علي فياض
يتم التداول باسمه كمرشح للمقعد النيابي منذ العام 1992. لكن ترشيحه الفعلي لم يأتِ إلا في الأول من نيسان 2009، على لسان الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله. وبين العامين سيرة حافلة بالأبحاث والدراسات والعمل الأكاديمي والفكري.
قبل السابع من حزيران، أسمى بعض أهالي الطيبة ابن بلدتهم علي فياض «النائب حتماً» خلال الاحتفالات والمهرجانات الانتخابية. وقبل فرز صناديق الإقتراع ، كانت مفكرته قد امتلأت بعشرات المطالب من الأهالي، بدءاً من تزويد قرى بالمياه، مرورا بتزويد أخرى بمراع للماشية، وصولاً الى طلبات التوظيف.
ومع بلوغه الثامنة والأربعين من العمر، يدخل فياض اليوم مرحلة جديدة من حياته تحت قبة البرلمان، مزوداً بحصيلة تقارب الثلاثين عاماً من العمل الفكري، بدأها في الحزب من خلال تعيينه المسؤول التربوي الأول في العام 1983.
ومع وصول فياض الى النيابة، اُعفي من مهامه كمدير «للمركز الاستشاري للدراسات والتوثيق»، والتي تسلمها منذ العام 1995. ولكنه ما زال يستقبل ضيوفه في مكتبه في المركز في بئر حسن، بانتظار تحضير مكتب للنائب الجديد في البرلمان.
ويعتبر فياض من أبرز الشخصيات التنظيرية في «حزب الله». كما أنه يشكل واجهة للحزب في علاقاته مع الخارج، فمثّله في أكثر من لجنة نيابية لمناقشة قضايا تتعلق بقانون الانتخاب واللامركزية الإدارية، وحجز له مقعداً في المنتديات الدولية فارضاً على بساطها موضوع المقاومة. كما مثّل الحزب في جلسات الحوار اللبناني ـ اللبناني التي عقدت في سويسرا.
يقول فياض لـ«السفير»: «منذ التحاقي بالحزب، ودوري هو الإسهام بإنتاج الأفكار أو الأبحاث، أو التنظير للموقف السياسي. وكنا من خلال عملنا في المركز الاستشاري القاعدة الخلفية للنواب ولسياسات الحزب وتصوراته تجاه وزارات ومؤسسات الدولة. وعملنا على مدى 15 عاماً في كل الملفات التي يعمل فيها النائب على صعيد قضايا التنمية والاقتصاد والتشريع والتخطيط. لذلك مثّلت الحزب في لقاء «الهيئة الوطنية للنظام الانتخابي» التي كان يديرها فؤاد بطرس. وفيما خصص لكل مداخلة ثلث ساعة، مُنحتُ ساعة وثلث ساعة لعرض تصور الحزب حول «آلية النظام الانتخابي النسبي»، وأُُبلغت لاحقاً أنه التصور الأفضل بين التصورات المطروحة. كما مثّلت الحزب في اللجنة التي تشكلت في البرلمان لمناقشة «قانون اللامركزية الموسعة»، التي كان يديرها النائب الراحل وليد عيدو. وأعددنا أيضا في المركز ملفات إعادة بناء الدولة في مرحلة ما بعد الحرب، ووُفقنا بذلك».
ولكن، هل سيواصل «سعادة النائب» دوره التنظيري في الحزب، من دون مجاراة الناس همومهم ومطالبهم؟ يقول: «في الثمانينيات كنت مسؤول القطاع التربوي، وكان عملي ميدانياً تنظيمياً. وعندما أبلغتني القيادة بالترشيح، أوصتني باستخدام لغة سهلة في مخاطبة الناس، فلم أعلّق على الموضوع لأنني أعرف أنني أجيد اللغتين: المتخصصة، والشعبية الواضحة.
ويعتبر فياض «أن الحملة الانتخابية في الشهرين الماضيين لاقت قبولاً شعبياً كبيراًً. وتجربتي في العمل الفكري، أوصلتني الى ضرورة إعادة الاعتبار للانسان الفرد في فكرنا وحياتنا، والى تحديد معيار نجاح الحركات الإسلامية أو فشلها، عبر مدى قدرتها على كسب ثقة مجتمعها واحترامه، وأخذ تطلعاته وحاجاته بعين الاعتبار. وأخطر ما تواجهه هذه الحركات هو أن تحول عقائدها وبرامجها السياسية الى منظومات أفكار مقطوعة عن الواقع والمجتمع. كل ذلك يؤهلك الى علاقة قريبة جداً من الناس ومن معاناتها. وأكبر خطأ يقع فيه النائب هو غرقه في العمل اليومي دون القدرة على الإنتاج النوعي. لذلك أدعو الى الانتقال من التنمية بالتنقيط الى التنمية النوعية المستدامة، وأكثر نوابنا غارقون في منطق التنمية بالتنقيط».
وعما إذا كان سيقدم إضافة كنائب أم أنه سيكون من ضمن منظومة «حزب الله»، يقول: «أنا نائب في دائرة مرجعيون التي تتضمن كل نقاط الاشتباك الإستراتيجي مع العدو الإسرائيلي، بالإضافة إلى امكانات تنموية عالية، وعلى موقع استراتيجي فائق الأهمية. فتدخل في إطارها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ونهرا الحاصباني والوزاني اللذان ينبعان من لبنان ويكملان باتجاه فلسطين، ونهر الليطاني. كما تقع الدائرة عند المثلث الإستراتيجي اللبناني السوري الفلسطيني، وتمتاز بتنوع طائفي بامتياز، (تضم 60 بالمئة شيعة و40 بالمئة من باقي الطوائف). كل ذلك سآخذه بعين الاعتبار في علاقتي النيابية بهذه الدائرة».
أما عن دوره المرتقب في تطوير علاقة الحزب بالخارج فيقول فياض: «منذ العام 2001 اهتممت اهتماماً خاصاً في تطوير علاقة المقاومة و«حزب الله» بالأوساط اليسارية والثقافية على المستوى الدولي، وفي أوروبا تحديداً. لذلك تمكنتُ خلال السنوات الماضية من أن نحجز لنا مقعداً في المنتديات الدولية، من بورتواليغري، والهند، ومالي في افريقيا، الى المنتدى الأوروبي في باريس وأثينا..».
ويستعيد اللقاء الأول الذي حضره في باريس في العام 2002 فيقول: «كنت خلاله غريباً ومعزولاً، ولكن تحولنا شيئاً فشيئاً الى ركن من أركان هذه الحركة العالمية. وتمكنتُ من تحويل موضوع المقاومة الى موضوع أساسي في الحركة العالمية لمناهضة العولمة».
وانتهى هذا المسار بتطوير العلاقة من المستوى الشعبي والأكاديمي الى المستوى السياسي الرسمي، فانفتحت علينا أيضاً حكومات الدول. ومنذ أربعة أشهر دُعيت من قبل وزارة الخارجية في باريس وفق برنامج «شخصيات المستقبل»، وقضيت في ضيافتها عشرة أيام، أجريت خلالها 22 لقاء حوارياً في وزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الشيوخ والجمعية العامة والاليزيه، ومع كبار المثقفين. وانا اليوم عضو في مسار «نيون» لحوار الحضارات، الذي تنظمه مؤسسة بريطانية، وتدعمه الأمم المتحدة».
ويختم بقوله: الحوار والاستمرار بتطوير العلاقات مع الدول، والاهتمام بالمشروعات التنموية الحيوية تشكل السمات الأساسية لدوري النيابي. كما سأدعو كل الأصدقاء من خارج «حزب الله» للقاء والاستماع الى نصائحهم وتوصياتهم. أنا انتمي الى الحزب وألتزم بقراراته، ولكنني سأسعى الى الاستماع الى الآخرين بتركيز وإنصات».
تبقى الاشارة إلى أن علي فياض متزوج من وفاء همدر، وله ولدان. سافر الى ايطاليا في العام 1981 لدراسة الهندسة، الاختصاص الذي لم يتفاعل معه. فعاد الى بيروت لدراسة الفلسفة وعلم الاجتماع، وحصل على دكتوراه فئة اولى في علم الاجتماع السياسي. وهي المادة التي يدرّسها في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، كما كان مدرّساً سابقاً في قسم الدراسات العليا في كلية التربية.
تعليقات: