الاحجام عن تناول كميات كبيرة من الحلويات حتى للاصحاء!
للصوم فائدة صحية فإذا شكّل ضرراً أو أذية من الطبيعي أن يُحرّم..
الإكثار من شرب السوائل يجنّب المشاكل في الحرّ الشديد..
كلّ عام يؤخر رمضان زهاء عشرة ايام، وعلى هذا الاساس فانه كل 36 عاماً يهل في الزمان نفسه. وحلول رمضان هذه السنة في شهر آب، اي في اواخر فصل الصيف، يعني ان له خصوصية من حيث طول ساعات الصوم والحر الشديد المرافق، والجفاف الذي يصيب الصائمين، وغيرها من المشاكل الصحية التي قد تواكب الصوم اذا لم ينتبه الصائمون الى كيفية التصرف في هذا الشهر.
"الصوم عندما يضر بالصحة يصبح محرما بغض النظر عن طبيعة المرض"، كما اوضح الشيخ سعد الله خليل ويضيف "فرض الله الصوم من باب ان يشكل محطة حتى على مستوى الصحة وقال "صوموا تصحوا" اذا ان الصوم له فائدة صحية وليس فائدة روحية واجتماعية فقط، اما اذا اصبح الصوم يشكل ضررا او اذية من الطبيعي ان يحرّم، وكل الفقهاء افتوا بحرمه لجميع الذين يتعرضون للضرر المباشر من جرائه". ان حلول رمضان هذا العام في فصل الصيف قد يضاعف بعض المشاكل الصحية وهناك المشاكل الناتجة من نقص المياه والأملاح، وخصوصاً إذا كان المناخ حاراً، من دون أن ننسى الخطر المحدّق بمريض السكري المعرّض للجلطة والإشتراكات الوعائية، لذلك على المريض مراجعة طبيبه قبل البدء بالصوم واتباع الارشادات اللازمة منعا لحصول مشاكل صحية.
آلام الرأس
آلام الرأس تواكب عموماً، الايام الاولى للصوم، اذ يشكل الصداع عارضا اوليا عند عدد من الصائمين، وخصوصا في الفترة الاولى من رمضان، نتيجة التغيير السريع الذي يحصل في العادات الغذائية والتخفيف من استهلاك السوائل كما اوضح الاختصاصي في الجراحة والطب النسائي الدكتور فيصل القاق. ويؤدي ذلك الى التوتر الذي يزيد ويسمى ألم الرأس التوتري، كما ان انخفاض استهلاك السوائل يؤدي الى آلام في العضلات والارهاق والتعب ما يزيد من مخاطر حدوث آلام الرأس. ويجب الا نغفل هنا ان عدم تناول فنجان القهوة الصباحي او طعام الفطور عند البعض قد يساهم في زيادة الالم. وكذلك يساهم الاضطراب في النوم والقيام للمشاركة في السحور ثم العودة الى النوم في حدوث اوجاع الرأس، وخصوصاً في الفترات الاولى للصوم. ولكن بحكم عادة الصوم ستنحسر حدة ألم الرأس مع مرور الوقت، والامر الآخر هو انه بالامكان تفادي المشكلة قليلاً، وذلك بالانتباه الى ضرورة استهلاك كمية كبيرة من السوائل، اي بحدود 3 الى 4 ليترات من السوائل موزعة على فترات ساعات الافطار والسحور وما بينهما. ولا بد من الاعتدال في ساعات النوم وفي كمية الطعام المستهلكة من الافطار الى السحور.
ضربات الشمس
بالنسبة الى طقس الصيف، ان حرارة الشمس المرتفعة والتعرض المباشر لها يؤديان الى ما يسمى "ضربة شمس". وتأتي ضربة الشمس من التعرض المطول لاشعة الشمس او الى الحرارة المرتفعة، حيث يكون المتعرض غير قادر على اخراج الحرارة من جسمه، وبقاؤها في الداخل يسبب ضررا للاعضاء الحيوية في حالات قليلة. وفي حالات اخرى تؤدي الى آلام حادة في الرأس وفقدان الجسم السوائل ما يسبب آلاماً عضلية وارهاقاً ونرفزة شديدة، واذا كان تأثير البقاء بالشمس لفترة طويلة كبيراً جدا تحصل اضطرابات عقلية ودوخة وفقدان للوعي. واكثر من يعاني هذه المشكلة هم كبار السن والاطفال والعاملون في ورش خارجية. وبما ان الصيام يقضي بالامتناع عن شرب الماء لترطيب الجسم، فان عدم تناول السوائل بكميات كافية خلال فترات الافطار يزيد من التعرض لهذه الحالة، لذلك لا بد من تفادي التعرض للشمس او الوقاية من خلال حماية الرأس والبلل والاغتسال اذا امكن في الماء البارد الى ان يحين موعد الافطار.
ويؤدي الحر الشديد الى التعرق وخسارة السوائل، وكذلك ساعات الصوم الطويلة تدفع بالصائم الى الانكباب على انواع الطعام الدسمة من دون التركيز على نوعية الطعام التي تحتوي سوائل واملاحاً مثل الخضار والفاكهة. وبالتالي تتباطأ عملية الهضم وتصيب الصائم بكسل ونعاس شديدين يعطلان تناوله السوائل وتحرمه حاجاته لأنواع الطعام الاخرى التي تساعد في تسهيل عملية الهضم.
الحوامل والصوم
في المبدأ لا مانع للسيدة الحامل ان تقوم بواجب الصيام، لكن عليها ان تراعي كمية الطعام والسوائل الواجب استهلاكها. فالحامل في حاجة الى زهاء 2300 وحدة حرارية عموما، يجب ان تأتي بغالبها من الحبوب والبقول والنشويات المركبة والخضار والفاكهة والخبز والإقلال قدر الامكان من الدهون الحيوانية والزيوت المقلية واللحوم النيئة، كذلك يجب ان تستهلك من 3 الى 4 ليترات من السوائل ماء وغيره من المشروبات (من المستحسن الا تكون غازية). ويجب على الصائمة الحامل ان تتناول ثلاث وجبات بالآتي: الافطار باعتدال والسحور مع وجبة خفيفة بينهما تتضمن الكثير من السوائل والاكل الخفيف الهضم. بينما يكون السحور غنيا بالنشويات المركبة والسوائل والتركيز على الحليب، وقليلاً بالسكر السريع لتفادي الجوع في وقت قريب.
ان الحامل التي تعاني المشاكل الصحية والامراض المزمنة يجب ان تستشير طبيباً يحدد امكان صومها الذي يرتبط بحاجة الصائمة الى العلاج ونوع الطعام وغير ذلك. مثلا الحوامل اللواتي يعانين مشاكل السكري او ارتفاع ضغط الدم او حالات النزف التي توجب الراحة السريرية التامة. اما في حالات سوء التغذية او النقص الشديد في الوزن فتحتاج الى اتباع نظام غذائي مختلف قد يتعارض مع الصوم ذلك ان سوء التغذية يؤدي الى تراكم ما يسمى الـ"كيتونز" التي قد تؤذي الحامل والجنين وتحديدا دماغه. كما يؤدي سوء التغذية الى انقاص وزن المواليد وقد تؤثر احيانا على الولادة المبكرة اي قبل الاسبوع الـ37 للحمل.
تأثير الحر على المرأة الحامل يوازي تأثيره على الاشخاص العاديين من حيث وجع الرأس والارهاق والاجهاد والجفاف الشديد، وقد تكون هذه الاعراض اشد وطأة عليها واسرع حدوثا منها عند الاشخاص الآخرين. اما الجنين فيتأثر ايضا بالتعرض المطول للشمس لدى الام وبجفافها، وقد يسبب له ذلك احتقاناً في الحرارة وارتفاعها داخل الرحم وقد يؤثران على الجهاز العصبي عنده.
وعلى الحامل ان تتفادى التعرض للشمس وعليها استهلاك كمية السوائل التي ذكرناها اثناء تناول الوجبات لتحمي نفسها خلال الصوم في النهار.
وهذه الارشادات تنطبق على الحوامل اللواتي يعملن خارج المنزل وكذلك على العاملات في مهن تستدعي البقاء خارجا طوال النهار، لذلك لا بد من التشديد على تناول كمية المياه خلال الافطار والسحور وما بينهما والوقاية من ضربات الشمس خلال النهار.
الصوم والسكري
إنّ الصيام خلال شهر رمضان شائع جدّا حتى عند مرضى السكري، رغم النصيحة الطبيّة والدينيّة بعدم ضرورة صيام مريض السكري. ونظّمت مختبرات "سانوفي - أفنتيس" لقاء لعرض التوصيات التي يجب أن يتبعها المريض الراغب في الصوم في شهر رمضان، مشددة على أهمية التوعية الصحية وعلى دور الإعلام في تنبيه مرضى السكري من الصيام في رمضان.
ومرض السكري يوصف بالمشكلة العالمية، ويوجد في العالم زهاء نصف مليار مسلم، ويصادف أن نسبة السكري في العالم العربي أعلى بقليل من الغرب وهي تراوح بحسب الإحصاءات بين 10 و20% والرقم في تزايد متواصل، كما يوضح رئيس قسم الغدد الصماء والسكري في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور ابرهيم سلطي.
يضيف سلطي ان نسبة صوم مرضى السكري مرتفعة وتأثيرها الصحي كبير، ويجد الأطباء صعوبة كبيرة في إقناع المرضى بعدم الصوم اذ انّ نسبة عالية منهم تصوم خلال شهر رمضان، 58% لمرضى السكري من النوع الأوّل و85% لمرضى السكري من النوع الثاني.
أمّا بخصوص تأثير الصيام على مريض السكري فهناك احتمال هبوط السكر في حال صام المريض بين 12 أو 14 ساعة في اليوم. الإحتمال المعاكس أيضاً وارد، وهو ارتفاع معدّل السكر إذا لم يتناول المريض الدواء بشكل منتظم. وقد يؤدّي هذا الأمر في بعض الأحيان إلى ما يسمّى بالـ"كيتوأسيدوسس" Ketoacedosis أي الإغماء والسبات بسبب ارتفاع السكر أو انخفاضه (السبات الحمضي الكيتوني).
واصدرت اللجنة الإستشارية لرمضان والسكري توصيات تمنع مرضى السكري من الصيام في الحالات الآتية:
لمرضى السكري من النوع الأول يستحسن الإمتناع عن الصيام لدى:
• المريض الذي يتناول بين 3 و 4 جرعات في اليوم، وخصوصاً إذا كان مصاباً بالسكري غير المستقر Brittle Diabetes.
• المرضى الذين يستعملون مضخة الأنسولين Insulin Pump
• المرضى الذين يتناولون أكثر من 3 أو 4 جرعات أنسولين في اليوم ويعانون حالة الـ Ketoacedosis أو الإغماء والسبات بسبب ارتفاع السكر أو انخفاضه (السبات الحمضي الكيتوني).
• المرضى الذين يعانون هبوط مستوى السكري في الدم Hypoglycemia.
• الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم، والذين لا يجدون من يساعدهم في حال تعرضوا لعارض في الكلى أو القلب أو جلطة.
• الأشخاص الذين يعانون مشاكل متقدمة في شرايين القلب والدماغ.
• النساء الحوامل أو اللواتي يرضعن، حتى ولم يكن مصابات بالسكري.
وتكون نسبة الخطر أخفّ للأشخاص الذين يتناولون الأنسولين والدواء بطريقة منتظمة ولم يحصل عندهم هبوط في الدم ولا يتناولون أكثر من جرعتين في اليوم، ومع هذا يفضّل عدم صيامهم.
وعند مرضى السكري من النوع الثاني يستحسن عدم صيام:
• المصابين بقصور كلوي ومشاكل في الشبكية والجهاز العصبي.
• من يعانون حالة الـHypoglycemia Unawareness أي الإصابة بهبوط في معدل السكري من دون الشعور بذلك.
• من أصيب بجلطة في القلب أو جلطة دماغية.
• من عانى من فترة قريبة ارتفاع معدل السكري أو من كان معدّل السكري لديه في أوّل الشهر يفوق الـ300 أو من يتناول جرعات عدة Multiple Injections
وثمة حالات غير متعلّقة بمرض السكري، ولكن من المستحسن إذا وجدت عند مريض السكري خصوصاً ان يمتنع عن الصيام، من هذه الحالات: القرحة المعوية، خاصة إذا كانت حيوية Active Ulcer، مشاكل في وظيفة الكلى، المصابون بالسرطان، المصابون بأمراض قلب أو من تعرّضوا لجلطة حديثاً، كلّ حالات الإضطرابات العقلية والأمراض النفسية، مشاكل في وظيفة الكبد.
ولا بد من أخذ الاحتياطات اللاّزمة في حال الصيام في شهر رمضان. ففي حال أصرّ المريض على الصيام يجب أن تكون مدته أقل ما يمكن، كما عليه معرفة كيفيّة توزيع الوجبات وتخفيف الحركة البدنية خلال النهار وزيادتها في اللّيل، والوقت المفضّل للقيام بذلك هو بين ساعتين وثلاث ساعات بعد الإفطار. ومن الأمور البديهية أيضاً الإمتناع عن تناول المأكولات المحظّر تناولها أصلاً خارج الصيام، وخصوصاً الحلويات.
كذلك يجب تجنّب الأدوية ذات المفعول السريع لأنّه إذا تناولها المريض وصام، قد يهبط معدّل السكر لديه. أما إذا كان معدّل السكري مضبوطاً لدى المريض وذلك من دون دواء، فلا مشكلة، مع التذكير بوجوب الإكثار من السوائل بعد الإفطار. أما من يتناول الحبوب فقط من دون الإنسولين، فعليه أيضاً أن يتناول القسم الأكبر بعد الإفطار، والقسم الثاني عند السحور، ومن الأفضل الحبوب ذات المفعول السريع لأنها قد لا تغطي الفترة الطويلة الممتدة بين الإفطار والسحور.
ومن الضروري أن يراقب المريض معدّل السكري لديه مرّات عدة في اليوم، وخصوصاً إذا أصر على الصيام. و أفضل وقت لقياس السكر عادة: ساعتان قبل الإفطار وقبل السحور، وساعتان بعد السحور، وعندها يعلم كيف سيبدأ نهاره.
ولا بد من تثقيف المرضى حول الموضوع، وخصوصاً أنّ الصيام خلال رمضان يتضمّن أخطاراً بالنسبة الى صحتهم.
نصائح غذائية
في شهر رمضان يأكل المرء أكثر من المعتاد فيصل إلى تُخمةٍ غذائية. فضلاً عن ذلك، بدل أن يتمّ توزيع الحصص الغذائية على مدار اليوم، فإنّ الساعات الاربع وعشرين تتضمن وجبةً ثقيلة جداً هي الافطار، فيما يتمّ التهاون أكثر مع السحور، وتلك عادة سيئة جداً كما اوضحت اختصاصية التغذية السريرية كارلا مراد.
ولعلّ الاهم بالنسبة الى الأصحّاء هو ضرورة تمكنهم من الاحجام عن تناول كمياتٍ كبيرة من الحلويات والمقالي. ويجب الاكثار من شرب السوائل في الفترة الفاصلة بين الافطار والسحور. ولا ينبغي على الصائمين التخلي عن هذه الوجبة عند الفجر البتة، وعليهم كذلك القيام ببعض التمارين الرياضية بعد الافطار لمدة ساعة كممارسة رياضة المشي لساعةٍ مثلاً.
وبالنسبة الى المصابين بداء السكري من الافضل ألا يصوموا، أما إذا أصروا على ذلك، فمن الافضل في تلك الحالة أن يتناولوا وجبتيْن: الافطار والسحور ولا ينبغي أبداً التخلي عن وجبة الفجر، كما ينبغي أن يزيدوا الى لائحة وجباتهم وجبةً خفيفة بين الساعة العاشرة والحادية عشرة، هذا إذا كان الافطار مثلاً عند الساعة السابعة والنصف. وتأخير السحور قدر المستطاع، قبل الامساك مباشرةً، وهذه السنة يكون التوقيت الساعة الرابعة صباحاً.
في السحور، على المصابين بالسكري تناول سكرياتٍ معقدة، كالخبز بالقمح الكامل مثلاً. وإذا أرادوا تناول ملعقةٍ صغيرة من المربى، لا بد من ان يضيفوا إليها قطعةً صغيرة من الجبنة لكي لا يهضم الجسم ذلك بسرعةٍ فائقة. ومن المهم تناول الفاكهة الغنية بالألياف والابتعاد عن العصير الخالي منها.
فثلاث حبات من المشمش المجفف مثلاً أفضل من عصير "قمر الدين" أو عصير التفاح. ولكن إن كانوا يعانون نقصاً في السكر في الدم، يمكنهم، قبل الافطار شرب العصير.
أثناء الافطار يُفضل أن يعطي المصاب بالسكري الاولوية للشوربا بالخضر والسلطات كالفتوش، والحد من تناول المقالي والحلويات.
أما في ما يتعلق بالادوية، وبما أنّ المصابين بالسكري الذين يصومون يأكلون أقلّ من الكمية المطلوبة، فإنّ عليهم ربما، قبل رمضان، أن يعدّلوا من أدويتهم، وخصوصاً إذا كانوا يأخذون جرعاتٍ من الانسولين.
كما عليهم قياس معدل السكر في الدم لأكثر من مرةٍ في اليوم وذلك بالتنسيق مع الطبيب المختصّ.
ضرورة الاكثار من تناول المياه أثناء الافطار
تعليقات: