صورة لاوديت وصورتان لابنيها المفقودين يحملنها رفيقاتها اثناﺀ التشييع امس
"لاْ... مش على كيف الدولة. الدولة مش حاسة معنا نحن. الدولة مش خسرانه فيهم متلنا. هي بتقول بتحكي بس نحن الاهل لأ".
عبارات حفظتها اوديت سالم، عن ظهر قلب. تعبر من خلالها عن مشوار من المعاناة عمره 24 عاماً، تنتظر فيه ولو سماع خبر او معلومة عن ابنها ريتشارد وابنتها كريستال، إلا ان القدر لم يشأ ان يطيل لها سنوات وشهورا واياما وحتى ساعات الانتظار الطويلة وقرر وضع حد لحياة، تختصر تاريخ لبناني اليم بمآسيه ودموعه وقسوته.
ربما لم تقصّر "ام غسان" بحق الدولة حينما سارعت الى احتضان جثمان رفيقة دربها في رحلتها ما قبل الاخيرة الى الخيمة الصامدة منذ اكثر من اربع سنوات في وسط بــيــروت وبــالــقــرب مــن مبنى الامــم المتحدة ومــا خلفها مــن مبادئ وقيم حقوق الانسان. بكتها "ام غسان" كثيراً ولم تبخل بدموعها، وكيف يبخلن وهن الامهات ومن اقدر منهن على العطاﺀ. "الدولة اللبنانية قتلتك يــا اوديـــت ورح تقتلنا كــمــان، انشاالله بيدوقوا الــكــاس الــمــر يــلــي شــربــنــا مــنــو"، العتب على الدولة وتقصيرها فاز بالتزكية ومن دون اي معارضة من مع ولديها، وتحرص على الحياة ليس من بــاب عشقها لها وهي التي نالت نصيباً وافياً من ظلمها بل تشوق للحظة التي تحضن فيها ريتشارد وكريستال، فحينها ربما تأخذ حكمة "الموت حق" طريقها الى التطبيق.
اخــتــرق جثمان اوديـــت سالم بـــالـــدمـــوع والـــحـــســـرة صــفــوف ا لمجتمعين فــي ا لخيمة ا لتي اقامتها لجنة اهالي المفقودين والمختطفين في السجون السورية "سوليد". بكى الجميع من دون، استثناﺀ من يعرفها عن قرب ومن لم يعرفها. تحلقت رفيقات دربها من الامهات والاهالي حولها، لم ينتظروا كعادتهم لتصل الى باب مدخل خيمتها فسارعوا الى استقبالها عــنــد وصـــول موكب التشييع. الحزن العارم الذي خيم على المكان لم يستثن احدا وليثبت من دون شك انسانية القضية التي يناضل اولئك الامهات من اجلها وحقهن في معرفة مصير ابنائهن وازواجهن واخوتهن المعتقلين والمفقودين. على ان الملاحظة الابرز تمثلت بغياب الدولة ورجالها وقادتها وسياسييها، "فربما يكون الحق على اوديـــت انها اختارت الانتقال الى العالم الآخر في موسم انتخابي يأخذ الكثير مــن وقت نواب الامة ووزرائها ومسؤوليها، وليكون النائب غسان مخيبر الذي فضّل ان يحضر بصفته المواطنية لا السياسية. لم يقدر مخيبر على اخفاﺀ دموعه والتزم بالقاﺀ السلام الحقيقي مقبلاً جميع الامهات ومعزياً اياهن داعياً الى ضرورة استكمال المسيرة حتى النهاية.
دعت رهبة الموت جميع الامهات الـــى حــبــس نقمتهن والالـــتـــزام بدقائق من الخشوع تمهيداً للصلاة على جثمان رفيقتهن. ثــم بدأ تحملها امهات من امثال اوديت لن تنسى وبأن هذه القضية صار لديها شهيد مثل اي قضية اخرى وليس الدم وحده معياراً للشهادة".
واضاف مخيبر "سنبقى في الخيمة، وستبقى هذه الخيمة مفتوحة وهي باتت رمــزا لكل لبناني ولبنانية، والى ان هذه القضية المحقة من غير الممكن اغلاقها وطمسها، لا السياسة ولا الـــدول ولا حتى الزعامات بمقدورها ان تمحوها من اذهان اولئك الامهات" معاهداً "بأن هذا الملف لم ولن يقفل وما نطالب فيه اضافة الــى الكشف عن مصير المفقودين، التعويض المادي والمعنوي".
من جهته اعتبر رئيس جبهة الحرية فؤاد ابو ناضر، والذي حرص على الحضور "ان اوديت شعرت ان هذه القضية المحقة تمر بلحظات من النسيان، وسببه ذلك النشاط الانتخابي، وبالتالي ارادت اوديت في موتها ان تسمع العالم بأن هناك قضية انسانية يجب ان لا تنسى". والقت المتحدثة باسم اهــالــي المعتقلين فــي السجون الــســوريــة ربيعة الــريــاشــي كلمة وجدانية، لم تستطع خلالها اخفاﺀ دموعها مشيرة "الــى انــه عندما كنا نتحدث مع اوديــت، كنا نؤكد على انه يجب ان نكون موجودين لحظة اطــلاق ابنائنا، وهــي على هذا الاساس انتظرت اكثر من 24 عاماً، ودفعنا الصبر لان نكون في هذه الخيمة وسنواصل وسيزيد حضورنا عليها حتى عودة ابنائنا، وستبقى القضية في ضمير كل محب ومؤمن "مختتمة" ما نريده اليوم ان نعرف من هو المسؤول، واين هو ذلك المسؤول".
تحدث الامين العام لمركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب محمد في الخيمة بل هو مشوار طويل من النضال عمره 24 عاماً "مشيرة الى ان" سياسة التهميش والتطنيش التي تتبعها الــدولــة باتت غير مقبولة". كما القيت كلمات لكل مــن امــيــن عــام الــمــركــز اللبناني لحقوق الانسان وديع الاسمر، وكلمة وجدانية لكريستين الشيخ.
وكانت الكلمة الاخيرة لرئيس جمعية سوليد غازي عاد، اكد فيها "على ان الجمعية طلبت من مدير عــام قــوى الامــن الــداخــلــي اشــرف ريفي اجراﺀ فحص الحمض النووي لاوديــت قبل الدفن لانها تعتبر الشخص الاخير من عائلة البير سالم وقد لبى المطلب وسيكون الفحص الاول في البنك الذي قررنا انشاﺀه". واعلن عاد "ان الجمعيات المهتمة بقضية الاخفاﺀ القسري في لبنان لن تنتظر طويلاً، وعلى الحكومة اللبنانية ان تجاوب سريعاً على مذكرة انشاﺀ الهيئة الوطنية التي قدمناها لرئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة والوزراﺀ المعنيين، مع العلم باننا سنباشر كمجتمع مدني انشاﺀ الهيئة".
كانت اوديت من اكثر الامهات المداومات في خيمة الاعتصام
احد من الموجودين في استقبال اوديت، الى حصن نضالها الاخير.
فهي التي كانت تسرد لاي زائر لخيمتها تفاصيل الساعات الاخيرة
قضت اوديت دهساً بالقرب من الخيمة حيث تعتصم منذ 4 سنوات
وجد النائب مخيبر في اوديــت "بأنها كانت الام والاخت والصديقة"، واصفاً اياها "بأنها كــانــت حــارســة الخيمة وصاحبة البسمة التي لا تفارقها بانتظار لقاﺀ ريتشارد وكريستين" واشار مخيبر "الى ان الفضل في تفعيل قضية المعتقلين والمفقودين اللبنانيين يعود لهؤلاﺀ الامهات اللواتي لم يستسلمن للواقع وقررن الدفاع عن اولادهن حتى النهاية" مشدداً "على ان القضية التي
تعليقات: