الإصلاح
الأخوة في البيت الواحد والذي يفترض أن يكون اساس العلاقة فيما بينهم أولاً هي صلة الرحم بالمنشأ ومن ثم تأتي التنشئة على حب بعضهم البعض والترابط فيما بينهم لما فيه من الفة واحترام متبادل على اساس الصغير يحترم الكبير إذا كان فعلاً أهلاً للأحترام وكذلك الكبير يستوعب الصغير لحين نضوجه ويبلغ أشده من دون إنتظار مقابل ومن ثم يقوم هذا الصغير بشق طريقه بالأتكال على النفس وتحمل المسؤولية في هذه الدنيا هكذا يقول المنطق الدنيوي ..
ولكن إذا إصر ذلك الصغير على أن ُيعامل من جانب الأكبر منه على أنه مازال قاصراً وصغيراً لا بد له من أن ينتظر نتيجة هذا الأصرار والذي اقله سطوة أخيه الأ كبر عليه والتحكم بمفاصل حركته اليومية وتفاصيلها على جميع المستويات كافة وهذا شيءُ طبيعي بغريزة حياة البشر لحب السيطرة رغم الأخوّة التي تجمعهم هذا على مستوى الفرد , فما بالكم اذا كان الأمر يتعلق بقصور وطن .. ؟
نعم للأسف الشديد لدينا وطن من دون سياسية وطنية إسمه لبنان ومنذ نشأته وبفضل السلطات السياسية المتعاقبة عليه وليومنا هذا ارادوه ان يكون ملعب مدرجاته تتسع لتجاذبات سياسات أنظمة العالم مجتمعه ولكل سياسة نظام جمهوره في الشارع اللبناني وكلما تنازعت الأنظمة فيما بينها انفجر الشارع لدينا واصبح أحياء وازقة مقسمة للأسف على قاعدة الطائفية والمذهبية كقطعان الغنم عندما تكون مجتمعة للرعية وما أن تنبح كلاب الرعيان منذرة بقدوم خطر وهمي ما تتفرق القطعان ليسير كل قطيع وراء راعيه هذا هو الحال للأسف الشديد ؟
نعم هذا هو حال الذين كانوا قيِّمين على السلطات السياسية المتعاقبة التي حكمت البلاد وتحكمت بالعباد والتي ما كانت بيوم من الأيام الا سلطة التسلط على الوطن والمواطنين في آن لأن ايمانهم بالوطن والمواطن غير وارد في قواميسهم السياسية والأجتماعية وحتى الأنسانية .. ولكن الأيمان الحقيقي الذين كانوا وما يزالون يؤمنون به هو إيمان شيطاني ذو إتجاهين متوازيين:
- الأتجاه الأول كان ومايزال مبني على الغاء ذاكرة المواطن لمفهوم الدولة كدولة تنهض بالوطن ومواطنيه كسائر الدول التي يتغنون بها ويتبجحون والأستغناء عنه بمفهوم آخر يكرس شخصنة الزعامة وتكريس الوراثة السياسية والتوريث وهذا بالطبع لا يستمر الا من خلال إضعاف الدولة وشل دورها وكسر هيبتها كمؤسسات وإدارات وخدمات لمصلحة المحاصصة فيما بينهم والتي تعوَّد عليها هذا الكيان منذ ولادته واصبحت ثقافة عشائر وقبائل..
- الأتجاه الثاني بالتحكم بالحد الأدنى لمقومات العيش والكرامة لهذا المواطن العادي ليجد نفسه أمام واقع مرير ومأساوي إما أن يكون اقل من لاجىء في موطنه بكل ما لهذا الوصف من معنى وإما أن يكون من الذين يحملون هذه الزعامات على الأكتاف غير آبه بالمحافظة على الحد الأدنى لعقله الذي منَّ الله عليه به للتمييز بين ماهو خيرٌ ونعمة له وما بين ما هو شرٌ ونقمة عليه
علماً ان الله لا يرضى لعبده الا العيش الكريم وحفظ الكرامة له ولأولاده والأتكال عليه لا على من يريد إذلاله وسلب كرامته والتحكم بمفاصل حياته المعيشية والصحية والتعليمية وحقوقه المدنية وحتى المعنوية .. واما ان يترك الجمل بالوطن بما حمل ويسافر الى مجهول الغربة حاملاً معه شنطة سفره لا تحتوي إلا على ذكريات اليمة ومحزنه من هذا الوطن لأنه لم يجد دولة ومؤسسات يلتجأ اليها .. حتى انه لم يرى بارقة امل ولو على المدى البعيد لقيام هذه الدولة ؟
نعم هكذا رسموا خارطة الطريق لهذا المواطن بذلك الوطن .. والذين كانوا قيِّمين على الأنظمة السياسية المتعاقبة وليومنا هذا أعطوا لأنفسهم الشرعية ليُشرعنوا كل شىء فيه على مقاس ما يتناسب مع مصالحهم الشخصية ومصالح حواشيهم الأوفياء لعناوين الفساد والمفسدين وبيع وشراء الذمم عند كل عتبة إستحقاق وطني .. نعم هم كانوا بالأمس واليوم نفسه هو الحال خرائط حياتنا السياسية تخطط وترسم من الخارج وما على اولياء الأمر في هذا الوطن إلا أن ينفذوا ؟
والمضحك المبكي يطل علينا البعض مع احترامي للجميع ليتذاكوا علينا بفراستهم بأيجاد القطب المخفية لحل الأزمات منهم من يجدها عند ( سين سين ) ومنهم من يجدها عند (جيم سين ) ومنهم من يجدها عند ( أي سين ) فعلاً انه لشيءُ محزن ومخجل ولكن السؤال هو الا يستطيع كل هذا
البعض أن يجدون الحلول لمشاكلنا الوطنية في ( لام لام ) هذا إلا إذا كان هذا البعض يشكك بنضوجه السياسي لبناء وطن ناضج غير قاصر ؟
كفانا كفانا قصور وتقصير بحق أنفسنا وبحق هذا الوطن كفانا مجارات مصالح أنظمة التدخل في شؤوننا على حساب مصلحة المواطن والوطن ..
كفانا متاجرة بهذا الشعب الذي لا يستحق إلا ان يعيش كريما عزيزاً مستقراً بوطنه له ما له من حقوق وعليه ماعليه من واجبات هذا الشعب تراه خارج حدود الوطن محترم ومقدر ومرحب به في ارجاء المعمورة ..
لقد آن الأوان لأن تتنحوا جانباً .. وافسحوا المجال للمؤمنين بقيام دولة المؤسسات وليس دولة الشركات؟
اعطوا الفرصة لأصحاب مشروع الدولة القوية القادرة العادلة وليس دولة الضعف والضعفاء ؟
نريد دولة ثقافتها التصدي والمواجهة لكل معتدي وليس دولة الوهن والتهاون وإستجداء الحقوق ؟
نريد دولة التغيير لتغيير النهج السائد والأصلاح لأصلاح النهج والممارسة وليس دولة الحصص والمحاصصة!
عشتم وعاش لبناننا القاصر ؟
محمد جواد العبدالله
07/07/2009
تعليقات: