منظر عام لبلدة عين عرب
المواطنون يناشدون دعم مقوّمات الصمود للبقاء في أرضهم..
إنتشار القنابل العنقودية الإسرائيلية في حقولهم تشكّل خطراً على المقيمين..
الحفر والأخاديد تنتشر على الطرقات وغياب المؤسسات الصحية والإجتماعية عين عرب..
عين عرب:
واحدة من البلدات الجنوبية الصامدة المقاومة التي قدمت الكثير من خيرة شبابها من أجل بقاء الوطن، هي واحدة من بين القرى القريبة جداً من الحدود الدولية التي تفصل لبنان عن فلسطين المحتلة، والتي ما تزال تعاني الإهمال والحرمان الرسمي منذ تحرير المنطقة من العدو الإسرائيلي في أيار من العام 2000··
يعيش مواطنوها في أزمات إقتصادية ومعيشية صعبة، جراء إستمرار التغاضي عن النظر الى حاجاتها منذ عقود، فهي تفتقر إلى الدعم، حيث أن الخدمات الإجتماعية والإقتصادية والزراعية مشلولة، والمواطن يتحمل وحده مسؤولية بقائه·· وبدلاً من أن تلعب الجهات الرسمية دورها في تأمين مقومات صمود وبقاء الأهالي في البلدة على كافة الأصعدة، وخصوصاً القطاع الزراعي الذي يشكل العامود الفقري لحياة الأهالي، فهي غائبة كلياً عن حاجات هذه البلدة الفقيرة وهموم سكانها، الذين دفعوا مثل غيرهم من أبناء الجنوب ضريبة الدم، وقدموا تضحيات لبقاء الوطن خلال فترة الإحتلال الصهيوني··
<لـواء صيدا والجنوب> زار البلدة، وإطلع على مشاكلها، وإستمع إلى عدد من المقيمين فيها، والذين ناشدوا مؤسسات الدولة التدخّل السريع لتأمين مقومات صمودهم وبقائهم ودعم مصادر رزقهم ومعيشتهم··
على الرغم من أهمية قطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني وخصوصاً تربية المواشي والأبقار، والذي يعتبر المصدر المعيشي الوحيد لجميع المقيمين، فإنه يواجه أزماته منفرداً مع إستمرار غياب تصريف الإنتاج ودعم المؤسسات المعنية، وهذه المشكلة التي تحتل المرتبة الأولى لدى الأهالي، تضاف إليها مشاكل أخرى، ومنها المشكلة البيئية بسبب عدم وجود شبكات للصرف الصحي، وفقدان المؤسسات الصحية والإجتماعية الضامنة، ومشكلة الحفر والأخاديد على الطرقات، وقلة فرص العمل، وإنتشار القنابل العنقودية والألغام الصهيونية في حقولهم الزراعية وغيرهم من الأزمات التي تشكل عامل قلق مستمر لدى جميع المقيمين·
عثمان الأحمد عضو المجلس الإختياري في البلدة عثمان الأحمد (الذي يضطلع بدور مهم في تأمين الخدمات للسكان إلى جانب مختار البلدة) قال: لكي تبقى بلدة عين عرب عيناً للعرب جميعاً، على الدولة القيام بواجباتها، ولا يجوز أن تقدم المؤسسات الخاصة وقوات <اليونيفيل> وخصوصاً الكتيبة الإسبانية مساعدات وخدمات أكثر بأضعاف من أجهزة الدولة اللبنانية، فنحن لنا على دولتنا الكثير وهي لا تقدم لنا أي شيء، فلا تعويضات أضرار البناء بعد حرب تموز 2006 حصلنا عليها بالكامل، ولا تعويضات زراعية ولا أي نوع من الحقوق أو المساعدات التي قدمت لهذه البلدة، التي تعاني مشاكل وصلت إلى حد هجرة أبنائها ويقيم فيها حالياً 400 شخص من أصل 1200 بسبب فقدان الخدمات الرسمية، وبدلاً من أن تكون سياسة الدولة داعمة للمقيمين، فأنها تعمل بشكل مقصود إذا لم نقل أكثر على الهجرة وترك الأرض، ومن لا يستطيع ترك أرضه والعيش خارج البلدة، ماذا يفعل؟ وهل هذا التصرف منطقي، لا نعرف ما هو المقصود، نحن في البلدة الزراعية بإمتياز نواجه مشاكلنا منفردين بغياب أي إهتمام حكومي، والمواطنون يعانون حياة إقتصادية صعبة لا بل مستحيلة، والمطلوب دعم مقومات صمود الأهالي وتأمين مصادر رزقهم عبر دعم الإنتاج الزراعي وتصريفه وتفعيل الخدمات الصحية والإجتماعية والإقتصادية لتنشيط الحركة وجعل الحياة أكثر راحة وطمأنينة·
وشرح الأحمد مشاكل البلدة، داعياً إلى <تدخل سريع وفوري لجميع أجهزة الدولة>·
وقال: نحن نعلم أن المسؤولين لن يصغوا لحديثنا، ولن يعيروه أي إهتمام، ولكن صرختنا لا بد أن تزعج في يوم من الأيام المعنيين، ونحن شعب قاوم المحتل خلال فترة الإحتلال وقدّم أغلى ما عنده من أجل الدولة، فلماذا لا تقوم الدولة بواجباتها تجاهنا؟ لا نعرف، وهذا سؤال ننتظر الإجابة عليه، ونأمل أن يترجم قريباً·
وأضاف: يعاني السكان المقيمين من مشاكل كثيرة أهمها إنخفاض كبير في أسعار المنتوجات الزراعية، وخصوصاً الحليب ومشتقاته بالمقارنة مع كلفة إنتاجه، وهذا الوضع يشكل عامل قلق حقيقي للمقيمين الذين يعتمدون في معيشتهم على هذا القطاع، ومع إستمرار غياب مؤسسات الدولة الداعمة لهذا الإنتاج، ماذا يفعل المواطن، وما هو البديل؟!·· لا يعرف·
أما القضية الثانية، فهي المشكلة البيئية الناجمة عن غياب شبكات الصرف الصحي داخل الأحياء وإنتشار المياه المبتذلة على الطرقات نظراً لعدم قدرة الأهالي مادياً على سحب جورهم الصحية مرة كل شهر، وهذا الموضوع بات يشكل مصدراً حقيقياً للتلوث البيئي إذا لم يتم معالجتها سريعاً، ونحن طالبنا وما زلنا المعنيين ولم نصل حتى اليوم إلى أي نتيجة، وتحتل غياب المؤسسات الصحية والإجتماعية والإقتصادية المرتبة الثالثة في هموم الأهالي ومشاكلهم، إذ نعاني من عدم وجود مستوصفات صحية ومؤسسات إجتماعية ترفيهية أو غيرها، أما موضوع الخدمات فهو مفقود فالطرقات محفرة والجور كبيرة، وخاصة على الطريق الرئيسي الذي يربط منطقة باب التنية حتى جسر عين عرب، إضافة إلى الطرقات الداخلية، هذا فضلاً عن غياب فرص العمل وإنتشار البطالة، وتعويضات حرب تموز 2006 التي لم نر منها سوى القليل جداً، والتعويضات الزراعية لم تصل إلى مستحقيها، ونحن هنا نطالب الدولة بتأمين كافة التعويضات المستحقة للأهالي، ولا يجوز أن يبقى الحرمان والإهمال مستشرياً وحاجات المواطنين غائبة عن عقول المسؤولين·
الرجب محمد ديب الرجب (مزارع متأهل وله 6 أولاد) قال: الوضع المعيشي صعب ونعيش من قلة الموت، أعمل في تربية المواشي ولا أحصل على 20% من حاجات عائلتي، كما أن إرتفاع أسعار المحروقات يُساهم في زيادة مشاكلنا لأننا نستعمل وسائل النقل لإيصال الحليب إلى كافة القرى، وبما أن أسعار الإنتاج الحيواني <كيلو الحليب 400 ليرة لبنانية> لا تؤمن كلفة الإنتاج، فكيف نستطيع العيش، الوضع مأساوي والله يرحم الجميع، والدولة غائبة·
المحمد حسن سامي المحمد (يعمل في المنازل) قال: لا يوجد فرص عمل في البلدة وبما أننا على مقربة من الحدود ونبعد عن مركز العاصمة والقضاء فإننا نواجه أزمات معيشية مستحيلة مع غياب دعم الدولة، ولولا دعم دولة الكويت لكنا على الأرض، ونحن بحاجة إلى كل شيء ولا نرى من يساعدنا، حياتنا صعبة وهمومنا كبيرة والإتكال على الخالق، ونحن نعلم أن الدولة لن تساعدنا مهما كانت ظروفنا صعبة، وهذه تجربتنا مع مؤسسات الدولة، وكنا نعتقد أنه ومع زوال الإحتلال سوف تعود الدولة لضمنا إلى رعايتها لكننا فوجئنا بإستمرار إهمالها وحرمانها لنا·
الأحمد علي موسى الأحمد (مزارع وله 14 ابناً يعيش من تربية المواشي) قال: نموت من الجوع كل يوم ونواجه مشاكلنا منفردين، كنا نأمل أن تعود مؤسسات الدولة إلى بلدتنا وتقوم بمساعدتنا، لكنها لم تصل بعد، وأنا واحد من بين الأشخاص الذين لا يزالون يعيشون في الخيم لأنني أملك منزلاً غير صالح للإستعمال حتى اليوم وهو بحاجة إلى تأهيل داخلي، ولا أملك المبلغ الكافي، فأنني أعيش مع عائلتي في خيمة من الحديد، أتحمل مشقات الأحوال الجوية وصعوبة العيش، وكنا نأمل بعد حرب تموز 2006 أن تعوّض الدولة أو الأحزاب علينا، لكننا صمدنا بحجم التعويضات التي تراوحت بين 100 الف ليرة ومليون ليرة لكل منزل، وهذه القيمة لا تكفي تنظيف المنازل من الزجاج التي تحطم والأبواب التي تكسرت من شدة الضغط المدفعي والصواريخ، التي سقطت في المنطقة، ماذا نقول·· الله يكون في عوننا!·
النقيب كونزالاس ضابط العلاقات المدنية في الكتيبة الأسبانية النقيب بالدوينو كونزالاس (الذي يقدم بإسم كتيبة بلاده خدمات طبية وإجتماعية للبلدة) قال: نعمل بكل ما لدينا من إمكانيات لمساعدة سكان هذه البلدة الفقيرة سواءً على صعيد الصحي من خلال تأمين فريق طبي مع أدوية بمعدل مرة كل أسبوعين لتلبية جزء من الحاجات، أو من خلال إقامة ندوات للتوعية من مخاطر الألغام، والقنابل العنقودية المنتشرة على مقربة من البلدة بهدف الإرشاد والتوعية وسُبل الوقاية منها، هذا فضلاً عن تقديم خدمات إجتماعية متنوعة شهرية لكن حجم مساعداتنا تبقى قليلة جداً بالمقارنة مع حاجات البلدة·
موقع بلدة عين عرب:
تقع بلدة عين عرب في قضاء مرجعيون، وفي منطقة جغرافية قريبة جداً من الحدود الدولية وبين السهول الزراعية، تبعد كيلومتر واحد عن بلدة الغجر المحتلة، ونحو 10 كلم عن مركز القضاء في مرجعيون، و120 كلم عن العاصمة، ترتفع 450 متراً عن سطح البحر، ويعتمد نحو 95% من سكانها في معيشتهم على تربية المواشي، فيها 120 منزلاً عادياً، بينما يعيش فيها حالياً 45 عائلة، يحدها شمالاً بلدتي إبل السقي والماري، وشرقاً: نهر الحاصباني وبلدتي العباسية المحررة والمجيدية، وغرباً: بلدة الخيام، وجنوباً: فلسطين المحتلة والجولان·
لا توجد فيها مؤسسات للدولة سوى المدرسة الرسمية، وفيها جامع بنته دولة الكويت، ولا وجود لمؤسسات إقتصادية سوى بعض المتاجر الصغيرة التي تؤمن حاجة الأهالي·
حفر كبيرة على الطريق الرئيسي للبلدة
طرقات داخلية في بلدة عين عرب
محمد ديب الرجب
حسن سامي المحمد
عثمان الأحمد
علي موسى الاحمد
تعليقات: