قاسم سويد: يحاول البعض تسييس الموضوع لأسباب عدة
رئيس مجلس ادارة «إن بي إن»: لو فتحنا كل الميكروفونات سيظهر ما هو أخطر مما قالته مذيعتنا.
أوضح تفاصيل التعامل مع أزمة «زلة لسان» سوسن درويش.. ودافع عن موقف القناة الداعم للمعارضة اللبنانية.
سلبت قناة «الشبكة الوطنية للارسال» أو «أن.بي.أن» الاهتمام بشكل لافت الأسبوع الماضي، إلا أن السبب لم يكن «خبطة» صحافية او سبقا حصلت عليه القناة التي تقلبت هويتها بين كونها قناة منوعات وقناة أخبار، ولم يكن كذلك بسبب مشكلة سياسية او تهديد تلقته القناة، ولكن بسبب «خطأ غير مقصود» تصدر عناوين الصحف حول العالم، والمقصود هنا بالتأكيد هو أزمة «المايكروفون المفتوح» التي تعرضت لها القناة عندما لم تنتبه احدى مذيعاتها، هي سوسن درويش، بأنها على الهواء عندما تحدثت بما وصف بانه نوع من السخرية على وفاة عضو البرلمان اللبناني وليد عيدو، وتنبأت (بسخرية كذلك) باغتيال وزير الرياضة أحمد فتفت.
وللاطلاع على وضع «الشبكة الوطنية للارسال» في الوقت الراهن ومعرفة مزيد من التفاصيل حول قضية سوسن درويش وما هي الخطة المتبعة لرسم مستقبل المحطة على المديين القريب والبعيد، حاورت «الشرق الأوسط» رئيس مجلس الادارة ومدير الاخبار في الـ«NBN» قاسم سويد، في بيروت وفي ما يأتي نص الحوار:
* هل تعتبرون أن محطتكم دفعت ثمن الانقسام السياسي والاعلامي الحاصل، بعد الحادثة أو "زلة اللسان" التي وقعت بها الاعلامية سوسن درويش؟
ـ ما حصل مع الزميلة السابقة سوسن صفا درويش، كان خطأ أدى الى بث كلام على شاشتنا لا نقبل به. حاول البعض تسييس الموضوع لأسباب عدة، ونحن بادرنا الى اتخاذ اجراءات جريئة في الوقت الذي يخطئ فيه غيرنا ولا يقدم على اتخاذ أي خطوة.
لا نقبل بأن يسيس الموضوع، فلا أحد يستطيع أن ينال منا، واذ ما حاول أحد ما أن يمس بسمعة المحطة فعندها ستكون هناك مشكلة. وأنا أؤكد بأن ما حصل لا يمثل سياسة المحطة أو ادارتها، ولكن اذا حاول أحد استغلال الموضوع فعندها لن نسكت وسندافع عن انفسنا، ونأمل أن لا توظف زلة اللسان لتضخيم الموضوع والاساءة الى المحطة التي خدمت لبنان ووقفت بجانب مقاومته واعماره في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
* الى أي مرحلة وصل التحقيق في هذا الموضوع؟
ـ حتى الآن تم الحصول على استيضاح مني واستجوبوا درويش ومهندس الصوت المسؤول اللذين تركا بسند اقامة. وسمعنا بان الملف سيحال الى لجنة التحقيق الدولية التي تحقق بجريمة اغتيال الحريري، فاذا نفذت هذه الخطوة سيكون أمرا بغاية الخطورة ومحاولة لضرب المحطة، ولن نقبل بهذا الامر ابدا ونتمنى أن لا يعطى الموضوع أكبر من حجمه.
* الا تظن ان «زلة اللسان» هذه عكست حقيقة الواقع الاعلامي اللبناني وليس فقط واقع محطتكم؟
ـ الواقع الاعلامي اليوم يمر بحالة هيستيرية سببها الساحة السياسية وواقعها المتردي. وهذا ما يعكسه الخطاب المتداول في لبنان والذي سيبرز الى العلن بشكل أسوأ وأخطر مما تلفظت به درويش اذا فتحنا كل الميكروفونات الموجودة تحت الهواء. لكننا في المحطة لا نقبل أبدا بهذا الأسلوب، كما أننا اتخذنا منذ وقت طويل قرارا يمنع الموظفين والاعلاميين من التعبير عن آرائهم الشخصية أثناء العمل، لذلك فقد اعتبرنا أن درويش ارتكبت خطئين في الوقت عينه، وبدورنا بادرنا الى تنفيذ الاجراءات اللازمة.
* ما سبب التغيير أو التعديل الذي طرأ أخيرا على المحطة التي لم تعد تقتصر على المواد الاخبارية وما هو هدفه؟
ـ هذا التعديل الذي أجري منذ ثلاثة أشهر على دورة البرامج يعود الى أسباب لها علاقة بالتمويل وباعادة تقييم عمل المحطة على الصعيد الاخباري، الامر الذي يتطلب مستلزمات خاصة، لا سيما بعد ظهور قنوات عربية اخبارية تملك امكانات هائلة وضخمة تؤهلها القيام بهذا العمل بمهنية عالية.
* هل يعتبر هذا هروبا من التخصص الاخباري بسبب عدم القدرة على المنافسة؟
ـ عند انطلاقة المحطة لم تكن القنوات الاخبارية التي تنطق باللغة العربية موجودة، ما جعلنا اليوم نعيد النظر في حساباتنا. وهذا ليس هروبا من القناة الاخبارية بل يهدف الى الانفتاح على المشاهدين في كل الاقطار العربية، اضافة الى سبب مهم وهو السوق الاعلاني الذي يحجب بشكل ملحوظ عن القنوات الاخبارية بعكس القنوات المنوعة التي تجذب المعلنين وتساهم في عملية التمويل.
* ما هي التعديلات التي أجريت على المحطة وهل لمستم النتائج المتعلقة بنجاح المخطط أو فشله؟
ـ التغيير كان استنادا الى دراسات دقيقة أظهرت أن التنوع والقناة المفتوحة أفضل بكثير من دون اغفال اهمية الاخبار، لذا ما زلنا نقدم ست نشرات اخبارية يوميا، اضافة الى البرامج السياسية، كما أننا أسسنا لمفهوم جديد يسمى بـ«flash infos» وهي عبارة عن أخبار اقتصادية ورياضية وسياسية مكتوبة، تبث دوريا على الشاشة بهدف اعلام المشاهد بكل المستجدات، انما بأسلوب جديد ومتطور.
أما في ما يتعلق بنجاح الخطة أو فشلها، فنحن نؤكد أنه الى الآن أظهرت الاحصاءات ارتفاعا ملحوظا في نسبة المشاهدة، اضافة الى انفتاح السوق الاعلاني الذي كان مقفلا علينا قبل ذلك. وهنا لا بد من الاشارة الى أن التعديل الحاصل على صعيد دورة البرامج انسحب أيضا على ادخال أحدث المعدات المتطورة المستخدمة في أهم المحطات العالمية، وهذا ما يساعد الفريق التقني والعاملين على الابداع اضافة الى تغير ملحوظ على مستوى الصورة وألوانها ونقاوتها.
* أين موقع الـ«NBN"» في ظل الاصطفاف الاعلامي الحاصل في لبنان؟
ـ منذ انطلاقة المحطة عملنا على خدمة التوجه السياسي الوطني العام، لكن في المرحلة الاخيرة لم يكن بالامكان تجاهل الاصطفاف الاعلامي الحاصل على الساحة اللبنانية. اما سببه فهو ان الانقسام السياسي الحاد في لبنان الذي أدى الى انقسام اعلامي كبير ومؤثر. انما رغم هذا الوضع لا نزال في المحطة نعمل بطريقة موضوعية ولا نخجل من الاعلان أننا نوافق وجهة نظر المعارضة اللبنانية.
* هل نستطيع القول أنكم تمثلون محطة حزبية؟
ـ على العكس تماما لا يمكن أبدا وصفنا بالقناة الحزبية، وخير دليل على ذلك التنوع في طوائف الموظفين وهيئة مجلس الادارة، وقياسا بالآخرين لا يمكن لأحد أن يزايد علينا في هذا الأمر بشكل خاص. ومن الناحية السياسية، نؤيد وجهة المعارضة، لكن وبكل صراحة، للأسف فان الانقسام السياسي الحاصل لا يسمح لنا أن نكون على مساحة واحدة من كل الأطراف بل علينا أن نختار توجها معينا، ربما لأن علينا كما كل المحطات اللبنانية، الالتزام بتوجه الجهة السياسية التي ننتمي اليها، لكن نأمل أن ينتهي هذا الأمر بأسرع وقت لأن رسالة الاعلام يفترض أن تكون لكل الوطن وليس لفئة دون أخرى.
* ألا يتناقض هذا الانحياز مع مبدأ الموضوعية التي يجب أن تعمل على أساسها وسائل الاعلام؟
ـ تأييد موقف المعارضة السياسي لا يعني التقوقع وعدم الانفتاح على غيرنا، بالطبع ستنخفض نسبة الموضوعية في الأداء انما لا نستطيع الغاء الآخرين، وهذا ما نحاول تطبيقه في الاسلوب الذي نعتمده، اذ نحرص على التنويع في هوية الضيوف السياسيين اضافة الى عدم اغفال أي خبر متعلق بأي شخصية تنتمي الى الفريق السياسي الآخر.
* من هي الجهة التي تمول المحطة؟
ـ منذ البداية والمحطة لا تعتمد على جهة معينة لتمويلها، أي لسنا ممولين من أي دولة أو أي طرف سياسي، بل نعتمد دائما على المساهمين اللبنانيين والعرب الذين زاد عددهم في الفترة الأخيرة، ما ساعدنا على وضع المحطة على السكة الصحيحة. والمساهمون أبدوا استعدادهم لضخ الأموال رغم الخسائر التي تعرضنا لها في المرحلة السابقة، لذا نعمل على ان لا نقع بعد سنة أو سنتين في عجز مالي بل نسعى كي يصل الأيراد الى مستوى المصروف، وبذلك نكون قد أنجزنا خطوة مهمة.
* اين المحطة من الانتاج المحلي؟
ـ لدينا برامج سياسية عدة، وبرنامج اجتماعي مع رابعة الزيات، وآخر كوميدي يحمل عنوان «كل شي الو شي». كذلك نعمل على التحضير لانتاج برنامج مسابقات ضخم سيبث في شهر رمضان، اضافة الى مسلسل لبناني درامي خاص بالمحطة.
* كيف تقوّم الشبكة الوطنية للارسال مقارنة بالمحطات الأخرى؟
ـ بكل فخر، نقدم منتوجا مهنيا على كل الأصعدة، وهو من أفضل التلفزيونات اللبنانية الذي يعمل على خدمة المشاهد اللبناني والعربي في الوقت عينه. وستظهر نتيجة هذا العمل في نهاية العام الحالي وعلى أبعد تقدير في بداية العام المقبل بعدما نكون قد أطلقنا كل برامجنا.
* 10 سنوات من التقلبات
* منذ انطلاقتها عام 1997، و«الشبكة الوطنية للارسال اللبنانية» (NBN) تناضل في الوسط الاعلامي اللبناني لتثبت مكانها بين مجموعة من المحطات المحلية والفضائية. وهي وان كانت لا تختلف عن مثيلاتها من المحطات المحلية اللبنانية المحسوبة على جهة سياسية معينة كون الـ«ان.بي.ان» تعتبر في لبنان «تابعة» لرئيس حركة «امل» اللبنانية نبيه بري، الا ان المشاهد يقف حائرا حيال التباس هويتها او عدم ثباتها، خصوصا في ظل التعديلات الدورية التي تتم بين فترة وأخرى على صعيد البرامج ونظام المحطة بشكل عام. في البداية سلكت الـ«NBN» الطريق التي تجمع بين البرامج السياسية والمنوعة اضافة الى الأخبار، ثم تحولت عام 1999 قناة اخبارية اقتصرت برامجها على تلك التي تحمل صفة السياسية والاخبارية. ومنذ ثلاثة أشهر شهدت المحطة ما يشبه انطلاقة جديدة، اذ اختار القيمون عليها اجراء تعديلات جذرية بدت واضحة في صورتها بشكل عام وعلى صعيد البرامج ونوعيتها وأهميتها بشكل خاص، ما يفترض ان يساهم في زيادة نسبة المشاهدة يوما بعد يوم ويحسن حضورها لدى المشاهد اللبناني والعربي.
* سيرة ذاتية ـ قاسم سويد
* تخرج من الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت في العام 1991 ليعمل موظفا في وزارة الاعلام اللبنانية لمدة عامين. بعد ذلك انتقل الى مجال الاعلام المرئي وتحديدا في تلفزيون «المستقبل» الذي اسسه الرئيس الراحل رفيق الحريري، حيث عمل من العام 1993 الى العام 1997. بعد هذه التجربة، تولى منصب مدير الأخبار من العام 1997 وحتى العام 2006 في محطة الشبكة الوطنية للارسال (NBN) التي تعتبر حاليا من المحطات الناطقة باسم المعارضة. وهي محسوبة على رئيس مجلس النواب اللبناني ورئيس حركة أمل نبيه بري.
في خضم المعركة الاعلامية القائمة على الساحة اللبنانية، عين سويد منذ بداية العام 2007 رئيس مجلس ادارة الـ«NBN» ومديرها العام. وربما وقف سويد بمواجهة هذا التحدي ليبدي ارادة لاحداث التغيير المطلوب خلال حديثه عن الخطط المستقبلية للارتقاء بمحطته الى مستوى متقدم، ما يظهر اصرارا على العمل الدؤوب والمضي قدما رغم الاخفاقات والعوائق التي مرت وقد تمر بها المحطة آملا أن ينجح في مهمته، الا ان حلمه كاعلامي يترجمه بتطلعه الى مرحلة يتخطى فيها الاعلام اللبناني بشكل عام أزمة انقسامه السياسي ليعود ويسلك الطريق الصحيح ويقوم بدوره المهني والموضوعي كما يجب.
زلّة اللسان التي كلفت سوسن درويش وظيفتها وربما حياتها المهنية
تعليقات: