اخذت كذبة نيسان طابعاعالمياً في هذا اليوم، لكن بوش كان يكذب كل يوم
في الأول من نيسان من كل عام، يتبادل الناس اكاذيب مختلفة بعضها طريف وبعضها محزن وقد تخلق مواقف مزعجة تسيﺀ الى الآخرين.
ويتساﺀل الكثيرون لماذاالكذب في الاول من نيسان؟ ومااصل هذه الكذبة المنتشرة في غالبية دول العالم؟ وماالذي جعل منهاظاهرة عالمية؟
جـــرت الــعــادة أن يــتــبــادل الناس الاكاذيب في الأول من نيسان، من كل عام، وقديصل الأمر إلى صفحات الجرائد ووكــالات الأنباﺀ التي قد تطلق الأخبار الكاذبة والإشاعات المختلقة لغايات متعددة. وقــد اختلف الباحثون في تحليل أصل تلك الظاهرة، وفي تعداد العوامل التي ساعدت على انتشارها وتحوّلهاإلى ظاهرة عالمية.
بسبب الانتشار الكبير للظاهرة هذه اخذت كذبة نيسان طابعاعالمياواصبح كل بلديحتفل بهذااليوم على طريقته الخاصة. ولكنتبقىكذبة نيسانللدعابة والمرح فلا احديتوقع ان يشتري هدية لهذه المناسبة اويأخذشريكه الى عشاﺀ رومنسي، ولا احديعطل عن المدرسة او العمل، انه عيدبسيط يجعلنانعتادان نكون يقظين دائمافي هذااليوم.
فــي لبنان، الاول مــن نيسان يوم ينتظره كثر في حين لا يعني شيئا للبعض فهم حتى لايتذكرونه فيقعون احياناضحاياله. تقول ناتالي عبدالساتر وهي شابة لبنانية انه في هذا اليوم يقع الناس في مقالب محزنة ومضحكة واحيانا في صدمات. فتخبر انــه في احدى السنوات تم اخبار صديقتهاان اباهاقدربح جائزة اللوتوففرحت وقامت باخبار جميع رفــاق صفها بما حصل ودعتهم الى الاحتفال في اليوم نفسه.
وفي اليوم الثاني، تبين ان ذلك لم يكن اكثر من كذبة اختلقهازوج شقيقتها بالاتفاق مع والديها، فكانت الصدمة كبيرة فبعد ان وعدت نفسها بالكثير، وجدت ان كل شيﺀ لم يكن اكثر من كذبة اول نيسان! .
امــا جويل عــازار فتعتبر الاول من نيسان "متلو متل غيرو من الايــام" وتجد ان بعض المقالب تكون "كتير تقيلة ومأذية". اما شادي فهو ينتظر هذااليوم بفارغ الصبر ويشير الى "انو من حقنا في لبنان ان ننسى ولو ليوم واحــد همومنا ومشاكلنا ونتسلى ولو حتى بالكذب... انمامن دون ان نجرح او نؤذي اونصدم احدا". اماوائل فيقول "كل يوم بلبنان هواول نيسان، مابعتقد انو بس بهاليوم عم منكذب ونعمل مقالب ببعضنا... حياتنابلبنان بحدذاتا مقلب"! .
يرى بعض الباحثين ان هذه العادة بــدأت في فرنسا بعد تبني التقويم المعدل الذي وضعه شارل التاسع العام 1564 وكانت فرنسا اول دولة تعمل بهذا التقويم وحتى ذلك التاريخ كان الاحتفال بعيد رأس السنة يبدأفي يوم 21 آذار وينتهي في الأول من نيسان بعد ان يتبادل الناس هدايا عيد رأس السنة الجديدة. وعندماتحول عيدرأس السنة الى الأول من كانون الثاني ظل بعض الناس يحتفلون به في الأول من نيسان كالعادة ومن ثم أطلق عليهم ضحايانيسان وأصبحت عادة المزاح مع الأصدقاﺀ وذوي القربى في ذلك اليوم رائجة في فرنسا ومنها انتشرت الى البلدان الأخــرى وانتشرت على نطاق واسع في انكلترا بحلول القرن السابع عشر الميلادي ويطلق على الضحية في فرنسااسم السمكة وفي اسكتلندا نكتة نيسان.
ويرى آخــرون ان هناك علاقة قوية بين الكذب في اول نيسان وبين عيد "هولي" المعروف في الهند والذي يحتفل به الهندوس في 31 آذار من كل عــام وفيه يقوم بعض البسطاﺀ بمهام كاذبة لمجرد اللهو والدعابة ولا يكشف عن حقيقة أكاذيبهم هذه الا مساﺀ اليوم الأول من نيسان. وهناك جانب آخر من الباحثين يرون ان نشأة كذبة نيسان تعودالى القرون الوسطى اذان نيسان في هذه الفترة كان وقت الشفاعة للمجانين وضعفاﺀ العقول فيطلق سراحهم في اول الشهر ويصلي العقلاﺀ من اجلهم وفــي ذلــك الحين نشأ العيد المعروف باسم عيد جميع المجانين أسوة بالعيدالمشهور باسم عيدجميع القديسين. وهناك باحثون آخرون يؤكدون ان كذبة اول نيسان لم تنتشر بشكل واسع بين غالبية شعوب العالم الا في القرن التاسع عشر. وتجدر الاشارة الى ان الاول من نيسان اصبح اليوم المباح فيه الكذب لــدى جميع شعوب العالم فيما عــدا الشعبين الأسباني والألماني والسبب ان هذااليوم مقدس في أسبانيادينيا امافي المانيا فهويوافق يوم ميلاد "بسمارك" الزعيم الالماني المعروف.
أكاذيب من العالم
الطريف في كذبة اول نيسان انها تساوي بين العظماﺀ والصعاليك وبين الاغنياﺀ والفقراﺀ على حد سواﺀ. فقد حدث ان كان كارول ملك رومانيا يزور احد متاحف عاصمة بلاده في اول نيسان فسبقه رسام مشهور ورسم على ارضية احدى قاعات المتحف ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة فلما رآها أمر احد حراسه بالتقاطها فأومأ الحارس الى الأرض يحاول التقاط الورقة المالية الأثرية ولكن عبثا.
وفي سنة أخرى رسم الفنان نفسه على ارض ذلك المتحف صورا لسجائر مشتعلة وجلس عن كثب يراقب الزائرين وهم يهرعون لالتقاط السجائر قبل ان تشعل نارها الأرض الخشبية.
وفي رومانيا أيضا وشعبها شغوف جدا بأكاذيب اول نيسان حدث ان نشرت إحدى الصحف خبرا جاﺀ فيه ان سقف احدى محطات سكك الحديد في العاصمة هوى على مئات من المسافرين قتل عشرات وأصاب المئات باصابات خطرة. وقد سبب هذا الخبر المفزع الذي لم تتحر الصحيفة قبل نشره خوفا وذعرا شديدين.
وطالب المسؤولون بمحاكمة رئيس تحرير الصحيفة الذي تدارك الموقف بسرعة وبذكاﺀ فأصدر ملحقا كذب فيه الخبر وقال في تكذيبه انه كان يجب على المسؤولين قبل ان يطالبوا بمحاكمته ان يدققوا في قراﺀة صدور العدد الذي نشر فيه هذا الخبر فقد كان في الاول من نيسان ومن يومها دأبت الجريدة على نشر خبر مماثل في اول نيسان من كل عام. ومن اشهر الاكاذيب التي عرفها الشعب الانكليزي كانت في اول نيسان 1860 ففي هذا اليوم حمل البريد الى مئات من سكان لندن بطاقات مختومة بأختام مزورة تحمل في طياتها دعوة كل منهم الى مشاهدة الحفلة السنوية "لغسل الاسود البيض" في برج لندن في صباح الاحد اول نيسان مع رجاﺀ التكرم بعدم دفع شيﺀ للحراس او مساعديهم وقد سارع جمهور غفير من السذج الى برج لندن لمشاهدة الحفلة المزعومة. والى جانب هذه المواقف المضحكة هناك مآس باكية حدثت بسبب كذبة اول نيسان فقد حدث ان اشتعلت النيران في مطبخ احدى السيدات الانكليزيات في مدينه لندن فخرجت الى شرفة المنزل تطلب النجدة ولم يحضر لنجدة السيدة المسكينة احد اذ كان ذلك اليوم صباح اول نيسان! .
تعليقات: