عدم تسديد المستحقات والقانون 344 مشكلتان تواجههما المدارس المجانية

تواجه المدرسة الخاصة المجانية مشاكل عدة
تواجه المدرسة الخاصة المجانية مشاكل عدة


هل من تغيير في السياسة التربوية قبل أن تضطر إلى إغلاق أبوابها أمام التلاميذ؟

تواجه المدرسة الخاصة المجانية مشاكل عدة قد تؤدي بها الى اقفال أبوابها أمام التلاميذ. في المقابل تسعى الدولة اليوم الى اقرار قانون إلزامية التعليم لمن دون الخامسة عشرة، ما يستدعي السؤال عن امكان تأمين مقعد دراسي لكل تلميذ في حال استمر التضييق على المدارس المجانية الخاصة، التي يطالب اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الدولة بإنصاف المستحق منها واقفال من يخرق القانون؟

في الاسابيع الماضية بدأ وفد اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان سلسلة زيارات الى الفاعليات السياسية والروحية لشرح قضية المدرسة المجانية الخاصة التي ترزح اليوم تحت عبء عدم تسديد الدولة مساهمتها المالية لها منذ ثلاثة اعوام، في حين كانت الدولة تدفع مساهمتها عبر دفعتين: الاولى في شباط والثانية في تموز اثناء العام الدراسي. اضافة الى طلب الدولة تطبيق احكام المادة 5 من القانون 344، الذي يحظر على هذه المدارس التعاقد او استخدام معلمين من غير حملة الاجازات، علماً ان هذه الكفاءات لا تتوافر في القرى النائية. فما قصة هذه المدارس؟

التعليم المجاني الخاص

في الخمسينات عندما ارادت الدولة ان تنظم التعليم وجدت نفسها غير قادرة ان تقوم بهذه المهمة لوحدها. وكان لا بد من توفير فرص التعليم للاولاد الأقل حظا في الحياة، ولا سيما في القرى والبلدات النائية. فكان تحرك للمطالبة بمدارس مجانية يستطيع ابناء عامة الشعب التعلم فيها. ونتيجة مطالبات حثيثة اقرت المدارس المجانية، ووضع لها قانون خاص في 15 حزيران 1956. وقد أعطيت الاجازات بفتح المدارس المجانية للجمعيات والافراد على حد سواء، فانتشرت تلك المدارس على مجمل الاراضي اللبنانية. في العام 1964 اوقف اعطاء اجازات للمدارس المجانية للافراد واقتصر على الجمعيات الخيرية الاهلية حتى العام 1993، عندما اوقفت الاجازات عن الجمعيات ايضاً.

تابت: مشاركة الأعباء

وفي هذا الصدد يشرح الأب مروان تابت، الامين العام للمدارس الكاثوليكية، أن المدرسة المجانية الخاصة ارتكزت على مبدأ ان يتشارك الاهل والدولة اعباء التعليم، فتتقاضى رسماً سنوياً عن التلميذ من الاهل بمعدل 130% من قيمة الحد الادنى المعمول به في القطاع العام للاجراء والمستخدمين، اي 300 الف ليرة، اي ما قيمته 390 ألف. يضاف اليه مبلغ 30 الف ليرة للطبابة والتأمين، فيصبح مجموع ما يدفعه الاهل عن التلميذ 420 الف ليرة. وتعطى المدرسة المجانية مساهمة مالية من وزارة التربية بمعدل 160% من قيمة الحد الادنى، اي ما قيمته 480 الف ليرة عن التلميذ، وعليه يكون مجموع ما تستوفيه المدرسة من التلميذ في هذه المدارس 900 الف ليرة سنويا. علماً ان التلميذ الواحد يكلف الدولة في التعليم الرسمي حوالى مليونين و500 الف ليرة، بحسب احصاء "المركز التربوي للبحوث والانماء".

في العام 1996 أقرت الدولة القانون الرقم 593 تاريخ 28- 12- 1996 القاضي برفع الحد الادنى في المدارس الرسمية والخاصة الى 440 الف ليرة للمبتدئ، في حين ارتفعت بقية الاجور بحسب سلسلة الرتب والرواتب مع مفعول رجعي. في المقابل ابقت الدولة مساهمتها في التعليم المجاني ب 300 ألف ليرة عن التلميذ.

كلفة التعليم الرسمي: جدول مقارن

ويلفت الاب تابت الى جدول مقارن ( أنظر الجدول الرقم 1) يبيّن الوفر الذي يحققه قطاع المدارس الخاصة المجانية على خزينة الدولة بما قيمته 206 مليارات و500 مليون ليرة سنوياً. وإن قراءة مبسطة لهذا الجدول تبين دور المدرسة المجانية وما توفره على الدولة. وتشير الاحصاءات (انظر الجدول الرقم 2) الى ان هذه المؤسسات توفر التعليم لـ715512 تلميذاً يتوزعون على 382 مدرسة، يقوم باعباء التدريس فيها زهاء 6000 معلمة.

دلال: تأمين مقعد دراسي لكل طالب

ويرى اليوم القيمون على هذه المدارس ان عدم تسهيل مهمة المدارس الخاصة المجانية سيؤدي بشكل تلقائي الى اضعافها مما سيحول دون ادائها مهماتها. ورغم ان المسؤولين لا يصرحون علناً بنيتهم اقفال هذه المدارس، الا ان اداءهم العملي يوحي ذلك.

ويقول الدكتور كامل الدلال، ممثل مدارس جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية، "ان عدم دفع المستحقات لهذه المدارس في السنة الدراسية يؤدي الى عجز بموازنتها." ويرد موجبات استمرار المدرسة الخاصة المجانية الى أمور عدة، منها ما يعود الى عدم قدرة الدولة حالياً على تأمين مقعد دراسي لكل طالب في لبنان، وهذا ما لا يترافق مع سعي الدولة الى اقرار إلزامية التعليم. اضافة الى ما توفره هذه المدارس على خزينة الدولة من اعباء بعكس كل ما يقال. ويتابع: "لا يمكن ان تقاس جهودنا، ولا سيما المؤسسات العريقة في البلد في مجال التعليم، بأداء بعض المدارس الافرادية التي تخل بالقانون ونحن نطالب الدولة بايقافها عن العمل. ولا بد من التوقف أيضاً عند نوعية التعليم الجيدة التي تقدمها هذه المدارس. اليوم على الدولة ان تسهم في توسيع مجال الخيارات أمام الاهل الذين ليس في امكانهم ان يرسلوا اولادهم سوى الى المدارس الخاصة غير المجانية، وليس لديهم ثقة بالتعليم الرسمي. ان وجود هذه المدارس يطلق جوا من التنافسية الايجابية في ما بينها ومع القطاع الرسمي أيضاً. اليوم لا يجوز ان نظلم مؤسسات تربوية عريقة ونساويها بمدارس افرادية تخل بالقانون. ونحن نحمّل المسؤولية هنا لبعض الموظفين في وزارة التربية الذين يستفيدون ويغطون عليها."

حماده: نوعية تعليم جيدة لأبناء الفقراء

في حين يعتبر محمد حماده، ممثل مدارس الجمعية الخيرية الاسلامية العاملية، ان المدرسة المجانية هي وطنية بامتياز مثل الجامعة اللبنانية التي توفر العلم للطلاب الفقراء. "هذه المدارس تؤمن نوعية جيدة من التعليم، وهي على تماس مباشر مع الهيئة التعليمية. ونحن نتطلع الى اليوم الذي تنافس فيه المدارس الرسمية. ومن مصلحتنا ان نحافظ على جودة خدماتنا". ولفت الى ضرورة التمييز بين المدارس الجيدة التي تديرها مؤسسات مشهود لها واخرى، مستشهدا بآية من القرآن الكريم "ولا تزروا وازرة وزر اخرى" .

ويتابع "نحن نشعر ان هناك توجها الى اقفال هذه المدارس وان لم يكن صريحاً ولكن التشريعات تضيق علينا. فالقانون 344، ولا سيما في المادة 5 منه، حظر علينا التعاقد الا مع حملة الشهادات حتى في رياض الاطفال، علماً ان الدولة لا تطبق هذا القانون في مدارسها. فلم لا يتم معاملتنا بالمثل؟ اليوم وبعد نزاع قانوني حول تطبيق هذه المادة، وافقت وزيرة التربية بهية الحريري على اعطائنا مهلة حتى العام 2011 كي نبدأ بتطبيق هذه المادة. ونحن ننتظر احالة الموضوع واقرار من مجلس النواب، ونأمل في ان يقره قبل الانتخابات المقبلة".

أبي المنى: دور في التربية الدينية

من جهته يعتبر الشيخ سامي أبي المنى، ممثل مدارس مؤسسة العرفان التوحيدية "أن المدرسة المجانية مكملة للمدرسة الرسمية وتساعد في القيام بجزء كبير من عبء التربية، وتساعد على تعليم الطبقات الفقيرة في لبنان". وتوقف عند معنى المدرسة المجانية الخاصة لجهة الشراكة في تقاسم الاعباء، اذ يتعاون الاهل والمدرسة والدولة على تأمين التعليم. وهو نوع من العمل التعاوني المفيد في العملية التربوية الاجتماعية. كما أشار ابي المنى الى الدور الذي تقوم به هذه المدارس لناحية التربية الدينية، التي تصب في مصلحة التربية الوطنية العامة.

إعادة نظر

ويواصل اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان (راجع الجدول الرقم3) الذي يضم 90% من المؤسسات التربوية والتعليمية في لبنان، لقاءاته مع الفاعليات حرصاً منه على استمرار التعليم المجاني وتأمين المرتكزات الأساسية للمدرسة المجانية. برأيه انه، "إذا كان هناك أسباب أسست لإنشاء المدرسة المجانية في الخمسينات من القرن الماضي، فإن الأسباب عينها لا تزال ماثلة في هذه الأيام التي أصبح الفقر فيها ثقافة، والمعاناة من أدبيات العصر".

ويتابعون "إن الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعانيها اليوم شريحة واسعة من المجتمع اللبناني، ولا سيما في البلدات والقرى النائية عن العاصمة، بل النائية عن الوطن، تدعونا جميعاً إلى إعادة النظر في المدرسة المجانية تنظيماً وتحديثاً وذلك، وصوناً لحق المدرّس والمدرسة معاً وذلك لأنظمة تتماشى وروح العصر، وتأخذ بالمدرسة المجانية إلى مستوى يدفع الشبهة عنها. فالمدارس المجانية ليست كلها تضرب بحقوق المعلمين والمؤسسات الحكومية عرض الحائط".

أسباب انحسار دور المدرسة المجانية

أهم الأسباب الرئيسة التي أدت إلى انحسار دور المدرسة المجانية، بحسب اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة:

1 - عدم تطبيق المرسوم الرقم 2395 المتعلق بدفع مساهمة الدولة.

2 - عدم تحديث القوانين والمراسيم الاشتراعية.

3 - عدم رفع قيمة مساهمة الدولة بما يتناسب ورفع الحد الأدنى للأجور.

4 - إلزام المدارس الخاصة المجانية تطبيق القانون الرقم 344 - المادة الخامسة منه تاريخ 8/1/2001.

5 - إلزام مديري المدارس والمدرسين في الملاك تقديم مستندات لا مبرر لها سنوياً.

6 - ربط أوضاع بعض المدارس غير المستكملة المستندات بالمدارس المنتظمة.

7 - تجاوز المفتشين والمدققين صلاحياتهم أثناء التفتيش.

8 - حالة اللاستقرار التي تعانيها المدارس الخاصة المجانية.

9 - الأعباء المالية التي تعانيها المدارس.

المؤسسات التعليمية التي يضمها الاتحاد

الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان، نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، رابطة المدارس الإنجيلية في لبنان، أسرة المدارس الأرثوذكسية في لبنان، مدارس الجمعية الخيرية الإسلامية العاملية، مدارس مؤسسة العرفان التوحيدية، جمعية الإصلاح والرعاية الاجتماعية - مدارس المعهد العربي، مديرية التربية والتعليم - مؤسسة رفيق الحريري، مدارس المبرات الخيرية الإسلامية، مدارس مؤسسات "أمل" التربوية، المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم، مدارس المهدي، نقابة المدارس الإفرادية الخاصة، نقابة المدارس الأكاديمية الخاصة، نقابة أصحاب المدارس التعليمية، جمعية التعليم الديني الإسلامي، مدارس المصطفى، الجمعية الخيرية الثقافية – المعهد الفني الإسلامي، ثانوية الروضة.

تعليقات: