الرئيس نبيه برّي والنائب سعد الدين الحريري في مجلس النوّاب أمس
لابد من طمأنة اللبنانيين اولا و "تكتل لبنان" أولاً الى ان اطلاق الرصاص وبعض القذائف اليوم، ليس مؤشرا على انقلاب في اجواﺀ التفاهم الاقليمي والدولي المنسحب على لبنان، بل هو مجرد تعبير حربي عن الفرح والبهجة بانتخاب الرئيس نبيه بري للمرة الخامسة على التوالي رئيسا للسلطة التشريعية. ويجب الاّ يتسرب اي جزع او خوف من ان ازيز الرصاص هو محاولة اقتحام جديدة للعاصمة، او تسلل في زحمة "السما الزرقا" التي تلوّن سماﺀ بيروت ولبنان. انه فقط احتفاﺀ بانسحاب النائب عقاب صقر الذي حاول المس باقطاعية البرلمان او مملكته.
واذا لاحظ بعض ابناﺀ العاصمة وضواحيها ان حركة السير لا تعاني من الازدحام المعتاد، فذلك لان البعض آثر في هذا اليوم مرغما على متابعة فولكلور المبايعة في مجلس النواب الذي شارك في انتخاب نوابه، تحسبا من ان يكونوا ضحايا البهجة التي ستعم "السما"...، وما يمكن ان ينالهم من "نعيم" الرصاص. وفي هذه الحال يُنصح بعدم الخروج الى الشرفات التي يمكن ان تكون مصيدة لارواحهم، الى حين ان ينهي المبتهجون ما في جعبتهم من لعب الفرح او الموت.
قد يعمد الرئيس المنتخب في بداية كلمته الى مخاطبة مناصريه ان يلتزموا، الهدوﺀ او الاّ يتعدى فرحهم الحدود التي يسمح بها القانون، فيما هو يدرك في قرارة نفسه ان الدعوة عبر منبره البرلماني، رسالة لن تصل الى ما يشتهي السامعون تحت قبة البرلمان، والبهجة والفرح العارم سيطغيان كما عهدنا في مثل هذه المناسبة التي الفها اللبنانيون طيلة اربع دورات انتخابية.
واذا كان من رسالة سياسية يمكن ان ينطوي عليها رصاص الابتهاج، فلا بأس ان يسمع اولئك الذين استسهلوا حمل شعار احتكار الدولة للسلاح، وتنطحوا في خطبهم الانتخابية لقامته وقدسيته، ان هذا "النغم الشجي" الموشّح بقرع القذائف الطالع من الاحياﺀ و "الدساكر" هو جزﺀ بسيط من سيمفونية ستستمر مهما لاكت الالسن حولها، واذا كان "التنطح" اوصل بعض اصحابه الى البرلمان فلا يظنن هؤلاﺀ ان هذا الوصول، سيؤدي بهذا السلاح الى ما يشتهون، فلغة الانتخابات هي "بضاعتكم التي ردت اليكم".
يستوي الرئيس بري على عرشه، بعد ان انتبه عاطف مجدلاني اخيرا الى الحكمة الضائعة التي اكتشفها في ادارة بري البرلمان في الازمات، ويكاد يرى بعين 14 آذار "العبور الى الدولة" في هذه الحكمة. اما النائب سعد الحريري الباحث عن اجماع يحيط بدخوله الاول الى نادي رؤساﺀ الحكومة، فقصاراه ان يأخذ في يسراه حجم ما يعطي اليوم في يمينه، لذا ليس من مكسب سوى "التسوية" او عود على بدﺀ، الى "مجد المحاصصة". لقد تسابق عتاة 14 آذار من اجل اللحاق بركب المبايعة الا من رحم ربك، فيما بات بعض حاملي الورقة البيضاﺀ يجهدون لتبريرها ويناضلون من اجل الا يساﺀ فهمها. باعتبارها خطوة اضطرارية لا تنطوي على موقف من قامة الرئيس بري.
يدخل النواب اليوم الى مجلسهم الجديد، يرمون خلفهم كل الخطب والشعارات التي نادوا بها، حتى يؤذن لهم بالدخول، لا يطمحون الى تغيير بعدما انجزوا مهمة الوصول الى ساحة النجمة، فيما المواطن المنهك من صراع لم يسمن او يغن من جوع، تراجعت حدود مطالبه لتستقر على نغمة التهدئة، والى حدود عدم الانجرار الى حروب داخلية او خارجية هشمت طموح التغيير وبناﺀ الدولة، واقصى ما يطلب صيفا هادئا واسعارا لا تشتعل بنار النفط ومشتقاته، اما "العبور نحو الدولة" فها قد بدأت تباشيره في مجلس النواب اليوم وبرصاص الابتهاج...
فعش وتأمل!
تعليقات: