الانتخابات وبروباغندا الترهيب

زيّ ما هي ..
زيّ ما هي ..


اتخذ الخطاب السياسي ـ الانتخابي لأقطاب الموالاة والمعارضة مؤخراً منحى آخر لاستنهاض واستقطاب الناخبين حيث جرى التركيز على مرحلة ما بعد السابع من حزيران، وما ينتظر لبنان من تغيير في حال بقيت الأكثرية أكثرية، أو في حال باتت المعارضة هي الأكثرية.

وفي هذا الإطار، أخذت تتوضح أكثر معالم اللعبة المقبلة داخلياً وخارجياً، وبالتالي أخذت تتوضح أكثر سيناريوهات المرحلة المقبلة.

البارز الأكبر في تقاطعات الخطاب السياسي ـ الانتخابي لتجمع الرابع عشر من آذار وأربابه الإقليميين والدوليين، هو حجم التهويل والترويع النفسي الذي يمارس على المواطنين لحملهم على تغيير آرائهم ان لم يكن لمصلحة هذا التجمع، فعلى الأقل لمصلحة اتجاه آخر لا يصب في خانة مصلحة المعارضة.

عدة التهويل شملت عناصر عدة أبرزها:

ـ التهويل الإسرائيلي بالحرب الشاملة التي لن تستثني مكاناً هذه المرة كما يقول باراك، لأن الاستثناء في المرة الماضية جاء لاعتبارات تخدم تجمع فريق الرابع عشر من آذار، أي تحييد الحليف الموضوعي، في مقابل تصوير الحرب وكأنها مع طرف، وليست مع كل اللبنانيين.

ـ التهويل بالعزلة الدولة بكل أبعادها الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية والمالية من خلال ارسال رسائل واضحة بأن كل هذه ستكون موضع تقويم وإعادة نظر.

ـ التهويل ـ وبلسان أميركي فصيح ـ بدفع بعض الدول العربية التي تلعب دوراً مالياً مهماً في لبنان كالسعودية والكويت والإمارات الى سحب اعتماداتها أو بوالص تأمينها أو استثماراتها، ما يهدد واقع الليرة اللبنانية، ويؤثر سلباً على واقع المصارف التي تشكل اليوم السند الاقتصادي الابرز في لبنان.

ـ التهويل بإحداث انقلاب في المعادلة التي ينهض عليها اتفاق الطائف، لمصلحة معادلة جديدة، تمعن في إضعاف السنة والمسيحيين تحديداً لمصلحة الشيعة، تحت عنوان المثالثة.

ـ التهويل بإعادة سوريا الى لبنان على غرار السابق.

ـ ربط لبنان نهائياً بالمحور الإيراني ـ السوري، وجعل لبنان قاعدة متقدمة لهذا المحور في مواجهة المحور الأميركي ـ الإسرائيلي.. الخ.

ـ التهويل بالقضاء على الحريات العامة والخاصة، والإطباق على لبنان استناداً الى نظام شمولي ـ ديني.. الخ.

كل هذه التهويلات يدرك أصحابها أن لا أساس لها، وأنها مجرد مقتضيات البروباغندا الانتخابية لحصد النجاح، والتي تتولد عن قناعة ضمنية، وإحساس عميق، باحتمالات الهزيمة لدى فريق 14 شباط، ما يدفعه الى تصنيع واقع افتراضي مخيف للناس، لحثهم على الانفضاض عن خصومه، والانجذاب نحو طروحاته. طبعاً حتى تكتمل الصورة، يحاول هذا الفريق ان يقدم نفسه بصورة النقيض، وبأنه هو من يحمل وسيحمل المن والسلوى الى الناس.

أما لماذا كل ما تقدم هو مجرد تهويلات؟

أولاً: ان التهديد الاسرائيلي للبنان لم يتوقف يوماً، وهو شن عدوان تموز في عهد حكم الأكثرية، وبالتالي، فإن احتفاظ هذا الفريق بالأكثرية لن يمنع عدواناً جديداً، حتى لا نقول اكثر من ذلك.

وما يمنن به الإسرائيلي اللبنانيين من أنه لن يشن حرباً شاملة إذا ما فازت الأكثرية، وهو محض هراء، لأنه لن يتورع عن فعل شيء إذا ظن أنه سيضمن له الانتصار.

ثانياً، أما العلاقات مع الخارج والاتفاقيات الموقعة فهي محض احترام مبدئي الا إذا كانت تتعارض مع مصلحة لبنان، ألم يدعُ فريق 14 شباط الى إعادة النظر في معاهدة الاخوة السورية ـ اللبنانية تحت هذا المبرر؟ ثم هل هذه الاتفاقيات معقودة مع الدولة اللبنانية، ام مع طرف، حتى إذا ما سقط، سقطت معه؟

ثالثاً، كلنا يعرف أننا إزاء انتخابات نيابية، ولسنا أمام عملية انقلاب ثورية يقوم بها تحالف ايديولوجي متناسق، ثم ان أن تحالف المعارضة يأتلف من تشكيل متمايز ايديولوجياً الى حد بعيد، ففيها العلماني، واليساري، والديني.. الخ، كما أنها ائتلاف طوائفي متعدد الاتجاهات، فكيف يمكن لتحالف كهذا أن يقوم بانقلاب ثوري يطيح بأسس النظام اللبناني؟

ثم أليست المعارضة هي من يصر على المشاركة، وتقدم للآخر الضمانات اللازمة له عن طريق عرض الثلث المعطل عليه، فكيف تتهم بالانقلاب، في حين ان 14 شباط يصر على الاستئثار الذي هو الترجمة العملية للتفرد والشمولية والاستبدادية ونبذ الآخر.

أليس التهويل باستخدام المال السعودي والكويتي والاماراتي.. الخ، وباللسان الأميركي، اتهام ضمني لهؤلاء بأنهم طرف، وأنه ما يبحثون عنه هو دعم فريق على فريق، لا دعم لبنان.

ثم، لو كانت سوريا ترغب بالعودة الى سيرتها الأولى، أكانت أرسلت سفيرها في هذا التوقيت، ام كانت ماطلت الى ما بعد الانتخابات.

ولا شك، ان الوعي السياسي لا ينقص عقول فريق 14 شباط فهم يدركون أن المعادلة التي فرضت الدخول والدور السوري بعد الطائف غير موجودة الآن، فكيف يمكن فرض دخول ودور جديد خارج معادلات كهذه.

إن محاولة أخذ الناس بالرعب، هي في الحقيقة محاولة ملتوية لاستغفال الناس، من خلال شل تفكيرها بالخوف حتى لا ترى حقائق الأمور.

الى هذا الحد هذا الحلف الجهنمي، حلف عدوان تموز، مستعد أن يذهب للاستئثار بالسلطة، ولكن الكلمة الفصل تبقى للبنانيين.

تعليقات: