رجل الأعمال صلاح عزالدين
شريحة واسعة تضررت من انتكاسة «الآدمي.. فاعل الخير»
أصيب آلاف من المودعين لدى رجل الأعمال اللبناني صلاح عزالدين بالذهول بعد إعلان خبر إفلاسه (راجع «السفير» أمس)، وتردد ان بعضهم أدخل المستشفى اثر معرفته بانتكاسة عزالدين وتبخر «جنى العمر» بالتالي.
ولم يصدر عن أية مرجعية دينية أو حزبية شيعية أي موقف، خاصة وأن عزالدين كان من المقربين من «حزب الله» من دون أن يكون منتسبا إليه، بينما تعامل مودعون بحذر مع القضية مفضلين التريث وعدم التصريح في انتظار ما ستؤول إليه الأمور، في ظل عدم معرفة دقيقة بالخسارة الإجمالية للمواطنين، حيث أشار البعض إلى أن المبلغ لا يتجاوز الخمسمائة مليون دولار، في حين أن مصادر أخرى أشارت إلى نحو ملياري دولار من الخسائر.
وعلمت «السفير» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله والمرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله وقيادات ومراجع أخرى يتابعون هذا الملف تفصيليا، خاصة وأن شريحة كبيرة تضررت، وبعضها بالكاد كان يلملم آثار عدوان حرب تموز، حتى أن أحد الوزراء الشيعة قال ان ما جرى يوازي في نتائجه، حرب تموز اقتصاديا.
واذا كان تسليم عزالدين للقضاء وعدم تواريه عن الأنظار، قد جعل الكثيرين ينتظرون رواية الشخص المعني نفسه لأسباب انتكاسته المالية المفاجئة، وتحديدا بعد ظهور الأزمة الاقتصادية العالمية، فان عدم وجود أصول مالية أو عقارية لعزالدين قد زاد منسوب القلق لدى المودعين وبينهم عدد كبير من «الشخصيات الوازنة» في دوائرها الاجتماعية، علما أن صيت الرجل فاض عن البلد وبلغ بعض بلاد الاغتراب وكذلك بعض دول الخليج.
والمعروف عن عزالدين ابن بلدة معروب في منطقة صور صعود نجمه المالي في السنوات العشر الأخيرة وبأنه من فاعلي الخير وأصحاب الأيادي البيضاء وتقديم المشاريع الخدماتية والإنسانية وعلى وجه الخصوص في قريته التي ساهم فيها بإنشاء صرح رياضي لكرة القدم وناد حسيني ومسجد وغيرها من الأعمال. والمودعون كانوا يوقعون عقود مضاربة مع عز الدين أو مع واحدة من شركاته العديدة، ويتقاسمون الأرباح السنوية لمبالغهم بنسبة 75 بالمئة لهم و25 بالمئة لعز الدين، كحد اقصى.
وتردد أن النسبة الأكبر من المودعين هم من اللبنانيين بينما هـناك فئــة تنتمي إلى جنسيات عربية مختلفة. ويقـول أحد أبناء صور المودعين (رفض ذكر اسمه) لدى عزالدين إن «المودعين اللبنانيين بغالبيتهم من بلدات يارون والعباسية ومعروب ودير قانون النهر وطورا وغيرها من القــرى وصولا إلى الضاحية الجنوبية.
الشاب الذي بدأ التعامل مع عزالدين قبل نحو سنتين يقول إنه لا يستعجل الامور حول ما اذا كان عزالدين دبر إفلاسا أو إن ما حصل هو إفلاس حقيقي بسبب مضاربات. ويتابع: ان هذا الحدث هو بمثابة كارثة فعلية. وقال «إن الأرباح التي كنا نتقاضاها كانت تتراوح بين 17 الى 20 بالمئة كل ستة اشهر وعشرين يوما وان كل الامور كانت تحصل بشكل طبيعي ولم نكن نخال بان هذه «الامبراطورية» المالية والتجارية سيحل بها ما حل».
من جهته وجد (ز. ر) ملاذا آمنا في «تجارته» من دون ان يتكبد مسؤولية التعامل مع الناس وعناء الخسارة والربح. وظن كغيره من المئات من المتعاملين من ابناء جلدته ان وضع امواله المتواضعة في مشاريع صلاح عزالدين سيدر عليه ارباحا معقولة بدل وضعها في البنوك وتفادي اموال الفائدات البنكية المحرمة شرعا. وقبل سنة اندفع (ز. ر) الى وضع اكثر من مئتين وخمسين الف دولار في هذه التجارة على قاعدة اخذ عشرين بالمئة كل ستة اشهر وعشرين يوما من ارباح اعمال التجارة وهذا ما حصل خلال المرحلة الاولى الى ان وصل المبلغ الاجمالي 315 الف دولار اميركي. ويقول (ز.ر.) وهو الذي يعتبر نفسه من المتعاملين الصغار في المنطقة بانه لم يكن يتوقع ان تصل الامور الى ما وصلت اليه لا سيما وان ثقته وثقة المحيطين كانت كبيرة بعزالدين وامكاناته المادية وتجارته التي كانت تتوزع بين النفط والحديد واعمال نشر الكتب والمطبوعات وحملة باب السلام للحج والزيارة.
يارون
أما بلدة يارون، البلدة التي تعرف بقصورها واهلها الميسورين بعد سنوات الغربة المرة، فقد بدت وكأنها مصابة بما يقارب الكارثة مع خبر افلاس عزالدين حيث ان ما ظهر حتى الان يشير الى ان العشرات من ابناء البلدة من المقيمين فيها او المغتربين عنها قد استثمروا قسما كبيرا من جنى العمر ضمن مؤسسات هذا الرجل الذي لا يعرف عنه حتى اليوم وبرغم ما اصابه الا انه «آدمي»، تشهد له على ذلك اكثر من 25 عاما في عالم التجارة والاعمال والخير.
والحسابات الاولية تشير الى أكثر من 130 مليون دولار لابناء البلدة ضمن الاستثمارات العالمية لعزالدين، فيما تشير مصادر في البلدة الى وجود رقم أكبر..
احد مغتربي البلدة العائدين، يغالب الضحكة على وجهه، مشيرا الى انه ينتظر ما ستؤول اليه التحقيقات ليبنى على الشيء مقتضاه خاصة وان الشخص اصبح بيد القضاء. الا انه يعتقد بانه لن يخسر امواله او جميعها على الاقل لانه بحسب ما سمع فان لعزالدين املاكا واصولا كثيرة يمكن ان تغطي شيئا من الاموال التي ضاعت، واذ يرفض تحديد المبلغ الذي خسره يشير الى انه لم يبق لنا الا الوقت لنرى ماذا نفعل.
الا أن لمحمد (اسم مستعار)، وهو مودع آخر من ابناء البلدة، رأياً آخر، فهو يعتبر ان وراء الامر «نصبة كبيرة». ويعتبر محمد ان هذه الكارثة اعادت يارون 100 عام الى الوراء بعدما خسر البعض كل ما يملكه، وفيما يرفض هو ايضا تحديد المبلغ الذي خسره ليعود ويقول بانه 400 الف دولار، الا انه يؤكد بانه صار «على الحديدة» ولم يبق في جيبه ما يكفيه حتى نهاية شهر رمضان فكيف بالعيد، فيما يؤكد بان جل ما حصل عليه من ارباح امواله اشترى به سيارة دفع رباعي.
ومن الضحايا في يارون الحاجة زينب نعومة (60 عاما) التي تبــيع القمح المزروع في ارضها كما خبز الــصاج منـذ اعوام طويلة. نعومة حملت تحويشة العمر الطويل التي بلغت خمســين الف دولار «في ذلك المكتب الذي يتكلم عنه اهل الضيــعة وتــوجهتُ الى مكتب لعز الدين في صور واودعته المبلغ لأكتشف بعد يومين ان صاحب الشركة مفلس وقد القي القبض عليه».
تعليقات: