غياب جوزف سماحة.. إدمان خطّه الأحمر

كنت أستيقظ كل يوم، وأطلع على الصحف الأجنبية والإسرائيلية، وأقرأ الخطّ الأحمر بقلم جوزف سماحة لأجد في مقاله وحده إحاطة شاملة بكّل ما قرأت، وتحليلاً مع إعطاء البعد والأفق العربيين، واستخلاص ما يجب أن يكون عليه الموقف اليوم وغداً حيال ما يحاك وما يخطط وما يُعد لهذه الأمة من مطبّات.

وبعد إدمان خطه الأحمر، لم أعد أحتاج لأن أعود إلى أي جريدة عربية أخرى، فلديه المعلومة والعمق والتحليل والانتماء والإيمان بالقدر العربي المشترك. وقد نصحت الرفاق والزملاء والأصدقاء المنهمكين في عملهم بأنهم يمكن ان يعتمدوا على «الأخبار» وحدها من أجل الخبر، وعلى جوزف سماحة وحده من أجل التحليل.

لقد مثّل جوزف سماحة مرجعية سياسية وفكرية وقومية، بدأت تضيء الدرب للكثيرين، من المغرب إلى العراق، في زمن ظلمة فكرية حالكة، وبدأت تستنهض الهمم وتثبّت قلوب المؤمنين بالأوطان في زمن أخذ فيه المشككون والمتواطئون يتجرأون على المناضلين الشرفاء. ولكن كأنه في زمن التخاذل، يجب أن يُمتحن المؤمنون بأوطانهم كلّ يوم، وليس أشدّ من امتحان فقدان صوت وضمير ووجدان يمثل النقاء العروبي، وشرف الانتماء، وعمق المعرفة وصلابة الموقف.

إن كان لنا أن نتمسك بحبال الضوء التي كان يطالعنا بها جوزف كلّ صباح، فعلينا أن نبدأ مؤسسة جوزف سماحة للانتماء القومي، وأن تكون «الأخبار» صوتها، وأن تكون لها شاشتها وباحثوها، لتستكمل المرجعية العربية القومية، التي قضى عمره يؤسس لها بفكره وكتابته، وأن يكون إيمانه بعروبة هذه الأمة ومستقبلها النبراس الذي نهتدي بهديه جميعاً.

إن خسارتنا الفادحة لجوزف ترتب علينا أعباءً جسيمة كل يقوم بها بمفرده، وتشكل تحدياً لنا جميعاً كي نبرهن بعد حين أن هذه الأمة تستحق الثقة التي أنارت طريق جوزف سماحة وطريق الشهداء والصامدين والمقاومين في صنفه الأغرّ.

تعليقات: