ثورة الطاقة المتجددة... زيت يصبح مازوتاً

يمكن لأي مواطن أن يقوم بهذه العملية في منزله
يمكن لأي مواطن أن يقوم بهذه العملية في منزله


دخل فادي فضول في العام 2007 الى مبنى وزارة الطاقة طالباً رخصة بناﺀ مصنع يحوّل الزيوت المستهلكة الى بيوديزل، وهو نوع من أنواع المازوت الصديق للبيئة. ونجح فضول اليوم في بناﺀ مصنع ينتج يومياً 6 أطنان من البيوديزل وأصنافا أخرى. وتساهم هذه الصناعة ليس في حماية البيئة وحسب من رمي الزيوت في البحر، بل تمنع أيضاً انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري عند احتراق هذه المادة. ويمكن اليوم لأي فرد أن يقوم بعملية كيميائية بسيطة في منزله فيحول الزيوت المستعملة الى مازوت ما يقيه شر ارتفاع أسعار المحروقات ويساعده في حماية البيئة أيضاً.

بداية ما هو الـ "" Biodiesel؟

هــو صنف يــدخــل فــي خانة الطاقة البديلة وهو نوع من أنواع المازوت. أصله من الزيت النباتي، له مكانته في ســوق المحركات التي اخترعت في القرن الماضي.

في البداية اخترع في أميركا حيث استعمل أول محرك يعمل على زيت الفستق. وفي بداية القرن العشرين مع اكتشاف البترول استبدلوا الزيوت بالمواد النفطية.

ويحتل الـــ "" Biodiesel اليوم مكانة مهمة في الأسواق فهو نوع من المازوت خال من الكبريت ومن المواد المضرة بالبيئة مثل ثاني أكسيد الكربون. تكمن هميته في أنه يتمتع بنفس مواصفات المازوت حتى أنه يتفوق عليه من الناحية التقنية، فهو نظيف لا يؤذي المحرك أو يتسبب بانسداد الأنابيب بسبب الأكسدة العالية فــيــه. وأصــبــح اســتــهــلاك نسبة معينة من الـ "" Biodiesel اجبارياً في بعض الــدول للتخفيف من انبعاث الغازات السامة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

وانتشرت هــذه التقنية في أوروبا منذ العام 1996 وتستهلك بنسبة 5 في المئة. ومن أكثر الدول التي تستعمل الطاقة البديلة البرازيل التي تستخدم البنزين البيولوجي من الذرة والسكر.

كيف بدأت الفكرة؟

وزارة الطاقة اللبنانية لم تنص على وجود الطاقة البديلة أو تلزم بــاســتــهــلاكــهــا بــنــســب معينة.

وعندما زرت وزارة الطاقة استغربوا المشروع الا أنهم شجعوني لأنني أخــدم البيئة عندما أصنع هذا النوع من المازوت على مرحلتين أولاً أمنع المطاعم من التخلص مــن الــزيــوت الملوثة عبر رميها في الصرف الصحي فتصب في نهاية المطاف في البحر فنمنع بالتالي تلوث البحر وثانياً نمنع انبعاث الغازات السامة المسببة لتلوث الهواﺀ عبر المنتوج المصنع.

الفكرة نشأت مع أطباﺀ لبنانيين ملمين فــي هــذا المجال ومجال الجليسيرين وهي مادة تصنع مع البيوديزل. وتحتاج العملية الى خليط من زيت مستعمل وميتانول والقطرون الذي يقضي على الشحم فــي الــزيــوت عــلــى درجـــة حـــرارة معينة. وبعدها نضع الخليط في خزان كبير لـ 18 ساعة فينقسم الى طبقتين، طبقة سائلة وطبقة ســوداﺀ هي الجليسيرين ويفوق سعرها سعر البيوديزل أربعة أضعاف. البيوديزل يأخذونه تجار النفط.

ماذا تفعل في الجليسيرين؟

تستخدم مــادة الجليسيرين في التشحيم وصناعة المتفجرات وصناعة المواد الحافظة والعطور ومــــواد التجميل والمساحيق الطبية والأدوية. نحن نسعى الى تطهير هذه المادة وتصديرها الــى الخارج لأن ما من ســوق لها فــي لبنان. وتــعــود الجليسيرين بالربح المادي أكثر من البيوديزل لأن مــا مــن سقف أســعــار معين لها كالمازوت، فنحن مضطرون أن نسلم البيوديزل الى التجار بسعر أرخص من سعر صفيحة المازوت الــذي تحدده الحكومة اللبنانية كل أربعاﺀ.

هل من محطات وقــود تؤمن البيوديزل؟

هـــنـــاك بـــعـــض الــمــحــطــات تستخدم هذا النوع من المازوت، الا أن الــمــواطــن لا يعلم شيئاً، فالعملية محصورة بالتجار الذين لا يقولون أي نوع من أنواع المازوت يستخدمون وهو سلعة تشوبها الكثير من الشوائب وغير نظامية ولا أحد يعلم أي نوع من المازوت يستهلك أحمر تهريب مغزول أو بيوديزل فهو موضوع متشعب.

في أوروبا هذا النوع أغلى من سواه، ففي قبرص طن المازوت 700 يورو بينما طن البيوديزل 1000 يورو لأن هناك قوانين ترعى هذا الموضوع وتنظم استخدامه.

هل من استخدامات فردية في هذا المجال؟

في لبنان ما من شركة أخرى تصنع الــبــيــوديــزل ســوانــا ولكن يستطيع مطلق فـــر د أ ن يسد حاجاته اليومية عبر تصنيع ما يحتاج من بيوديزل في المنزل بواسطة زيــت ملوث وميتانول والقطرون ضمن نسب محددة. أو في مصنع لسد حاجات مصنعه وآلياته كما يفعل رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود.

كم تنتجون في اليوم؟

نحن نصنف كشركة متوسطة لأنــنــا نــؤمــن مـــا يــنــاهــز الستة اطنان يومياً من البيوديزل، نسد حاجاتنا اليومية ونبيع الباقي أما الجليسيرين فنصدره الى الخارج بعد أن نطهره. ومــا ننتجه من الجليسيرين يفوق حاجة لبنان لهذه المادة بعشر مرات اذ تبلغ حاجة لبنان السنوية مــن هذه المادة 100 طن بينما نطهر نحن يومياً 5 اطنان تراعي المواصفات العالمية. ففي السنة ننتج 1500 طــن بــيــوديــزل ونطمح أن نرفع الرقم في العام 2010 الى 2500 طن و500 طن جليسيرين. لكن نحن لا نكتفي بالجليسيرين التي ننتجها بل نشتري هذه المادة من صناعات أخرى. طن الجليسيرين يتراوح سعره ما بين 1500 و2000 دولار.

كيف تؤمنون الزيت؟

نشتري الــزيــوت من المطاعم وبــدأنــا بــذلــك منذ الــعــام 2007 ولدينا فــانــات متخصصة بهذا الموضوع وهناك مطاعم معينة تبيعنا الــزيــت مثل بــرج الحمام والسلطان ابراهيم وماكدونالدز واتفاقات مع فنادق. الا أن جمع الزيوت لا يكفي فهناك مضاربات كثيرة مــع شــركــات أخــرى تجمع بدورها الزيوت ولكن لا تستخدمه لأغراض بيئية، فمنها من يشتريه ويكرره فيفتح لونه ويعيد بيعه ما يتسبب بأمراض سرطانية لمن يتناوله ويكون اشترى الصفيحة بـ 8000 ليرة لبنانية وباعها بـ 50 دولارا. أو يعمد البعض الى خلط الزيت الملوث مع المازوت. ومنها مــن يستخدم الــزيــوت بهدف التشحيم، أو صناعة الصابون.

والبائع لا تهمه أهــداف مشتري الزيت بل يبيع لمن يدفع له أكثر.

فهذه المافيات تمنعنا في كثير من الأحيان من جمع الزيوت في الداخل لذا اشتريت أخيراً الزيوت من المملكة العربية السعودية.

هل تعمد الى المقايضة في بعض الأحيان؟

مطعم ماكدونالدز مثلاً يأخذ منا البيوديزل ويعطينا الزيت الذي يستخدمه لأنه يهتم بالأمور البيئية ويساهم في التصدي من موقعه لظاهرة الاحتباس الحراري، الا أن قلة من اللبنانيين تدرك أهمية هذا الموضوع. ولكن غالباً ما يكون المسؤول عن الزيت في المطعم هو الذي يهتم في الطهو والبطاطا وليس صاحب المطعم.

لذا يهمنا جداً أن تعرف الناس وأصــحــاب المطاعم أهمية هذا الزيت وتحديد وجهة استخدامه لأغراض نبيلة.

قليل، وكشفت دراســة قمنا بها أنه لكي نحصل على كمية كبيرة من الزيت علينا أن نتوجه الى من يستخدمه بكثرة ومنهم مصانع التشيبس والمطاعم. الا أن مطاعم التشيبس للأسف تكرر الزيت ولا ترميه وهذا مضر جداً لصحة الأطفال. أما بالنسبة الى المطاعم فنتمنى من البلديات مساعدتنا في هذا المجال واقناع أصحاب المطاعم فــي مدنا بالزيت لأنه يستخدم لغاية بيئية نبيلة. أما في المنازل فيستهلك المنزل في الشهر ما يقارب العشرة ليترات، ثلاثون في المئة منها تذوب في الطعام فيتبقى 7 ليترات وهي كمية قليلة جداً اذ علي أن أجوب ثلاثة منازل لأحصل على صفيحة واحدة. الا أن هناك قرية في قضاﺀ زغرتا تدعى رشعين، يجمع أهلها الزيوت ويبيعونني اياها بهدف بناﺀ قاعة للكنيسة. ونطمح في مرحلة مقبلة الى تصنيع بنزين صديق للبيئة.

هــل تــجــمــعــون الـــزيـــوت من المنازل أيضاً؟

كــلا لأن اســتــهــلاك الــمــنــازل ماذا تستطيع الدولة أن تساعد في هذا المجال؟

تستطيع أ ن تخلق مفا هيم معينة عند الــنــاس وتوعيتهم لجهة سبل تصريف الــزيــوت، كــمــا يمكنها أن تــســاعــدنــا في مسألة استيراد بعض المواد التي نحتاجها مثل الميتانول الذي نحتاجه كثيراً بمعدل طن يومياً.

وكما سبق وأشرنا الى دور البلديات الــتــي تستطيع أن تــنــســق مع أصحاب المطاعم لجمع الزيوت.

تأسس مصنع فادي فضول في العام 2007 بتشجيع من وزارة الطاقة وبمجهود فردي. تبلغ كلفة المشروع أكثر من مليون دولار (ثمن معدات) باستثناﺀ التكاليف الأخرى التي تؤمن استمرارية المصنع ومنها أتعاب الموظفين وصيانة المعدات. يبيع طن البيوديزل أقل بـ 5 في المئة من سعر المازوت العادي وينتج يومياً 5 الى 6 أطنان.

تعليقات: