تظهر محيدلي في الحجاب في صورة مركبة بين رفاقها المقاومين
تظهر محيدلي في الحجاب في صورة مركبة بين رفاقها المقاومين
محمد دهشة
ترقد "عروس الجنوب" سناﺀ محيدلي، أول استشهادية في "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" في جبانة بلدتها عنقون ـ قضاﺀ صيدا اليوم.. بعدما عادت رفاتا قبل عام من الآن في 25 تموز العام 2008 في صفقة تبادل الاسرى والمعتقلين اللبنانيين بين المقاومة وإسرائيل ـ "الوعد الصادق"، لتحقق وصيتها في دفنها في بلدتها بعد 23 عاما قضتها في "مقبرة" الغرباﺀ في الجليل المحتل نازعة الرقم الذي لازم قبرها طيلة سنوات الأسر في تراب فلسطين.
فــجــرت محيدلي نفسها في عملية استشهادية في 9 نيسان 1985 وهي تقود سيارة بيجو 504 بيضاﺀ اللون، اخترقت الحاجز المقام في منطقة باتر ـ جزين في طريقها نحو الجنوب وتقدمت نحو قافلة عسكرية اسرائيلية واجتازت حاجزا حديديا، فأطلق حاميته رشقات من الــرصــاص باتجاهها ولكن اصــرار وعزيمة الشهيدة محيدلي كانا اسرع بالوصول الى تجمع القافلة وفجرت السيارة وهي تردد "أتمنى أن تتعانق روحي مع أرواح الشهداﺀ الــذيــن سبقوني وتتوحد معهم لتشكل متفجرة تنفجر زلزالا على رؤوس جيش العدو".
وفيما اعترف الناطق العسكري الاســرائــيــلــي بالعملية، زاعــمــا ان ضابطين قتلا وان جنديين آخرين اصيبا بجروح، أجمعت وكالات الانباﺀ على أن خسائر العدو كانت اكثر من عشرين جنديا، بينما أصدرت جبهة المقاومة الوطنية بيانا أعلنت فيه ان محيدلي قامت بعملية استشهادية استهدفت تجمعا لــقــوات العدو على طريق باتر ـ جزين حيث كانت تتجمع اعداد كبيرة من الشاحنات 50 بين قتيل وجريح، بالاضافة الى اعطاب واحراق عدد من الآليات.
ومنذ تنفيذ العملية، احتفظ الـــعـــدو الــصــهــيــونــي بــرفــاتــهــا واشلائها طيلة 23 عاما في مقبرة "" الغرباﺀ في الجليل المحتل، حيث لازم "الــرقــم" قبرها طيلة سنوات الأســر في تــراب فلسطين، الى أن عــادت الى بلدتها عنقون عروسة وشهيدة معروفة الهوية، والانتماﺀ في صفقة التبادل التي جرت بين "حــزب الله" و "اســرائــيــل" بوساطة المانية ودفنت في جبانة البلدة حيث ترقد اليوم بسلام مطمئنة في قبر محاط بأسوار حديدية، سوداﺀ وقد كتب على شاهد القبر بالاحمر "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية والحزب السوري القومي الاجتماعي، شهداؤنا هم طليعة انتصاراتنا الكبرى روضة الاستشهادية البطلة سناﺀ محيدلي ـ عروس الجنوب"، اما على بلاطته فقد تحولت الى شعار الحزب بزوبعته الرباعية وعلى كل واحــدة منها جــزﺀ من وصية سناﺀ "ان الدماﺀ الزكية التي تجري في عروقنا ليست ملكنا بل هي وديعة الامة.".
اني اطلب من شابات وشبان بلادي ان يلتحقوا بصفوف المقاومة الوطنية".
.
داخل البلدة، تداخلت صور سناﺀ مع عشرات صور شهداﺀ المقاومة الوطنية والاسلامية وتحديدا "حزب الله" وحركة "أمل" و "الحزب السوري القومي الاجتماعي" وغيرهم حيث يفتخر أبناﺀ البلدة بهؤلاﺀ الشهداﺀ وتضحياتهم، ما دفعهم الى رفع لافتة تقول "زينة الرجال السلاح" فــي اشـــارة الــى أهمية المقاومة والاعتزاز بها.
ولدت سناﺀ محيدلي في بلدة عنقون في 14 آب 1968 والدها يوسف توفيق محيدلي وهو عميل جمركي توفيت والدتها فاطمة حمية وهي في الثالثة من عمرها، وعاشت بعد ذلك في كنف والدها قبل ان يتزوج بعد ذلك لتكون لسناﺀ اخت واحدة ـ عبير وثلاثة اخوة هيثم ومحمد ورامي.
تداخلت صور سناﺀ مع عشرات صور شهداﺀ المقاومة
ويقول ابن عم الشهيدة سناﺀ هــانــي محيدلي الـــذي يقيم في البلدة "ان عــروس الجنوب رفعت رأس لبنان عاليا ولا اقول البلدة او حتى العائلة، فالشهادة اكبر من أن تختصر في إطار ضيق"، معتبرا "ان سناﺀ منذ صغرها كانت تسعى الــى المقاومة وقــد آلمها احتلال العدو الاسرائيلي للجنوب وارتكاب المجازر بحق المدنيين، والابــريــاﺀ فأرادت الثأر لهم، فكانت الشهادة قرارا بالانتقام للاطفال الذين قتلوا في الزرارية وحومين التحتا وجباع وكوثرية السياد وغيرها".
بينما استعاد جار العائلة وكيل الوقف الحاج بديع قرقماز الايــام التي سبقت تنفيذ العملية حين اختفت، سناﺀ فبحث عنها الأهل والأقـــارب والأصــدقــاﺀ دون جــدوى، حتى توقعوا ظهورها متزوجة سرا، قبل أن يقول "لقد فاجأت الجميع، سعت نحو الشهادة ونالتها بامتياز، لقد طالت غربتها عن البلدة واليوم تنام قريرة العين في قبرها وقد حققت وصيتها".
وأضاف: "إن البلدة اليوم تشعر بالاعتزاز، فالشهيد عندنا له أعلى مراتب الشرف، هي ترتفع وتضيﺀ كالنجوم في السماﺀ ستبقى خالدة في الذاكرة جيلا بعد آخر.. لقد تركت وراﺀهــا وصية خالدة كتبتها بخط يدها وتؤكد فيها ان الحياة وقفة عز، لم تمت بل حية بيننا".
ويعتز الــقــومــيــون الــســوريــون باستعادة رفات شهدائهم العام الماضي، الــى جانب سناﺀ جثمان الاســتــشــهــاديــة زهـــر أبـــو عساف و "مصطفى عطوي وبسام مسلماني وهــاشــم إسماعيل ومنير صفا"، تزامنا مــع ذكـــرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، في 21 تــمــوز، يــوم أسقطت صواريخ "الكاتيوشا" التي أطلقها المقاومون ما كــان يسمى بـ "سلامة الجليل" وعنجهية وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك، آرييل شارون "ويقول مسؤول منطقة صيدا ـ الزهراني في الحزب بسام حشيشو" لقد جسدت سناﺀ مــقــولــة زعــيــم النهضة الــســوريــة القومية الاجتماعية أنطون سعادة الــذي قــال "قــد تسقط أجسادنا...
أما نفوسنا ففرضت حقيقتها على هذا الوجود".
تعليقات: