جنبلاط يفجّر علاقته بـ«14 آذار» ويعود إلى «الثوابت»

وليد جنبلاط
وليد جنبلاط


فجّر النائب وليد جنبلاط قنبلة أخرى عندما أعلن أن تحالفه مع قوى 14 آذار كان بحكم الضرورة، ويجب ألا يستمر، ما يخلط الأوراق ويعيد تكوين التوزانات والقوى داخل مجلس النواب (تضمّ كتلة اللقاء الديموقراطي 12 نائباً، 6 منهم ينتمون إلى الحزب التقدّمي الإشتراكي). وشدّد على وجوب «إعادة التفكير في تشكيلة جديدة من أجل الخروج من الانحياز، وعدم الانجرار إلى اليمين»

أزال وليد جنبلاط، يوم أمس، جميع الشكوك التي أثيرت بشأن مواقفه الأخيرة المتعلّقة بعلاقته مع قوى 14 آذار، معتبراً أن لا جدوى من استمرار هذا التحالف، وداعياً إلى التفكير جدّياً في إحياء ما بقي من اليسار أو بلورة يسار جديد، والعودة إلى القضايا الاجتماعيّة، لأن «الانتصار الوحيد هو إعطاء العمال حقوقهم».

وقد أبلغ جنبلاط «الأخبار» أن حديثه يتجاوز الانسحاب من 14 آذار أو عدم الانسحاب، بل هو عمليّة تذكير بالثوابت التاريخيّة للحزب، وتحديداً المتعلّقة منها بالمسألة الاقتصاديّة ـــــ الاجتماعيّة، وقضيتي العروبة وفلسطين. ولفت إلى أن هناك العديد من الشعارات التي لم تلقَ صدىً بين الحاضرين، وذلك بسبب الفروق الكبيرة بين الكلام المبدئي والواقعي. ورأى أن الرعيل الحزبي الذي خرج خلال الأزمة الأخيرة بعيد كثيراً عن فلسطين والعروبة، على عكس الجيل القديم.

وإذ حدّد الإطار العام لكلمته، وهو نقد ذاتي لمرحلة غابت عنها القضايا الاجتماعية ـــــ والاقتصاديّة، شدّد على إدانة نفسه بسبب الذهاب إلى المحافظين الجُدد، «وقد سرنا بالمعقول واللامعقول». أضاف إن «هناك ورشة كبيرة داخل الحزب التقدمي الاشتراكي تبدأ من الصفر بهدف استعادة ثوابت الحزب»، وسترتكز هذه الورشة «على التثقيف الجماهيري في خطّة تمتد إلى 3 سنوات». وأكد أن العمل جدّي، «بدون أن أكون متفائلاً»، من أجل العودة إلى حزب الطليعة. وفيما رأى أن «الحزب الشيوعي، مثلاً، ربما خسر جزءاً من قاعدته، لكنّه حافظ على ثوابته، ونحن لا نحتاج إلى الكمّ على حساب النوعيّة».

وروى أنه ذهب في العام الماضي إلى احتفال عيد الكتائب، «حيث عرضوا علينا أفلاماً تُدين الرئيس جمال عبد الناصر، وسكتنا. هناك فرق كبير بين أدبيّاتنا وأدبيّات حزبي الكتائب والقوات اللبنانيّة. لقد اجتمعنا في إطار واحد بسبب اغتيال الرئيس رفيق الحريري».

وكان جنبلاط قد رأى، في كلمته أمام الجمعية العمومية التنظيمية الاستثنائية للحزب الاشتراكي تحت عنوان «من أجل التجدد وتطوير التربية الحزبية»، أنه «إذ تحالفنا في مرحلة معينة تحت شعار 14 آذار مع مجموعة من الأحزاب والشخصيات، وبحكم الضرورة الموضوعية التي حكمت البلاد آنذاك، فإن ذلك لا يمكن أن يستمر، إذ علينا إعادة التفكير في تشكيلة جديدة أولاً داخل الحزب، وثانياً على الصعيد الوطني، من أجل الخروج من هذا الانحياز والانجرار إلى اليمين، والعودة إلى أصولنا وثوابتنا اليسارية والعربية والنقابية والفلاحية».

تابع: «انظروا إلى ما حدث في الانتخابات للحزب الشيوعي، وهو من أعرق الأحزاب في العالم العربي وأقدمها ورفيقنا في النضال النقابي والسياسي والعسكري، إن مجمل الأصوات التي نالها على الساحة اللبنانية لم تتجاوز سبعة آلاف صوت». وسأل: «أليس هذا دليلاً؟ في المقابل، لم نخض كحزب وكفريق 14 آذار معركة ذات مضمون سياسي. خضنا معركة رفضنا فيها الآخر، خضنا معركة ذات طابع قبلي رفضنا فيها الآخر. ليس هذا انتصاراً، فنحن ننتصر عندما نعطي للعمال والفلاحين حقوقهم، ننتصر عندما نعود إلى الثوابت العربية والفلسطينية، ننتصر عندما نخرج من اليمين ونعود ونلتصق بما بقي من يسار أو ننشئ يساراً جديداً».

وعرض جنبلاط بعض المحطات التي خاضها الحزب الاشتراكي، من رفض حلف بغداد وثورة 1958، «وأقول ثورة لأنني قرأت مذكّرات أحد الساسة في لبنان يعدّها أحداثاً دامية»، وتأييد وحدة مصر وسوريا ثم رفض الانفصال وإدانته وإدانة إعدام أنطون سعادة، وتغيير عقيدة الجيش من «عقيدة كانت تساوي بين العدو والصديق، إلى أنه في عهد الوجود السوري تغيّرت تلك العقيدة»، العلاقة مع الاتحاد السوفياتي، الذي بانهياره «انهارت منظومة سياسية كبيرة هائلة في مواجهة الرأسمالية والإمبريالية، التي دفعت الاتحاد السوفياتي إلى الدخول في الفوضى العالمية».

وذكّر جنبلاط بالإصرار الدائم من جانب الحزب الاشتراكي على إلغاء الطائفية السياسية، «لأنه لا وطن بوجود صيغة الطائفية السياسية التي تتجذر كل يوم، ورأيناها بالاسم فولكلورياً. كانوا ثلاثة رؤساء وأصبحوا أربعة، وغداً سيصبحون 5 و6 في البزّات البيضاء. وما أجمل تلك البزّات البيضاء التي ورثناها من الانتداب الفرنسي».

وقارن جنبلاط بين زمن مؤسس الحزب الاشتراكي واليوم: «كان كمال جنبلاط يقول إن قلة من المستفيدين، 4 في المئة، يسيطرون على 80 في المئة من الثروة اللبنانية، وأعتقد أننا ما زلنا اليوم في الدوّامة نفسها، وربما 4 في المئة أو أقل يسيطرون على أكثر من 90 في المئة من الثروة اللبنانية. لا يمكننا أن نستمر في هذه الدوّامة التي نصدّر فيها الأدمغة ونستورد فيها ما يسمّى السياح». وخلص في هذا الإطار إلى أنه «لم يتغيّر شيء. لذا، لا مستقبل للبلاد في اقتصاد ريعي دون حماية الزراعة والصناعة».

وذهب في نقد الذات إلى اعتبار أنه مع ثورة الاستقلال وتداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري وغيره من الشهداء، «دخلنا المعقول واللامعقول. صحيح أن العاطفة في بعض الأوقات غلبت على المنطق، لكن قمنا بواجبنا في ما يتعلق بالمحكمة، وأتتنا المحكمة، ونتمنى أن تأتي المحكمة بالحقيقة، وأن تكون عنواناً للاستقرار. فلا نريد المحكمة عنواناً للفوضى، ولا نريد أن تتحكّم فيها دول أو ربما جهات تأخذها إلى غير محلها. نريد لهذه المحكمة أن توقف الاغتيال السياسي وتعطي كل صاحب حقٍّ حقَّه في ما يتعلق بالجرائم. لكن لا نريد للمحكمة أن تذهب إلى الأقصى، أو ربما إلى تحريف المنهج الأساسي، وهو العدالة».

وإذ دعا إلى التوقّف عن «البكاء على الأطلال، لكون عهد الوصاية قد ولّى، والجيش السوري انسحب»، رأى أن «اللقاء مع المحافظين الجدد في واشنطن كان في غير سياقه التاريخي وفي غير التموضع التاريخي للحزب الاشتراكي... أن نلتقي مع الذين عمّموا الفوضى في منطقة الشرق، الذين دمّروا العراق وفلسطين. لكن آنذاك، ولست هنا لأبرر، كان همُّنا الأساس المحكمة». وفي ما يتعلّق بالداخل الحزبي، أكد أن التوجه هو نحو وضع صيغة تنظيمية «لن تعجب البعض، ولكن يجب إخراج الجميع، من القيادة إلى القاعدة، من الصدأ الفكري والاتكالية وعدم المحاسبة».

■ المستقبل و«التاريخ المعيب»

بعد ساعات من «انفجار قنبلة جنبلاط»، أصدر تيار المستقبل بياناً عالي اللهجة، أبرز اختلافاً آخذاً بالتبلور والعلنية بين المستقبل وجنبلاط الذي يرأس كتلة «اللقاء الديموقراطي» المؤلّفة حتى اللحظة من 12 نائباً (بينهم مروان حمادة). وأكد المستقبل في بيانه أنه «مؤمن بحق أي فريق سياسي في أن يختار الموقع الذي يناسبه، وأن يتبنّى الشعارات التي يريد، إلا أن مصلحة المواطن اللبناني والمواطنة اللبنانية تأتي قبل أي حزب أو تيار تحت سقف الدستور. وإذا أراد البعض أن يذكّر بتاريخه فلا بأس، شرط ألا نعود إلى التاريخ المعيب الذي كان فيه كثيرون شركاء في إعلاء مصالحهم الخاصة على مصلحة الوطن». وتمسّك المستقبل بمبادئ 14 آذار. ورأى أن «هذا اليوم يوم إنصاف رفيق الحريري، الذي كرس حياته لفتح أبواب العروبة الحديثة القائمة على الاعتدال والانفتاح والتطور». ولفت إلى أن شعار «لبنان أولاً سيبقى شعاره». وجاء في البيان أن «قوى 14 آذار لم تكن يوماً رافضة للآخر بل قوى انفتاح تطالب بتطبيق الطائف».

■ سعيد: جمهور جنبلاط لن يُجاريه

انطلق منسّق الأمانة العامّة لقوى 14 آذار فارس سعيد، في تعليقه على كلام جنبلاط، من اعتباره أن هناك قراءة سياسيّة مختلفة بين 14 آذار ووليد جنبلاط، «وهو يطلب من هذه القوى أن تتبنّى موقفه أو يذهب وحده إلى هذا الخيار». وبالرغم من ذلك يرى سعيد أن «القراءة المختلفة لا تعني بالضرورة تبادل الشتائم بين الطرفين. ونرى أن لديه أياديَ بيضاء في ثورة الأرز».

وحدّد سعيد نقاط الاختلاف بين الطرفين بثلاث: «جنبلاط يرى أن السلم الأهلي أهم من العدالة، في ما يتعلّق بموضوع المحكمة. والنقطة الثانية، هي الصراع العربي الإسرائيلي: «فانتصار قوى 14 آذار يُسهّل تحديد موقع لبنان في المبادرة العربيّة، فيما قرّر جنبلاط العودة إلى 1976 ولاءات الخرطوم الثلاث. أما النقطة الثالثة فهي، برأي سعيد، أن قوى 14 آذار تربط بناء الدولة القويّة القادرة على خدمة مواطنيها بعدم وجود سلاح خارج سلاح الشرعيّة، فيما جنبلاط يرى أن حقوق العمّال هي الأولويّة».

وأشار سعيد في اتصال مع «الأخبار» إلى أن جمهور 14 آذار لن ينجرّ وراء جنبلاط «حتى الجمهور الدرزي، وغداً سنرى إذا ما كان سيتفهّم الجمهور هذا الموقف». وأضاف إن جمهور 14 آذار عابر للطوائف «وهو أهم من جميع قادته، وكثيراً ما سبقهم منذ 14 شباط حتى اليوم، رغم فشل قيادته في إدارة العمليّة السياسيّة والانتخابية».

■ القزي: نُفاوض السوريّين

أما المستشار السياسي للرئيس أمين الجميّل، سجعان القزي، فرأى أن مواقف جنبلاط تضرّ بصدقيته تجاه جمهوره، فكيف «تجاه القوى الأخرى، بغض النظر عمّا إذا كان مؤمناً بها». وسأل القزي: «كيف سيأخذ السوريون وحزب الله جنبلاط على محمل الجدّ بعد هذه الانقلابات؟». ورأى أنه كان في إمكان رئيس الاشتراكي أن ينفتح على القوى الأخرى بطريقة مختلفة، وأعطى انفتاح الكتائب على النائب سليمان فرنجيّة مثالاً، «كذلك حوارنا غير المباشر مع السوريين من دون أن نسيء إلى أحد». وسأل القزي جنبلاط إذا كان «يستطيع أن ينظر إلى المرآة؟».

وأشار القزي إلى أنّ على جنبلاط إعلان الانسحاب الرسمي من 14 آذار، إذا أراد ذلك، كما على قادة هذا الفريق في رأيه أن يلتقوا ويأخذوا موقفاً واضحاً، لأن المواقف الأخيرة لجنبلاط تؤثّر في تأليف الحكومة، «فهو محسوب على الأكثريّة النيابيّة»، مشيراً إلى أن هناك نواباً في اللقاء الديموقراطي منزعجون من هذه المواقف، «وقد ينسحبون، وهم كثيراً ما طلبوا منا عدم الردّ عليه عندما كان يتهجّم على الكتائب». ورأى القزي أن على كتلة لبنان أولاً أن تأخذ موقفاً واضحاً، لأن جنبلاط تهجّم على هذا التكتل بشكل رئيسي. وقد كان الموقع الإلكتروني لحزب الكتائب قد كتب على صفحته الرئيسيّة: «جنبلاط يتنكّر لأبطال الاستقلال الذين حافظوا على وجوده في بلد مستقل».

وفي المقابل، رأى الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة أن كلام جنبلاط إيجابي ولمصلحة البلد، وشكره على غيرته تجاه الحزب الشيوعي، معتبراً أن هناك أرضيّة لعلاقة جديدة مع الحزب الاشتراكي، «لكن لا يُمكن أن نحكم اليوم (أمس)». ورأى حدادة أن استذكار جنبلاط للحركة الوطنية وتحالف التقدمي والشيوعي عودة إلى فسحة مشرقة من نضال الشعب اللبناني في سبيل حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والإصلاح السياسي. ولهذه الأسباب تمّت محاربة الحزب (الشيوعي) من جانب حيتان المال والمذاهب.

وإذ كشفت مصادر في المعارضة أنها كانت في جو موقف جنبلاط، منذ أيّام عدّة، اتصل الوزير طلال أرسلان به وهنّأه «على الموقف التاريخي».

وعلمت «الأخبار» أن جنبلاط سيزور مركز الحزب السوري القومي الاجتماعي في الروشة، منتصف الأسبوع المقبل، ليلتقي رئيس الحزب النائب أسعد حردان.

جنبلاط: تحالفنا مع 14 آذار لا يمكن أن يستمر واللقاء مع المحافظين الجدد في واشنطن نقطة سوداء في تاريخنا

طرح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط مجموعة مواقف سياسية، بالغة الأهمية، في الجمعية العمومية الاستثنائية التنظيمية للحزب، التي عقدت، أمس، في فندق «بوريفاج»، حيث أكد أن « لا قيمة للحزب إذا لم يلتزم باليسار وبالعروبة وبالقضية الفلسطينية، ولا نستطيع إلا أن نعود إلى الثوابت وإلى إطلاق الفكر العربي في صفوفنا وتوسيع التحالف مع أحزاب وحركات وشخصيات نلتقي معها فكريا وسياسيا»، وقال: تحالفنا مع 14 آذار كان بحكم الضرورة الموضوعية التي حكمت البلاد آنذاك، لكن هذا لا يمكن أن يستمر.

وانتقد بشدة ما جرى في الانتخابات النيابية الأخيرة وقال: لم نخض معا معركة ذات مضمون سياسي بل معركة رفض الآخر من موقع مذهبي قبلي وسياسي. وفي نقد ذاتي واضح، أكد جنبلاط خطأ التعاطي مع المحافظين الجدد في الإدارة الأميركية، وقال «إنها نقطة سوداء في تاريخ الحزب، واليوم أدخلتنا السياسة الأميركية في الفوضى، وأدخلنا فكر المحافظين في الفوضى الهائلة، ولا تزال تلك الفوضى في بداياتها». وتمنى «أن تأتي المحكمة الدولية بالحقيقة وأن تكون عنوانا للاستقرار، ولا نريد أن تتحكم بها دول وجهات أو تحرف منهجها الأساسي وهو العدالة».

عقد الحزب التقدمي الاشتراكي جمعية عمومية استثنائية تنظيمية من اجل التجدد وتطوير التربية الحزبية برئاسة جنبلاط، تم خلالها طرح تقرير تنظيمي متجدد للحزب.

حضر الجمعية العمومية الاستثنائية أكثر من 477 حزبيا، فيما اعتذر 71 عن الحضور، وكان ابرز الحاضرين نواب الحزب: غازي العريضي، أكرم شهيب، وائل ابو فاعور وعلاء الدين ترو، كما حضر الدكتور كلوفيس مقصود، عزت صافي، ضاهر ريشا من الرعيل الأول للحزب، إضافة إلى أعضاء الجمعية العمومية من مختلف قطاعات الحزب التقدمي الاشتراكي.

وبعد إعلان أمين السر العام في الحزب المقدم شريف فياض اكتمال النصاب، افتتحت الجمعية العمومية بالتحية الحزبية، ثم كلمة لرئيس الحزب النائب وليد جنبلاط، قال فيها: إن الجمعية العمومية الاستثنائية جاءت من اجل إعادة صياغة تنظيمية معينة للحزب التقدمي الاشتراكي، للوصول إلى صياغة سياسية جديدة من اجل تجديد أداء الحزب والانطلاق مجددا إلى حزب جديد والعودة إلى الثوابت والتأكيد على هذه الثوابت التي انطلق منها الحزب التقدمي الاشتراكي وتأسس عليها.

ثم استعرض النائب جنبلاط بعضا من أسماء قدامى الحزب التقدمي الاشتراكي «ومنهم من ولى ومنهم من بقي»، معربا عن اعتزازه بتلك الفترة الجميلة المضيئة والمشعة في تاريخ الحزب، وفي أن يكون في أعداد الحزب هؤلاء الكبار الذين خاضوا مع كمال جنبلاط المعارك الأساسية الاجتماعية والسياسية والثقافية والنقابية والعمالية وغيرها من المحطات الهائلة التي لا تحصى، وقال: هؤلاء فقط قله قليلة من لائحة طويلة جدا من الموالين والمفكرين والنقابيين والسياسيين، الذين خاضوا معنا ومع كمال جنبلاط المعارك الأساس في مواجهة الإقطاع والرأسمالية والرجعية وفي التأكيد على عروبة لبنان بالالتصاق والتأكيد على القضية الفلسطينية ودعمها».

محطات نضالية للحزب

ثم انتقل جنبلاط لاستعراض «بعض من المحطات التي خاضها الحزب التقدمي الاشتراكي ومن ابرز تلك المحطات:

1ـ رفض حلف بغداد والمشاركة في ثورة 1958، وأقول ثورة لأنني قرأت مذكرات أحد الساسة في لبنان يقول إنها أحداث دامية، ولكن في الحقيقة كانت ثورة، وكان الحلف فيها واضحا مع العروبة مع جمال عبد الناصر في مواجهة الرجعية والأحلاف الأجنبية ثورة كبيرة.

2 ـ تأييد وحدة مصر وسوريا، وكانت محطة من المحطات الأساس في عمل الحزب، هذه الوحدة التي لاحقا أجهضت بالانفصال من قبل الرجعية العربية ومن قبل الدول الأجنبية، لأنها تفك الحصار الفعلي العملي والعسكري والسياسي عن إسرائيل.

3 ـ رفض وإدانة الانفصال.

4 ـ وفي أواخر الأربعينيات إدانة إعدام أنطون سعادة.

5 ـ المطالبة المستمرة من قبل الحزب بتحصين الجنوب وبناء الملاجئ والأطر الكافية والمستشفيات والمدارس، من اجل حماية الجنوب وهو الأمر الذي تحقق لاحقا.

6 ـ تغيير عقيدة الجيش من عقيدة كانت تساوي بين العدو والصديق إلى أن وفي عهد الوصاية، (ثم عاد وقال) الوجود السوري، تغيرت تلك العقيدة، بفضل تضحياتنا وتضحيات الجيش الوطني اللبناني، وتضحيات البعد العربي فأثبتنا عروبة الجيش وأكدنا عليها.

7 ـ المشاركة وتأييد ثورة الجزائر.

8 ـ الانتماء آنذاك إلى حركة عدم الانحياز، وكان لتلك الحركة معنى بدل مجموعة من الإمّعات يجتمعون بالأمس في شرم الشيخ لا قيمة ولا معنى لهم في أوج الارتباط للانحياز الأميركي ـ الإسرائيلي.

9 ـ العلاقة مع الاتحاد السوفياتي، ولم تكن أبداً تلك العلاقة إلا شرفا كبيرا لشعوب والأمم، أمم العالم الثالث، من فيتنام إلى الجزائر، إلى فلسطين، إلى لبنان، إلى الصين، وأميركا اللاتينية، هذه الثورة البولشفية التي عليها تمحور القرن العشرين في مواجهتها أو في تأييدها، فكل القرن العشرين مبني على هذا المبدأ، وتوج هذا الأمر بوسام لينين الذي أعطي لكمال جنبلاط عام 1970، ورأى كمال جنبلاط حقا في إحدى محاضراته، ان لا مجال للاستمرار بهذه الثورة الماركسية من دون تنوع، من دون ديموقراطية، ومن دون حرية، وكانت نبوءته صائبة، فانهار الاتحاد السوفياتي.

10 ـ النضال من اجل الاعتراف بالصين الشعبية وألمانيا الديموقراطية وكوريا، وكانت محطات هائلة في تاريخنا إلى جانب النضال الدائم من اجل حقوق العمال والفلاحين، عمال التبغ في الجنوب، وعمال غندور والمواجهات الدامية آنذاك من قبل النظام اللبناني.

11 ـ الإصرار الدائم من قبل الحزب على إلغاء الطائفية السياسية، لأن لا وطن بوجود صيغة الطائفية السياسية التي تتجذر كل يوم، ورأيناها بالأمس فولكلوريا، كانوا ثلاثة رؤساء وأصبحوا أربعة، وغدا سيصبحون 5 و6 في البزات البيضاء، وما أجمل تلك البزات البيضاء التي ورثناها من الانتداب الفرنسي.

12 ـ التأييد المطلق للثورة الفلسطينية من دون خجل، من اللحظة التي تموضعوا فيها بالعرقوب من «فتح لاند»، إلى تأييدنا المطلق لاتفاق القاهرة خلافا للغير الذي كان يريد التحييد، ومنذ انتخابات 1962 وهزيمة العرب 1967، اخذ يتسلح ويتدرب في مواجهة اليسار وفي مواجهة الثورة الفلسطينية، والانجاز الكبير آنذاك الذي كان يسمى بلقاء الأحزاب، وترجم لاحقا بالإنجاز الأهم والضخم، بالحركة الوطنية اللبنانية وببرنامجها المرحلي والتي أسسها وقادها كمال جنبلاط.

13 ـ التأييد الكامل، آنذاك وما زلنا، للوحدة التدريجية للعالم العربي ضمن احترام المقاييس والمعايير في الحرية والديموقراطة، الأمر الذي فشل العالم العربي فيه، وحتى السوق العربية المشتركة لم تر النور، وحاولوا في الأمس القريب بمجلس التعاون الخليجي الوصول إلى النقد الواحد، لكن خرجت إحدى دول الخليج ورفضت النقد الواحد، فحتى الحد الأدنى من التنسيق يرفض.

14 ـ عام 1976 رفضنا التدخل السوري الذي كان لصالح اليمين اللبناني وعلى حساب اليسار اللبناني ولمساعدة اليمين وللهيمنة على لبنان، لكن قبل أن يغتال بأسبوعين أرسل كمال جنبلاط رسالة شهيرة إلى الرئيس حافظ الأسد وقال له «أما وقد دخلت إلى لبنان، وكي تنجح وكي تستأصل جراثيم الانعزال من لبنان، عليك بتجريد المليشيات اللبنانية من السلاح، وانتبه إلى الجيب المدعوم من العدو الإسرائيلي، جيب سعد حداد، لأن هذا الخطر المقبل على وحدة لبنان وعروبته»، لم يتحقق هذا الأمر عام 1976 ولكنه تحقق عام 1989، وبعد أن سجلنا انتصارا هائلا وكبيرا بإسقاط 17 أيار، وهذا شرف وفخر لنا، والتقينا في 6 شباط مع حلقة الرفض، رفض بيروت كل بيروت في مواجهة اليمين اللبناني الذي كان آنذاك يستشري فسادا وقتلا وتفجيرا في بيروت، وكانت التسوية، وجردت الميليشيات من السلاح بالتراضي بالتوافق مع سوريا، وأبقي على سلاح المقاومة الذي حرر تدريجيا الجنوب المحتل من جزين إلى كل الجنوب عام 2000.

وقال: نبوءة كمال جنبلاط عام 1976 تحققت عام 2000. عندما ذهبنا إلى دمشق عام 1977 بعد الاغتيال، تجاوزنا حدث الاغتيال بالمعنى الشخصي، وأكدنا على التواصل مع العرب من أجل عروبة لبنان والحفاظ على المقاومة الفلسطينية، وقد كنا في مأزق نتيجة الخلاف والتعارض ما بين منظمة التحرير وقيادة «فتح» برئاسة ياسر عرفات والنظام السوري، وقد قاسينا نتيجة هذا التعارض كثيرا، فكان لاحقا، بعد الغزو الإسرائيلي وتحرير الجبل، حرب المخيمات التي أنهكت الجميع، وخرجت منظمة التحرير من لبنان، ولن اخجل عندما أطلقت الرصاص عاليا تحية إلى المقاتلين والمجاهدين الفلسطينيين الذين خرجوا آنذاك من لبنان في أول قافلة فلسطينية غادرت لبنان، وعندما نحيي هؤلاء، فإننا نحيي نضالا مشتركا على كل الساحات من الجنوب إلى الشياح الى بيروت إلى الجبل والى كل مكان.

15 ـ محطة سوق الغرب 13 آب 1989، والتي من خلالها حركنا العالم والعالم العربي وأوصلنا لبنان إلى الطائف، ناهيكم عن الكفاح المستمر للحزب التقدمي الاشتراكي في دعم التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية، حيث كنا في مقدمة الذين ناضلوا من اجل الجامعة اللبنانية وتحقيقها، والجامعة العربية في مواجهة الإرساليات الأجنبية التي لها خدمات كثيرة، لكن الجامعة العربية أيضا تفتح أبوابها لشريحة أوسع بكثير من أولاد العائلات والنخب، إضافة للنضال المستمر للحزب في رفض الاحتكار والوكالات الحصرية، مذكرا بمرسوم قانون رفض احتكار الدواء والوكالات الحصرية الذي صدر عام 1943 أيام الياس سابا وإميل بيطار، ولكنه أجهض من قبل البرجوازية اللبنانية وقضى في الأدراج ولا زلنا في نفس المكان.

وقال: كان كمال جنبلاط يقول إن حفنة وقلة من المستفيدين 4 في المئة يسيطرون على 80 في المئة من الثروة اللبنانية، وأعتقد أننا لا زلنا اليوم في نفس الدوامة وربما 4 في المئة أو أقل يسيطرون على أكثر من 90 في المئة من الثروة اللبنانية، لا يمكننا أن نستمر في هذه الدوامة التي نصدر فيها الأدمغة ونستورد فيها ما يسمى السياح، نبيع أراضينا وممتلكاتنا من اجل هؤلاء السياح، نستفيد من المال الذي يأتينا من أفريقيا والخليج، والصناعة الأساس التي تنتج ماليا لأصحاب الـ4 في المئة هي المصارف وغالبية الشعب يرزح تحت عبء الفقر، إن في عكار أو في الجنوب أو الضاحية أو الجبل أو في عائشة بكار وغيرها من المناطق. لم يتغير شيء، لذلك لا مستقبل للبلاد في اقتصاد ريعي دون حماية للزراعة والصناعة، دون إنتاج.

16ـ ثورة الاستقلال: ثم جاءت ثورة الاستقلال وتداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري وغيره من الشهداء، ذهبنا إلى المعقول وإلى اللامعقول، وصحيح أن العاطفة في بعض الأوقات غلبت على المنطق، لكن قمنا بواجبنا في ما يتعلق بالمحكمة، وأتتنا المحكمة، ونتمنى أن تأتي المحكمة بالحقيقة وأن تكون عنوانا للاستقرار، فلا نريد المحكمة عنوانا للفوضى، ولا نريد أن تتحكم بالمحكمة دول أو ربما جهات تأخذ هذه المحكمة إلى غير محلها، نريد لهذه المحكمة أن تحد من الاغتيال السياسي وأن توقف الاغتيال السياسي وتعطي كل صاحب حقه في ما يتعلق بالجرائم، لكن لا نريد للمحكمة أن تذهب إلى الأقصى أو ربما إلى تحريف المنهج الأساسي وهو العدالة.

النقطة السوداء

وتابع جنبلاط: وذهبنا إلى اللامعقول عندما التقينا مع المحافظين الجدد موضوعيا في واشنطن من اجل حماية ما يسمى ثورة السيادة والحرية والاستقلال، هذا لقاء في غير طبيعته وفي غير سياقه التاريخي وفي غير التموضع التاريخي للحزب التقدمي الاشتراكي، أن نلتقي مع الذين عمموا الفوضى في منطقة الشرق، الذين دمروا العراق وفلسطين، لكن آنذاك ولست هنا لأبرر، كان همنا الأساس هو موضوع المحكمة. ربما كنا نستطيع ألا نذهب، لكن الذي حدث حدث، وذهبنا ولم تكن تلك إلا نقطة سوداء في تاريخنا، في تاريخ الحزب الناصع، الأبيض الساطع في وضوحه في ما يتعلق بنضاله الدائم مع القضية الفلسطينية، مع القضية العربية، مع قضية لبنان العربي، المنحاز عربياً، لأن تلك الشعارات للسياسة والحرية والاستقلال من دون مضمون عربي والالتصاق بالقضية الفلسطينية لا معنى لها، بل تعيدنا إلى لبنان الانتداب، لبنان ميشال شيحا، لبنان الانعزال، لبنان اليمين، لبنان المنفصل عن البعد العربي وعن القضية الفلسطينية، ذهبنا، فلنسجل تلك النقطة السوداء، وأتحمل مسؤوليتها، ولاحقا في يوم ما لا بد من مناقشتها بهدوء، ولم يكن هناك سبب تخفيفي لهذه الزيارة سوى موضوع المحكمة الدولية.

وإذ شدد النائب جنبلاط على «ضرورة العودة إلى الثوابت»، قال: إن الصيغة التنظيمية الجديدة للحزب هي صيغة تنظيمية من اجل تجديد عناصر معينة أو إعادة النظر في كيفية تعيينات معينة وهيكليات معينة، ولا قيمة لصيغة تنظيمية من دون بعد سياسي واجتماعي وقومي وعربي وفلسطيني، ولا قيمة لصيغة تنظيمية من دون بعد سياسي بالمفاهيم التي حددتها، لأن المعركة اليوم أقسى بكثير من المعركة التي خاضها كمال جنبلاط في الخمسينيات آنذاك، وكان معه رفاق من كلوفيس (مقصود) وغيره، ذهبوا إلى المساحة العربية الواسعة، ذهبوا والتقوا بالمارد العربي الكبير جمال عبد الناصر، ذهبوا إلى حركة عدم الانحياز، إلى الاتحاد السوفياتي، مات جمال عبد الناصر، العروبة تحتضر، لكن لا نستطيع إلا أن نعود إلى الثوابت، إلى الأساسيات، إلى إعادة إطلاق الفكر العربي في صفوفنا أولا كحزب تقدمي اشتراكي، وصولا إلى توسيع رفعة التحالف مع أحزاب وحركات وتنظيمات وشخصيات نلتقي معها موضوعيا وفكريا وسياسيا في ما يتعلق بعروبة لبنان والنظام الطبقي، وفي حماية صفوف الفلاحين والعمال والدفاع عن القضية الفلسطينية، وفي ما يتعلق بعلاقات مميزة مع سوريا ومن خلالها مع العالم العربي. عهد الوصاية ولى، الجيش السوري انسحب، فكفانا بكاء على الأطلال.

أميركا وقضية فلسطين

وعن معالم السياسة الأميركية في العهد الجديد للرئيس باراك أوباما، رأى النائب جنبلاط «انه ورث إرثا هائلا وثقيلا، فهو حاول، في خطابه في مصر، أن يؤكد على الموضوع الفلسطيني، ولكن كل النتيجة حتى هذه اللحظة أنه قال بتجميد الاستيطان، فأتى لاحقا المبعوثون الأميركيون ليقولوا مع إسرائيل بتجميد الاستيطان في مقابل الاعتراف بالدولة اليهودية، وهذا يعني انه إذا اعترف ما تبقى من عرب بيهودية الدولة، أي أنهم أجهضوا حق العودة وشرعوا لليهود، للكيان الصهيوني، تهجير عرب فلسطين 1948 إلى مكان خارج الحدود، وشرعوا قيام مغامرات عسكرية جديدة على حساب الحق العربي».

وقال: إذا عدنا إلى المغالطات التاريخية التي ذكرها، فهو لم يذكر كلمة إرهاب، «شكرا»، ولكنه أدان العنف الفلسطيني. كيف يمكن لأي شخص أو رئيس أن يدين العنف الفلسطيني، وهو عنف مشروع بشتى أشكاله لأنه يقاوم احتلالا أجنبيا، إن ارض فلسطين هي ارض للعرب والمسلمين، وإذا كان العرب والحزب في مرحلة معينة ظنوا فيها أن هناك إمكانية لقيام دولتين، دولة الضفة والقطاع، بعد معالجة قضية القدس وحق العودة، فإن الواقع القائم اليوم على الأرض، واقع الضفة وواقع القدس، يلغي قيام الدولة الثانية، والإدارة الحالية ليست إلا إدارة بلدية لشؤون المواطنين في الضفة الغربية، في مقابل دولة حماس المحاصرة إسرائيليا وعربيا، هذه هي اليوم صورة فلسطين.

أضاف: أما المشروع الأساس الذي نادى به بعض المفكرين، وحتى منظمة التحرير وهو دولة واحدة للشعبين بحقوق متساوية لليهود والعرب، فأعتقد أن ذلك خيال وخرافة من الخرافات، ولا يمكن الوصول إلى تسوية في فلسطين مع الصهيونية.

وتابع: ولم يتبق من محطات نستطيع أن نتعلق بها إلا المبادرة العربية، وحسنا فعل (وزير الخارجية السعودية الأمير) سعود الفيصل بالأمس، الأرض أولا ثم التطبيع، وطبعا الأرض تزول والتطبيع هو المطلوب. إن ما تبقى وما هو مطلوب أن تتوحد الإرادة الفلسطينية، ولكن ذلك ليس في المدى المنظور.

الانتخابات والنظام الطائفي

وفي الموضوع اللبناني تطرق جنبلاط إلى الانتخابات النيابية، وقال: إنها أكدت أكثر من أي وقت مضى الفرز الطائفي في البلاد، وللذين فرحوا بالانتصار، نرى أنها فرحة مؤقتة، ورأينا كيف تبخرت هذه الفرحة وكيف أن هذا الانتصار لا معنى ولا قيمة له، ويؤكد أكثر من أي وقت مضى ضرورة التخلص من النظام الطائفي.

أضاف: لقد دخلنا اليوم في ما يسمى بالديموقراطية التوافقية، التي تذكرنا باجتماع القبائل والعشائر، ليس هناك مجتمع مدني إلا قلة قليلة، فهناك مجتمع أهلي، وطبعا يقومون بانتخابات ثم يتم التوافق على الصيغة بعد اجتماع القبائل، ولذلك فتشكيل الوزارة هو رؤية جديدة حيث تستطيع القبائل اللبنانية، ونحن منها، أن نتوافق على صيغة جديدة تحت شعار التوفيق والوسطية وغيرها من الشعارات.

ورأى النائب جنبلاط «أن هناك ضرورة لإعادة كتابة تاريخ الحزب، كتبنا ربع قرن من النضال، فلا بد من إعادة كتابة تاريخ الحزب بشكل مفصل وواضح»، واعتبر «أن لا قيمة للحزب التقدمي الاشتراكي إذا لم يلتزم باليسار، ولا معنى له من دون الالتزام بالعروبة والالتصاق بالقضية الفلسطينية، فمن دون هذه الثوابت لا معنى لوجود الحزب أو لاستمراره».

وقال: إننا إذ تحالفنا في مرحلة معينة تحت شعار 14 آذار مع مجموعة من الأحزاب والشخصيات، وبحكم الضرورة الموضوعية التي حكمت البلاد آنذاك، لكن هذا لا يمكن أن يستمر، فعلينا إعادة التفكير بتشكيلة جديدة أولا داخل الحزب وثانيا على الصعيد الوطني، من اجل الخروج من هذا الانحياز والانجرار إلى اليمين والعودة إلى أصولنا وثوابتنا اليسارية والعربية والنقابية والفلاحية وغيرها من الثوابت، التي من اجلها قضى الكثير واستشهد الكثير من مناضلي الحزب التقدمي الاشتراكي، فهذا هو التحدي الكبير الذي ينتظرنا.

أضاف: سنضع صيغة تنظيمية لن تعجب البعض ولكن يجب إخراج الجميع من القيادة إلى القاعدة، ومن هذا الصدأ الفكري والاتكالية وعدم المحاسبة، فالقليل جدا منكم يحاسب والقليل جدا منكم يناقش، والبعض أصبح في مرحلة من مراحل الركود الفكري وعدم المطالعة وعدم المحاسبة والنقد، وهذا يبدأ من مدير الفرع إلىّ رئيس الحزب مرورا بالأطر المختلفة، فلتكن هذه الصيغة التي نقترحها والتي هي صيغة صدمة، فلتكن صيغة نعتمدها، لن تكون هناك حلول سحرية، فقد تأخذ معنا المرحلة سنة أو اثنتين، لكن لا بد من الانطلاق من مكان ما.

وتابع: انظروا ما حدث في الانتخابات للحزب الشيوعي اللبناني، وهو من أعرق الأحزاب في العالم العربي وأقدمها ولرفيقنا في النضال النقابي والسياسي والعسكري، فإن مجمل الأصوات التي نالها على الساحة اللبنانية لم يتجاوز سبعة آلاف صوت، أليس هذا بدليل.

وقال: لم نخض كحزب ولا كفريق 14 آذار معركة ذات مضمون سياسي، فنحن خضنا معركة رفضنا فيها الآخر خضنا معركة ذات طابع قبلي رفضنا فيها الآخر من موقع مذهبي قبلي وسياسي، وما يسمى انتصرنا. ليس هذا الانتصار، فنحن ننتصر عندما نعطي للعمال والفلاحين حقوقهم، ننتصر عندما نعود إلى الثوابت العربية والفلسطينية، ننتصر عندما نخرج من اليــمين ونــعود ونلتصق بما تبقى من يسار او ننشئ يسارا جديدا، فهذا هو الانتصار.

ثم عقد المؤتمر جلسة مغلقة ناقش فيها الأمور التنظيمية والسياسية المطروحة.

تعليقات: