كلاب شاردة
صور ــ
لإعدام الكلاب الشاردة في صور وقع مختلف. ليس لأن الصوريين من دعاة الرفق بالحيوان، بل لأن الأجانب المقيمين في المدينة يمثّلون العائق الأكبر أمام تنفيذ القرار. إلا أن البلدية لم تستند إلى موقفهم، بل اعتمدت في إصدار القرار على العرائض التي قدمها الأهالي بعد تزايد الكلاب، وخصوصاً عند الكورنيش والشاطئ الرملي الذي يقصده المئات يومياً للتنزه وممارسة الرياضة والسباحة. ومكمن خطرها ليس فقط الخوف من نقلها الأمراض والأنفلونزا المستجدة، بل بسبب مهاجمتها المواطنين واقتحامها بعض المنازل والمقاهي.
ماريا واحدة من مئات الأجانب وجنود اليونيفيل المقيمين في صور وضواحيها. السيدة الفرنسية التي تنقّلت بين حارات صور القديمة بعد عدوان تموز من خلال عملها في إحدى المنظمات الدولية، تجد في صور مساحة حرة لممارسة عاداتها الفرنسية، ومنها إيواء عدد من الكلاب الشاردة وإطعامها والعناية بها. الأمر، وهو إنساني صرف بالنسبة لها، لم يرق لصاحب المسكن الذي اضطر لطردها بعد تحول الحي إلى ملجأ للكلاب. ولا تخفي ماريا استغرابها «لبعض مظاهر الازدواجية في المدينة التي تحاول جاهدة أن تبدو عصرية وحضارية من جهة، وقرارها بإعدام كلاب الشارع من جهة أخرى». وفيما تعبر عن دهشتها لإقدام البلدية على اتخاذ «قرار وحشي كهذا بحق الكلاب»، تستدرك بتفهم أنها لمست من خلال عملها أن «السكان أنفسهم لا يتمتعون بكل حقوقهم الإنسانية والمعيشية، فكيف بالحيوانات»! التي تسجل افتقادها حتى لطبيب بيطري في المدينة.
ويعلق الناس على مطالبة البعض بجمع الكلاب الشاردة عوضاً عن قتلها، في أماكن خاصة وترويضها والعناية بها، بنوبات من الضحك. الساخرون يحاولون الإشارة إلى أولوية مطلب آخر لهم هو إنشاء مستشفى بشري حكومي يكفي حاجات المدينة الصحية، أو معالجة مشكلة مكبات النفايات العشوائية، ومجاري الصرف الصحي التي تجذب الكلاب إليها. لكن المعارضين والمؤيدين لقرار البلدية لا يخفون تساؤلهم عن مصير الكلاب بعد قتلها، وخصوصاً أن الجثث تترك «في مكان الجريمة» ولا يهتمون بمحو آثارها بل يتركون أمر جمعها إلى عمال النظافة الذين ينقلونها في أحسن الأحوال إلى أحد مكبات النفايات العشوائية، إلى جانب الشواطئ والمناطق المهجورة.
تعليقات: