جنبلاط ووهّاب
أمس، عند السابعة مساءً، جلس التقدمي الاشتراكي السابق وئام وهّاب إلى طاولة رئيس الحزب، النائب وليد جنبلاط، لكن بصفته الجديدة: رئيس تيّار التوحيد اللبناني. طوال الفترة السابقة لم يحصل أي لقاء، منذ أن أعلن تيّار التوحيد نفسه حزباً سياسيّاً جديداً (2006) ينطلق في عمله من قواعد الطائفة الدرزيّة، وقد تجاهله جنبلاط في البداية.
الاجتماع حصل أمس، رغم أن البيان سيصدر اليوم كما اتفق الطرفان، وقد امتنعا عن تسريب مضمون اللقاء «احتراماً لهذا الاتفاق». لكن نبرة صوت وئام وهّاب بعد اللقاء كانت توحي بأن اللقاء كان جيّداً.
وكانت العلاقة بين الرجلين قد انقطعت قبل أن يحصل التمديد للرئيس السابق إميل لحود بشهرين. وهّاب كان من مؤيّدي التمديد، فيما جنبلاط كان من أشدّ الرافضين له.
لاحقاً، ارتفعت لهجة وليد جنبلاط تجاه سوريا وحزب الله. فما كان من وهّاب إلّا أن هاجمه. فاتهمه بإقامة دويلة درزيّة في الجبل، وبعدم احترام القانون، وطالبه في أحد مؤتمراته الصحافيّة بـ«أن تلغي دولتك الممتدة من الدامور إلى المختارة وحواجزك المسلحة لإهانة الناس ومراقبتهم الذين لا يشاطرونك غباء سياستك التي أدخلتنا في هذه المغامرة الخاسرة».
وجاء الاتصال الأول بين الطرفين عند حصول حادثة كفرحيم (إطلاق نار على منزل شقيقة وهّاب خلال احتفال عائلي)، وحصول مصالحة حضرها نائب رئيس تيّار التوحيد سليمان الصايغ، وعضو مجلس قيادة الحزب الاشتراكي ناصر زيدان. وجرى حينها التواصل عبر رئيس وحدة الشرطة القضائيّة، العميد أنور يحيى، إذ تم الاتفاق على ثلاثة أمور: الجيش هو من يفصل في المسائل الأمنيّة، القضاء مسؤول عن الإشكالات والنقطة الثالثة هي حريّة العمل السياسي.
أمّا التواصل الهاتفي الأوّل بين جنبلاط ووهّاب، فجرى عقب مقتل الشاب لطفي زين الدين بعد مشاركته في تظاهرة 14 شباط 2009، حينها اتصل وهّاب معزيّاً.
وفي القراءة السياسيّة لتأثير هذا اللقاء، فإنه يُنهي حالة العداء بين تنظيمين فاعلين على الساحة الدرزيّة. ويأتي بعدما أثبت تيّار التوحيد وجوده بحصوله على نحو 6000 صوت درزي في دائرتي عاليه والشوف. وهو يُعتبر اعترافاً جنبلاطياً بهذا الوجود، وإن كان «الوهّابيّون» يعرفون أن جنبلاط قادر بالفوز بالانتخابات النيابيّة والبلديّة في معظمها، إذا لم نقل جميعها. لكن الأهم هو دور هذا اللقاء في إنهاء حالة التوتر في الشارع، إذ حصلت غالبية الأحداث الأمنيّة في الجبل بين مناصري الطرفين، وخصوصاً أن مناصري وهّاب انتشروا في أماكن عدّة في الشوف في السابع من أيّار 2008، وتحديداً في الجاهليّة ومحيطها، ووصل بعضهم إلى بلدة بعقلين التي تبعد نحو 3 كيلومترات عن المختارة، بحسب ما يقول «الوهّابيّون».
وفي رأي مسؤولين في التوحيد، يندرج اللقاء في إطار الانفتاح وإعادة التموضع اللذين يقوم بهما النائب جنبلاط. ويضعون ذلك في مصلحة الجبل وأهله. ويرون أن له تأثيراً إيجابياً على دروز سوريا وفلسطين المحتلة. لكن اللقاء لم يلقَ استحساناً عند جميع مسؤولي تيّار التوحيد، إذ ثمة من رأى فيه ما يؤثّر على صورة وهّاب لدى الجمهور المسيحي والشيعي. لكنّ وهّاب كان واضحاً في هذه النقطة: الخلاف مع جنبلاط ليس شخصياً، بل هو سياسي. ولطالما قلنا هذا. واليوم يتبنى جنبلاط الخيارات السياسيّة التي كنّا ننادي بها.
وفي الوقت عينه، يرى بعض المسؤولين في تيّار التوحيد اللقاء وسيلة لإعادة وصل شبكة علاقاتهم القديمة في الاشتراكي، وهو ما سيساعدهم على الحراك السياسي في قرى الجبل وحاصبيا (حيث سيقوم وهّاب بجولة قريباً)، وخصوصاً أن بعض هؤلاء كانوا سابقاً مسؤولين في الاشتراكي.
تعليقات: