رياض الأسعد: أعطني هدوءاً وسترى واقعاً مغايراً 100% في الـ 2013

رياض الأسعد
رياض الأسعد


لا يجد نفسه في "المنطق" الطائفي والعنفي..يؤمن بالجنوبيين وبقدراتهم ويتطلع إلى "تغيير جذري" في النظام اللبناني

في مكتبه في بئر حسن، يجلس رياض الأسعد سليل عائلة الاستقلال وإبن "الأسعدية" التي لطالما قدمت وجوهاً تركوا بصماتهم في الحياة السياسية اللبنانية، وبالتحديد على الساحة الجنوبية.

قبل الدخول إلى مكتبه، في شركة "الجنوب للاعمار"، بضع دقائق في الباحة الخارجية، تكفي لتكتشف عمق العلاقة التي تجمعه مع أرض الجنوب.

إعلان كبير هو عبارة عن سهم كتب عليه "نحو الجنوب"، صُوبت بوصلته نحو "أرض الأجداد"، نحو الأرض التي يفتخر رياض الأسعد بالانتماء إليها، هناك في الزهراني وعلى ضفافه، البيت والعائلة والأصدقاء، هناك حيث عرف معنى النضال وحمل السلاح في وجه العدو الاسرائيلي، وهناك أيضاً حيث اختبر معنى أن يعارض الهيمنة التي فرضتها المقاومة عليه وعلى كل من يحاول أن يفتح ثغرة في حائط الطائفية الذي عرف أصحابه كيف يبنوه بإحكام.

يرى الأسعد نفسه في كل إنسان "يؤمن بالتغيير بالبلد"، في كل من يؤمن ان هذا هو وطنه، في من يثق بأن "الحياد عقيدة"، يرى نفسه في كل من لا يعتبر "لبنان مزرعة"، "لبنان غير طائفي"، "لبنان بلد المواطنة"، "لبنان الحريّة".

تطلب منه تقديم بطاقة تعريف عن نفسه، فيقول "رياض الأسعد هو مجاهد، مقاوم، مهندس، مؤمن بأن لا أحد يلغي أحداً، ومؤمن أيضاً بأن الأيام لا بد ان تتغيّر طالما نحن نريد لها ذلك، لي الشرف ان أكون في هذا البلد من دون أي انقطاع طوال الـ 25 سنة الماضية، أعمل في أرض الجنوب، أزرع وأحصد".

تنسجم في الحوار مع رياض الأسعد، وتتفاجأ حين ترى شخصية فريدة بطروحاتها ورؤيتها لمستقبل لبنان، ولكنها كما الكثيرين، محكومة بنظام "طائفي" لا يريد أن يطور نفسه، بل أن هناك من يريد له البقاء، كي تبقى هذه "الطاقات" أسيرة الأمر الواقع الذي يقول: أنا او لا أحد، والشراكة أريدها ولكن خارج نفوذي.

في حديثه لـ"المستقبل"، يستنكر رياض الأسعد بشدة "ما حصل مع رئيس الانتماء اللبناني في بلدة الطيبة، على الرغم أنه عانى ولا يزال هذه الممارسات"، لأنه "من الأشخاص الذين لم يؤمنوا ولن يؤمنوا يوماً بمنطق العنف"، ويقول: "أنا ابن الزهراني، الرئيس نبيه بري ومن يترشح معه ليسوا من الزهراني، والصدفة أن هذا القضاء حكم عليه أن لا يتمثل بأبنائه على المستوى الشيعي".

يبدي الأسعد احترامه الشديد لأهل الجنوب وثقته الكبيرة بهم وبقدراتهم، ويعتبر أن ما حصل في السنوات الأخيرة من أحداث عنفية جعله يبتعد عن الساحة السياسية لأنه "لا يجد لنفسه مكاناً في الصراعات المسلحة"، يؤمن بالتغيير "المبني على اللاطائفية وعلى نظام متطور يحترم إرادة الشباب ويؤسس لهم المستقبل الواعد"، ويرفض كل "أشكال التعطيل"، ما يفرقه عن "حزب الله" النظرة إلى الوطن، وإلى المقاومة وسبيل استعمال هذا السلاح.

في الذكرى الأولى لأحداث 7 أيار، ينظر الأسعد إلى ما حصل بكثير من "الاشمئزاز"، لأن ما حصل "فظ بكل ما للكلمة من معنى"، فهو وكما يقول "ابن الاستقلال"، لا يمكنه في يوم من الأيام أن يقول سني شيعي أو ما إلى هنالك من شعارات طائفية، ويسجل للنائب وليد جنبلاط "موقفه أثناء الاعتداء على الجبل، لأنه عاش الحرب ولا يريد أن يورث الأرض المحروقة إلى أولاده وأولادنا".

في حال كان الوضع "هادئاً" من اليوم إلى العام 2013، يقولها الأسعد وبثقة، أنه صبيحة اليوم الذي سيلي تلك الانتخابات "سترى واقعاً مغايراً 100% عما هو قائم اليوم".

[ كيف ترى تعاطي اهل الجنوب مع رياض الأسعد؟

ـ ممتاز بكل معنى الكلمة، في العلاقة الشخصية لدينا مركز اتصالات، شريحة كبيرة من الناس ليسألهم عن رأيهم في رياض الأسعد وهل من مانع باستقبال رياض الأسعد. هذا المركز قام لغاية الآن بـ 11 الف اتصال، 4 من هذه الاتصالات فقط كانت سلبية، 30% من الناس كانت ردة فعلهم جداً ايجابية، رحبت بوجودي وأبدت محبتها واعتزازها في كل الجنوب.

لا أتكلم عن قضاء الزهراني، الكل رحب وحتى خارج القضاء، البعض قال انه على الرغم من الخلاف السياسي فيما بيننا ولكن هذا لا يمنع اللقاء والتواصل. والمشكلة ليست في اهالي الجنوب.

[ أين المشكلة أذاً؟

ـ المشكلة في سياسيي الجنوب.

[ طالما نحن نتكلم عن الجنوب... لو أن ما حصل مع رئيس "الانتماء اللبناني" أحمد الأسعد في الطيبة منذ ايام، حصل مع رياض الأسعد، كيف كانت ستكون ردة فعلك؟

ـ أولاً، ماحصل مع أحمد الأسعد عمل شائن ومهين ولا أقبله على الاطلاق، ولكنه ليس جديدا على الساحة، بالنسبة إلي فتاريخ المعاناة في الجنوب طويل، استطيع ان ابدأ بالحواجز الاسرائيلية واللحدية الى الميليشيات الى المقاومة الى الحروب، الى دوري في المقاومة ومعارضة النظام ومعارضة قوى الأمر الواقع، الى الوضع الفلسطيني ـ الشيعي المتوتر، الى الخطف على الهوية، كل هذا حصل في الجنوب بدأنا العمل وبدأنا نرفع الصوت، والذي تعرض له أحمد الأسعد، انا تعرضت له في أكثر من محطة.

في قانا، اثناء مجزرة قانا كنا فيها، رأينا السرقة في ذلك الوقت ودفع والدي الثمن، قبل ذلك ايضا كنا موجودين في كل موقع اعتراضي عندما كانت كل هذه الأصوات غير موجودة لا في البلد ولا خارجه، في الـ 2004 حصلت معنا مشكلة اكبر بكثير مما حصل في الطيبة وقلتها آنذاك اكثر من مرة انه كان يراد لنا مشكل يسبب في القضاء علينا ولولا تدخل قائد الجيش الذي هو رئيس الجمهورية اليوم وتدخل الجيش لم نكن لنخرج احياء، وهذا حصل في ضيعة اسمها الصرفند. من يريد ان يعمل في السياسة جنوباً عليه ان يدق الباب ليسمع الجواب.

[ بالرغم من كل ما حصل هل ما زالت النظرة الى الجنوب وأهل الجنوب على حالها؟

ـ طبعاً، لأن طريقة التعاطي لا يمكن ان تتغير مهما حصل، هناك ناس لا يمثلون طريقة تعاط معينة ولهذا تحاول محاورتهم بالأسلوب الأمثل، ولكن لا استطيع محاورة أحد بمنطق صدامي لأنني لست انساناً صدامياً ولا استفز احداً، ولكن هذا لا يعني انني استسلم وأسكت.

[ بعد شهر من اليوم نحن على موعد مع استحقاق انتخابي، هناك البعض يراه مصيرياً او مفصلياً، فيما البعض الآخر يراه عادياً كغيره من الاستحقاقات، انت كيف تنظر الى يوم 7 حزيران؟

ـ أولاً، انا لا اعد بمفاجئات، في الجنوب القضية ليست قضية نتيجة بل قضية حجم، ورسالة. الناحية الثانية، منطقي وموقعي ضد هذا النظام الطائفي، وبالتالي أرى اننا سنخرج من هذا الاستحقاق الانتخابي الى شرذمة اكثر والى واقع اشد تأزماً مما نحن فيه. لا ارى ان من يربح او يخسر سيؤثر في واقع البلد، انا أرى انه طالما هذا النظام لا يريد ان يطور نفسه، طالما ان فتائل الأزمات موجودة ومغروسة في صميمه.

هذه الفتائل تنتظر تقاطع مصالح داخلية وخارجية حتى تشتعل، طالما أن هذا القانون الذي لا يستطع ان يرتقي الى فلسفة المشاركة، ولا يقدر ان يجعل ميثاق العيش المشترك مبنياً على ميثاقية سياسية جديدة، ستبقى لدينا مشكلة في النظام.

[ انطلاقا مما سبق ماذا يريد رياض الأسعد أن يوصل من خلال ترشحه الى الانتخابات وفي قضاء الزهراني بالتحديد؟

ـ طبعاً، لا شك ان هناك رمزية لمعركة الزهراني، انا ابن الزهراني، الغير ليس من الزهراني، دولة الرئيس (نبيه بري) ليس من الزهراني والمرشح الآخر ايضا ليس من الزهراني بل من صيدا، انا ابن الزهراني، والصدفة ان هذا القضاء لم يتمثل يوماً بأحد ابنائه سوى على المستوى المسيحي.

أنا نظري ان هذا هو اللاقضاء، عندما يكون هناك قضاء انتخابي فقط ليس قضاء ادارياً يكون لديك ازمة، وأزمة حجم الدوائر بنظري بحاجة الى قانون انتخابي يبنى على احجام هذه الدوائر وأحجام جديدة غير قائمة على مراضاة لطائفة او تكريس سلطة سياسية معينة، بل يجب ان يكون هناك ارضيات انمائية تحديداً، تعالج مشاكل الحياة المشتركة المطلوبة.

[ يعني هناك رمزية للمعركة في الزهراني؟

ـ قضاء الزهراني، قضائي وقضاء جدي، فيه حياتي وعائلتي وشركتي وبيتي، وشاءت الظروف ان دولة الرئيس مرشح هناك، نعم هناك رمزية للمعركة وليس لشخصية المعركة، المعركة هي ان هناك اختلافاً، ان هناك وجوداً معيناً، هناك طرف لديه حجمه ولن نستطيع إلغاءه، ولذلك نحن نعيد النقاش الى النقطة الأولى، الى الحلقة الأولى وهي فلسفة المشاركة.

فلسفة المشاركة هي النقيض لفلسفة التبعية، هي نقيض للنظام الطائفي ودولة المزارع، هي نقيض لمسالخ الطوائف والمذاهب، هناك من يقول دائماً بمبدأ المشاركة وبالثلث المعطل وحكومة الوحدة الوطنية ولكن هذا كله يطبق شمالي الأولي اما جنوبي الأولي فمنطق الغائي، وهذا المنطق سيدفعون ثمنه، لأننا سنرى هذه المرة مستوى متدنياً من الاقبال على صناديق الاقتراع وخصوصا في المناطق التي ليس فيها معارك انتخابية حقيقية، وهذا يدل على ان الناس سئمت من الطريقة المعتمدة في التعاطي معها.

[ هل يمكن ان يستثمر هذا السأم عند الناس بطريقة معاكسة؟

قمنا باستطلاع رأي كبير على صعيد الجنوب ككل ما زلنا نطوره فظهر أن 30% من سكان الجنوب لا يريدون المشاركة في الانتخابات عدا المسافرين، الأسباب أربعة:

ـ عدم الاقتناع بقانون الانتخابات

ـ لا يوجد بديل يعني انا مستعد ان امشي معك لكن من أنت؟ وإلى اين ذاهب؟

ـ عدم رضى عن النواب ككل (الموجودين) هذا لا يعني التأييد لك ولكن عدم رضى عن الموجود.

ـ هناك جزء يؤيد الرئيس بري ولكن لا يؤيد الشخصية الشيعية الثانية.

إذاً، هناك نسبة كبيرة من عدم المشاركة مبنية على عدم وجود البدائل اولاً بالرغم من موقع الهيمنة.

اذا ما نريد قوله: كيف تغير اذا كنت تفكر ان صوتك يمكن ان يغير، نعم في البداية وكلا في النهاية، نعم على أساس المشوار طويل، كلا على اساس لا ينتهي غداً، نعم على اساس انك تريد البدء، وكلا على اساس عدم التأخير.

[ انت من المؤمنين ان عملية التغيير لا تأتي بلمح البصر؟

اولا يجب تحديد ماذا ستغير، اذا كنت تريد تغيير الشخص تكون مخطئاً فالمشكلة ليست في الشخص، انا اريد تغيير نهج معين مرتكز على شيء مهم جداً، فالطائفية والديموقراطية لا تلتقيان في لبنان، هل نحن مجتمع مشارك؟، نتبنى المشاركة كنهج وبالتالي الديموقراطية؟

لا يمكن ان اضع يدي واقاتل وأستشهد على مدى 30 و40 سنة في الخدمة القادمة، ثم يمكن أن أموت في زواريب بيروت أو في مربعات الزعران الأمنية والتشبيحات المافيوزية، لا يمكن ان تقول للعسكري لا يمكنك الوصول لأنك شيعي.

إذا كنت تريد أن تعمل في السياسة وتبني دولة، لا يمكن ان تقول: عفا الله عما مضى، ستواجه 7 ايار ثانية وفجأة الهيكل سيقع على رأسنا جميعاً، لا يمكن الكلام بهذا المنطق، حاولنا اعتماد طرق جديدة لم تنجح، الطريقة الوحيدة هي القانون، تطوير القوانين وهنا ألفت النظر الى انه لولا الدولة اللبنانية والقضاء لم نكن لنستطيع أن نشطب القيد الطائفي عن الهوية. بالنهاية الدولة اللبنانية والقضاء هما الأهم لتطوير النظام.

[ اذا استطاع رياض الأسعد ان يوجد مساحة له بين هذه الثنائية الشيعية القائمة اليوم، ماذا يفعل؟

أنا أعمل ضمن واقع أكبر مني بكثير، رياض الأسعد لا شيء، من الممكن ان اتعرض غداً لحادث وأجلس في منزلي، اهم شيء بالنسبة لي هو ارساء نمط جديد في التعاطي يكون هو البديل، هذا البديل لا يمكن ان يكون طائفياً، هذا البديل لا يستطيع ان يكون شيعياً ملوناً أو شيعياً عادياً، لا تستطيع ان تعمل ضمن هذا المنطق لأنك ستخسر.

[ تتكلم عن الابتعاد عن الطائفية والى ما هناك، ولكن في السنوات الأخيرة استفحلت هذه الطائفية بشكل كبير وخاصة في الوسط الشيعي، فالى اي حد انعكس هذا الواقع عليك، وكيف اثر على ما كنت تسعى الى القيام به؟

ـ سؤال مهم، فكثير من الناس يسألون عني ولماذا انا مبتعد، انا في السياسة في السنوات الأخيرة لم اكن موجوداً، لانه كان هناك رئيس طائفية وما أنادي به لا يمكن أن يصل الى أحد في ظل هذا الواقع، أغلقوا عليّ بطريقة غير مباشرة، طروحات سنة وشيعة، مقاومة ومحكمة، 8 و14، لم أرد يوماً أن أكون جزءاً من هذا الدمار، هذا منطق عنفي وأنا لا أستطيع أن أكون من ضمن منظومة العنف في لبنان.

[ كمتابع سياسي وإنسان لديه ماضيه وأمامه مستقبل، كيف ترى الواقع السياسي على الصعيد الداخلي وعلى صعيد المتغيرات الإقليمية والدولية؟

ـ على المستوى الداخلي الواقع السياسي صعب، فعلى سبيل المثال، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات فإنه لن يستطيع أن يحكم، إذا 14 آذار فازت، الرئيس بري سيكون رئيساً للمجلس النيابي، سابقاً أقفل المجلس على المحكمة، اليوم أصبحت هذه المحكمة أمراً واقعاً ووضع أمر عملياتها ولهذا فإن الواقع سيكون أصعب من قبل.

أما في حال فاز 8 آذار، على المستوى الاقتصادي فعلاً، من الدول المانحة الى سائر الدول لن تكون فرحة أبداً، هذا ولم نتكلم عن الوضع السياسي وعن المحكمة الدولية ما الذي ستفعله قوى 8 آذار. الوضع السياسي المرتبط بالمنطقة، لدينا مسارات كثيرة جديدة، كنا في فترة الدخول الى العراق واحتلاله، واليوم نحن في فترة الخروج من العراق، الجنود الأميركيون سيعودون الى أفغانستان وقندهار، إلى منطقة جديدة، هناك إعادة انتشار أميركي، ما يعني ذلك مواجهة الإسلام المتطرف ولا نعلم إن كان هناك أي شيء آخر. وبدأنا نرى انعكاس هذا الوضع في باكستان، وبنظري هذا سيجعل التعاطي مع إيران مطلباً أساسياً عند قادة الرأي الأميركي وفي المنطقة ككل. ولكن أيضاً في المسارات الداخلية، لدينا المسار السوري الإسرائيلي، الدور المتعاظم لتركيا والدور الأساسي لإيران، الدور الجديد للعراق الذي سيسترجع حصص النفط، سنرى عراقاً متجدداً، سنرى وضعاً صعباً في السعودية وفي دول الخليج ووضعاً صعب جدا في مصر وكيفية تعاطي النظام المصري مع قضية شهاب تعكس هذه القضية الداخلية والأهم من هذا كله بلورة لواقع فلسطيني جديد.

[إذاً، تغيرات كثيرة، ولكن ماذا سيتغير في الداخل اللبناني؟

ـ بطريقة أو بأخرى نحن مرتبطون بهذه المتغيرات، ان كان إيران أو الواقع الإسرائيلي، وستنعكس على لبنان، لذلك أي عملية سياسية لا تخضع لحصانة داخلية تخولها أن تحصن نفسها خارجياً، سنرى مزيداً من الضغط والتقهقر.

[ماذا عن الوضع الاقتصادي العالمي وتأثيره على لبنان؟

ـ نحن نعيش أزمة عالمية كبيرة ومستديمة، هناك هندسة مالية للولايات المتحدة التي هي مركز الرأسمال العالمي، مبنية على دور اقتصادي جديد لها، لا يقدر الا أن يكون مرتكزاً على أدوار جديدة للمنطقة، فهي لا تستطيع أن تضع السعودية خارجاً ولا الهند ولا البرازيل، هذه القوى الانتاجية الأساسية، كل هذا يجعل من عملية بناء الثقة والنهوض بالاقتصاد الأميركي، قضية مؤخرة قليلاً وستنعكس على لبنان حكماً.

[ لست مرتاحاً للوضع؟

ـ أبداً.

[ اليوم، الذكرى السنوية الأولى لأحداث 7 أيار، أين كنت في 7 أيار؟ كيف رأيت الى ما حصل؟ وما الذي يمكن فعله جدياً لعدم الوصول مجدداً الى 7 أيار جديد؟

ـ الواقع الذي حصل في 7 أيار كان بالنسبة لي فظيعاً وهذا جوهر الخلاف بيني وبين "حزب الله"، حزنت كثيراً لأن لا أحد يستطيع أن يقنعني أن عدداً من الشبان المسلحين يهددون المقاومة، فهي حاكمة لبنان، وبالسلاح لا تستطيع أن تحل هذا الموضوع كله، وصلت المعادلة الى الخروج من وسط بيروت، انتخاب رئيس، تفعيل مجلس النواب والحكومة، وصلت المقاومة الى خيارين، الخيار الأول "منكبرها لنزغرها"، والخيار الثاني "عليّ وعلى أعدائي". أنا رأيت الخيار الثاني ليس في الملا وراس النبع، بل في الجبل، خفت على الكثير من الأشخاص وخفت على الكثير من الأدوار وبالتالي شعرت بالقلق على مستقبل الكيان، ولكن الحمد لله، كان هناك عقال كثر، ضبطوا الاندفاع نحو الأسوأ، ولكن الذي حصل كان إعلان نوايا فظاً وغير مقبول بالنسبة لي لأن المنطق الذي أصبح هو منطق سني ـ شيعي، المنطق في الجبل أصبح درزي شيعي، وهذا منطق غير مقبول.

طلب مني صديقي النائب وليد جنبلاط أن أزور مشايخ الجبل لأن هناك جواً متشجناً تجاه الشيعة، لأنني شخصية قريبة وغير عنفية، وزيارتي هذه ستهدي النفوس الثائرة.

أما في بيروت، أنا نصفي سني وعشت بيروت وجوها والجو السني فيها، وأنا لا أسمح لنفسي بأن أقول سني ـ شيعي وتحديداً أنا، أنا إبن الاستقلال إنما أنا أعرف النبض وعشته، كان هناك جو غير مقبول، المعالجة فيه لا تكون "بدوحة1"، أو "دوحة2"، المعالجة تكون بالرجوع الى الطائف للوصول الى "طائف2".

[ لماذا اعتبرت أن الأخطر هو ما حصل في الجبل وليس في بيروت؟

ـ لأن الدروز في الجبل هبوا دفاعاً عن الأرض والعرض، وكانت لتتطور الأمور، وإسقاط الجبل عسكرياً بطريقة أو بأخرى، إن كان باحتلال مواقع أو إسقاط مواقع أخرى، سيؤدي الى شرخ كبير وكسر لن يعود ليلتحم بين الدروز والشيعة، وسيجعل من هذه الأرض أرضاً من الصعب أن تزرع فيها نوايا حسنة.

[ كيف كانت ردة الفعل من الطرف الدرزي بالتحديد على ما حصل؟

ـ كان وليد جنبلاط ممتازاً تلقى الضربة ووضعها على جنب، لم يكن باستطاعته أن يفعل غير ذلك، فالجبل ساقط عسكرياً، لأن وليد جنبلاط لم يأخذ الخيار العسكري، لم يتسلح ولا يريد أن يتسلح. وهذا الصراع كان سيجعل الأرض محروقة، والأرجح أن وليد جنبلاط الذي عاش الأرض المحروقة ويدرك جيداً معناها، لم يرد أن يورثها لإبنه ولا يورثها لأولادنا.

[ كيف يمكن تلافي 7 أيار جديدة؟

ـ 7 أيار مشروع قابل للتكرار طالما أن أصحابه موجودون، منطق 7 أيار لا يزال قائماً، منطق الطوائف، منطق العنف، لبنان بلد عنفي، لأن الطوائف بالنهاية تستطيع أن تأخذ من غيرها ولكنها لا تستطيع أن تعطي، ولهذا علينا أن نطور اللعبة السياسية، علينا أن نغير الخطاب السياسي، نغير الوجود، وليس أن تستبدل أحداً، بل أن نغير البرامج السياسية ككل. ما نسمعه اليوم عن السلاح الفلسطيني والوجود المسيحي كنا نسمعه في الـ72 والـ75 والـ78، نتكلم اليوم عن حماية سلاح المقاومة، في الماضي لم يكن منطق المحروم قائماً ولكن كان هناك مسار نضالي مقاوم في الحركة الوطنية التي كان معظم قياداتها من هذه البيئة المحرومة.

كنا نسمع هذا الكلام ولا زلنا، إذا كان في 30 أو 40 سنة لم يتطور كلامنا وحديثنا، فمتى سنتكلم بالشباب بالبيئة بالكهرباء بالوظائف بالماء... ونتكلم ببحر لا نستطيع رؤيته؟

بدأنا نتكلم اليوم عن النسبية ولكن أشك في تطبيقها، بدأنا نتكلم بتفعيل قانون فؤاد بطرس، إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية.. ولكن كل هذا الكلام هو الى اليوم مجرد حبر على ورق. في النهاية لا نرى سوى بلد يتجه من أزمة الى أخرى واليوم أزمة القضاء، هناك من يطلق النار على القضاء.

[ طالما نتحدث عن القضاء، ما رأيك بإطلاق الضباط الأربعة، وبالحملة على القضاء؟

ـ أنا لا أتهم أحداً إلا إذا كان مذنباً، الاعتقال الاحتياطي كان تعسفياً، لم أفرح للضباط الأربعة، بل لعدالة معينة ناقصة.

[ التحقيق الدولي والمحكمة؟

ـ في نظري، المحكمة غير مسيسة، لها منطقها وبالنهاية سيظهر من قتل رفيق الحريري ولكن من المؤكد أنه ليس أبو عدس ولا عدس وأخواته.

[ ماذا عن الحملة على القضاء؟

ـ في مجلس الوزراء، حصل شريعة معينة، تدخل وزير العدل طالباً أن يترك هذا الأمر لمجلس القضاء الأعلى كي يحل الموضوع، أيده الوزير محمد فنيش فانتهى الموضوع.

القضاء يجب أن لا يخضع للتسييس، ولكنه انعكاس لنظام طائفي والمحاصصات مذهبية طائفية وهو أيضاً جزء من هذا المجتمع، كي تستطيع أن تنزه القضاء لا يمكن أن تتكلم كلاماً فارغاً، كي تحيد القضاء عليك أن تغير الواقع السياسي. ليت القضاء ينتفض على التسييس الذي يلاحقه من كل الأطراف.

[ باختصار ماذا يعد رياض الأسعد أبناء الجنوب، الذي أسس معهم ولا زال وسيستمر، بغض النظر عن الانتخابات؟ ماذا يعدهم في الـ2013؟

ـ إنتهت الانتخابات في 5 أيلول من العام 2000، حصلت على 50 ألف صوت، لاحقاً قيل لي ما كان يحصل وحتى في الـ2005، حين زادوا نسبة الاقتراع، وهذه المرة أيضاً ستحصل محاولات اللعب بالنتائج. في اليوم الثالث لتلك الانتخابات خرجت لأقول إن معركتي مع هذا النظام مستمرة وموعدي عام 2009، اشتغلنا في الـ2001 انتخابات جزئية وبدأت المشاكل، شاركنا بمشاريع كثيرة وعلى مختلف الأصعدة، دخلنا في الـ2004 وحققنا أرقاما هائلة في مناطق كثيرة، خرجنا الى الـ2005 فتم اغتيال الرئيس الحريري، وما حصل من وقتها الى اليوم من اغتيالات تفجيرات، تخوين، حرب، مظاهرات، تعطيل، احتلال ساحات، زيادين، الجامعة العربية...

المشروع الذي كنا ننادي به كان من الصعب أن يأخذ مساره في ظل تلك الأجواء التي كانت قائمة وإلى اليوم بالكاد استطعنا أن نعمل في السياسة.

اليوم أستطيع أن أقول إن استحقاقي الذي كان في الـ2009 أصبح في الـ2013 هذا في حال إسرائيل لم تعتد علينا، وأن لا نشهد اغتيالات وخضات كالتي شهدناها، وحكماً هذا سيحصل تبعاً لمسار العنف القائم في لبنان.

إذا كان المسار العنفي ضئيلاً، ولم يتكرر ما حصل في السنوات الماضية، في الـ2013 مهما شكلوا ودوّروا من دوائر، إن أقروا النسبية أو أكثرية أو فردية أو ما الى هنالك من قوانين، سترى واقعاً جديداً 100% ثاني يوم الانتخابات.

أقول هذا الكلام لأن هناك تراكماً هائلاً من عدم الرضى الذي يشعر به المواطن، ليس معقولاً أن يكون هناك نواب منذ 50 سنة ويستمروا ليس معقولاً أن يكون هناك نواب سقطوا في مناطقهم وطوائفهم وأتت رافعات لهم من غير مناطق، ليس معقولاً أن يحصل فشل هائل في السياسات الاقتصادية ونستمر على نفس الحال، لا يمكن للشعب اللبناني أن يتحمل ما يحصل.

سنرى بداية انهيار حقيقي للنظام الطائفي، الآن على الشاطر أن يسمع، الناس تمشي وراء غرائزها ولكن اليوم بدأت الناس تسمع.

[ هل نحن بحاجة الى ثورة "فكرية" لدى الناس؟

ـ موجودة، لكنها بحاجة الى أرضية معينة. لدينا فلسفة متسارعة للحياة والثمن ندفعه يوماً.

لبنان اكبر ثالث بلد مستورد للسيجار في العالم، فسر لي كيف أن موظفي الدولة يدفعون مئات الدولارات لسيجار؟ هذا هو الواقع في لبنان وعلى أمل أن يتغير.

تعليقات: