الامين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة
يستعد الحزب الشيوعي لخوض المعركة الانتخابية محاولا تمييز نفسه عن فريقي الموالاة والمعارضة. واذا كان الامر محسوما بالنسبة اليه لجهة عدم التحالف مع فريق 14 آذار بسبب التباعد في التوجهات السياسية بين الطرفين، فان التقاطع مع قوى المعارضة ممكن، وفق ما يؤكد الامين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة، في انتظار ما ستفضي اليه المفاوضات التي شهدت لقاءات عدة مع اطراف المعارضة عموما و"حزب الله" و"التيار الوطني الحر" على وجه الخصوص. ولكنه يشير في المقابل، الى ان "هناك شعورا بأن اداء المعارضة لا يختلف عن اداء الموالاة في الشق الداخلي السياسي - الاقتصادي – الاجتماعي، وذلك تحت شعار الديموقراطية التوافقية، مما يشير الى ان الوضع لن يشهد تغييرا كبيرا في المرحلة المقبلة، وسيقتصر في احسن الاحوال على تبديل في امتلاك الثلث والثلثين".
وعلى رغم ان المفاوضات لم تصل الى خواتيمها بعد، يبدو ان الحزب سيقود معركته منفردا بعدما رفض العرض الذي تقدمت به المعارضة وقوامه حصوله على نائب في البرلمان ووزير في الحكومة المقبلة على ان يكون الحزب، في المقابل، حليف المعارضة في معركتها الانتخابية في سائر الاقضية التي له وجود فيها. ولكن الحزب الشيوعي رفض هذا العرض معتبرا انه ليس من حق احد ان يحدد حجمه ويقلص تمثيله الى نائب واحد في البرلمان. وقدم اقتراحا بديلا يرتكز على اعتماد مبدأ النسبية بين قوى المعارضة، اي ان يحصل كل طرف على عدد مقاعد ربطا بقوته التمثيلية. وسيكون عندها الحزب مستعدا لان يتنازل عن مقعدين، وان يرضى بحصة اقل من تلك التي يستحقها فعليا. لم يلق هذا الاقتراح اصداء ايجابية. لذا، يعتبر حدادة "ان المعارضة دخلت في لعبة الموالاة، وخضعت لمنطق الحساسيات المناطقية والحسابات الطائفية والعائلية".
ويرى ان "الانتخابات النيابية تحجمت ليصبح الخلاف على الثلث المعطل. وليس ما يشير الى ان هذه المعركة سترتقي لتشكل نقطة تحول في اتجاه اصلاح حقيقي. وجاءت التطورات الاخيرة التي تشهدها المنطقة بدءا بالحوار السوري - السعودي وصولا الى الانفتاح الاميركي - الايراني لتعيد احياء نهج التوافق السياسي الداخلي او ما يسمى بالديموقراطية التوافقية.
ويعتبر حدادة ان "الحلف الرباعي ينفذ باسلوب ملتو وغير معلن، اولا من خلال تحالف الرئيس نبيه بري ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط. وهو التحالف الذي قد يشكل ما يسمى بالكتلة الوسطية في حال امتداده الى طرابلس ليشمل الرئيس نجيب ميقاتي. ثانيا، هناك التنازلات والتوافقات المتبادلة بين حزب الله ورئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري. يوحي هذا الواقع ان هناك اتفاقا على حلف رباعي مع اختلاف الشريك المسيحي الذي ترك لسير المعركة الانتخابية ان تحدده".
القوة التمثيلية
لم يعلن الحزب الشيوعي اسماء مرشحيه رسميا بعد، وهي خطوة يفترض ان يقدم عليها خلال الايام المقبلة اثر اجتماع لجنته المركزية الذي سيطلق على اثره حملته الانتخابية. ولكن الحزب حسم المناطق التي سيكون له فيها مرشحون، واذا حصل تعديل فسيشمل الاسماء فقط. اما الاسماء المتداولة فهي: نائب الامين العام للحزب سعدالله مزرعاني في احد اقضية الجنوب، علي غريب في قضاء صيدا - الزهراني، الامين العام السابق للحزب فاروق دحروج في البقاع الغربي، سمعان اللقيس في الكورة، وسمعان غصن في البترون.
ترتكز مبادرة الحزب الانتخابية على اعتبار الانتخابات النيابية مدخلا لتحقيق الحد الادنى من الاصلاح السياسي من خلال توافق المعارضات المختلفة على ثلاث نقاط اساسية هي:
- مواجهة اخطار المشروع الاسرائيلي - الاميركي في المنطقة،
- فتح بوابة الاصلاح فعليا من خلال اعتماد قانون انتخاب يرتكز على النسبية، والغاء الطائفية السياسية، واستقلالية القضاء.
- اتخاذ موقف واضح وصريح من السياسة الاقتصادية التي اعتمدت منذ عام 1992 وحتى اليوم، والتي ادخلت البلاد تحت وطأة دين وعجز كبيرين. والواضح ان الطبقة السياسية لا تزال تنتهج المنطق عينه في تحميل الفئات الشعبية موجبات هذا الدين. وخير مثال على ذلك كيفية التعامل مع قضية البنزين اخيرا.
يلفت حدادة الى ان "هذه النقاط الاساسية تشكل مشروع الحد الادنى للاصلاح السياسي ضمن اطار النظام السياسي القائم، بما يتيح ايجاد وظيفة جديدة للبنان في العالم العربي من خلال بناء نموذج ديموقراطي حقيقي وخصوصا ان النظام الحالي بات يشكل خطرا على الكيان اللبناني". ويستغرب رفض قوى المعارضة الخوض في جوهر المبادرة ومناقشتها، معتبرا ان ذلك يعود الى سببين هما: اما بقاء لوثة العداء ازاء الشيوعيين، وهذا موقف مدمر للمعارضة والمقاومة، واما سوء تقدير لقوة الحزب التمثيلية. وهذا خطأ سبق للمعارضة ان ارتكبته في انتخابات نقابتي المهندسين والاطباء، مما شكل احد اسباب خسارتهم المعركة في هاتين النقابتين.
وفي الحديث عن قوة الحزب التمثيلية، يشدد حدادة على ان"الحزب الشيوعي يملك نسبا جدية ولكن غير مقررة، في كل الاقضية. ويستشهد حدادة بنتائج انتخابات 2005 ليؤكد صحة كلامه. فيشير الى ان "نسبة الناخبين الشيوعيين في الجنوب تتجاوز 15 في المئة، في حين حصد مرشح الحزب المنفرد في الشوف 16 الف صوت. واذا اعتبرنا ان قوة الحزب التجييرية هي ثلث هذا الرقم، فهذا يعادل خمسة آلاف صوت. في البقاع الغربي حصد فاروق دحروج 11 ألف صوت في مواجهة اللائحتين المتنافستين، علما ان غازي كنعان تدخل لاسقاطه في انتخابات 1996 لمصلحة سامي الخطيب. اما في البقاع الاوسط، فان الانتخابات البلدية تؤكد حضور الحزب في المناطق المسيحية والسنية والشيعية، واذا تواضعنا نقول ان لدينا 2000 صوت. في انتخابات المتن الفرعية، شكر الجنرال ميشال عون للحزب الـ2500 صوت التي منحها لمرشحه كميل خوري، علما ان تقديراتنا كانت تشير الى امتلاك الحزب 1700 صوت. ويرتفع العدد الى 3000 صوت في الكورة وفق الارقام الخاصة بشركات الاحصاء التي تعمل لمصلحة المرشحين الآخرين. واخيرا وليس آخرا، تراوح نسبة اصوات الناخبين الشيوعيين بين 8 في المئة و14 في المئة حصرا في الدوائر التي يترشحون فيها".
يطالب الحزب الشيوعي بخمسة مقاعد في البرلمان، في حين تعرض عليه قوى المعارضة مقعدا واحد مضمونا، مما يؤمن له الدخول للمرة الاولى الى البرلمان، اذا اعتبرنا ان النائب السابق حبيب صادق لم يكن المرشح الرسمي للحزب، والنائب الحالي الياس عطاالله وصل الى البرلمان بعدما طلق الحزب الشيوعي بالثلاث. فهل سيضيع الحزب هذه الفرصة التي تتيح له خوض معركة الاصلاح من الداخل، ويصرعلى خوض الانتخابات كما في كل مرة منفردا ليشكل رافعة للمرشحين الآخرين من دون ان يرفع احد ايا من مرشحيه؟
تعليقات: