تلفزيون لبنان... يفتقر حتى الى المشاهدين

تلفزيون لبنان في أحلي أيامه الغابرة
تلفزيون لبنان في أحلي أيامه الغابرة


فيمانشاهد التلفزيون ونقلب المحطات، صدفة تأتي محطة تلفزيون لبنان لنكتشف أن هذا التلفزيون لا يزال موجوداً. مع فورة ا لفضا ئيا ت وا لمنا فسة العارمة مع قنوات التلفزة على اختلافها، هناك في الزاوية تلفزيون يئن من الألم اسمه تلفزيون لبنان لا هو "عايش ولا هو ميت" أو بعبارة أخرى يعيش منذ مدة طويلة حال غيبوبة أسبابها كثيرة ومتشعبة ولكن عنوانها الواضح "اهمال الدولة ولامبالاتها بتلفزيونها الرسمي".

اذا استفتينا الناس في الشارع من يشاهد تلفزيون لبنان يكون الجواب حتماً لا أحد أو ربما تنحصر المشاهدة على وزير الاعـلام طارق متري الذي يشاهد التلفزيون ليتابع أخباره أو ليتأكد من أن تسلسل الأخبار يسير وفقاً للتسلسل البروتوكولي بمعنى أن الثابتة الوحيدة هي أن أخبار الرئاسة الأولى تأتي في مقدمة النشرة تليها أخبار الرئاستين الثانية والثالثة أما في ما يتعلق بباقي الأخبار فالتغطية تكون أقل من متواضعة وفي المناسبات المهمة تراه غائباً حتى بات صانعو التلفزيون يتأسفون لحاله. ويبدو من الواضح أن الدولة تريد أن تأخذ من التلفزيون الا أنها لا تريد أن تعطيه شيئاً والدليل كان في احتفال التلفزيون بعيده الخمسين حيث كان الاحتفال متواضعاً جداً لا يليق بتلفزيون هو رمز لبنان ويحمل اسمه ليتبادر الى ذهننا سؤال ماذا يريد القيمون على التلفزيون منه وهل هم يريدونه؟

واحتفل التلفزيون بيوبيله الذهبي مثقلاً بالدعاوى المرفوعة ضده ما يضع مصير التلفزيون على المحك، فعروضه تقتصر على انتاجات درامية قديمة وحفلات فنية أبطالها باتوا اليوم في دنيا الحق. اخفاقات مالية، يقابلها فتح باب التوظيفات من باب سد الفراغ في ظل غياب خطة واضحة حتى اليوم توقظ التلفزيون من سباته العميق.

وكان وزير الاعلام طارق متري كلف شركة خاصة وضع دراسة لادارة البرامج في التلفزيون وكانت الكلفة معقولة الا أن الاوان قد فات لعرض الخطة على مجلس، الوزراﺀ وتأجلت حتماً الى ما بعد تشكيل حكومة جديدة.

ويبدو أن التلفزيون لن ينهض بنفسه في ظل غياب قرار سياسي حكومي يريد له النهوض من سباته العميق وينتشله من حضن "أبو ملحم" و "ألو حياتي" و "نساﺀ في مهب العاصفة".

فعلى التلفزيون أن يستأنف الانتاج الدرامي.

من ناحية أخـرى يلفت مصدر مراقب لوضع التلفزيون الى وجود آلاف الدعاوى في حق التلفزيون، استخفت الادارة بهاكونهاتصنف نفسهاقطاعا عاما في حين أن التلفزيون ليس قطاعاً عاماً بل هو قطاع خاص يتبع الى سلطة الدولة. ويكشف المصدر أن الدولة اللبنانية ترسل سنوياً 360 ألف دولار للتلفزيون معتبراً هذا المبلغ جيدا كون التلفزيون لا يقوم بانتاج الدرامات لاعتبارات غامضة.

ويستغرب المصدر رفض ادارة التلفزيون طلب الممثل صلاح تيزاني بعرض برنامج مجاني، اذ لا يمكن لها أن تتحجج بالتقنين. وانتاج الدرامات يحتاج الى ادارة قادرة على ايصال الانتاج الى نهايته المرجوة في حين يفتقد التلفزيون الى فريق يحتضن مفاهيم انتاج الدراما ويتقن ايصالها الى المشاهد.

وتخضع تقنيات التلفزيون الى محاصصة سياسية وطائفية ومذهبية، فالهدف ليس وضع الانسان المناسب في المكان المناسب على أساس الكفاﺀة والخبرة، بل يستطيع أن يتبوأ المنصب من يتمتع بدعم سياسي قوي أو مقرب من تيار المستقبل فيوظف في قسم الأخبار أو من التقدمي الاشتراكي وحركة أمل فيوظف في باقي الأقسام.

ويستغرب المصدر وجود منصب مدير برامج في ظل غياب انتاج البرامج، فيقتصر العرض على برامج تعود الى الخمسينات من القرن الماضي، وكل ما يقوم به مدير البرامج هو مد غرفة العمليات بكاسيت من الأرشيف.

وعن التوظيف يقول المصدر "تم توظيف الكثير من الموظفين في الفترة الأخيرة خلافاً لقرار مجلس الوزراﺀ الذي منع التوظيف في التلفزيون، بحجة أن الوزير يريد ذلك لسد فراغ".

ويرى مساعدالمدير العام للتلفزيون واصف عواضة "أن ذكرى الخمسين على افتتاح تلفزيون لبنان هي مناسبة عزيزة الا أن التحضيرات اقتصرت على بث مقتطفات من حفلات قديمة وبحفل كوكتيل بسيط في مبنى التلفزيون في تلة الخياط لأن الحفلة مكلفة ووضع التلفزيون المالي دقيق، ما منع التلفزيون من تنظيم احتفال كبير ومكلف".

ويلفت عواضة الـى أن الوضع المالي قائم على مساهمة تقدمها الدولة اللبنانية وبالكاد تغطي رواتب الموظفين وبعض الحاجات البسيطة مؤكداً أنهم في صدد وضع خطّة متواضعة لتطوير البرامج: "نحن ندرس سلسلة برامج جديدة وغير مكلفة".

وكثرت في الآونة الأخيرة الدعاوى المرفوعة ضد التلفزيون وكان آخرها دعوى من شركة اعلان يترتب عنها حجز محتويات استديوهات التلفزيون في الحازمية ليتم بيعه في المزاد العلني. ويكشف عواضة عن مساع تقوم بها أطراف لوقف هذه الاجراﺀات وحل الأمور حبياً.

ويرى عواضة أن أزمة التلفزيون الحقيقية بدأت تظهر في العام 1990 اذ تعرض التلفزيون الى منافسة قوية مع صعود نجم الفضائيات والتلفزيونات المحلية الخاصة.

ووضع الدولة لم يسمح في تحصين التلفزيون وحمايته ومده بالدعم اللازم لمواكبة المرحلة ولم يكن بالتالي في أولويات الحكومة.

وبدأت الخسائر تتراكم لأسباب عديدة ومنها تدني مدخول التلفزيون.

ومن ناحيتها ساهمت الدولة اللبنانية في سد بعض الديون الا أن العلاج لم يكن جذرياً.

وكلف اغلاق التلفزيون في العام 2001 الدولة 35 مليون دولار بدل تعويضات للموظفين، وأعيد فتحه بعد ثلاثة أشهر لكن دون أن يتم تنظيمه ووضع خطة ثابتة لاعادة النهوض ولا يزال التلفزيون حتى اليوم يعاني في ظل غياب خطة واضحة تساعده على تعويض ما فاته.

والمضحك المبكي في آن هو أن موازنة العام للتلفزيون تعادل موازنة أسبوعين في أي وسيلة محلية أخرى.

وعن سبب التوظيف اليوم في التلفزيون رغم الضائقة المالية وعن مقارنتها بالثورة التوظيفية التي سبقت اقفال التلفزيون في العام 2001 يرى عواضة أن التوظيف اليوم يتم على أسـاس الحاجة، فهناك 30 موظفاً تركوا وظائفهم في السنتين الماضيتين لافتاً الى أن عدد الموظفين اليوم في التلفزيون يبلغ 200 موظف فقط وهو رقم قليل.

ويمكن للتلفزيون أن يؤمن دخلا ماليا لا بأس به، فبالاضافة الى الأرشيف يمكنه أن يؤجر استديوهات الحازمية كما يمكن التعاون مع ريجي اعلاني ينظم العلاقة مع شركات الاعلان. ويمكن لتلفزيون لبنان أن يستفيد من أرشيفه الغني لتطوير نفسه وتأمين مدخول لابأس به. فهو يملك أكبر ثروة تلفزيونية في الشرق الأوسط، وببيع جزﺀ من الأرشيف في شكل مدروس، قد تتحقق نهضته المنشودة. ويقول عواضة انه يتم اليوم بيع الأرشيف أو التبادل مع بعض المحطات الفضائية والأرضية انما برعاية رسمية ومراقبة جهات حكومية.

تعليقات: