الانتفاضة الكبيرة في معتقل الخيام (مع فيديو)

الأسير المحرر علي خشيش
الأسير المحرر علي خشيش


الحلقة ارابعة من يوميات الأسير المحرر علي خشيش في معتقل الخيام:

في الخامس والعشرون من شهر تشرين الثاني من سنة 1989 حصلت الانتفاضة الكبرى.

بتجاوز جلسات التعذيب والافراط في القسوة حيالنا كان من الضروري ان يشهد المعتقل ازمة بالغة الحدّة إذ إنتابتنا حالة من التمرد الحقيقي احتجاجا على الظروف الحياتية القاسية التي كنا نعانيها وقد بلغنا حد اليأس من عدم الاستجابة الى مطالبنا فترانا ككتلة واحدة في مواجهة الجلادين وكانت الشرارة الاولى قد انطلقت من السجن رقم (3) أحد الاخوة يقوم بتأدية صلاته حضر أحد السجانين يريد أن يكلمه فلم يرد عليه فقال لآخر: قل له ليتكلم معي فرد عليه إنه يسمعك . ذهب السجان وأحضر معه آخر وأخرجا الرفيقين من الغرفة وانهالا عليهما ضربا"ومارسا بحقهما أشدّ اساليب التعذيب والقهر حتى مرحلة الإغماء وأحدهما اخذاه إلى المستشفى وأرادا أن يكررا ذلك مما ثارت ثائرتنا وبدأنا بالصراخ والضرب على الأبواب ضربا شديدا مطلقين صرخات موقعة مكبرين "الله أكبر ! "الله أكبر وبدأنا بالتنديد بهم ورميهم بشعارات قاسية فبادر السجّانون باطلاق الرصاص في زقاق السجن لكي يسكتونا فلم نهدأ فبادروا بالقاء القنابل الغازية المسيّلة للدموع والدخانية في الممرات.

بقينا على ما نحن عليه حتى لم يعد بإمكاننا التنفس وسقط منّا العديد ارضا لأن الأغلب يعاني من مرض الربو وضيق التنفس وفي هذه الأثناء سمع المعتقلون في سجن رقم(4) الهتافات والصيحات فبدأوا أيضا" بالهتافات والضرب على الأبواب فهلع السجّانون وأحضروا قوة كبيرة وتم تطويق المعتقل من الخارج تحسبا" لأي عملية هروب أو أي أمر آخر .

أطلقوا الرصاص قرب السجن الرابع فلم نهدأ ورمى أحدهم قنبلة غازية وأخرى دخانية وطبيعة المعتقلات مقفلة وبدون تهوية كافية مما سبب لنا حالات اختناق شديدة وضيق التنفس وفي هذه الأثناء قام المعتقلون في سجن رقم(2) بالهتاف للسجانين بطلب الممرض لحالة صحية فلم يتجاوبوا معهم فبدأوا بالهتافات والضرب على الأبواب فأطلق السجانون القنابل الغازية والدخانية مما سبب لنا اختناقا" .

بدأ العملاء المخبرون الموجودون في الداخل يرجون الحراس حتى يخرجوهم ، وايضا" المرضى ومضينا نطالب بمجيئ الاسرائيليين وبالفعل لم يمض وقت كثير حتى وصل الاسرائيليون .

غير ان القمع لم تخف حدته انما تعاظم حتى لا شفقة فيه ولا رحمة بعد ذلك دخلوا علينا مدججين بالأسلحة والعصي والدروع وبدأوا بالكلام البذيء وأخرجوا عددا" من المعتقلين الى الباحة الخارجية وانهالوا عليهم بالضرب المبرح واخضعوهم لجلسات تعذيب رهيبة حتى وصلت الشدّة بالبعض إلى اخذهم للمستشفى من شدة تعذيبهم والباقي الى غرف الشمس لاخراج سموم القنابل من الغرف .

سقط شهيدان من المعتقلين وفيما اخذت حركة الاحتجاج تتسع تسارعت ردود المستجوبين والحراس وازدادت قسوتهم في قمع المعتقلين وقد شاركت الاخوات في الاحتجاج لا لعلمهم بما يحصل ولكن تضامنا مع الاصوات المتعالية فقد رفضن الطعام وأبيّن الانصياع الى هذه القسوة المستديمة شانهنّ شأن اخوانهم المعتقلين.

وفي اثر هذا التمرّد وبالرغم من ذلك لم يستجيبوا لمطالب المعتقلين ولكن وضعت حدا" للتجاوزات التي كان يقوم بها السجانون ورويدا رويدا اتخذت سلطات الاحتلال بعض الاجراءآت لتحسين الوضع الحياتي ولم تعد تجرؤ للتعرض لنا وخاصة اثناء قيامنا بواجباتنا الدينية واصبحنا نمارسها بحرية وقد علموا بان هذا الامر لا مساومة عليه ولو كلفنا بذل انفسنا من اجله وكانت النتيجة تحسين اوضاعنا من الطعام والشراب والخروج الى باحة الشمس لفترة اطول وعدم الضرب من غير سبب.

واطلاق سراح سجين كان بمثابة عيدٍ لنا لأننا نرى الفرحة برؤيته يخرج الى الحرية.

لمحة عن الأسير المحرر علي خشيش

ألبوم صور جمعية الوفاء التعاونية لتأهيل أسرى المعتقلات الإسرائيلية

الحلقة الأولى: "يوم زجّي في معتقل الخيام"

الحلقة الثانية: "أيام التعذيب والمعاناة التي عشناها..."

الحلقة الثالثة: "رحلة العذاب التي عشناها بين الغرف في معتقل الخيام"

الحلقة التالية: "الهروب الكبير" بقلم الأسير المحرر علي خشيش

للملاحظات أو لمزيد من المعلومات 359121 /03 (الرقم الخاص لعلي خشيش)

تعليقات: