مصير الوطن بين يديك
إستنفار الحملات الاعلانية للقوى السياسية>>
تسير وكأنك في "المدينة الفاضلة" لأفلاطون· أينما تنظر تطالعك المواعظ والحكم:النزاهة، الصدق، العدالة،الامل، المستقبل، الاستقرار والتغيير· فالمرشحون يتبارون على اكتساب أصوات الناخبين من خلال الشعارات الرنانة إياها، والناخب كعادته يسمع لا يصدق ولكن يصوّت·
أما أبرز المتنافسين على استئثار اللوحات الاعلانية هما تيار المستقبل والتيار الوطني الحر· فغطت الالوان الزرقاء والبرتقالية معظم ال"بانويات" على امتداد الشوارع في مختلف المناطق اللبنانية - وان كانت ذات ثقل كمي في مناطق يعتبرها كل من التيارين مركز ثقل انتخابي له - فيما توزعت باقي التيارات في شعارات متفرقة واحيانا نادرة في المناطق وان كانت هذه المناطق معقل لها·
فكرة الاعلان لم تكن وليدة اللحظة بل جاءت نتيجة عصارة الأحداث التي عصفت بلبنان في الآونة الاخيرة فكانت صورة طبق الاصل عن الاستفزاز والتنافس والتناحر السياسي بين الاطراف المتنازعة على الساحة اللبنانية·
شعارات الموالاة اقتبس تيار المستقبل شعاراته من اعلان رئيسه النائب سعد الحريري البرنامج الانتخابي للتيار في البيال شعار "لبنان اولا" وجاءت الشعارات على نسق واحد "الاقتصاد اولا"،"القانون اولا"،"الاستقلال اولا"،"النمو اولا"،"العلم اولا"، "الدولة اولا"وهكذا دواليك …
أما القوات اللبنانية، فأيقنت أن مناطق نفوذها تبدأ من الدكوانة صعودا" مرورا" بجسر ضبية حيث انتشرت لافتات قليلة تدعو الى التغيير والاستقرار: صوتك بيغير الصورة مع صورة لأحداث 7 أيار التي أعادت الى الاذهان صورة الحرب الاهلية او ما سمّي باجتياح حزب الله لبيروت·
ندرت شعارات واعلانات الكتائب اللبنانية في معقلها المتني فهي اكتفت بشعار واحد ردّت فيه على اعلانات التيار الوطني الحر " صوّت لمشروع مش لشعار:عقد للاستقرار"،"استقرارك مشروعنا، البرلمان سلاحنا" في غمزة الى سلاح حزب الله·
والمعارضة التيار الوطني الحر استنفر امكاناته المادية كلها·واكتست معظم الطرقات باللافتات البرتقالية التي تدعو الى الصح والابتعاد عن الخطأ· منطقة "برج حمود" التي كانت بيضة القبّان في الانتخابات الفرعية في المتن والتي اكسبت التيار الوطني الحر المقعد الشاغر بعد استشهاد الوزير بيار الجميل لبست اللون البرتقالي·وأجمعت الشعارات "الأورونجية" على "الصح": "غلطة الشاطر بألفين وتسعة، فليكن تصويتكم صح صح، لا مستقبل الا بالتغيير: صح، فكّر صح تيصحّ الوطن"·
حزب الله اتّخذ اللون الاصفر خلفية للافتاته التي اختفت في الشوارع الداخلية لما كان يعرف ببيروت الشرقية وندرت على الطريق الدولية- ضهر البيدر· فيما تكاثرت على طريق المطار المؤدية الى الضاحية الجنوبية "مركز نفوذ حزب الله" وحملت شعارات "لبنان وطن حر قادر بأبنائه، لبناننا لبنانهم لبنانكم"،"لبنان وطن المساواة لابنائه،"قاوم بصوتك"·
حليفة حزب الله في المعارضة "حركة أمل" اتخذت من صورة رئيس مجلس النواب وقائدها نبيه بري أملا في الوحدة الوطنية· "فالامل بيوحّد مع صورة الرئيس برّي وخلفية لجامع وكنيسة، وصورة لبرّي تجاورعلم لبنان"·
والسما زرقا بعد فشل محاولاتنا بمقابلة مصمّم الحملة الاعلانية لتيار المستقبل داني ريشا لفت مسؤول الاعلام في التيار الصحافي راشد فايد ان الحملة الاعلانية للتيار جاءت توكيدا للعناوين الاستراتيجية التي رفعتها جماهير 14 آذار في ساحة الشهداء في 2005 وكررتها في كل ذكرى لاستشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري· مشيرا الى ان الحركة الاستقلالية ل14 آذار قامت ردا على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعلى اغتيال مشروع إقامة الدولة الديمقراطية والتنمية والنهوض الانساني والاقتصادي فتركة الرئيس الراحل السياسية والاجتماعية والانسانية والتنموية أطلقت التيار وجمعت الناس حوله في حياته ومماته لذا كان شعار "لن ننسى والسما زرقا" وهو مثل شعبي يعبّر عن موقف قطعي وحازم وغير قابل للتراجع·ونحن فعلا لن ننسى الاغتيال ولن ننسى مشروع إقامة الدولة والعدالة للبنان وأن لا أحد أكبر من بلده كما لن ننسى محاولة اغتيال بيروت في 7 أيار 2008·
ما رح ترجعوا و···· " ما نقصده هو اننا لن نرجع الى عهد الوصاية ولن نرجع الى زمن التحكم بالقرار السياسي اللبناني ووضع اليد على الوطن " هذا ما شرحه فايد عن شعار "ما بترجعوا والسما زرقا" مؤكدا أن هذا الشعار غير قابل للتأويل كما أن شعار "لبنان أولا " لا يمكن أن يكون بدون الاهتمام بالهم الاقتصادي والديمقراطي والانساني والتنموي للمواطن اللبناني فكانت شعارات الاقتصاد اولا والعلم اولا والتنمية اولا والامن اولا وتعزيز الديمقراطية أولا لذلك ركزنا على أولويات التقدم والازدهار الاقتصادي كما انه من المعروف عنا اننا تيار لا نقاتل الا بالعلم والمعرفة·والاستفزاز الذي يقوده ضدنا الغير لن يجرنا الى سجال وتقاتل· فنحن لن ندخل في مهاترات واذا كان لا مستقبل الا بالتغيير فنقول المستقبل لا يكون الا بالتغيير الصحيح لا بالتغير او التبدل من موقف الى غيره·
مبدأ اللاعنف وأكد فايد على نجاح الحملة لانها الوحيدة التي لا تعتمد على العصبية الدينية أو القبلية او الاستفزازات وهدفها تأكيد المسلمات للاستراتيجية السياسية والتنموية والاقتصادية للتيار·ولم تأت هذه الحملة لاستنفار الجمهور لممارسة دوره في الانتخابات لان جمهور 14 آذار واعٍ ويعرف أن كل سياسات التعدي على موقفه يسقطها مبدأ اللاعنف الذي اعتمدناه دائماً ومن خلال ممارسة الرئيس الشهيد طوال حياته وممارسة نجله بعد مماته·
الجمال والانتخابات ?Sois Belle et Vote ? او "كوني جميلة وانتخبي" اعلان للتيار الوطني الحر توجته ال? OTV? (قناة التيار العوني) كأفضل اعلان انتخابي كما تصدر الصفحة الاولى من الصحف الاجنبية "Le Figaro? و" Times?. إعلان اعتبره البعض استهزاء بالمرأة - وكأن المرأة غير الجميلة لا يحق لها أو لا يمكن أن تنتخب· وفي ذلك يشرح المسؤول عن الحملة الاعلانية الانتخابية للتيار الوطني الحر سامي صعب الذي سخّر نفسه وأفكاره مجانا ولمدة شهرين "لإظهار المشروع الحقيقي للتيار الذي يؤمن بمبادئه وأفكاره" كما يقول· ويضيف "هذا الاعلان أردنا فيه أن نحاكي المرأة اللبنانية دون أي عِقد· أردناها إمرأة لبنانية تثير المجتمع من خلال صوتها وقوتها التغييرية وليس مجرد إعلان لبيع مستحضر ما· أردناه محاكاة النساء اللبنانيات اللواتي يمثلن 50% من الناخبين لنقول أن الجمال مفيد ولكنه لن يكتمل الا بالمشاركة الفاعلة وبقوة القرار السياسي.?
وأكد صعب " ان هذا الاعلان يستحوذ على اهتمام كبير حتى اصبح هناك مناداة من قبل احد الصحافيين السعوديين بانتشار هذا الاعلان في السعودية لتشجيع النساء السعوديات على الاقبال على الانتخابات·ولكن وللاسف البعض أراد تحريك الاعلان سياسيا من أجل مصالح ولكننا نؤكد على دعوة المرأة الى التعبير عن رأيها والمشاركة في السياسة لأن المرأة انسان له رأي ولديه حرية الاختيار والتعبير"·
صعب:نخاطب المواطن اللبناني "شو ما كان لونك -فكّر صح" كان رد صعب لدى سؤاله عن الفئات التي يستهدفها في اعلاناته "نحن نخاطب المواطن اللبناني على اختلاف لونه ودينه وعمره " معتبرا ان التوجه الى الناس باللغتين الفرنسية والانكليزية هو غنى للحملة الانتخابية وليس توجّها الى المثقفين فقط "فاللبناني أصبح يتحدث أكثر من لغة وبالتالي فان اي اعلان هدفه إثارة الناس وهكذا أنا أثير المتكلمون باللغات الاجنبية أيضا·
وعن "البانو" حيث يظهر اعلان لتيار المستقبل ممزق ليخرج منه اللون البرتقالي وشعار لا مستقبل الا بالتغيير شرح صعب انه لم يستفز أحد بهذا الاعلان وأن كل الوسائل مسموحة في معركة حضارية· هذا الاعلان جاء ردا على اعلان للطرف الآخر الذي امتلك المستقبل - وهذا بحد ذاته هو الاستفزاز إذ احتكر الطرف الآخر المستقبل لنفسه - فلجأت الى مساعدته بالقول ان المستقبل يكون بالتغيير· فمعاً نبني المستقبل بالشراكة ونغيّر الواقع المرير· فالمواطن اللبناني يريد برنامجاً مضموناً وليس فارغا·
الجمهورية الثالثة "الجمهورية الثالثة ثابتة" إعلان إعتبره صعب من أكثر الاعلانات التي استفزت الطرف الآخر ولكنه أكد "أن الجمهورية الثالثة التي يطمح اليها التيار ليس نسف اتفاق الدوحة كما قيل او نسف اتفاق الطائف بل جمهورية لكل ابناء الوطن تقوم على المشاركة والتغيير والاصلاح ومحاربة الفساد واللاطائفية السياسية والعلمنة ونريدها ثابتة لا مهزوزة· وتساءل هل هذه الجمهورية مخيفة ؟ وختم صعب ان اعلاناته صادقة وتعبر عن رؤية ومبادىء التيار وهي عبارة عن برنامج انتخابي نعرضه فوق الطاولة ونحن لا نتوخى الحكم السياسي على شعاراتنا فلتكن شعارات الآخرين واعلاناتهم منفتحة وراقية كما اعلاناتنا على أمل أن يقرر المواطن اللبناني أي برنامج يفضّل وأي لبنان يريد·الحرية بالاختيار ولكن ليكن الخيار صح فممنوع الغلط في انتخابات ال 2009·
شعارات قليلة ولكن قوية ومؤثرة الكتائب اللبنانية اعتمدت على قلة الشعارات كماً ولكن قوتها وحضورها نوعاً· فاستعاض سيرج ضاهر منسق الحملة الانتخابية للكتائب اللبنانية بالاعلانات التلفزيونية "الصوت والصورة الأقوى تأثيرا" عن الاعلانات على البانويات التي اقتصرت على إعلان واحد " صوّت لمشروع،مش لشعار: عقد للاستقرار "· "البلد عايش على الشعارات لكن ما يهم المواطن هو الاستقرار الامني والاجتماعي،لذلك اعتمدنا على الاعلانات التلفزيونية التي تتحدث عن البيئة والعلم والحياة الاجتماعية للمواطن وكل ذلك تحت متفرعات الاستقرار" يقول ضاهر مؤكداً أن الشعار هو المشروع الجدي ولذلك ندعو في حملتنا الى رؤية المشروع وليس الشعار· ونتوجه الى كل اللبنانيين ومن ضمنهم حوالي 20% من اللبنانيين الذين لا ينتمون الى 8 أو 14 آذار وبالتالي ندعوهم الى إنتخاب من يقنعهم من خلال خيار فعلي تحت عنوان "الاستقرار"·
لا للتجريح أو التخوين وعن الحدود التي لا يمكن للكتائب أن تتخطاها في حملتها الانتخابية أكد ضاهر أن معركة الحزب هو على الدوائر المسيحية وأن هناك اختلاف بين الأطراف المسيحية لكن ذلك لن يدفع الى اعتماد لغة التخوين والتجريح والمهاترات والاستفزاز فالاختلاف مطلوب ولكن يجب الا يربي الحقد والتخوين والطائفية·ولفت ضاهر ان حملة الكتائب الانتخابية تشبهها الى حد كبير فهي صادقة لا تجرح وتتوجه الى مستوى العقل، تُشرك الناخبين في القرار بوضوح ودون إستفزاز·
وختم ضاهر متمنيا بأن تمارس الأحزاب السياسة والاعلام والاعلان الانتخابيين باحترام فلا الاصطفاف الحاد مقبول ولا التهجّم على الآخر مقبول داعيا الى أن تكون الحملات ضمن إطار الاحترام ولندع المواطن هو الذي يقرر خياره·
ثابتون على رؤيتنا ? "أمل" إبنة الرئيس نبيه بري هي التي صمّمت اللوحات الاعلانية " هكذا وصلتنا أخبار من مصادر مقرّبة من الرئيس لكن مسؤول الاعلام في "حركة أمل" الدكتور طلال حاطوم أكد أن الحملة هي نتاج جهد مجموعة من المؤمنين برؤية الحركة وبمبادئها وشدّد على أن الحملة الاعلانية تتوافق مع رؤية الحركة الى مجمل العناوين السياسية والثوابت المطروحة على الساحة اللبنانية فجاءت تعبيراً عن هذه الثوابت وملتزمة بموجبات قانون الانتخابات رقم 25/2008· وإنتشرت الشعارات في مختلف المناطق اللبنانية وهو أمر طبيعي يحقق التنافس الديمقراطي في إبداء الرأي والتعبير عن وجهة النظر لكل اللبنانيين في كل المناطق·
شعارات تخاطب اللبنانيين جميعا وعن مضمون الاعلانات أشار الدكتور حاطوم الى ان حركة أمل ومنذ تأسيسها على يد الامام القائد موسى الصدر تؤمن أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه وأن الوحدة الوطنية عامل أساسي في تطور ورقي البلد وأن العيش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني ثروة يجب التمسّك بها لأنه يشكل نموذجا يحتذى به للتعايش بين طوائفه·ولذلك نركز على شعارات الأمل والتضامن والمقاومة والانماء ودولة المؤسسات:الانماء الذي نريده متوازناً والمقاومة التي نصر على أن تكون مظلة أمان للوطن والمستقبل والأمل الذي يجعل الوطن طموحاً ودولة العدالة وتكافؤ الفرص ودولة المؤسسات الحاضنة لجميع أبناء الوطن الذين نتوجّه اليهم بكل شرائحهم وطوائفهم وانتماءاتهم المناطقية علما أننا نؤمن أن القانون الذي نؤيده هو قانون الدائرة الواحدة مع النسبية حيث يتحوّل المرشح الى ممثل للوطن جمعاء وليس للطائفة· كما ركزنا على مفهوم الديمقراطية التي نريد أن تكون نهج حياة وليس ورقة في صندوق الاقتراع خصوصا وان الديمقراطية تشكل نقيضا واضحا للطائفية·
ثوابت الخطاب المتوازن وتابع حاطوم أن شعاراتنا منبثقة مما نؤمن به ومما نرفعه من ثوابت خصوصا وأن البلد بحاجة الى مساحة هدوء وإبتعاد عن التشنّج ورفع منسوب الخطاب السياسي الى درجة التوتير بل من خلال خطاب متوازن يطرح مجمل القضايا المختِِِلف حولها أو المتباينة بكل شفافية وصراحة من أجل نقاش شفاف وموضوعي يؤمن خطابا يبني وطنا ودولة·
والسؤال الذي يبقى رهن الانتخابات المقبلة، هل ستسقط هذه الشعارات الرنانة وهل سيفي المرشحون الحاليون بوعودهم بعد وصولهم مقاعد البرلمان ؟ وان تخلوا عن مضمون شعاراتهم هل سيستطيع الناخب محاسبتهم متى اخطأوا؟
نغم أسعد
تعليقات: