أحمد يحب الفراشات والعصافير،يحب الربيع والورد والزهر والشجر، يحب الصيف
والبحرو يحب الخيام حباً عظيماً ،يعشقها ولكل أصدقائه ومعارفه أمكنة في القلب
مقدسة.
لم يحتمل قلب أحمد كل هذا الحب، فبدأت الرئة الأولى بالذبول لتتبعها الثانية.
وضعفت حركة القلب لتخف حركة أحمد، ويتباطأ مشيه. ولكن الحب الذي فيه كان يشعره
ان لا شيءيمنعه عن بيته، عن أهله، عن الخيام، وعن كل امكنة الحنين حيث وطأت
قدماه مرة، او حيث شردت عيناه.
قال له الاطباء وهو الموجود في اميركا: كيف ستصل لبنان، وانت أعجز عن
اجتيازحديقة بيتك؟ انما لنحاول معاً فلم يزل في ثقب الابرة ضوء...
وأحمد الذي يعرف جيداَ ان لديه من الشوق ما لا تصدقه الحكايا... ولديه من العزيمة
ما لا تستطيعها الجبال. لم يتخاذل، اويتراجع، او ينكسر. فكيف للمسافات أن تتحداه؟
سيقطع المحيط الى بلدته دون تردد...
اتخذ أحمد القرار سريعا: يجب ان أقفز فوق المحيط... الشمعة تذوي، ولا بد ان
أحاول المستحيل لكي أعيد لها النور والوهج من جديد... لا شيء يمنعني من ان أنفذ
كل احلامي، وكل أمنياتي. يجب ان أقفز فوق المحيط !....
اختارأحمد من بين غابة أشجاره أعلى شجرة وبدأ إعتلاءها، ساعدته كل الأشجار على
الصعود... لامسته نجمة فتعلق بها، واقتربت النجوم من بعضها... فكان يتمسك بالنجمة
الثانية ليترك الاولى... فجاة طارأحمد في الفضاء... امتلأت رئتاه بالهواء، ومن
جديد بدا القلب ينبض بالعافية. كأن طائراً خرافياً أتى من مجهول الحياة وقدم له
جناحيه ورئتيه وسر الحياة... تجاوز أحمد المحيط ووصل. وهاهو في بيته، وفي
عمله ممتلئ بالسعادة، وممتلئ بالحياة... يريد ان يركض من جديد، وأن يقبل كل
الناس والأشجاروالعصافير. يريد ان يسبح، ويريد ان يطير، يريد ان يرقص ويدبك
ويغني ويريد أن يمر على كل التفاصيل التي خسر المرور عليها لصيفين خياميين
إثنين. أحمد يريد ان يبتلع الفرح والهواء وكل الأصوات الحنونة والدافئة دفعة
واحدة... أحمد عاد الى الحياة أحمد عاد الى الخيام...
سنة حلوة، سنوات حلوة يا أحمد،
يا تانيا، يا أماندا، يا سارة، يا أمال، سنوات حلوة ايها الرائع الجميل..
ع.ر
تعليقات: