القهوة بين الاعتقادات الشائعة والحقائق: شربها باعتدال ينشّط العقل والجسد

القهوة لا تسبّب الادمان
القهوة لا تسبّب الادمان


استهلاكها السنوي يقارب 800 مليار كوب..

أكدت الأبحاث العلمية وجود فوائد صحية عدة يمكن الحصول عليها عند تناول القهوة باعتدال. والقهوة تعتبر من المشروبات الأكثر انتشاراً في العالم، باستهلاك سنوي يقارب 800 مليار كوب، فهي تعتبر المشروب الثاني الأكثر شعبية بعد الماء. وقد لا يدرك بعضهم أن مزايا القهوة تفوق رائحتها المنعشة للحواس، ونكهتها المتميزة، وتأثيرها المنشط. حيث أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة أن للقهوة عدداً من التأثيرات الإيجابية على الصحة، وهو ما ينفي عدد من الاعتقادات الخاطئة الشائعة التي ارتبطت بها لسنوات طويلة.

إن تأثير مادة الكافيين على الصحة هو من أكثر الاعتقادات المرتبطة بالقهوة شيوعاً، إلا أن الأدلة العلمية تبين أن استهلاك كميات معتدلة من الكافيين لا يسبب أي مخاطر صحية، بل بالعكس من ذلك، قد يكون له عدد من الفوائد في ما يتعلق بالأداء الذهني والجسدي، كما تحدثت رئيسة قسم التغذية في "اوتيل ديو" الدكتورة هدى معماري، واختصاصية التغذية لين الخطيب في لقاء عن فوائد القهوة دعت اليه شركة "نستلة".

وبيّنت الدراسات أن مادة الكافيين الموجودة في القهوة تساعد على تجديد الانتباه، وتحسين الأداء والمزاج. وأثناء الدراسة، تساعد مادة الكافيين على رفع مستوى التركيز والتيقظ، مما يعزز الانتباه، ويساهم في تحسين عملية التعلم.

كما أثبتت الدراسات أن تناول القهوة باعتدال يعزز من مستويات الطاقة في الجسم ويحسن من الأداء الجسدي. وهذا يساعد الرياضيين على تحسين أدائهم في تمارين التحمل للفترات القصيرة والطويلة، وكذلك خلال التمرينات المكثفة. كما أن القهوة تخفف من آلام العضلات عقب أداء التمارين الرياضية، ومن الشعور بالإرهاق في نهاية فترة التمرين.

وتتفاوت كمية الكافيين التي يحتوي عليها كوب من القهوة بحسب اختلاف أصل حبوب البن وتكوينها ، وطريقة غليها، وقوة تحميصها. وينصح الخبراء محبي القهوة باستهلاك معدّل أقل من 300 ملليغرام من الكافيين يومياً، اي ما يعادل كمية الكافيين الموجودة في 3-4 أكواب من القهوة السريعة التحضير. وعلى المستهلك الانتباه الى المصادر الأخرى للكافيين إلى جانب القهوة كالمشروبات الغازية والشاي ومشروبات الطاقة والشوكولا الداكن.

مضادة للأكسدة

بينت الأبحاث الحديثة أن القهوة تساهم في زيادة كمية مضادات الأكسدة التي يحصل عليها الجسم من خلال النظام الغذائي اليومي، وتساعد مضادات الأكسدة هذه على حماية خلايا الجسم من التلف، وتساهم في وقايته من الإصابة بأمراض القلب والسرطان والشيخوخة المبكرة.

ورغم عدم وجود اي توصيات غذائية بخصوص الكمية الواجب تناولها من مضادات الأكسدة يومياً، إلا أن النظام الغذائي اليومي العادي يحتوي عادة على ما يقارب غرام واحد منها. ويحتوي كوب القهوة على ما يراوح بين 150 و550 ملليغرام من مضادات الأكسدة بحسب نوع حبوب البن. عموماً، وتشكل مضادات الأكسدة التي يتم الحصول عليها من القهوة أكثر من 60%، من مجموع الكمية التي يحصل عليها من يشربون القهوة باعتدال، ضمن النظام الغذائي.

يشار الى أن مضادات الأكسدة تمثل ما نسبته 30% من المواد الصلبة الموجودة في القهوة السريعة التحضير، والتي يتم إنتاجها باستخدام حبوب البن والماء النقي فقط من دون أي إضافات أخرى. لذا يمكن اعتبار القهوة السريعة التحضير أحد أفضل المصادر الغذائية لمضادات الأكسدة. والقهوة العادية والقهوة المنزوعة الكافيين تحتويان على نفس كمية مضادات الأكسدة، وعملية نزع الكافيين العالية الجودة باستخدام التكنولوجيا المبتكرة، يجب ألاَ تؤثر على مستويات مضادات الأكسدة الموجودة طبيعياً في حبوب البن. ولا تتاثر مضادات الأكسدة في القهوة بطريقة تحضيرها ولا باضافة الحليب ومبيض القهوة.

بين الشائعة والحقائق

لا تعتبر القهوة مضرة بالصحة: فهناك آلاف الدراسات العلمية الحديثة التي أثبتت أن شرب القهوة باعتدال آمن تماماً، بل أن ذلك قد يكون له فوائد صحية عدة. وقد تم تحديد الاعتدال بـ3 الى 4 أكواب من القهوة في اليوم، وهي تحوي كمية أقل من 300 ملليغرام من الكافيين. لقد كان هناك الكثير من الجدل بشأن القهوة لغاية 10-15 عاماً الماضية، حيث أن الأبحاث المبكرة التي كانت تُجرى بنظم بحث غير ملائمة، أدت إلى نتائج غير حاسمة. كما أن عدداً من الأمور المرتبطة بالأساليب الحياتية أو العادات الغذائية غير الصحية (مثل التدخين وعدم ممارسة الرياضة أو الافراط في تناول القهوة) لم تؤخذ في الاعتبار. تلك الأسباب كلّها ساهمت في إنتاج صورة سلبية للقهوة، إلا أن نتائج الأبحاث الحديثة حول الاستهلاك المعتدل للقهوة قد رجحت التأثيرات الإيجابية على الصحة.

هل تسبب الإدمان؟

القهوة غير مسببة للإدمان. إن التمتع بشرب القهوة باستمرار هو عادة، والقهوة معروفة بتأثيرها المنبه الخفيف، إلا أن ذلك لا يمكن اعتباره مؤشراً إلى أنها تسبب الإدمان. وقد ذكرت منظمة الصحة العالمية في دراساتها أن الكافيين لا يؤثر على الدماغ بالطريقة نفسها التي تؤثر بها المواد المسببة للإدمان، ولهذا لا يمكن اعتباره مادة مسببة للإدمان.

كما أن الاعراض الخفيفة للانقطاع عن تناول الكافيين مثل الصداع أو الخمول، والتي يواجهها بعض الأشخاص المعتادين على شرب القهوة، لا يبدو أن لها علاقة بكمية الكافيين التي يتم استهلاكها يومياً. وعلى أيّ حال، فإن الأشخاص الذين يقللون من تناول الكافيين بالتدريج على مدى عدة أيام لا يعانون مثل تلك العوارض.

ويعتقد عدد كبير من الناس أن للكافيين الموجود في القهوة تأثيراً كبيراً في إدرار البول. وتجمع الدراسات العلمية الحديثة على أن تناول القهوة باعتدال (3 - 4 أكواب في اليوم) له نفس التأثير المدر للبول الذي يسببه شرب الماء. وثمة اعتراف متزايد بأن تناول القهوة باعتدال قد يكون مصدراً مهماً للسوائل في النظام الغذائي: حيث يحوي كوب من القهوة زهاء 150 مل من الماء، وهي توازي 10% من كمية السوائل الموصى بتناولها يومياً من المشروبات. وتظل الكمية الموصى بشربها يومياً هي 8 أكواب من الماء النقي.

وتشير الدراسات إلى تأثيرات جدلية للكافيين على ضغط الدم. إلا أن معظم الدراسات الرئيسية التي أشارت إلى حدوث ارتفاع طفيف بضغط الدم بعد تناول القهوة كانت مرتبطة بالمستهلكين غير المعتادين على شرب القهوة، كذلك فإن قدرة احتمالهم تتطور بسرعة مع الاستهلاك المتكرر، بعد يومين إلى ثلاثة أيام. ويُنصح الأشخاص الشديدو الحساسية تجاه القهوة بخفض الاستهلاك أو عدم شرب القهوة، وفقاً لحاجاتهم الفردية.

وفي ما يتعلق بالقلب، بينت الدراسات أن تناول القهوة باعتدال ضمن نظام غذائي صحي ومتوازن غير مرتبط بالإصابة بالأمراض القلبية. كما اثبتت الدراسات تناول القهوة باعتدال، آمن لمرضى القلب، حيث لا يؤدي إلى زيادة معدل ضربات القلب. أما بالنسبة الى معدلات الاستهلاك العالية فإن ثمة مؤشرات غير حاسمة. عموماً ينصح المرضى ممن لديهم أي مخاوف بالاستهلاك المعتدل، باستشارة الطبيب لتحديد كمية الاستهلاك الملائمة لحالاتهم نسبة إلى طرق الإعداد التي يفضلونها.

الحرقة أو الحموضة حالة شائعة لها أسباب منوعة، مثل الطعام الغني بالتوابل والضغط غير المبرر وغيرهما. وفي دراسة شملت 394 مريضاً بالحرقة، لم يرتبط معدل حموضة أو قوة القهوة بحالات الحرقة التي تم رصدها. ويُنصح الأشخاص الذين يعانون الحموضة أو القرحة أو والحساسية من تناول القهوة بتخفيف الاستهلاك، أو إضافة الحليب أو مبيض القهوة بحسب درجة الحساسية لديهم، كما أن عليهم مراقبة نظامهم الغذائي.

وبينت الدراسات أن تناول القهوة باعتدال لا يؤثر على الخصوبة ولا يؤخر الحمل ولا يؤدي إلى أي عيوب خلقية. واعتبرت ان امتصاص الكافيين في الجسم لدى النساء الحوامل يكون أبطأ من العادة. وتقترح الدراسات استهلاكاً بمعدل 200 ملغم من الكافيين في اليوم (2 - 3 أكواب من القهوة في اليوم) كحد أقصى. وتُنصح الحوامل باستشارة الطبيب أو خبير التغذية لتحديد كمية الاستهلاك الملائمة نسبة إلى الاستهلاك المعتاد والاحتياجات الفردية.

يسبب الكافيين الموجود في القهوة خسارة الجسم كمية طفيفة وموقتة من الكالسيوم، ويعوضها لاحقاً من خلال الاقلال من طرح الكالسيوم بعد ساعتين إلى ثلاث ساعات، بحيث يظل مخزون الكالسيوم بمستواه الأساسي. ولذلك فإن تناول القهوة باعتدال ليس له أي تأثير سلبي على صحة العظام. ولا تظهر معظم الدراسات على الإنسان وجود أي ارتباط بين تناول الكافيين والكثافة المعدنية العظمية أو خطر تكسر عظام الورك.

حقائق عن القهوة

تستغرق شجرة البن ما يقارب 4 سنوات لتصل إلى مرحلة النضج والإثمار، وتحتوي كل ثمرة على حبتين من البن، وهناك نوعان رئيسيان يتم زراعتهما للأغراض التجارية، هما "أرابيكا" و"روبوستا". وتشكل حبوب "أرابيكا" زهاء 65% من الإنتاج الكلي للبن، بينما يتكون الانتاج الباقي من حبوب "روبوستا". وأصل كلمتي "قهوة" باللغة العربية و"coffee" باللغة الانجليزية هو الكلمة العربية "قوة". وانتشر شرب القهوة بشكل واسع في بلاد الفرس بحلول القرن التاسع، ثم توسع ليشمل أنحاء المنطقة العربية كلّها بحلول القرن الخامس عشر، وهي المشروب الثاني الأكثر استهلاكاً حول العالم، بعد الماء. نكهة القهوة عبارة عن توازن دقيق من الخصائص تتفاعل مع بعضها. وتعتبر نسبة الحموضة والرائحة وكتلة حبة البن عوامل تساهم كلّها في تشكيل النكهة النهائية. وتشمل الخصائص النموذجية التي تساهم في إعطاء القهوة نكهاتها المتميزة: غنى أو امتلاء حبة البن، والتكوين، وتوازن الخصائص الأساسية للنكهة بحيث لا يطغى أي عنصر على الآخر.

بدأ الهولنديون بزراعة البن عام 1696 على جزيرة جاوا، وهي اليوم جزء من إندونيسيا، ووصلت القهوة إلى أوروبا في بدايات القرن السابع عشر. وكان لويس الرابع عشر من أوائل من تحولوا إلى شربها. وعُرفت المقاهي المنتشرة في لندن في القرن السابع عشر بـPenny Universities أو "جامعات القروش"، حيث كان يمكن اي شخص مقابل ثمن فنجان من القهوة المشاركة في نقاشات مع الفنانين والتجار والشعراء الذين اعتادوا ارتياد هذه المقاهي. وقد أدى ذلك إلى محاولة الملك تشارلز الثاني إغلاق مقاهي لندن كلّها التي اعتبرها بؤراً للمكائد السياسية عام 1676.

وفي أوائل القرن الثامن عشر، سرق ضابط بحرية فرنسي اسمه غابرييل ماثيو دو كليو فرعاً من شجرة البن الخاصة بالملك من حديقة النباتات بباريس، ونقلها إلى جزيرة مارتينيك الكاريبية. وبعد 50 عاماً كانت أشجار البن انتشرت على الجزيرة ليبلغ عددها زهاء 18 مليون شجرة، وأصبحت البرازيل أكبر منتج للبن في العالم بحلول القرن التاسع عشر. ورائحة القهوة المحمصة تحتوي على قرابة 1000 مركب متغير! ويتم اتباع طرق معقدة لتقييم نكهة القهوة وفهم رائحها، ومن ثمّ ابتكار الخلطة التي يمكن أن تمنحنا أفضل كوب من القهوة.

للقهوة السريعة التحضير بدايات تعود الى العام 1930، عندما طلبت الحكومة البرازيلية آنذاك من شركة "نستله" مساعدتها في إيجاد حلّ للاستفادة من فائض الإنتاج الضخم من البن البرازيلي. وبعد سبعة أعوام من الأبحاث والتطوير نجح الخبراء في ابتكار تكنولوجيا تتيح تحضير كوب من القهوة بإضافة الماء فقط، مع الحفاظ على نكهة القهوة الطبيعية.

ويتم إنتاج القهوة السريعة التحضير من حبوب البن الطبيعية 100% والماء فحسب. ويقطف المزارعون حبوب البن الحمراء الناضجة، وبعد مراحل عدة من الفرز تصبح جاهزة للتحميص والطحن والغلي بالماء وأخيراً التجفيف مجدداً لتشكل بودرة القهوة السريعة التحضير، من دون أي إضافات على الإطلاق خلال مراحل الإنتاج.

أما بالنسبة الى للقهوة المنزوعة الكافيين، فهناك عدد من طرق نزع الكافيين من حبوب البن، واحدة منها فقط تستخدم الماء.

وألّف باخ معزوفة القهوة Coffee Contata تيمناً بهذا المشروب. وعرف بيتهوفن أيضاً بشغفه الشديد بشرب القهوة.

للقهوة تأثيرات إيجابية على الصحة
للقهوة تأثيرات إيجابية على الصحة


تعليقات: