سهل مرجعيون ــ
عادت الزراعات القديمة لتحتل مكانتها مجدداً في قرى الجنوب، بعد غياب طويل سببه الاحتلال الإسرائيلي من جهة، والمشاريع الزراعية البديلة التي غزت المنطقة بعد التحرير في عام 2000 من جهة ثانية. وقد طغت تلك الأخيرة، القائمة على الفاكهة والخضار، بفعل المساعدات وبرامج القروض الميسّرة التي قدمتها مجموعة من الجمعيات إلى المزارعين، بهدف تفعيل عملهم آنذاك، إضافة إلى استقطابها عشرات المستثمرين الذين أقاموا مشاريع زراعية.
شهدت السنوات الماضية احتلال تلك الزراعات مساحات واسعة من الأراضي في سهل مرجعيون ومنطقة الوزاني، وصولاً حتى أسفل مرتفعات العرقوب، وخصوصاً أنها استطاعت توفير إنتاج مميّز كانت له مكانته في السوق اللبنانية، في ظلّ الكساد وتدنّي أسعار منتجات زراعات كانت تعدّ «تقليدية» في الجنوب، كالحبوب. لكن مع مرور الوقت، كسدت هذه الزراعات بدورها، فيما ارتفعت أسعار عدد من المنتجات الزراعية القديمة، ولا سيما التبن، الذي يشهد ارتفاعاً ملحوظاً في الطلب عليه، بحسب ما يؤكد عدد من المزارعين، مضيفين ممازحين: «صار سعر قنطار التبن أغلى من ثمن حمار في سوق الخان».
يقول المزارع محمد إبراهيم العبد الله (75 عاماً) من بلدة الخيام إنه زرع غالبية سهله هذا العام بالقمح بعكس السنوات الماضية. ويعيد السبب إلى الصعوبات التي واجهها في تصريف مزروعاته من الخضار في السنوات القليلة الماضية. ويوضح: «هذا النوع من الزراعة كان سائداً في ما مضى لسهولة التعاطي معه بعكس الزراعات المعتمدة حديثاً والتي تقوم في غالبيتها على الأسمدة الكيماوية والبيوت البلاستيكية وبالتالي فهي مكلفة وتحتاج إلى عناية ومراقبة». ويشير إلى أن زراعة الحبوب عادت لتحتل مكانتها «بسبب ازدياد الطلب على مادة القمح البلدي، كما أن التبن بات عملة نادرة وارتفع الطلب عليه في العام الماضي بسبب تصديره الى الخارج بعكس الخضار التي تخضع لمزاج التاجر». هذا الأمر دفع بالعديد من المزارعين إلى تغيير وجهة زراعاتهم لعلّهم يجنون أرباحاً بعكس الزراعات الأخرى.
بدوره يرى المزارع غازي الزهران، من مزرعة وادي خنسا، أن زراعة الحبوب لا تقل شأناً عن غيرها من الزراعات الأخرى. ويعزو أسباب غيابها في السنوات الأخيرة إلى تخوّف المزارعين من نشوب حرائق نتيجة الاعتداءات. هذا ما حصل فعلاً خلال عدوان تموز عام 2006، إذ تلفت أطنان من القمح والتبن دون التعويض على أصحابها. يقول: «يحتاج القطاع الزراعي عموماً إلى دعم وخصوصاً في المناطق الحدودية»، مشيراً إلى خسائر تعرّض لها المزارعون «بسبب غياب روزنامة زراعية تحدّد إنتاج المزارعين وتنظمه وتحميه من المزاحمة الأجنبية».
تعليقات: