مدخل بلدة كفرشوبا
عاودت الحملة الأمنية على شبكات التجسس نشاطها بعدما كانت قد دخلت في «عطلة» قسرية فرضها انشغال الأجهزة الأمنية بالانتخابات النيابية. وأكّد مسؤول سياسي واسع الاطلاع أن مواجهة الشبكات السياسية لن تتأثر بنتائج الانتخابات النيابية، في ظل توجه الأجهزة الأمنية المعنية بمكافحة التجسس إلى تعزيز قدراتها. وفي هذا الإطار، بدأ أحد الأطراف السياسية بتداول فكرة إنشاء جهاز أمن قومي في لبنان، يكون معنياً بالتنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والحرص على عدم حصول تبادل المعلومات في ما بينها، وخاصة في قضايا الإرهاب والتجسس.
ويوم أمس، أصدر قاضي التحقيق العسكري سميح الحاج مذكرة توقيف وجاهية بحق نائب رئيس بلدية كفرشوبا نبيل زيتون، بعد استجوابه بجرم التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية. وذكر مسؤول واسع الاطلاع لـ«الأخبار» أن الموقوف صائب عون (أوقفته استخبارات الجيش في كفرشوبا بداية الشهر الجاري) اعترف لدى استجوابه في دائرة قاضي التحقيق العسكري أن زيتون هو أحد شركائه في العمل الأمني لحساب الإسرائيليين. وبناءً على ذلك، أوعز القاضي الحاج إلى مديرية استخبارات الجيش بتوقيف زيتون والتحقيق معه. وأقرّ الأخير بأنه كان قبل تحرير الجنوب عام 2000 يجمع معلومات لحساب الاستخبارات الإسرائيلية، مشيراً في الوقت عينه إلى أنه لم يتواصل مع مشغليه منذ 9 سنوات. وذكرت مصادر مطلعة أن الأجهزة الأمنية كانت قد حققت مع زيتون عقب التحرير، لكن من دون أن يعترف حينذاك بالتعامل مع الإسرائيليين. وتجدر الإشارة إلى أن زيتون كان من أفراد الجيش اللبناني الذين انضموا إلى جيش لبنان العربي في سبعينيات القرن الماضي، وهو من الوجوه البارزة في منطقة العرقوب.
وفي السياق ذاته، أصدر قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر مذكرات توقيف وجاهية بحق 4 مدعى عليهم بجرم التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية، هم كل من: يوسف عبدوش، إميل أبو صافي، جورج أبو صافي وعلي الملاح الذين يعملون كشبكة واحدة أوقفتها مديرية استخبارات الجيش على مدى الأسابيع الماضية.
كذلك أصدر القاضي سميح الحاج مذكرة توقيف وجاهية بحق كل من محمد رضوان (مصري الجنسية) وجورج وإيلي وفوزي وسعيد العلم، في جرم التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية، بعدما اعترف الأول والثاني والثالث بجمع معلومات عن المقاومة ومواقعها العسكرية ومنازل قادتها وأفرادها، فيما أقرّ الشقيقان فوزي وسعيد بأن الإسرائيليين كلفوهما بمراقبة منزل رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري. وقد أرجأ القاضي الحاج استجواب الموقوفين الخمسة إلى يوم الأربعاء المقبل، بعدما استمهلوا لتوكيل محامين. بدوره، أصدر قاضي التحقيق العسكري فادي صوان مذكرة وجاهية بتوقيف وليد كرم (من منطقة جزين، أوقفته استخبارات الجيش في وقت سابق هذا الشهر) بجرم التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية.
ومن ناحية أخرى، أشار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بإخلاء سبيل مواطنتين لبنانيّتين كانتا قد أوقفتا قبل 3 أيام في المطار بعد العثور على جواز سفر إسرائيلي في حوزة كل منهما. وقد تبيّن بعد التحقيق معهما في فرع المعلومات أن السيدتين متزوجتان من اثنين من الفلسطينيين القاطنين في أراضي الـ48، وأنهما تترددان إلى لبنان دائماً، ولا يوجد في حقّهما أي شبهة أمنية.
ومن ناحية أخرى، استمرت الأجهزة الأمنية بتحقيقاتها مع عدد من الموقوفين البارزين المدعى عليهم بجرم التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية. ففي فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، تكشفت تفاصيل إضافية عن دور المدعى عليه ناصر نادر (من بلدة الغندورية الجنوبية) والذي كان قد اعترف بمراقبة القيادي في المقاومة غالب عوالي حتى لحظة اغتياله عام 2004 في الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي قضية إضافية، كشف مسؤول أمني لـ«الأخبار» أن نادر اعترف بأن الاستخبارات الإسرائيلية كلفته بمراقبة أحد قادة المقاومة في الجنوب طوال الأسبوع السابق ليوم 18/1/2005، وهو اليوم الذي اكتشفت فيه عبوة ناسفة كانت مزروعة عند مستديرة الزهراني في الجنوب. وذكر المسؤول أن نادر أقرّ بأن الإسرائيليين حددوا له هدفاً للمراقبة هو مسؤول بارز في المقاومة ينتقل يومياً من النبطية إلى بيروت. وكان نادر، ابتداءً من 10/1/2005 يلاحق القيادي المذكور لتحديد الطرقات التي يسلكها والأماكن التي يتوقف فيها، وذلك بدءاًَ من مدخل مدينة النبطية حتى وصوله إلى الضاحية الجنوبية. ويوم 17/1/2005، كان من المقرر اغتيال القيادي المذكور، إلا أنه لم يسلك الطريق المعتاد. وقد انتظره نادر عند مستديرة بلدة كفررمان (المدخل الشمالي لمدينة النبطية) لمدة طويلة كان خلالها على تواصل عبر الهاتف مع مشغليه الإسرائيليين. وبعدما يئس من العثور على هدفه، طلب الإسرائيليون من نادر مغادرة المنطقة. وفي اليوم التالي، عثر سائقٌ تعطلت سيارته قرب مستديرة الزهراني على عبوة ناسفة كانت مزروعة إلى جانب الطريق، فأبلغ الأجهزة الأمنية بذلك. وبعد تفكيك خبراء من الجيش اللبناني للمتفجرة، تبيّن أنها شديدة التطور والتعقيد، ويمكن تفجيرها بواسطة جهاز تحكّم عن بعد ومن خلال طائرات الاستطلاع. وتجدر الإشارة إلى أن نادر اعترف بجمع معلومات عن عدد كبير من مسؤولي المقاومة في الجنوب والضاحية، علماً بأنه كان على معرفة ببعضهم منذ أن كان مساعداً لمسؤول بارز في أحد التنظيمات المحلية في الجنوب.
تبقى منازل كفرشوبا ركـاماً
تعليقات: