مخفر قصر العدل في بيروت
يعيش رؤساء الأقلام بالتكليف في قصور العدل حالاً من القلق على مصيرهم في الوظيفة، بعدما أعلنت وزارة العدل في 3 نيسان 2009 في قرار حمل الرقم 260 عن تنظيمها لمباراة ملء وظاف رئيس قلم، وكاتب ومباشر في ملاك المساعدين القضائيين في وزارة العدل ابتداء من 23 أيار المقبل، خصوصاً أولئك الذين كلفوا من قبل وزراء العدل السابقين وفقاً لمؤهلاتهم وسمعتهم الطيبة، والذين لهم في خدمة رئاسة القلم ما يزيد عن 5 سنوات حتى 12 سنة، في وقت كانت أقلام قصور العدل في لبنان بأمسّ الحاجة إليهم، فذاك أصيب بوعكة صحية استدعت ملازمته الفراش أكثر من أسبوع، وآخر أُغمي عليه من هول وقع القرار على رأسه، وثالث ضاقت به الدينا فعافها يائساً بائساً، واصبح جميعهم ناقمين على ما يسمى بالعدالة، ويتقيئون حال الضياع الذي وضعهم فيه القرار 260 تاريخ 3/4/2009·
فقد اقترحت لجنة الإدارة والعدل مشروع تثبيت رؤساء الأقلام المكلفين من وزارة العدل واشترطت بأن يثبت الموظف المذكور في حال لم يكن مجازاً، إنما خدم رئاسة القلم مدة 10 سنوات أو أكثر، أو في حال مجازاً وخدم رئاسة القلم مدة 3 سنوات أو أكثر، وجاء اقتراح المشروع بعد دراسة وافية اخذت في الإعتبار كل الموازين وجعلت منه اقتراحاً اساسياً لتثبيت العدالة في قصورها ولم يصدر اعتباطياً بل وفق دراسة وافية ومن أجل إنصاف المكلفين بجعلهم رؤساء أقلام بالأصالة، لأن الخبرة التي اكتسبوها وقد تعلموا أساسها ممن أحيلوا إلى التقاعد، هي نفسها امتحان لهم، فالقضاة الجدد عندمات يشكلون يساعدهم رؤساء الأقلام في وضع القطار على السكة، ولولاهم تضيع حقوق المواطنين، ويضطر القاضي لأن يصيح قاضياً ورئيس قلم وموظف في آن، ما يجعل إدارة المحاكم مستحيلة·
قال أحدهم وهو مجاز <لا أستطيع أن أتصور نفسي موظفاً، أجلس مع موظفي القلم، وقد جلس مكاني آخر يفتقر الى الخبرة التي اكتسبتها أنا مع مرور الزمن، وتعلمتها ممن سبقوني إلى رئاسة القلم، وكانوا في عصر قصر العدل الذهبي وفي أيام الحرب الأهلية حيث اكتسبوا خبرة واسعة> وأضاف: <أفضل نقلي للعمل وحدي في مكتب بعيد عن أنظار المحامين الذين تعودوا على رؤيتي في رئاسة القلم>· وقال آخر<كيف لي أن أواجه المحامين ورفاقي في الأقلام، ماذا أفعل بالخبرة التي اكتسبتها، هل هذه مكافأة لنا على ما قدمناه من تفانٍ في الخدمة خلال السنوات الماضية الصعبة حين حوّلنا الأقلام التي ترأسناها إلى حياة دائمة بعدما كادت تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتسير ببطء تبطأ معها أعمال القضاة· وارتفع ضغط آخر عندما علم بالقرار فاختفى عن الأنظار وغاب عن السمع بعدما قال إلى من أتوجّه لينصفني، فذاك يكيد ذينك، وهؤلاء يعارضون أولئك والعكس صحيح، ونحن الضحية ندفع الثمن·
وشدّد أخر <كنت أمارس كتابة العدل بالتكليف وفقاً للحاجة ولدى استدعائي، أما اليوم فلم يعد لي من مجال في ذلك حتى يتقرر مصيري· أيضاً بعض من زملائي أخضعوا لدورات تدريب لدى القضاء الفرنسي في فرنسا بعدما حضرت هيئة قضائية فرنسية الى لبنان، وأنفقت على عدد من رؤساء الأقلام الأصيلين وبالتكليف كلفة سفرهم وتدريبهم في فرنسا، وقد عاد هؤلاء ليعطوا بدورهم دروساً لرؤساء الأقلام وللمساعدين القضائيين في لبنان، وقد أُقصوا اليوم عن تدريب زملائهم في قصور العدل بسبب هذا الإعلان للمباراة·
شعرنا جميعنا اننا وضعنا في الصفوف الخلفية، وان خبراتنا رُميَت في سلات المهملات، وان العدالة بعيدة عنا مسافات الأرض من السماء·
وختم آخر بالقول <لماذا لا يعاملوننا إسوة بمن سبقنا؟ لماذا يخطفوا صوت العدالة من ديارها؟ سبق وثُبّت مساعدون قضائيون في الزمن الماضي· وأحد الاثباتات الخطية ثلاثة موظفين ثبتوا في وظيفة رئيس قلم (فئة ثالثة) في ملاك المساعدين القضائيين في وزارة العدل، كانوا رؤساء كتبة ومستكتبين أول، وقد عدلت رواتبهم، وحفظت حقوقهم لجهة القدم المؤهل للتدرج·
وقرار التثبيت صدر عن وزير العدل في حينه المرحوم نصري المعلوف بتاريخ 18 أيلول 1992 وتحت الرقم 502· ولا بد من إنصافنا نحن المكلفين برئاسة الاقلام، لما لدينا من خبرات وللعطاءات الجمّة التي ساعدت في تحسين سير العدالة في لبنان>·
وأجمع بعضهم على ان إخضاعهم للمباراة يشكل إهانة لهم بعد الخدمات التي قدموها لوزارة العدل وللقضاء في تسيير الأقلام وحفظ حقوق المواطنين ولا سيما وان تكليفهم جاء من قبل وزارة العدل الصادر عنها قرار مباراة التوظيف بعدما أبقي على رواتبهم كما هي ولم ينصفوا طوال تلك المدة·
قرار المباراة، فَتَح آفاق عمل ضئيلة أمام الأجيال الصاعدة، المتكاثرة اعدادها، لكنه أصدر أحكام الاعدام بحق رؤساء الأقلام المكلفين من قبل وزراء العدل في أيام المحامي سمير الجسر والقاضي جوزيف شاوول والمحامي المرحوم نصري المعلوف وغيرهم والذين يواجهون اليوم ليس فقط صعوبة المعيشة والحياة والمسؤوليات، انما صعوبة إيجاد الوسيلة التي تحفظ لهم دائماً كراماتهم خصوصاً أولئك المشهود لهم بكفاءتهم ونزاهتهم وسمعتهم الطيبة وخبراتهم التي وظفوها في خدمة القضاء والمواطن والوطن، وأولئك الذين أبوا خلال مدة توظيفهم ثم تكليفهم برئاسة القلم ان يفتحوا جوارير مكاتبهم، وعملوا بإخلاص تجاه العدالة والعدل·
وذكرت معلومات مطلعة على أمور المساعدين القضائيين ان المكلفين قديماً ثبتوا، وبينهم من ثبت من دون أن يكون قد خدم في رئاسة القلم طويلاً، وان إحلال الجديد الذي لا خبرة لديه مكان صاحب الخبرة في إدارة رئاسة القلم سوف يربك الأقلام، ويوقع المحامين والمحاكم في مشاكل هما بغنى عنها، ولا سيما ان أصحاب الخبرة من رؤساء الاقلام المكلفين يشكلون الحجر الاساس لكل المحاكم في القصور، وهم حيال عدم إنصافهم لن يعلّموا الجديد ما اغتنوه من خبرة خلال السنوات التي شغلوها في رئاسة القلم، علماً أن المباراة لن تملأ كل المراكز الشاغرة في ملاك المساعدين القضائيين والبالغة أكثر من 700 مركز، علماً ان المكلفين برئاسة الأقلام يقارب عددهم الـ 113 ومعظمهم لا يملك خبرة الـ 10 سنوات أو خبرة الـ سنوات للمجاز·
وأضافت المصادر أن قرار وزير العدل بشأن تثبيت رؤساء الأقلام بالتكليف فاعل في هذه المسألة خصوصاً وأنه شارك في دراسة الاقتراح مع لجنة الإدارة والعدل، ويعرف تماماً ما هي الشروط التي تؤهل الموظف ليكون رئيس قلم بالأصالة، علماً أن اللجنة درست الاقتراح لناحية نسبة التوازن وأن 3/4 من المجازين المكلفين برئاسة القلم ليست لديهم خبرة الثلاث سنوات·
ولفتت المصادر الى أن جميع الذين تقدموا لامتحانات القضاة ولم ينجحوا فيها، سحبوا طلباتهم تمهيداً لتقديم الخضوع للمباراة، علماً أن الذين أُخضعوا لمباراة القضاة فاق عددهم الـ 700 نجح منهم في الشفهي 279 وفي الخطي 11 متبارياً يضاف إليهم 4 من حملة الدكتوراه لم يخضعوا للامتحان الخطي·
رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم قال: إن اقتراح المشروع يعطي لوزير العدل حق تثبيت رؤساء الأقلام المكلفين، ولكن ضمن معايير معينة منها سنوات الخدمة والإجازة، والهدف من الاقتراح تثبيت المكلفين برئاسة الأقلام من خلال ضمانات عديدة، ومن أجل سير أمور العدلية والناس، ولا يعقل أن يستعاض عن رئيس القلم المكلف بصاحب إجازة وصل الى المركز بمباراة والمكلف لديه خبرة وقدرة على إدارة القلم تفوق المجاز بالمباراة 10 مرات· إن قصور العدل بحاجة الى تسيير أعمالها ورؤساء الأقلام هم تقريباً بمثابة قضاة، ولا يمكننا تأخير عمل العدلية، ليس المطلوب تثبيت كل رؤساء الأقلام بالتكليف، لكن للوزير صلاحية التثبيت وفقاً للمعايير المقترحة في المشروع وللسجل الشخصي للموظف، وسوف يشغر عدد من المراكز يخضع من سيتبوأها للمباراة ونحن مع هذا التوجه، لا سيما وأن وزير العدل الحالي الدكتور نجار حضر اجتماعات لجنة الإدارة والعدل ووافق على التعديلات المقترحة للمشروع، مع الإشارة الى أن المجاز الفائز في المباراة لرئاسة القلم في المحاكم يحتاج الى مدة سنتين لكي يستوعب ويتعلم إدارة القلم، وأرى أن معظم النواب يوافقون على هذا الاقتراح·
أما المحامي النائب نوار الساحلي فقال: قدّمنا الاقتراح بعدما تبين وجود عدد كبير من الموظفين في وزارة العدل مكلفين برئاسة القلم لمدة طويلة بعدما شغلوا وظيفة رؤساء كتبة وأيضاً لمدة طويلة، وهؤلاء أصبحت لديهم خبرة كبيرة في هذا المضمار، في رئاسة القلم، وبالتالي يحق للأكثرية من هؤلاء أن يكونوا أصيلين في وظيفتهم، وقد جرت العادة في السابق أن يثبّت وزير العدل هؤلاء، وهو ما حصل في فترة تولي الوزير بهيج طبارة وزارة العدل مرتين أو 3 مرات، لذلك كان الاقتراح وهو يتضمن شروطاً للتثبيت ترتكز الى مؤهلاتهم في تولي هذا المنصب، وللأسف وبعد تقديم الاقتراح اعتبر بعض الموظفين أنه موجه ضدهم، من أصحاب حملة الإجازات، وأن الاقتراح سوف يوقف المباراة المعلن عنها، وكأن هذا الاقتراح سوف يحرم هؤلاء الموظفين المجازين في قصر العدل من التقدم للمباراة تمهيداً لوصولهم الى رئاسة القلم، وهذا غير صحيح، لأن المراكز تبقى شاغرة والامتحان قائم حتى وإن صُوّت على المشروع المقترح بتثبيت رؤساء الأقلام المكلفين·
هل تصمت العدالة في ديارها، أم يرفع النواب صوتها عالياً، بإنصاف رؤساء الأقلام بالتكليف، والتصويت على الاقتراح، علماً أن وزير العدل في هذا له دوره الفاعل، هذا إذا ما اكتمل نصاب المجلس النيابي اليوم وصوّت على المشروع المقترح؟
تعليقات: