة". نعم إ ن سنّة الطبيعة هي... أم أيضا.

الأم خير صديقة
الأم خير صديقة


تعليقات: