فعَلها أبو موسى: زوّج ابنته لشيعي من دون رفّة جفن

شادي ورويدا
شادي ورويدا


القبيات ـــ

الإشهار، هو ما اختارته عائلتا شادي ياسين من الضاحية الجنوبية ورويدة معيكي من القبيات، حين عقدا قران ولديهما. هكذا، تزوج العروسان في زفاف «مطنطن»، أعلن للملأ رضى العائلتين عن هذا الارتباط المختلط في ذروة التجاذب الطائفي في البلاد. وإن لم يكن الزواج بين مارونية من القبيات وشيعي سابقة غير معهودة هنا، إلا أن اللافت بالضبط، كان علانية الرضى بالزواج بدون التستر على ما اعتاد الأهل ان يتستروا عليه اتقاءً لغضب المتعصبين وامتعاض العائلات. هكذا احتفلوا بالزفاف متجاهلين أسباب الاعتراض، الشكلي منها والفعلي على حد سواء. والقبياتيون لم يعتادوا فكرة الزواج بمسلمين أو مسلمات إلا على مضض وعلى قاعدة القبول بالأمر الواقع. هذا إذا انتهى الأمر إلى القبول، إذ هناك حالات من الزواج أدت إلى قطيعة دائمة بين الأهل والأبناء، بسبب إصرار الوالدين على رفضها واعتبارها جرحاً لا شفاء منه. لكن حدة الرفض بدأت بالتراجع، كما مفاعيله مع ازدياد الاختلاط بين المسيحيين في القبيات وجيرانهم المسلمين من ناحية، ومع ازدياد مساحة الاختلاط بين أتباع الطوائف المختلفة في مرحلة التعليم الجامعي وفي سوق العمل من ناحية أخرى. ولم يعد خبر الزواج المختلط يحتل مساحة كبيرة في أحاديث الناس وتعليقاتهم، واقتصر اهتمام المتابعين على الأقارب والجيران، إذ عند شيوع خبر الزواج المختلط، يبادر هؤلاء إلى التواصل مع الأهل باستحياء وحذر للتعبير عن «مواساتهم» و«رفع معنوياتهم» بعد «الخيانة» التي تعرضوا لها من أحد الأبناء أو البنات، ويكون ذلك عبر التنويه بحسن تربيتهم، لكنه «الابن الضال» وما اقترفت يداه.

بشيء من المكابرة والتكاذب المتبادل يوافق الأهل بـ«شروط» على الاعتراف بالزواج، فيتدرج الاعتراف من موافقة الوالد على قيام الأم بزيارة ابنتها، وصولاً إلى قبول استقبال العريس أو حتى تبادل الزيارات بين أهل العروسين. وكل ذلك في أجواء من قلة الضجة لعدم إثارة الحديث بين الناس، ولا سيما في المراحل الأولى ريثما «تبرد» الأمور أو يحدث شيء آخر يطوي الخبر ويبعده من التداول.

كان بالإمكان رصد عيّنات من كل تلك الحالات، فهي موجودة ومتعددة، ويمكن استحضارها بسرعة لافتة، بل كثيراً ما يحكى باستهجان أو استخفاف عمّا يمكن تسميته بالزواج المدبر مسبقاً وادعاء «الخطيفة» بموافقة الأم غالباً، وتواطؤ الأب أو الإخوة في أحيان كثيرة. لكن رصداً من هذا القبيل يسيء إلى سمعة الناس، كما قد يسيء إلى والدَي العروس رويدة اللذين لم يرغبا في إعلان الموافقة على زواج ابنتهما المختلط (تزوجت مدنياً) بطريقة استعراضية، تجافي القيم الاجتماعية والضوابط والسائدة. فكل همهم كان عدم خداع النفس، فاستحقوا الثناء والتقدير عندما احتفلوا علناً بهذا الزواج المختلط في مرحلة بلغ فيها الحشد الطائفي والمذهبي ذروته، ولم ينفع معه انشطار المسيحيين في تحالفاتهم المستجدة مع سُنّة المسلمين وشيعتهم، حيث إن تلك المستجدات لم تنعكس تحريكاً للمستنقع الراكد على رواسب لا تزال تحول دون إلغاء النظرة إلى الآخر من الطائفة المختلفة باعتباره من «جنس عاطل».

عدد الاثنين ١٣ تموز ٢٠٠٩

مقالات أخرى للكاتب

* معبر قمار: بعد العسر جسر؟

* حرائق لبنان: بتغيب بترجع قويّة

* «حرارة الإيمان» دمّرت موقع مار شليطا الأثري

إضافة تعليق جديد | إرسال إلى صديق | نسخة للطباعة

زواج لجيل جديد

أرسله ابو هادي (لم يتم التحقق) يوم اثنين, 2009-07-13 05:45.

ماذا لو شجعت الدولة شبابها بمنحهم قروض طويلة الاجل ميسرة لشراء منزل اذا تزوجوا من غير طائفتهم, لانه هذا هو الحل الوحيد حتى لا ترمز عائشة بكار الى السنة والضاحية الى الشيعة والاشرفية والجبل وغيرها الى بقع طائفية صافية, لو تنازل المدراء العامين والنواب والوزراء والرؤساء عن تجديد فرش مكاتبهم لاستطاعوا ذلك, حتى ان زعماء الجيل الجديد لن يكونوا باستطاعتهم ان يحرضو طائفيا طالما ان كل شاب من هذا الجيل المختلط سيكون جده وجدته وامه وابيه كلٌ منهم من دين مختلف وعندها فقط سيكون في لبنان لبنانيين.

تعليقات: