ماذا أمام... ووراﺀ موقف جنبلاط الجديد؟

النائب وليد جنبلاط
النائب وليد جنبلاط


الذين استمعوا الى ما قاله وليد جنبلاط فــي آخــر خطاب لــه بعد انتخاب بــري وتكليف الحريري توقفوا امام البند المتعلق برفضه الاشــتــراك فــي حكومة يتضمن بيانها الــوزاري كلمة "خصخصة" وهي التي لا بد منها في كل بيان وزاري تنفيذاً لمقررات 2 باريس وباريس 3 في الطريق الى باريس 4 و5 وربما اكثر.

ومــع هــذا "الــشــرط" الـــذي قد يكون يستهدف ابعد من كلمة "خصخصة" هاجم جنبلاط مباشرة ما قام به سعد الحريري في اول اجتماع لكتلته النيابة التي اطلق عليها "كتلة لبنان اولاً" وهم اسم استفز جنبلاط ليرد عليه بالقول انه لا معنى للبنان اولاً من دون العروبة ومن دون فلسطين الخ... بل اكثر من ذلك، فقد اتهم جنبلاط هذه التسمية بانها عودة الى الاحياﺀ الضيقة والى التعصب والمذهبية، وهو ما قد يستدعي رداً او توضيحاً من الحريري او من بعض نواب تيار المستقبل قد ينتهي الى تغيير الاسم او تعديله... او الاصرار عليه!

وفي جانب آخر هاجم جنبلاط الرئيس فــؤاد السنيورة واتهمه بعرقلة اعمال وزير الاشغال غازي العريضي، وهو ما يشير الى ان جنبلاط ربما يكون هو رأس الحربة في عملية تشكيل هذه الحكومة وليس سواه من اركان المعارضة وعلى رأسهم العماد ميشال عون.

سؤال وجودي يقرع باب المختارة... جنبلاط الى أين؟

بيار عقيقي

مهلا إنه الضوﺀ الأحمر يومض في حنايا الجبل، مهلا الامَ يرمز؟ الى علم اشــتــراكــي خــفــت بيرقه الأمـــمـــي لمصلحة قــوى مجتمعة طيلة السنوات الأربع الماضية. مهلا إنها الاشتراكية، التي سقطت في كل مكان الا في معاقل الــمــخــتــارة وبــيــت الــديــن وبعقلين. في الجبل هل سمع أحد... وليدا؟

انتهت الانتخابات النيابية؟

نعم. هل أقلع قطار التسوية؟ ربما.

هل يستمر النائب وليد جنبلاط على طاولة قوى 14 آذار بمفهوم ما بعد 7 حزيران؟ قطعا لا. ماذا حدث يوم الأحد؟ لا شيﺀ سوى أن زعيم المختارة كرّس مبدأه الجديد الذي اعتمده منذ ما قبل اجراﺀ الانتخابات النيابية. وليد جنبلاط الذي حاكى 11 أيــار في الانتخابات، ورفض الاحتفالات التي أعقبت انتصار فريقه السياسي انتخابيا، وشدد على نبذ عزل أي فئة أو طائفة، هو وليد جنبلاط الــذي ظهر و "كأنه يعطّل تشكيل الحكومة الحالية! " مفاجأة وأي مفاجأة في زمن لم يعد فيه للمفاجآت مكان، أبو تيمور أمسك بــأيــدي العمال على نحو اشتراكي، يبدو وكأن العالم أجمع بحاجة اليه في زمن الأزمة المالية العالمية. ليس بجديد ما يقوم به رئيس اللقاﺀ الديمقراطي، بل الجديد كل الجديد هو عودته الى قواعده الأم وبشراسة، وخصوصا فـــي الــنــهــج الاقـــتـــصـــادي. لأن للاشتراكيين نظرة مغايرة تماما لتيار المستقبل وسائر منظّري الليبرالية، ولكون "المستقبل" هو من سيحكم مباشرة عبر رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، فقد يترجم التناقض النظري بين مفهوم الاشتراكية والليبرالية بين الطرفين الــى خــلاف اقتصادي، ظاهره "منع الخصخصة" وباطنه وجود فكرتين متناقضتين للغاية في شأن اصلاح الوضع الاقتصادي اللبناني، وتحقيق الرخاﺀ والازدهار وتــأمــيــن الــعــدالــة الاجــتــمــاعــيــة للجميع.

حسنا اذا اعتبرنا أن النظرة الــمــالــيــة مــعــاكــســة تــمــامــا بين الــفــريــقــيــن، فــهــل وقـــع الــخــلاف بينهما؟ ولنفرض جدلا أن خلافا ما يلوح في الأفــق، فأين سيكون موقعاهما؟ من الجدير تذكّر مرحلة سالفة، ففي حقبة ما قبل التمديد للرئيس اميل لحود، اختلف جنبلاط مع رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري على شيﺀ ما، وقال "رفيق الحريري خسرني وربحني اميل لحود". فهل هذا يعني أن اختيار جنبلاط لمظلة رئيس البلاد، تقيه من خطر تعرّض الرئيس المكلّف لمخاطر سياسية قد تكسر من حالة الانتصارات المتلاحقة في السنوات الأخيرة؟ هل أن وليد بك في طريقه للقول "يخسرني سعد الحريري ويربحني ميشال سليمان"؟

ولماذا يختار وليد جنبلاط هذا التوقيت بالذات ليضرب ضربته؟

فــفــي حــيــن تــتــوزع الأنــظــار بين الرابية وحارة حريك وعين التينة وبنشعي وبرج حمود لمعرفة من أين سيكون التعطيل المفترض، اذ به يطل من داخل خنادق قوى 14 آذار. سيصمت الــكــلام عن ثلث ضامن أو معطل، وستضيع معه مسألة النسبية الحكومية، و ستختبئ ا لصيغة ا لنها ئية لفترة من الوقت، لأن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لديه وجهة نظر ما. لم يعد من المجدي ترداد أن جنبلاط لاعب بارع وقارئ ماهر للتغيرات السياسية، لكنه بات لزاما على البعض معرفة جواب السؤال الــوجــودي الــذي يطرحه جنبلاط تحديدا "الى أين"؟

قبل الانتخابات ذكّر وليد جنبلاط "انظروا الى العالم المحيط بنا، قبل العودة الى الداخل اللبناني". ربما لم يسمع أحد، لكنه يكفيه أنه نطق بهذا الكلام. فها هم الأميركيون على أعتاب التسوية النهائية في العراق، وها هم ما زالوا بحاجة الى ايران، رغم كل احتجاجات الداخل، لأن ســقــوط نــظــام الخميني في طهران، يعني سقوط ما تبقى من هيبة الجيش الأميركي والحلفاﺀ في أفغانستان وباكستان، وسيتيح ذلك تنامي نفوذ القاعدة وطالبان.

هــذا في حــال سقط نظام الثورة الاسلامية. أمــا بالقرب منا وعلى الجانب الآخر من الحدود، فتستعد سورية لاستكمال محادثاتها غير المباشرة مع اسرائيل وسط ترحيب أميركي لافــت أعـــاد معه سفيرا أميركيا الى دمشق. يعرف وليد جنبلاط أن مؤتمر السلام في روسيا سيكون، حافلا وسيكون نقيض أنابوليس الأميركي الذي لم يفض الى تغيير وضعيات معينة.

أبعد من جلسة مع السيد حسن نصرالله، أو احتمال لقاﺀ مع العماد ميشال عون، وأبعد من زيارة قريبة أو بعيدة الــى سورية، إن خطوة وليد جنبلاط تعدّ بمثابة وثبة عملاقة الى ماض غير بعيد. ماض لم يخرج من التاريخ سوى لأربع سنوات، قبل العودة وبرأس مرفوع.

نعم مخطئ من يظن أن جنبلاط يعود مطأطئا رأسه، بل إن عودته الى رفع شعار فلسطين والعروبة هي مقدمة لتلاق ما مع "أحد ما"، قــد يعيد احــيــاﺀ جبهة وطنية ترفض توطين الفلسطينيين.

وربما ان رفض جنبلاط للخصخصة، هو خط دفاع اول، لمنع الخصخصة من الولوج الــى داخــل اقتصادي متعب، يجعله يقبل بالتوطين في نهاية الأمر.

----------------------------------------------------------

جنبلاط يردّ على الجميّل وفتفت: لبنان عربي ولا اعتذار من الانعزال

ثائر غندور - الأخبار

بعد رد النائبين أحمد فتفت وسامي الجميّل على انتقاد النائب وليد جنبلاط للخصخصة ولبنان أولاً، رد جنبلاط على الرد معتبراً أن «خطابات سامي الجميّل تعيدنا إلى عام 1975. كأنه لا يعلم أن أحداً لم يعتذر في الطائف، وتم تثبيت عروبة لبنان التي حاربها البعض، ومنهم حزب الكتائب»، معتبراً أن نكء الجراح خطأ، و«قد أكد الطائف على الهدنة، وهي تعني الحرب الدائمة مع إسرائيل. وثبّت الطائف الصراع العربي الإسرئيلي، ما يعني أن المواطن الفلسطيني سيعود إلى فلسطين». تابع جنبلاط: «يبدو أن سامي الجميّل يمشي عكس السير، ربما هي حماسة الشباب، لكن هذا مؤذٍ جداً، وسيئ، ويفترض بالجميّل أن يتذكّر انفتاح شقيقه بيار ويتجنّب تصريحات كهذه. فليتذكروا أن الطائف ثبّت الكيان اللبناني، لكنه ثبّت عروبة لبنان بعد إشكالية الميثاق. ولن نذهب إلى الاعتذار من الانعزاليين. كفانا الانعزال في صفوف المسلمين».

ورداً على فتفت، قال جنبلاط إن الخصخصة كانت عنواناً اقتصادياً عالمياً في إحدى المراحل، وتحمّس لها اللبنانيون، وخصوصاً في ملف الخلوي، وقد سعى حيتان المال بقوة للسيطرة على هذا القطاع. لكن اليوم تغيّرت الأمور، والأزمة الاقتصادية العالمية تشهد على ما نقول، كما شهدنا على تدمير الرأسمالية المتوحّشة للثروات العالمية. وها هي الولايات المتحدة تصبح أخيراً دولة شبه اشتراكية. والمؤسف أن البعض لا يتابع هذه الأمور، ولا تصلهم الأخبار، رغم أننا في عصر الانترنت والفضائيات.

ورأى جنبلاط أن شركة طيران الشرق الأوسط تربح ويديرها المصرف المركزي الذي هو قطاع عام. كذلك الأمر بالنسبة إلى مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان، فهي مؤسسة رابحة وقطاع عام. أما مؤسسة كهرباء لبنان فكانت تربح وتستدين منها الدولة، ما يتطلب تحسين الإدارة، وعندها تنجح المؤسسات ويفشل حيتان المال بالاستيلاء عليها.

وكان جنبلاط في مقاله الأسبوعي في جريدة الأنباء قال إنه لا بد من الإسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية تتمتع بتمثيل سياسي عريض يرتكز على قاعدة المشاركة بعيداً من حدّي التفرد أو التعطيل بما يمكن الحكومة الجديدة من محاكاة كل المصاعب الآتية على المستويات المختلفة نظراً للتحديات الكبرى، بل الهائلة، على المستوى الاقليمي والتي تتضح يوماً بعد يوم في الخطاب الإسرائيلي المتطرف، الذي يقفل كل منافذ التسوية في المنطقة. وأشار جنبلاط إلى ضرورة إجراء دراسة متأنية ودقيقة لتحديد حسنات وسيئات شَغل لبنان، السنة المقبلة، مقعداً في مجلس الأمن الدولي.

وإذ أشاد الرئيس سليم الحص وتيار التوحيد ورافي مادايان بتصريحات جنبلاط، دعا الرئيس أمين الجميّل إلى «عدم أخذ كلام النائب جنبلاط بحذافيره»، رافضاً أن يزايد عليه أحد في موضوع «نصرة القضية الفلسطينية». وأكد أن شعار «لبنان أولاً» ليس آنياً. فيما سأل رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع عن سبب اعتبار البعض أن «لبنان أولاً» موجّه ضد المحيط العربي. أما الوزير السابق جوزف الهاشم فلاحظ في مواقف جنبلاط «محاولة جاهدة لاحتضان التناقضات».

تعليقات: