تعلمت أن من جدّ وجد ومن زرع حصد
تعلمت منه رحمه الله تعالى أن أعيش مظلوماً ولا أكن ظالماً وأن أخفض جناح الذل من الرحمة وأن أعفو عند المقدرة .
فأنا أدرك أن فوق كل ذي علمٍ عليم ومهما إتسعت ثقافتي فهي تتضائل أمام معرفة الآخرين
فكل يوم كان يمر علي في حياة والدي رحمه الله كنت أعتبره يوماً دراسياً جديداً في حياتي
ولذلك أحببت في هذا الموضوع أن تشاركوني بعض ما تعلمته .
تعملت أن أصل الرحم وأن أبادر بالسؤال عن أقربائي وأن أزور المريض وأن أسأل عن جميع الأهل والأصدقاء، تعلمت أن كل إنسان من حولي فيه جانب يمكنني أن أستفيد منه ولذا لن أفرط في كل من تربطني به علاقة صداقة أو علاقة إنسانية .
وتعلمت أن أقابل الحقد بالمحبة وأن أبتعد عن كل من لا يحترم نفسه وأن لا أجادل الأحمق فقد يخطئ الناس في التفريق بيني وبينه .
تعلمت أن الموت والحياة بيد الله وحده سبحانه لا إله إلا هو يحيي ويميت وهو حي لا يموت، وتعلمت أن كلمة لمن هو في الأسفل قد ترفعه إلى الأعلى وتجعله يحقق ما يصبو إليه، وأن كلمة محبطة لمن هو في الأسفل قد ترفع من شأنه وتنزل من شأني لذلك يجب أن أنتبه لما أقوله، ولا أنزل لمستوى السفهاء الذين يعبرون في طريقي ويجب أن أتجنبهم ولو بكلمة طيبة.
وتعلمت أن لا أقول كل ما أعرف ولكن يجب أن أعرف كل ما أقول، تعلمت أن أكثر الناس أذى هم الأشخاص الذين أمنحهم كل ثقتي لأنهم بمعرفتهم أسراري قد يستخدمونها ضدي لو إختلفت معهم.
وتعلمت أن الضمير صوت هادئ يخبرني بأن أحداً ما ينظر إلي، وتعلمت بأن المال خادم وخادم جيد يلبي كل ما تحتاجه في بعض الأوقات العصيبة لكنه سيد فاسد في أوقات أخرى ولكن لا غنى للإنسان عنه وقت الحاجة.
تعلمت أن الحب الذي يكون بأقوال ولا يترجم بأفعال ما هو إلا مضيعة للوقت وأن أكثر الناس دنائة هو الذي أعطاني ظهره وأنا في أمس الحاجة إليه ، وتعلمت أن لا أحزن إذا جاءني سهم قاتل من أقرب الناس إلى قلبي لأني سأجد من ينزع السهم ويعيد لي الحياة والابتسامة وأن لا أضع كل أحلامي في شخص واحد ولا أجعل رحلة عمري في وجه شخص أحبه مهما كانت صفاته .
وتعلمت أن المتفائل إنسان يرى ضوءاً غير موجود والمتشائم أحمق يرى ضوءاً ولا يصدقه ، وتعلمت أن الحياة مليئة بالعوائق والحجارة فلا أتعثر بها بل أجمع الحجارة وأبني بها سلماً أصعد به نحو النجاح وأن قطرة المطر تحفر في الصخر ليس بالعنف ولكن بالتكرار ، وتعلمت بأنه لا أحد يستطيع إستغلالي إلا إذا لنت له و إنحنيت ، وأنه إذا طعنني أحد من خلفي فمعنى ذلك أني في المقدمة ، تعلمت أنه يمكنني أن أعمل ما أستطيع أن أعمله فقط عندما لا أدع الآخرين يجعلونني أعتقد أني لا أستطيع ذلك فمن جد وجد ومن زرع حصد وتعلمت من والدي كذلك أنه لا يوجد حقائق مطلقة في الكون وبالتالي لا يجب أن أتشبث برأيي عندما أشعر أنه خاطئ وعلينا بناء على ذلك أن نتقن فن الإستماع للآخرين لنتأكد من صحة قناعاتنا وأفكارنا .
وتعلمت أنه ليس العيب في أن أسقط ولكن العيب أن لا أستطيع النهوض مرة أخرى، وتعلمت أن بداية الفشل هو محاولة إرضاء كل شخص أعرفه فهناك فرق كبير بين المجاملة والنفاق وبين التراجع والهروب وأن الفاشل يصف النجاح بأنه مجرد عملية حظ وهو بذلك إما يفكر دون تنفيذ أو ينفذ دون تفكير، تعلمت أن الأمس هو شيك تم سحبه والغد شيك مؤجل أما الحاضر فهو السيولة الوحيدة المتوفرة وأن أصرفه بحكمة، تعلمت أن التنافس مع الذات هو أشرف وأفضل تنافس، تعلمت أن هدية بسيطة ليست متوقعه لها تأثير أكبر بكثير من هدية ثمينة متوقعة وأن أحلم وأطمح حتى لو بنجوم وفي نفس الوقت لا أنسى أن قدماي على الأرض، تعلمت أن البلاء والمرض يقرب بيني وبين الله ويعلمني الدعاء ويذهب عني الكبر والعجب والفخر وأن لا أجالس البُغضاء والثُقلاء والحسدة فإنهم مرض الروح وهم حملة الأحزان، وتعلمت أن لا أتأثر من القول القبيح والكلام السيئ الذي يقال عني فإنه يؤذي قائله ولا يؤذيني لأنه أهدى لي حسناته وحط من سيئاتي وأنني إذا وقعت في أزمة أن أتذكر كم أزمة مررت بها ونجاني منها الله حينها أتعلم أن من أنقذني في الأولى سينقذني في الثانية.
وتعلمت منه رحمه الله حديث لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كان يردده دائماً ( إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وإعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) . وهذه كانت حكمته في الحياة الدنيا رحمك الله يا والدي وألحقك بجدك محمد وآله الطيبيين الطاهرين في جنات النعيم ، لقد كنت مدرسةً قائمةً بذاتها لقد فقدناك وتركت فراغاً كبيراً بيننا ، لكن هذه حكمة رب العالمين ولا إعتراض على حكم الله عز وجل.
وصلي اللهم على المصطفى الأمجد والرسول المسدد محمد إبن عبدالله وعلى آله الأطهار وأصحابه المنتجبين الأخيار .
والسلام عليكم وحمة الله وبركاته ،،،
حسين السيد علي السيد سعيد زلزله
تعليقات: