من احتفال الجماعة الإسلاميّة (الأخبار)
طرابلس -
تجاوز الاحتفال الذي أقامته الجماعة الإسلامية أمس لمناسبة إطلاق ماكينتها الانتخابية في دوائر طرابلس والمنية ـــ الضنية وعكار تحت شعار «معاً نحو الإصلاح»، حدود أن يكون مجرّد إجراء تنظيمي أو تقني. فقد وجّهت فيه رسائل قاسية المضامين إلى تيار المستقبل، بعد إشارات عديدة تلقّفتها الجماعة أخيراً، وعدّتها استبعاداً لها عن لوائحه الائتلافية.
أمام حشد من كوادر الجماعة ضاقت بهم مدرّجات مسرح مدرسة الإيمان الإسلامية في محلة أبي سمراء في طرابلس، وعلى وقع الهتافات الحزبية، جاءت الكلمات التي ألقاها مرشحو الجماعة ومسؤولها في الشمال، لتؤكد أن «خيط التواصل بيننا وبين المستقبل قد بات دقيقاً للغاية، وأن الحفاظ عليه لا يتعدى مسألة شكليات»، على حد وصف مصدر مسؤول في الجماعة.
وكشف المصدر المسؤول جانباً من تأزم العلاقات بين الجماعة والمستقبل في الآونة الأخيرة، فأشار إلى أنه «كان يفترض أن يُعقد لقاء تشاوري بخصوص الانتخابات مع النائب سعد الحريري، لكنه اعتذر عن عدم حصوله بداعي السفر إلى فرنسا وبريطانيا، وهذا الاعتذار له عندنا تفسيرات عدة، بعضها غير إيجابي، ما جعلنا نباشر القيام بخطواتنا التحضيرية للانتخابات من دون انتظار أحد، وعلى أساس إما ترشحّنا منفردين، أو تحالفنا مع طرف آخر غير المستقبل، حسب تطور الأمور والتحالفات».
لكن الكلام التصعيدي الذي ألقاه النائب السابق أسعد هرموش في 22 الجاري خلال تكريمه مخاتير دائرته المنية ـــ الضنية كانت له مفاعليه، إذ أوضح المصدر أن الحريري «اتصل بنا مساء اليوم ذاته من خارج لبنان، في محاولة منه لاستيعاب الموقف واحتواء تداعياته، عدا عن التقائه مسؤولين من الجماعة في العاصمة البريطانية لندن، شرحوا له حقيقة موقفنا».
وأوضح المصدر أن الجماعة ما زالت على موقفها المبدئي من أن «الشمال هو الثقل الرئيسي للجماعة، فنصف مرشحينا منه، كما أن له مكانة خاصة في وجدان الجماعة، فضلاً عن أن عقد أي تسوية أو إقامة أي تحالف انتخابي مع المستقبل لا يمكن له أن يجري بلا أخذ الشمال بعين الاعتبار، وأنهم إذا كانوا يبرّرون إبعادنا عن لوائحهم الائتلافية في الشمال بأنهم محشورون مع حلفائهم، فنقول لهم إن عليهم أن يراعوا الجماعة أيضاً كما تراعيهم، وإلّا فلا تحالف بيننا وبينهم».
وإذ أكد المصدر أنه «يخطئ من يظن أن الجماعة تناور في تحركاتها ومشاوراتها، لأن إطلاق الماكينة الانتخابية دليل على أن الجماعة تخوض معركة انتخابية أساسية في الشمال لإثبات وجودها»، أشارت أوساط داخل الجماعة في الشمال إلى أن «خطوتنا هذه رسالة إلى من يعنيه الأمر بأننا لن نقبل تحييد الشمال عن أي ائتلاف، حتى لو عرض علينا التحالف في دوائر أخرى خارجه».
وكان مرشحو الجماعة قد توالوا على الكلام تباعاً في احتفال أمس، فعرض المرشح عن دائرة عكار محمد هوشر برنامجه الانتخابي، معتبراً أن 7 حزيران هو «محطة للعبور نحو مرحلة جديدة، وبداية الإصلاح الحقيقي»، فيما رأى المرشح عن دائرة طرابلس رامي درغام أن «الإصلاح عندنا مرتبط بعقيدة إسلامية نعمل ونتعاون تحت ظلالها».
لكن المرشح عن دائرة المنية ـــ الضنية النائب السابق أسعد هرموش رفع سقف خطابه في وجه المستقبل، معتبراً أن «طرابلس ليست تكملة حساب، والمنية ـــ الضنية ليست جائزة ترضية، فنحن في صلب المعادلة ولا أحد يستطيع استبعادنا».
وردّ على من «يهوّلون علينا باللوائح ويقولون إن هناك لوائح ضخمة تضم قوى فاعلة ومؤثرة وتمتلك إمكانات بحيث لا تستطيعون أنتم بانفرادكم أو عدم شمولكم ببركة اللوائح أن تخوضوا الانتخابات»، فقال: إننا نؤمن بحتمية نجاح مشروعنا، وليسمع الجميع: «يسألونك عن اللوائح قل ينسفها ربي نسفاً».
أما مسؤول الجماعة في الشمال أحمد خالد، الذي جاءت كلمته بمثابة مطالعة سياسية لتوجهات الجماعة وبرنامجها الانتخابي، فشدّد على ثوابتها من أنه «لا مساومة على عروبة لبنان وانتسابنا الإسلامي، ولا على حق شعوبنا في مقاومة الاحتلال حيثما وجد، وفي وضع استراتيجية دفاعية في لبنان يشترك فيها من يريد المقاومة ونحن أبناء المقاومة الأولى، وفي إقامة دولة القانون والعدل والمساواة والإنماء المتوازن لكل المناطق».
وإذ دعا خالد المرشحين إلى «إبراز هذه المعاني ومعاهدة الناس عليها لتكون معركتنا الانتخابية معركة مبادئ وقيم»، فإنه ضمّن ذلك انتقادات مبطّنة إلى المستقبل عندما أشار إلى أن ذلك «يتحقّق عن طريق إقامة تحالف يحفظ الكرامات ويعترف بالأحجام الحقيقية، وإلّا عن طريق الانفراد، لأنه لا عودة أبداً إلى قرار انسحابنا من الانتخابات، كما حصل عام 2005، لأن قواعدنا وجماهيرنا المؤمنة صمّمت على خوض غمار الانتخابات».
تعليقات: