<معتقل الخيام> بعد التحرير عام 2000
المعتقل يشكّل أحد أهم الإثبات على معالم الإجرام والحقد الصهيوني..
حكايات زنزاناته ورمزيّته للمقاومين والشعب تنتظر من يجمعها..
الأسرى المحررون: لتحقيق مطالبنا بالتأهيل ورفع المعاش التقاعدي..
مرجعيون:
الذكرى السنوية الثالثة للعدوان الإسرائيلي على لبنان، مرت مرور الكرام على <معتقل الخيام>·· فهذا المعلم الذي دمر تدميراً كاملاً، ويشكل إحد أهم معالم الإثبات على الإجرام والحقد الصهيوني، ما زال على حاله من الدمار والخراب، ولم تصل إليه مؤسسات الدولة الإنمائية، وهو ينتظر الرعاية والإهتمام والترميم، وحكايات زنزاناته ورمزيته للمقاومين وللشعب اللبناني، ما زالت مبعثرة بين ركامه، تنتظر من يجمعها ويعيدها إلى الأسرى الذين دفعوا ضريبة الدم على مذبح الوطن··
هذا المعلم المنسي بسبب إنشغال السياسيين، يعيش حالة حزن حقيقي، وما زالت مقومات <معتقل الخيام> وحكايات الأسرى وآلامهم، التي تطايرت وتناثرت في أرجاء المنطقة بعد التدمير الهمجي الصهيوني، تنتظر صحوة ضمير في إعادة ترميمه، ولو بالحد الأدنى، وكذلك ضمان إستمرار الخدمات الإجتماعية والإقتصادية للأسرى··
<لــواء صيدا والجنوب> جال على أرجاء المعتقل المدمر، والذي ينتظر إعادة ترميمه بما يحفظ ذكريات الأسرى ومعاناتهم وتاريخهم المقاوم، وإلتقى بعدد من الأسرى، الذين عبّروا عن حزنهم العميق لإستمرار حال هذا المعتقل، الذي أصبح شاهداً حياً على بربرية وإرهاب المعتدين، ودخل ذاكرة الوطن، وينتظر من يعيده إلى ما كان عليه··
بعد مرور تسعة أعوام على التحرير، وثلاثة أعوام على عدوان تموز 2006، فإن ذاكرة تسعة آلاف أسير لبناني تعاقبوا على المعتقل <معقل الأحرار>، ما زالت شاهدة على حقيقة هذا العدو وممارساته العدوانية والبربرية وجرائمه الوحشية··
صحيح أن العدو الإسرائيلي إنتقم من <معتقل الخيام>، أحد الشواهد البارزة على همجيته ووحشيته بحق الإنسانية، لكن إستمرار غياب الدولة عن إعادة بنائه أو تأهيله، وتوفير كافة الخدمات للذين دفعوا أثماناً باهظة من أجل بقاء الوطن، ربما كان بنظر الأسرى المحررين أشد فتكاً وقسوة من وحشية غيره··
خشيش
الأسير المحرر علي خشيش (من بلدة الخيام)، وصف <معتقل الخيام بأنه منزلي الثاني، بعد إعتقال لمدة 10 سنوات قضيت فيها شبابي، وهو بمثابة معلم سياحي بإمتياز، ورمزاً للحرية والإستقلال، وهذا يتطلب تجاوب الدولة وتأهيله، وإعطاء الأسرى كافة حقوقهم، ورفع قيمة المعاش التقاعدي، الذي أقر خاصة في ظل إرتفاع أسعار المواد الغذائية، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى خمسمائة ألف ليرة لبنانية، فلا يجوز أن يبقى الأسير المحرر محروماً من تقديمات الدولة، التي تصل إلى جميع المواطنين بإستثناء الذين قدموا حياتهم وممتلكاتهم من أجل لأن يبقى الوطن>·
وشدد خشيش على أنه <يجب أن تعطى هذه الفئة كامل حقوقها على كافة الصعد الصحية والإجتماعية والإقتصادية، وأن تراعي الدولة التغييرات التي تطرأ على المجتمع، لكي لا تهمش هذه الفئة>·
ياسين
الأسير المحرر محمد ياسين (من بلدة دبين)، قال: إن <معتقل الخيام> كان رمزاً للوطنيين الأحرار، الذين تعذبوا وعانوا الويلات الجسدية والنفسية، وتبين للعالم كله همجية الدولة الغاصبة لحقوق الشعوب المستضعفة، والدولة المحتلة لأرض فلسطين ولجزء من جنوب لبنان، وبعدما أصبح هذا المعتقل متحفاً ومعلماً أثرياً لكل العالم والكتّاب العرب والأجانب والأوروبيين، قام العدو بتدميره لكي يخفي آثار الإرهاب والإجرام التي كان يمارسه بحق المقاومين·
واعتبر ياسين <أن هذا العمل الوحشي، الذي قام به العدو في المعتقل من تدمير منهجي، يتطلب رعاية جادة من قبل المسؤولين في الدولة، الذين ما زالوا بعيدين عنه، وما زال مدمراً، وهذا شيء مؤسف وحزين، بالمقارنة مع ما قدمناه من تضحيات في سبيل الوطن، حتى أن الخدمات المتوفرة للأسرى لم تعد كافية، فالرواتب التقاعدية المخصصة لنا أصبحت هزيلة، وتتطلب تصحيحاً جذرياً لها بعد رفع الحد الأدنى للأجور>·
قضية الإعتقال
الإعتقال حكاية جرح بليغ، بدأها العدو الإسرائيلي في اللحظات الأولى من إحتلاله لفلسطين في العام 1948، وكرّسها كجزء من غطرسته الوحشية التي مارسها ضد الأبرياء والمدنيين في كل مدينة وقرية على حدٍ سواء· وبعد العام 1967 بلغ الإعتقال ذروته، حتى أن هذا العدو لم يستثنِ من وحشيته هذه، شيخاً أو امرأة أو طفلاً، بهدف إلقاء الرعب في نفوس المواطنين الأبرياء، وكسر إرادة الحرية والمقاومة والكفاح لديهم· وغالباً ما ترافقت عمليات الإعتقال مع التدمير والعدوان المستمرين·
والإعتقال إحد الأساليب الناجعة التي إستخدمها العدو لتثبيت سيطرته على الأجزاء التي يحتلها داخل فلسطين أو خارجها، ولم يكن بمقدور هذا الكيان أن يحكم إحتلاله وغطرسته للأرض، لولا أعداد المعتقلات التي تكون بمثابة الدعامة الأساسية لتكريس إحتلاله للأرض، وإذلاله لإرادة الإنسان·
<معتقل الخيام>
<معتقل الخيام> الذي شغل بال العالم لأكثر من عقدين من الزمن <منذ العام 1984 وحتى العام 2000>، كان الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود، تعرّض لتدمير كامل خلال العدوان الإسرائيلي في تموز من العام 2006·
مطلع العام 1985 أقفل العدو الإسرائيلي <معتقل أنصار> ليبقى ذاكرة في الوطن، مستحدثاً بذلك معتقلاً آخر في بلدة الخيام - قضاء مرجعيون في المنطقة المحتلة آنذاك من جنوب لبنان، مولياً إدارته الى ميليشيا العميل أنطوان لحد·
و<معتقل الخيام> عبارة عن ثكنة عسكرية بناها الإستعمار الفرنسي في العام 1933 على أساس أنها إسطبلات لخيوله، ويقع المعتقل وسط تلة إستراتيجية تشرف على منطقة إصبع الجليل - شمالي فلسطين المحتلة، وتطل على مرتفعات الجولان لتصل إلى قمة جبل الشيخ، من ناحية الشرق مقراً لقواته المرابطة في جنوب لبنان مستخدماً إياها كزنازين للإعتقال·
ومع إستقلال لبنان في العام 1943، تحولت ثكنة الخيام إلى ثكنة عسكرية للجيش اللبناني· وإبان الإجتياح الإسرائيلي للبنان في آذار من العام 1978، إتخذ العدو ثكنة الخيام كمركز رئيسي للتحقيق والإستجواب، في مقابل مركز القيادة والتجمع العسكري في ثكنة مرجعيون، قبل أن يحولها إلى معتقل رئيسي لقواته مطلع العام 1985، إثر إنسحابه من بيروت والجبل وصيدا والزهراني وصور على وقع عمليات المقاومة·
كان يتألف <معتقل الخيام> من عدة مبان تضم حوالى 67 زنزانة جماعية، هذا بالإضافة إلى عدد من الزنازين الإنفرادية، بحيث لا تتعدى الأولى منها بين 2-3 عرضاً، وطولاً بمعدل إرتفاع لا يتجاوز المترين، يحشد فيها حوالى العشرة من المعتقلين <ينامون بين رأس وكعب>· فيما الزنزانة الإنفرادية فهي متباينة من حيث شكلها وأسلوب التعذيب فيها، فإنها تتراوح ما بين 50-50 بإرتفاع يصل بين متر واحد فقط أو 90 ?90 سم بالإرتفاع نفسه في أحسن الأحوال، ويبقى السجناء في هذه المساحات الضيقة أشهراً طويلة لا يرون فيها الشمس ولا الهواء، وأكثر من هذا فإن المكان الذي ينامون فيه هو نفسه الذين يأكلون فيه، ويتغوطون فيه أيضاً في <دلو بلاستيكي> موضوع داخل الغرف·
كان يشرف على المعتقل جهاز من الميليشيات اللحدية تأتمر بإمرة عدد من ضباط العدو وجهاز <الموساد> والمحققين، يقيمون في مبنى خاص لهم يتناولون مع زملائهم في هذا الموقع·
ويعتبر <معتقل الخيام> المركز الأول بعد مراكز التحقيق الفرعية التي كانت منتشرة في مناطق عدة في جنوب لبنان، ومنها: ثكنة مرجعيون،مقر قيادة الـ 17 في بنت جبيل ومراكز التحقيق في العليم·
وكان <معتقل الخيام> يتألف من 20 قسماً: المدخل، غرف المواجهة، غرف منامة للعملاء، مكتب المسؤول العسكري، مطبخ السجن، مطعم للعملاء، خزان مياه، برج مراقبة، سجن رقم 4، سجن النساء، غرفة الشمس، قسم التحقيق والتعذيب، قسم ترفيه للعملاء، سجن رقم 1، زنازين إفرادية، عامود التعذيب، سجن رقم 2، سجن رقم 3، مراحيض، غرف المولد ومكاتب للحراس·· وهذه الغرف - الزنازين دمرها العدو الإسرائيلي بالكامل خلال حرب تموز 2006·
كتابات الأسير المحرر علي خشيش عن ذكريات اعتقاله
أسير محرر يشرح لوفد عن اساليب التعذيب
العدوان سوّى المعتقل بالأرض في تموز 2006
وفد عماني يتفقد المعتقل بعد عدوان 2006
الأسير المحرر علي خشيش
الأسير المحرر محمد ياسين
تعليقات: