تحيّة الى ديما صادق

ديما علي صادق
ديما علي صادق


لم أحبّ الأخبار والبرامج السياسية يوماً كما أحببتها بسببها ، ولم تكن الأخبار يوماً ممتعة الى هذه الدرجة فهي الوحيدة التي استطاعت ان تروّض مارد السياسة وتخفف من حدّته فكانت محاورة من الصفّ الأول لحرفيتها وموضوعيتها وأناقة عباراتها ولياقة حضورها

ساعة على الهواء واحياناً أكثر تمرّ كثوانٍ ، فلها سحر بطلّتها تكاد تلهيك عن تفاصيل الحوار، وجه جميل ومريح يعكس سلاماً على الضيف و المشاهدين ، وحين تتكلّم هي ،تصمت السياسة لأنّ لديها الكثير لتقوله اما السياسة فلا ، فهذه الاخيرة أصبحت فارغة وممّلة بعكس جعبة ديما الممتلئة فكراً وثقافة وتحاليل

لطالما كان مقدّمي و مقدّمات البرامج السياسية من طينة وعجينة واحدة و”فرد شقفة” كما يقولون بالعامية وكأنّ السياسة تفرض عليهم جدّية في الجلوس وجدّية في الكلام وجدّية في اللباس وجدّية حتى في الابتسام وبالتالي يكون طابع البرنامج السياسي جدياً أيضاً بل أكثر من ذلك في بعض الأحيان يتحوّل الى برنامج رعب بسبب التوتّر الشديد في الحوار اما بين الضيوف انفسهم ام بين الضيف ومقدّم او مقدّمة البرنامج الذين يأخذون طرفاً في الحوار – النزاع ويفتحون حرباً على ضيوفهم الذي يدعونهم الى البرنامج فقط بهدف ترهيبهم وتعنيفهم معنوياً

اما هي ، فبسمة السياسة وسكّرها ، تسأل ضيفها وتستفزّه وتستدرجه وهي باسمة ، مهذّبة وهادئة ، أسئلة ذكية جداً عميقة جداً ومفخّخة جداً، هي العارفة بحقيقة وابعاد الأمور تسأل وتتساءل وهي تعرف ما هي حدودها وخطوطها الحمراء دون ان تهين ضيفها ولا تقلّل من شأنه فهو ضيفها المكرّم وان كانت تختلف معه بالسياسة كونها ابنة محطة معروفة الخط والتوجّه السياسيين

ديما صادق طفلة كبيرة لشفافيتها وصدقها وطيبتها وعفويتها ولو كانت ام لولدين فعقلها يزن بلداً وحضورها حضور امرأة ناضجة وثقيلة واعلامية مثقفة وعاقلة وكلامها موزون ولائق والاهم من كل ذلك ابتسامتها الساحرة التي صبغت بها برنامجها ليتحوّل الى ساعة لقاء المعجبين بها على الهواء وخلال هذا اللقاء يطّلعون بطريقهم على آخر الأخبار السياسية

ديما صادق، صدق البعض حين اعتبروا انك ظاهرة على الساحة الاعلامية وتحديداً في البرامج السياسية لا وبل شكّلت اطلالتك انقلاباً على بعض المفاهيم البالية لتقديم البرامج السياسية والغاء لبعض الوجوه التقليدية ولكن تبقى المستفيدة الأولى والأخيرة محطة ال أو تي في التي فتحت ابوابها وقلبها لاعلامية كبيرة مثلك.

تعليقات: